|
السعودية بين روابط الله وروابط لاهاي بقلم أ ُبي عزالدين عوض
|
1.10.2014
إن جارتنا الشقيقة المملكة العربية السعودية تمثل مع مصر والإمارات أهم الدول الآن التي لدينا معها علاقات تاريخية، تمتد لتواصل إجتماعي عـــمـــيـــق جدا بين شعوبنا، يبدو أهم بكثير من أي استثمارات حالية أو مستقبلية بيننا..
هذا التواصل والتداخل منذ عقود، لم يتأثر في الماضي ولن يتأثر بتغير الحكام في كل هذه الدول، وتغير الحكام هو أمر طبيعي.. فما بقي حاكم سابق في مقعده مخلدا ولا رسول الله الكريم نفسه ، ولن يبقى حاكم حالي ليحكم للأبد.. وإنما هي سنوات بسيطة من عمر التاريخ، وفي حضارة الشعوب وذكريات الجاليات.
هذه الأيام ، تحاول ما تسمى بالمحكمة الجنائية الدولية ICC أن تواصل ضرب الإستقرار في الدول العربية مع أيام عيد الأضحى المبارك ، والذي تتبدى رمزيته في اجتماع كل مسلمي العالم على صعيد واحد ، وهي رسالة مخيفة لكل دول الإستكبار ودول أسلحة الدمار الشامل في أمريكا وأوروبا وإسرائيل. هي رسالة من قبلة المسلمين جميعهم لأولى القبلتين، ورسالة من كل مسلمي العالم بكل طوائفهم ومذاهبهم واختلافاتهم أننا قادرون على التوحد رغم كل شئ، وبنداء واحد يأتينا صداه من زمان بلال بن رباح. الآن تأتي في أيامنا التي يجب أن نركز فيها على توثيق العرى مع رب العزة وفيما بيننا ، لتثير المحكمة الجنائية الدولية الفتنة بين المسلمين ولتجعل همومنا المربوطة برب العزة تنزل للأرض لترتبط بمبنى أوروبي في مدينة أوروبية إسمها لاهاي. فهل ننتقل من تقوية روابط الله إلى روابط لاهاي ؟ قامت هذه المحكمة مدعية العدالة والتي تشكلت مؤخرا في 1998 بالطلب من جارتنا السعودية (صاحبة التاريخ الضارب في إسلاميتنا إلى يوم الدين) أن تقوم بالقبض على رئيسنا الحاج عمر البشير الذي يؤدي شعائر الله في بيت الله الحرام ! وفي الشهر الحرام. وقامت بتوقيع الطلب بتاريخ 1 أكتوبر ، في الشهر الثامن من التقويم (الروماني) القديم !! فأين أنتم يا أجدادنا الذين طوعتم الرومان في بضع سنين ؟؟
قامت المحكمة كعادتها باستقاء المعلومات من وسائل الإعلام مثل سودان تريبيون واستندت عليها، بل إن مصادرها بحسب تقرير هذه المحكمة التي يتم تمويلها من (....) ، هي أخبار في مواقع الإنترنت ، ومن الذين يتقربون لخزينة اليورو في المحكمة بالمعلومات، فوضعت أسماء الأمير مشعل بن عبدالله آل سعود (أمير مكة المكرمة)، والأمير سلمان بن عبدالعزيز (وزير الدفاع وولي العهد في السعودية) ضمن تقريرها الذي تطالب فيه قيادة السعودية بالتوضيح.
ولا نحسب أن قيادات السعودية ستنكسر لأمثال هؤلاء ، ولن تستجيب لأساليب لوي الذراع من هذه المنظمات المصنوعة في غرف مغلقة بأوروبا . فهل تظن هذه المحكمة أن قيادات السعودية من السذاجة ، بحيث تجيب على هذه اللغة الإستعلائية وهذه المطالب ؟
ولا نستبعد أن ترد عليها المملكة بسؤالها عما حدث ويحدث في أرض الإسراء وأولى القبلتين ! بل واستيضاحها للرد الرسمي على سبب تجاهل تلك الجرائم ضد الإنسانية، والتي لا تخفى على أعين الكاميرات كل يوم ولا تخفى مقابرها وشواهدها عن التجدد مع كل جريمة ضد الإنسانية.
إن بلاد الحرمين الشريفين وقيادتها أعز من أن تذلها محكمة العربدة والويسكي، والتي ختمت في الصفحة السابعة بتذكير السعودية بأن عليها الإنصياع لأمر المحكمة المشبوهة هذه، والإنصياع لأوامر مجلس الأمن الذي طلب تعاون جميع الدول معها ! ويبدو أنهم لم يفهموا بعد التركيبة النفسية للإنسان العربي ، أخطأوا في العراق عندما لم يفهموا نفسية الشعب العراقي، والآن يظنون أن الرجل العربي خوار منكسر في السعودية، لا والله، فإنها أرض النبي محمد وصحبه، ولو كان الصحابة في شبه الجزيرة أحياءا ولا زالوا على كرسي الحكم ، لأرسلوا طائرات المملكة لضرب المحكمة الجنائية على تطاولها هذا. ولكن محمد بن عبدالله ، عائد ، وسيعود من هذه البلاد العزيزة، والتي تحتضن كل جنسيات العالم فيها، والتي تسهر طيلة العام لتيسير حج المسلمين إليها، وتأمين استقرار المملكة لذلك.
إن الشخصيات التي تقف وراء تحريك البيادق على رقعة السياسة الدولية، تتوتر من مسار تحسين العلاقات بين الجارتين المسلمتين السعودية والسودان في أيام الحج المباركات هذه، خصوصا أن ولي العهد السعودي قابل الوفد السوداني برئاسة البشير ، مما يعني أن هناك تخطيطا للمستقبل من أجل استقرار العلاقات في المنطقة ، وتطويرها للأفضل.
من حق الدول التي وراء المحكمة الجنائية الدولية أن تخاف من أن تقوم السعودية باستثمار أموالها في أراضي السودان ومصانعه، وأن تقوم مصر باستخدام مواردها البشرية بعد ذلك، لاستكمال مسيرة النهضة لهذا الثلاثي الذي يشكل قلب الأمة الإسلامية ، ويعفيها من الإعتماد على دول أسلحة الدمار الشامل في العالم ، بل إن هذا النموذج هو ملهم لدول العالم الثالث للقيام بتحالفات تخرجنا من عهود الظلام الحديث ! فتبا للإحتلال بإسم المنظمات الدولية، وتبا لتخويف قيادات دولنا بهذه الأوراق أو حتى بأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها، فالموت بعزة ليذكرنا التاريخ هو أشرف من الرد على محاولات تطويعنا وترويض قياداتنا المسلمة وتوجيه حياة شعوبنا كما تريدها دول أوروبا وأمريكا وربيبتها.
م.أبي عزالدين عوض mailto:[email protected][email protected]
|
|
|
|
|
|