|
الزغاوة..... عليهم إنتظار الرحمة والعدالة من السماء بقلم مبارك إبراهيم
|
بسم الله الرحمن الرحيم
مسلسل الاحداث المؤسفة والمؤلمة التي شهدتها مناطق حجير تونجو وام قونجة وغيرها من القرى المجاورة لها بولاية جنوب دافور لم تكن أحداث مفاجئة بل كانت متوقعة من حيث الزمان والمكان وذلك استناداً على كثيرمن المعطيات الماثلة والاجواء السائدة المشحونة بالعنتريات واستعراض العضلات التي توحي بالإفلاس والإرتباك والخوف والتوجس من تداعيات نهاية اللعبة القذرة التي بدأت تترنح وتظهر في الأفق البعيد بعد ربع قرن من العبث بإرادة الشعب ومصيره. هذه الأحداث لم تكن سوى مجرد دائرة صغيرة لامتداد طويل وعريض من الأحداث المماثلة التي تشهدها دارفورصعوداً وهبوطاً مع الإختلاف من حيث المكان والزمان وتنوع أدوات الحبكة والتنفيذ تحت مسميات وشعارات تتباين من حين لآخر وفق المقتضيات التي تتناغم وتنسجم مع فقه الضرورة من دون المساس بجوهر النظام وديمومة بقاءه شامخاً علي سدة الحكم والسيطرة الكاملة لمقدرات الشعب ومستقبله إلى ما لا نهاية حتى يتمكن الآخرون من لحس الكوع علما بان هؤلاء "الحقراء" الذين يتطلعون للتغيير وضرورة تفكيك البنية التركيبية المتضخمة بالنرجسية المفرطة وإعادة بناءها وصياغتها بالشكل الذي يعيد التوازن والعافية لكافة التشوهات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حالت دون الإستقرار والنهوض والتقدم ولتحيا دولة الحقراء . أجل.. ما حدث من الممارسات والإعتداءات الوحشية والبربرية بحق المدنيين العزل من الأطفال والنساء والعجزة وما طال الحرث والنسل من الخراب والدمار بيد الشياطين البشرية الموجهة عن بعد "بالريموت كنترول " ومن المنصات الأرضية المعروفة للجميع ليس امراً مدهشاً او خارقاً عن المألوف في إقليم دارفور وغيرها من البؤر الملتهبة التي تشهد يومياً مآسي مماثلة ومشابهة من حيث الجوهر والهدف المنشود المتفق عليه خلف الكواليس والدهاليز المظلمة وفي سياق سياسة التدمير الشامل لكافة الفضاءات الحيوية التي يرتع فيها البعبع المرعب والمخيف يطفو على مسرح الأحداث في معسكر الزمزم للنازحين كمجال وفضاء حي يتم فيه تطبيق نهج الترهيب والتشريد من حين إلى آخر والمجتمع الدولي يشهد على الكثير من الأحداث والتجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان بمعسكر الزمزم ومنها على سبيل المثال الأحداث التي حدثت عقب إنعقاد ملتقى أم جرس وقبل أن يجف المداد الذي كتب به مخرجات ومقررات ذلك المتلقى المثير للجدل والشكوك حول طبيعة الأهداف الحقيقية والأجندة الخفية التي من أجلها تم انعقاد الملتقى . المشهد العام والتطوارات الدراماتيكية المؤسفة التي تشهدها الساحة الدافورية في الوقت الراهن وما ستؤول إليه في مقبل الأيام القادمات بالطبع يصعب التنبؤ والتكهن بتداعياتها المحتملة اياً كان نوعها فينبغي في كل الحالات ألا يكون مبعثاً للدهشة والإستغراب أو مصدراً للقلق واليأس والتشاؤم بالمستقبل وذلك ايماناً بمبدأ لكل بداية نهاية ولابد لليل أن ينجلي.. وإذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد للقيد أن ينكسر..................... عفواً... ما حدث وجرى من الإعتداءات والإنتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في تلك المناطق المشار اليها أعلاه على رغم من إتسامها بالوحشية والبربرية وبُعدها عن أبسط القيم الإنسانية والأخلاقية إلا أنها لم تكن سوى تفعيل لنهج وفلسفة "الأرض المحروقة" المعهودة والمعتادة للجميع والمسنودة بمرجعيات وسياسات "اكسح وامسح وما جيب حي " وذلك لتحقيق أهداف ذات أبعاد تكتيكية وإستراتيجية قائمة على نظرية تجفيف الفضاءات والبرك والمستنقعات التي تشكل مرتعاً ومجالاً حيوياً "لأسماك القرش " التي تشكل قلقاً وارقاً ورعباً للنظام في المركز . ومما لا شك فيه وحسب تصنيف بعض المنابر ومراكز الدراسات الإستراتيجية العنصرية التي تدعي بالنقاء العرقي والصفاء الروحي والجسدي لعبت دوراً كبيراً في تكريس صورة نمطية مشوهة لبعض الاثنيات في دارفور على أساس معايير عنصرية ومزاعم خرافية توحي بأنها تشكل خطر حقيقي على الهوية السائدة وتهدد وجود النقاء العرقي في السودان وهي اثنيات معروفة للجميع ومن بينها في القائمة السوداء قبائل الزغاوة بشكل واضح وصريح يعتقد على نطاق واسع بانهم يشكلون مجالا حيوياً ومرتعاً خصباً لأسماك القرش وبالتالي ووفق هذا الإعتقاد العنصري تم تسخير وتوجيه كافة الأجهزة والمؤسسات المعنية لقتلهم وتشريدهم وتدميرهم إقتصاديا وأيضاً إستمالتهم وترويضهم وكبح جماح شيطنتهم إذا أمكن وذلك بتوظيف كافة التقنيات والوسائل والمهارات الفنية التي يعتقد في نهاية المطاف أن تؤدي لإجهاض طموحات وتطلعات إعادة بناء السودان على أسس جديدة من شأنها جعل هذا البلد واسعاً ومزدهراً يسع الجميع بعيداً عن الاستعلاءات العرقية والثقافية واللونية التي جلبت الكوارث والمآسي والتخلف والفقر . من الطرائف ان دعاة وعشاق نظريات ومناهج " الأرض المحروقة" لا يدركون بأن تطبيق هذه الوصفات الجهنمية حرفيا على تلك الفضاءات والمجالات الحيوية المزعومة لها تداعيات وتاثيرات سالبة على مسار المساعي والجهود التي تبذل هنا وهناك من قبل شخصيات وطنية مستقلة ومحايدة بقدر معقول فضلاً عن مساعي أخرى لتهيئة المناخ الملائم للحوار والتفاوض تقوم بها جهات اقليمية ودولية بين أطراف النزاع في إقليم دارفور بشكل خاص والسودان ككل إلا ان توقيت تفعيل وتطبيق سياسة الأرض المحروقة على مبدأ فرض معادلات جديدة وواقع ميداني جديد ينتصب على جماجم البشر ويرتكزعلى أنقاض الخراب والدمار والسلب والنهب والاغتصاب سوف ينفر الكل من الحياة ناهيك عن أوهام السلام بل يدفع الكل لحمل السلاح ولو كرهاً للدفاع عن النفس والعرض والكرامة الإنسانية وأبعد من هذا أن الذين لديهم بعض التحفظات تجاه حمل السلاح كوسيلة لتحقيق الأهداف سوف يجبرهم ويستفزهم هذا النهج التشريدي الهمجي ذو المعايير المزدوجة والإنتقائى لإعادة النظر في كل شئ ومنها بالتأكيد معنى الحياة وقيمتها في ظل الإذلال والإهانة واحتقار الإنسان لأخيه الإنسان . عموماً على أبناء الزغاوة في المدن والأرياف والبوادي والفرقان وفي أي مكان والذين فروا بجلودهم إلى الخارج وحتى الذين في الكواكب البعيدة عن كوكب الأرض فينبغي عليكم ألا تستخفوا بالأمر وتتوهموا بأنكم بمنأى عن سياسة " امسح واكسح وما جيب حي" والله انتم في لب اللعبة القذرة والفيلم الهندي لم ينتهي بعد برغم بروز بعض المؤشرات التي توحي بذلك ولكن في واقع الامر ان "الساقية ما زالت مدورة" . إذن إنطلاقا من هذه القناعة يجب عليكم ألا تكنزوا الذهب والفضة كثيراً وتناموا ملء جفونكم في الوقت الراهن وغداً بل يجب أن تتحوروا وتكيفوا أنفسكم كالحرباء مع الواقع على الأرض وتستعدوا لكافة الإحتمالات والوقاية خير من العلاج ومن الغباء أن يلدغ المرء من نفس الجحر مثنى وثلاث ورباع ولتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات بقدر الإمكان فينبغي عليكم أينما كنتم وحان الوقت المناسب للنوم فلا تناموا ملء جفونكم بل نوموا "كنوم الديك على الحبل " حتى ينزل الله عليكم الرحمة والعدالة من السماء فمزيداً من الصبر والصلاة والتقوى والثبات فلعلكم تفلحون . أ/ مبارك إبراهيم [email protected]
|
|
|
|
|
|