|
الزمن الجميل بعد مرحلة القرية (2) بقلم عبد المنعم الحسن محمد
|
02:13 AM May, 27 2015 سودانيز اون لاين عبد المنعم الحسن محمد- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
الحديث عن تجربة الصمغ العربي وذكرياتها وخاصة البدايات عذب وذو شجون ٍ لا تنتهي أبداً وكانت النقلة من " النخيلة " الى شارع الجمهورية بالخرطوم مباشرة نوعية بمعنى الكلمة وصعبة وشاسعة وأمضيت وقتاً كثيراً كي استوعبها كشاب قروى أقصى ما كان يقوم به زيارة مدينة عطبرة كل عدة اشهر وقضاء بعض الأيام مع خالته وحضور بعض الحلقات من المسلسل المصري اليومي الذي كان يأتي عند الثامنة ، قضيت معظم فترة التجربة مقهّي ومطيّر عيوني في الناس الداخلة ومارقة الذين تفوح منهم العطور وتكسو اوجههم النضارة وأنا لا زلت مكسواً بسحنتي القروية و" الغبشة " لا زالت تكسو ملامحي ولم تفارقني الدهشة بعد وتحتاج لوقت وجهد كبير كي تزول ، وعلى الرغم من حساسية فترة التجربة والاختبار والتي يمكن ان افصل اذا لم اثبت وجودي خلالها ولكن صغر سني والمسكنة التي انا فيها وتعاملي العفوي جعلهم يعجبون بي او ربما يتسلون بي ما فرقت، ولكن احساسي يقول انه لم ولن يخطر ببالهم تصفيتي خلال فترة التجربة مطلقاً اضافة لكونهم كانوا ناس عينهم مليانة ونفوسهم طيبة ولا توجد حسادة ومؤامرات ودسائس مثل ما نرى اليوم . فأحسست بالأمان التام وواثق أنني سأثبّت في هذه الشركة وسأحقق حلمي القديم.
من الأمور التي لفتت انتباهي وجعلتني غير مرّكز في شغلي كمحاسب مبتدئ تحت المجهر أما ان يثبت جدارته وجديته في العمل أو يطرد ويعود للنخيلة مرة أخرى وقفاه مقمر عيش هو تلك السكرتيرة القبطية الحسناء التي تدعى ميري مجلع بطرس ويا لها من بطرس والفي بطنه حرقس براه برقص ، كانت مصدر مرح وسعادة واشراق في الشركة توزع ابتسامتها للكل بدون تحيز أو تمييز وتعي تماماً الفرق بين وظيفتها التي تحتم عليها ذلك وبين أنها امرأة محترمة ولا تسمح لأحد بتجاوز الخطوط الحمراء، تمازح هذا وتلاطف ذاك ليس لغرض في نفسها ولكن لبراءتها وطبيعتها التي جبلت عليها، كانت امرأة تم اختيارها بعناية كي تكون بلسماً وتضفي نوع من الحيوية والبشاشة والجاذبية على جو الشركة التي بحكم لمحتها شبه الاجنبية وكون سلعة الصمغ سلعة هامة ومن أعمدة الاقتصاد الوطني آنذاك وتصدر لأوروبا وامريكا كان لزاماً علي إدارة الشركة أن تأتي بالأشخاص المناسبين دون النظر الى الديانة او العرق او اللون فتم تعيين مثل تلك السكرتيرة ليس لجمالها وكياستها فقط ولكنها كانت إضافة لذلك متمكنة مهنياً وتجيد عدة لغات أجنبية وتمتلك أنامل ساحرة تكتب على الآلة الكاتبة وكأنها لا تكتب وتتحدث في التلفون ومن عذوبة كلامها تتمنى أن تسكت ، وكانت موهوبة جداً وتقوم بعدة أعمال في نفس الوقت دون ان تتذمر او تفتري او تغضب ، تتحمل الكثير من السخف وتمتص الكثير من البلاوي التي تتحدف عليها وتجبر بخاطر الجميع موظفين وعملاء وزوار بمختلف الشخصيات والامزجة بكل أدب وذوق واحترافية .
كانت تلك السكرتيرة تأتي عدة مرات في اليوم لجلب الاوراق من والى ادارتنا ومجبرة للمرور بمكتبنا الى المدير المالي وكانت في حالة جيئة وذهاب عدة مرات في اليوم وكانت جداً لطيفة ومهذبة ومرحة وجميع زملائنا القدامى يشاغلونها ويتمازحون معها بحكم تعودهم على ذلك ، أما أنا العبد الفقير فأكتفي بأن اقهّي فيها فقط ولا أجرؤ على محادثتها حيث لم ارى مثلها بطبيعة الحال الا في المسلسل في تلفزيون خالتي الأبيض واسود بعطبرة ، ولم يدر بخلدي أن ارى امرأة تلبس فستان وشعرها مسدل على ظهرها وابتسامها تعلو وجهها طوال اليوم وفي الواقع وليست في مسلسل فهذا شيء فعلا حسسنني بالترف اكثر من حكاية التين والزيتون التي صرفت لي مجانا قبل رمضان .
ونواصل ....
عبد المنعم الحسن
24/05/2015
أحدث المقالات
- على من يضحك هؤلاء؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 05-26-15, 02:58 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- الحوادث المرورية وحصد الارواح!! بقلم أبوبكر يوسف إبراهيم 05-26-15, 02:54 PM, أبوبكر يوسف إبراهيم
- أثمة شربات من الفسيخ؟! بقلم الفاضل عباس محمد علي 05-26-15, 02:44 PM, الفاضل عباس محمد علي
- الاسلاموفوفيا ونقل مشاكلنا للغرب؟! بقلم أبوبكر يوسف إبراهيم 05-26-15, 02:13 PM, أبوبكر يوسف إبراهيم
- أي رسالة إعلامية يقدمها هذا الموقع؟! بقلم كمال الهِدي 05-26-15, 10:40 AM, كمال الهدي
- الهندي نموذج حقيقي ومعبر عن الانقاذ بكل قبحها وسوأتها بقلم المثني ابراهيم بحر 05-26-15, 10:35 AM, المثني ابراهيم بحر
- الانبار على مذبح الامن الايراني بقلم صافي الياسري 05-26-15, 10:32 AM, صافي الياسري
- عفوُ الربِ وحقدُ العبدِ بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 05-26-15, 10:30 AM, مصطفى يوسف اللداوي
- انتخابات الجالية السودانية بايرلندا بقلم مجدى رشيد 05-26-15, 07:10 AM, مجدى رشيد
- على هامش مصادرة وتعطيل الصحف بقلم صلاح شعيب 05-26-15, 07:04 AM, صلاح شعيب
- الثروة المعدنية والمعادن في السودان:الإستغلال التجاري والصناعي والإستثمار:قلة الحيلة أم قصور في الإم 05-26-15, 07:03 AM, غانم سليمان غانم
- زيارة النائب الأول لرئيس الجمهورية لوﻻية شمال دارفور الهدف والمغزي بقلم التجاني على حامد 05-26-15, 07:01 AM, التجاني على حامد
- (نثر حزين) بقلم الحاج خليفة جودة 05-26-15, 04:19 AM, الحاج خليفة جودة
- لم أصدق هذا السبب.. لكن للأسف !! بقلم نورالدين مدني 05-26-15, 04:14 AM, نور الدين مدني
- المهندس عمر زايدة نموذجاً!!! بقلم د. فايز أبو شمالة 05-26-15, 04:13 AM, فايز أبو شمالة
- سعيد ابو كمبال صار هداي للبشير بقلم جبريل حسن احمد 05-26-15, 04:12 AM, جبريل حسن احمد
- إحذروا من تعيين أم قسمة في المؤتمر الوطني بقلم اكرم محمد زكى 05-26-15, 04:09 AM, اكرم محمد زكى
- البشير يلقى خطاب العرش ، فاستمعوا له باكين ! بقلم على حمد إبراهيم 05-26-15, 03:52 AM, على حمد إبراهيم
- سقوط الاقنعه بقلم الدكتور بابكر حمدين 05-26-15, 03:50 AM, بابكر ابكر حسن حمدين
- الصحافة المبادرة مناصرة لحقوق الإنسان بقلم الدكتور حسن سعيد المجمر طه 05-26-15, 03:47 AM, حسن سعيد المجمر طه
- ياخرطوم.... ارفعى الستارة عن المسكوت! بقلم هاشم كرار 05-26-15, 03:45 AM, هاشم كرار
- جعفر خضر .. رمز فريد من أبطال النضال بقلم د. ابومحمد ابوآمنة 05-26-15, 03:38 AM, ابومحمد ابوآمنة
|
|
|
|
|
|