|
السعودية تغيير إستراتيجية أم مناورة سياسية زين العابدين صالح عبد الرحمن
|
في تطور مفاجئ في السياسة السعودية في المنطقة، دعا وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة إيران، و قال إن الرياض مستعدة لإستقبال وزير الخارجية الإيراني في أية وقت، و قال الأمير الفيصل نأمل أن تسهم إيران في إستقرار المنطقة، و لا تكون جزء من مشكلة التدخل في المنطقة، و ردا علي ذلك قالت إيران أنها لم تلق دعوة مكتوبة، و لكنها ترحب بالدعوة و الحوار مع المملك لإزالة أية أثار سالبة ، و في المقولة الأخيرة لوزير الخارجية السعودي،[ان إيران لا تكون جزء من مشكلة التدخل في المنطقة، إن إيران سوف لن تلزم نفسها بها، لعدة أسباب، الأول إن إيران بالفعل أصبحت لاعبا أساسيا في تشكيل تحالفات المنطقة، و لا يمكن تجاوزها، لوجودها في كل من العراق و سوريا و لبنان و البحرين و اليمن و فلسطين، و معروف إن إيران هي التي جعلت النظام في دمشق يصمد حتى الآن، بدعمه بالمال و السلاح و المقاتلين، و لكن السؤال المهم ما هي الأسباب الرئيسية التي جعلت المملكة العربية السعودية تعيد النظر في موقفها السابق الذي كان رافضا الالتقاء بالقيادات الإيرانية، و تجاهلت دعوات الرئيس الإيراني حسن روحاني لطلب زيارته للرياض، ثم رفضت إستقبال وزير الخارجية الإيراني في خطوة مفاجئة ما هي أسباب الدعوة الآن؟ هناك عدة عوامل قد أثرت في مجريات الأحداث بسرعة في المنطقة، و ربما تكون وراء تغيير السعودية لإستراتيجيتها في المنطقة، و هذا التغيير حتما سوف يقود لتغيير في واقع التحالفات القائمة، و يكون المتضرر منهه التحالف التركي القطري الأخواني، إذن ما هي العوامل:- 1 – تغيير موازين القوة في سوريا، أهم العوامل، حيث نشطت الجماعات التي يطلق عليها إرهابية " داعش، تنظيم دولة العراق و الشام، و النصرة" هذه التنظيمات أثرت علي عمليات المعارضة السورية و بدأت تخلق تخوفا في الرأي العام الدولي، إضافة إلي إن النظام السوري بدأ يحقق مكاسب علي الأرض، و بقاء النظام السوري يعني تهديد مباشر للمملكة، و تنفيذ تهديدات بشار الأسد، التي قال فيها، إن الدول التي فجرت الصراع في سوريا، و دعمت الإرهاب يجب أن تتحمل ذلك داخل بلادها. 2 – الوضع غير المستقر في العراق، و الحرب الدائرة بين الشيعة و السنة، و إتهام رئيس وزراء نوري المالكي للسعودية و قطر أنهما تدعمان الجماعات الإرهابية في العراق، ثم تهديد داعش بنقل عملياتها إلي السعودية. 3 – الاتفاق الإيراني النووي مع الغرب، و تأكيد أوباما لزيارته الأخيرة للقيادة السعودية، إنه يكثف جهوده الدبلوماسية مع إيران لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، رافضا الحلول العسكرية، و في نفس الوقت الإفراج علي الأموال الإيرانية المجمدة، الأمر الذي يفتح الباب لإيران لكي تحرك كل أدواتها في المنطقة من أجل تحقيق طموحاتها. 4 – إعلان المتحدث بأسم وزارة الداخلية السعودي اللواء منصور التركي، إن أجهزة الأمن السعودية، القت القبض علي مجموعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة، كانت تخطط لاستهداف منشآت حكومية و مصالح أجنبية في المملكة، و إن أفراد المجموعة أقاموا شبكة إتصالات كاملة مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام بإمارة الشيخ أبوبكر البغدادي, و ضبطت معهم معمل لتصنيع الدوائر الالكترونية التي تستخدم في التفجير و التشويش و التنصت، و تحوير أجهزة الهاتف المحمول " الموبايل". 5 – كان تنظيم دولة العراق و الشام قد أعلن من قبل أنه سوف ينقل عملياته إلي داخل الأراضي السعودية، و القبض علي خلية تتكون من 62 شخص يعني إن التنظيم بالفعل بدأ ينفذ سياسته في أختراق الساحة الأمنية السعودية. 6 – دولة قطر لم تنفذ إلتزاماتها المنصوص عليها في وثيقة الرياض، و ما تزال تساند جماعة الأخوان المسلمين بقوة، كما إن التسجيل الصوتي لأمير قطر السابق مع القيادة الليبية إن الحكم في السعودية في طريقه للزوال، يشكل تهديدا قويا للملكة، و يقال إن مصدر الشريط هو الأمير عبد العزيز شقيق أمير قطر السابق الشيخ حمد الذي يقيم مع والده المعزول في سويسرا، إضافة إلي ظهور القرضاوي و هو يصدر فتوة للشعب المصري بعدم المشاركة في الانتخابات، كل تلك تؤكد إن قطر ما تزا علي علاقتها القوية مع تنظيم الأخوان المسلمين، و أنها لن تستغني عنهم في منطقة غير مستقرة، تنذر يوميا بتحولات جوهرية في السياسات. 7 - كانت المملكة العربية السعودية تأمل في عملية التحالف مع مصر بعد عملية التغيير، و لكن قرائن الأحداث تؤكد إن الأوضاع في مصر لن تشهد تهدئة في المستقبل القريب، و ستظل مصر مشغولة بمشاكلها الداخلية، و إذا لم يستطيع المشير السيسي حل المعضلة الاقتصادية في مصر في القريب العاجل، سوف يواجه ضغطا جماهيريا قويا يعجل برحيله، إلي جانب إن دول العالم خاصة الولايات المتحدة و دول أوروبا لن تقدم دعما إقتصاديا عاجلا لمصر، و سوف تنتظر تتابع الأحداث في مصر، الأمر الذي يجعل قضية الدعم الاقتصادي تقع علي عاتق المملكة العربية السعودية و دولة الأمارات العربية المتحدة، مما لا يتحمله اقتصاد الدولتين. 8 – القيادة السعودية تعلم إن الإستراتيجية الإيرانية، تهدف إلي نقل النزاع و الصراع داخل الساحة السعودية، حيث إن السعودية في كل معاركها في المنطقة، كانت تحرص دائما أن تكون بعيدة عن الداخل السعودي، في ساحات أخري لكي تضمن سيطرتها علي أمنها الداخلي، لذلك كانت إيران تحاول من خلال البحرين، و العراق و سوريا، و الحوثيين في اليمن نقل الصراع داخل الأراضي السعودية. 9 – الحرب النفسية التي يقودها تنظيم " النصرة" ضد أحمد الجربا رئيس الإتلاف السوري، بأنه إختلس 75 مليون دولار من المساعدات المقدمة للشعب السوري، تعد حرب ضد الأشخاص المولين للرياض. كل هذه العوامل ربما تكون قد درستها القيادة السعودية، و قيمتها سياسيا، الأمر الذي يؤدي لتغيير في الإستراتيجية السعودية، و خاصة إن الملك عزل الأمير سلمان بن سلطان نائب وزير الدفاع، و الذي كان ينفذ السياسة السعودية مع شقيقه بندر بن سلطان الرئيس السابق للمخابرات السعودية، هذه الإقالة، و تعين الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز تؤكد تغيير في سياسات المملكة في الشأن السوري. و رغم الدعوة السعودية لوزير الخارجية الإيراني، إلا إن المملكة ما تزال حذرة في تعاملها مع إيران حيث جاء في كلمة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، في الجلسة الإفتتاحية للإجتماع التشاوري الأول لمجلس الدفاع المشترك لوزراء دفاع مجلس التعاون لدول الخليج الذي عقده في جدة يوم الأربعاء 15 مايو 2014، بحضور وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، قال ولي العهد السعودي( إن أمن دول و شعوب المنطقة في خطر، نتيجة للعديد من التحديات الأمنية و الخطيرة التي برزت مؤخرا، و من هذه التحديات الأزمات السياسية التي تعصف في بعض الدول العربية و السعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل و تدخل بعض الدول في شؤون دول المجلس و تنامي ظاهرة الإرهاب) يتبين من حديث ولي العهد السعودي، إن المملكة تتخوف من قضيتين أساسيتين تشكل أرقا للمملكة، إمتلاك أسلحة دمار شامل، و هي بالفعل تغيير موازن القوة في المنطقة، القضية الخطيرة، هي محاولة نقل العمليات الإرهابية و غيرها داخل الساحة السعودية، و السعودي تدرك طموحات إيران. و كان لتصريحات يحي رحيم صفوي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني و المستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني علي خامنيئ، و التي قالفيها قبل أسبوع إن حدود إيران لا تقف عند شلمجة علي الحدود العراقية غربي الأهواز، بل تصل إلي جنوب لبنان، و هذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط، و هي إشارة إلي حدود الامبراطوريتين الفارسيتين الأخمينية و الساسانية قبل الإسلام، هذا التصريح يؤكد ما ذهب إليه، اللواء الدكتور أنور ماجد العشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية و القانونية في جدة حيث قال ( إن إيران تسعي من أجل قيام إمبراطورية فارسية تأسيا بتاريخ الامبراطورية الفارسية قبل الإسلام، و هذه الرغبة هي التي سوف تخلق القلاقل في المنطقة) إذن القضية تؤخذ من الجانبين المذهبي و السياسي، الأمر الذي يجعل المملكة في حذر شديد من التوجهات الإيرانية. و إذا رجعنا إلي الدعوة السعودية لوزير الخارجية الإيرانية، و التي تعد تغيير في السياسة السعودية من المواجهة إلي التفاهمات، علي عدد من الملفات المهمة بالنسبة لإيران و أيضا هي التي تعزز قضية الأمن السعودي خاصة في " العراق- و اليمن – و البحرين" باعتبارها متاخمة للحدود السعودية، كما إن إيران لن تغدر بجماعة الأخوان المسلمين في أية تفاهمات، لسبب رئيسي باعتبار إن الجماعة الإسلامية الوحيدة التي قبلت بحوار المذهاب مع إيران، و تحول العلاقة المذهبية بين السنة و الشيعة من علاقة تصادمية إلي علاقة حوارية، الأمر الذي يذهب عكس التيار الديني في المملكة و الجماعات الدينة المرتبطة بالمملكة التي جعلت الصراع تنازعي لا يقبل الحوار. و هناك سؤال مهم، هل المملكة في إعادة النظر في إستراتيجيتها السياسية و الأمنية، تستطيع أن تخلق أدوات فاعلة، تغيير من مجري عملية التصادم القائمة علي عدد من الملفات إلي عمليات حوارية و تفاهمات؟ و ما هي الأدوات التي تعتمد عليها المملكة في سياساتها المستقبلية؟ و بالضرورة هذه التغيير لابد أن يشمل التحالفات في المنطقة. و إذا نظرنا هناك جانب أخر هو التحالف القطري التركي، هو جزء من الصراع في المنطقة، خاصة تركيا سوف تنقل بعض صراعاتها للمنطقة العربية لكي تخفف علي السلطة الحاكمة جزء من الضغط الداخلي، و الأيام حبلي. و نسأل الله يخفف عن العبد.
|
|
|
|
|
|