|
السلطة السياسية الفعلية لا تقبل القسمة (2) محمد علي خوجلي
|
Khogali 17@ yahoo .com هذا المقال والذي سبقه (موديل 2007) مقدمة لمحاولة تأسيس مفهوم للمصالحة والوحدة الوطنية بين كل قطاعات الشعب (الناس كل الناس) والدولة، في مقابل مفهوم المصالحة فيما بين النخب السياسية. وجاءت المقدمة عبر مقال (السلطة السياسية الفعلية "لشريحة" الرأسمالية الجديدة الحاكمة لا تقبل القسمة) والذي نشر بصحيفة الأيام السودانية بالأعداد 9019 ، 9020 ، 9021 في 29 – 31 يناير 2008م. إن إحلال (دولة الوطن) محل (دولة الحزب) قضية تكتنفها الصعوبات ومن الصعوبات استيعاب الفرق بين (السلطة السياسية) و(جهاز الدولة). فالسلطة السياسية الفعلية تكون في يد الطبقة أو الفئة أو الفئات الاجتماعية (المهيمنة اقتصادياً) صرف النظر عن شكل جهاز الدولة. والنموذج في التجربة السودانية حقبة الحكم العسكري (1985 – 1964): ففي 1957 اشتد الصراع السياسي (الطبقي) بين شرائح الرأسمالية الحاكمة والحركة الجماهيرية حول مشروع المعونة الأمريكية. وأجبرت شدة الصراع الأحزاب الحاكمة (التي خشيت فقدان السلطة عن طريق البرلمان) على تسليم (جهاز الدولة) لكبار القادة العسكريين وللتسليم دلالات هي: and#9674; الارتباط القوي والمصالح المشتركة بين قيادات الأحزاب الرأسمالية وقيادات (جهاز الدولة). and#9674; ظلت (السلطة السياسية) في يد شرائح الرأسمالية بالرغم من التعديل الذي تم في جهاز الدولة. and#9674; إن مصالح كبار القادة العسكريين تتناقض مع مصالح صغار الضباط وضباط الصف والجنود. وفي حين أن كبار بيروقراطيي الدولة هم الأقرب للأحزاب الرأسمالية فإن الجنود وصغار الضباط هم الأقرب للحركة الجماهيرية وأحزابها. ولذلك تتابعت محاولات الانقلابات العسكرية على تسليم (جهاز الدولة) لكبار القادة. وبعد فترة اتجه كبار العسكريين وقيادات الخدمة المدنية لاقامة (استثمارات الدولة) بإقامة الصناعات وغيرها.. هذا الانتقال كان أمراً جللاً للأحزاب الرأسمالية فقيام استثمارات بعيدة عنهم يعني أن بيروقراطية الدولة بدأت في الإمساك بخيوط (السلطة السياسية الفعلية) إلى جانب (جهاز الدولة) الذي قدمته الأحزاب الرأسمالية لها (حماية لمصالحها) وهذا هو الأساس المادي لتحول الأحزاب الرأسمالية لمعارضة جهاز الدولة الذي صنعت حكومته بنفسها. إن (معارضة) الأحزاب الرأسمالية لا علاقة لها بمعارضة الناس كل الناس والأحزاب الأخرى غير رأسمالية التوجه. فهدف معارضة الناس كل الناس هو (التغيير) وهدف معرضة الأحزاب الرأسمالية (المحافظة) على طبيعة النظام و(تعديل سلطة جهاز الدولة). فإنضمام الأحزاب الرأسمالية للمعارضة التي كانت قائمة منذ بدايات التسليم سعت به لتحقيق هدفين: الضغط على الشريحة الحاكمة المنافسة وتقييد حركة المعارضة الثورية التي تتناقض مصالحها مع الشرائح (الحاكمة) و(المعارضة) أي الممسكة بجهاز الدولة أو التي خارجة. ووضح ذلك جلياً عند طرح فكرة الاضراب السياسي العام إداة (لنزع) السلطة السياسية الفعلية حيث عارضته أحزاب الراسمالية (المعارضة) لأدراكها أن قيام حكومة ثورية بالاضراب السياسي هو نزع (السلطة السياسية) من كل الشرائح الراسمالية الحاكمة والمعارضة. وهذا هو الأساس المادي لتحالف الأحزاب ذات التوجه الرأسمالي والذي أختار وسيلة (العنف) ونجح في المرة الأولى في اسقاط حكومة أكتوبر ونجح مرة ثانية في حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان. وهذه دلالة أكيدة على المصالح السياسية المشتركة بين (قيادات) أحزاب شرائح الرأسمالية. وأهم التحولات التي حدثت خلال ذلك التحالف، التحول الذي حدث في قيادة الحزب الوطني الاتحادي من بعد سيطرة شريحة الرأسمالية التجارية عليها. ومنذ منتصف القرن الماضي وحتى أواخره ساد منهج استيلاء فئات اجتماعية على السلطة بالانقلابات العسكرية في كثير من الدول وبالذات النامية مثلما سادت ظاهرة الحزب الواحد الحاكم (الممثل لمصالح الفئة أو الشريحة) وواجهت الفئات الاجتماعية بعد ذلك مسألة العلاقة بين (الفئة/ شريحة الطبقة) و(الحزب) و(الدولة) وفي جميع الأحوال جعلت الحزب نفسه الدولة. ولذلك تعادلت قوة النظام الحاكم مع ضعفه الكامن ومع الوقت يتم عزل عضوية (الحزب) عن مراكز اتخاذ القرار داخل الحزب وتكون قيادة الحزب هي قيادة الدولة، طليعة الشريحة المهيمنة (السلطة الفعلية). وفي التجربة السودانية – أيضاً فإن انقلاب مايو 1969 واجه بعد فترة ذات مسألة العلاقات فقام بتحويل كوادر الأحزاب القومية والشيوعية إلى مستخدمين في جهاز الدولة على مستوى جميع الوظائف (عسكرية ومدنية) وجهاز الدولة هو العنصر المركزي في النظام السياسي للمجتمع والذي يمثل الآلية الرئيسية لسيطرة طبقة محددة ولممارسة الحكم (وعلى الحقبة المايوية هي البرجوازية الصغيرة ثم الفئات الاجتماعية الطفيلية) وكانت قيادة الحزب (الاتحاد الاشتراكي السوداني) هي قيادة الدولة. ومع بدايات الحقبة المايوية وجه النظام ضربات قاسية لشرائح الرأسمالية التي انتزع سلطتها والتي لم تستسلم واستطاعت توظيف علاقاتها القوية مع الرأسمالية الدولية وتدبير انتهاء النظام أو تعديل مساره بما يحافظ على مصالحها المشتركة. وفي أبريل 1970 استطاعت أحزاب الرأسمالية تنظيم احتفال ضخم لقيادة السلطة الانقلابية تحت شعار (الوحدة الوطنية) وفي يوليو 1971 كان تحالف الأحزاب الرأسمالية السودانية مع الرأسمالية الدولية في (عملية 19 يوليو) وبدأ بعد ذلك ارتباط النظام المايوي نهائياً بالراسمالية الدولية والخضوع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والسير في اتجاه سياسات السوق الحر. وفتح الأبواب للشركات متعددة الجنسيات وشجع الاستثمار الأجنبي وأصبح متلقياً للمعونات الأجنبية. وسبق ذلك إعادة المؤسسات المؤممة والمصادرة لأصحابها (1973) ومنحهم تعويضات مالية ضخمة... وفي 1977 كانت (المصالحة الوطنية) مؤشر اتحاد شرائح الرأسمالية وشريحة الرأسمالية الطفيلية الجديدة التي مثلها حزب الحركة الاسلامية وأن حال حزب الحركة الاسلامية من بعد 1989 لم يختلف عن أحوال الأحزاب الشيوعية السابقة والقومية في المنطقة العربية التي حكمت وكثير منها انهارت نظم حكمها (فجأة)!! وواجهت الحركة الاسلامية في السودان ذات مشكلة العلاقات بعد (الاستيلاء) ونفذت ذات الحلول فكان اندماج الحزب في الدولة، وهذا الاندماج نتجت عنه (دولة الحزب) حزب الحركة الاسلامية كما دولة حزب الاتحاد الاشتراكي السوداني في الحقبة المايوية، كما دولة حزب (الحزب الشيوعي) في الاتحاد السوفيتي (السابق). والحزب الذي استولى على السلطة في السودان في 1989م يمثل (شريحة من الرأسمالية الطفيلية الجديدة) وهو (أقلية) بالنسبة للشرائح الأخرى من ذات الطبقة. وعندما وجدت تلك الشريحة نفسها وجهاً لوجه أمام أول واجباتها الهامة والعاجلة والدقيقة وهو تأمين وحماية (السلطة السياسية) التي (انتزعتها) من شرائح الرأسمالية الأخرى الحاكمة قبل 89 (انتزاعاً) اتبعت ذات المناهج القديمة وفي مقدمتها (تحطيم جهاز الدولة القديم) واحلال قيادات جهاز الدولة بقيادة جديدة من أجهزة حزب الحركة الاسلامية. وهذا هو الأساس المادي لشعار (التمكين) أو أهل الولاء والثقة لا أهل الكفاءة. وهذا هو تفسير تفشي الفساد المالي والإداري الذي أصبح سمة غالبة وضرورية (للاستثمار)!! كما أن التمكين كان أداة الهجوم على أدوات عمل الحركة الجماهيرية (من الجمعيات التعاونية والخيرية وحتى التنظيمات النقابية). نهتم بأساليب شريحة الرأسمالية الطفيلية في (تفتيت) الأحزاب و(الحل العملي) للأحزاب والتي طبقت في الواقع كل أساليب الحقب السابقة وهي في المرحلة الأولى: الفصل الجماعي من الخدمة والاعتقالات... الخ. ما هو معروف وفي مرحلة لاحقة توظيف الحلفاء والأصدقاء في جهاز الدولة بعد تراخي القبضة الحديدية (كاي نظام عسكري وشمولي) لاستمرار بقاء السلطة وإطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين وحتى إقامة المؤسسات التمثيلية (الشكلية) وصياغة دستور وإجراء انتخابات عامة...الخ والذي قد يتواصل حتى إقامة (الجبهة الوطنية العريضة) و(توسيع قاعدة الحكم) و(إقامة الكتلة التاريخية) وإجراء المصالحة حتى الوحدة الوطنية !! ومحاولة استكمال استراتيجية (الانقاذ) في طورها الثالث بالتمكين لشريحة الرأسمالية الطفيلية (للمحافظة) على السلطة السياسية الفعلية (ديمقراطياً) بالتعاون مع شرائح الرأسمالية السودانية الأخرى أو بدونها!!
|
|
|
|
|
|