بسم الله الرحمن الرحيم الأنظمة والحكومات التي تحترم شعوبها دائما ما تحاول تجنب اغضابها حتى لا تخرج إلى الشارع في تظاهرات شعبية وجماهيرية للمطالبة بحقوقها أية كانت ، ولم نسمع من قبل أن نظاما من الأنظمة الحاكمة وقف رئيسها أمام أنصاره مهدداً شعبه الذي قرر العصيان المدني بالبقاء في المنزل احتجاجا على قرار حكومي برفع الدعم عن الدواء والوقود، وغلاء الأسعار ، بالخروج إلى الشارع إذا أراد اسقاط نظامه. نعم ، لم نسمع من قبل ان هدد رئيس دولة شعبه بالخروج إلى الشارع لإسقاط نظامه ، لكننا اليوم واليوم فقط سمعنا بهذا الكلام من السفاح السوداني في خطاب له في مدينة "كسلا" يوم الإثنين 12 ديسمبر 2016 ، هدد فيه المعارضين لنظام حكمه بالخروج إلى الشارع بدل العصيان في البيوت والإختباء وراء الكيبورد. وجاء تهديد البشير بعد أن دعا ناشطون معارضون إلى العصيان المدني المفتوح خلال الأسبوع المقبل. وقال البشير أمام حشد من مناصريه في مدينة كسلا بشرق السودان، في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي "سمعنا خلال الأيام الماضية من ناس يتخفون خلف (الكيبورد)، دعوة إلى إسقاط هذا النظام"، في إشارة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت. وأضاف الرئيس السوداني "نريد أن نقول لهم إذا أردتم إسقاط النظام واجهونا مباشرة في الشارع، ولكني أتحداكم أن تأتوا إلى الشارع (...) نعلم أنكم لن تأتوا لأنكم تعلمون ما حدث في السابق"، مؤكداً أن هذا النظام لا يمكن إسقاطه بواسطة (الكيبوردات). إن دعوة السفاح السوداني شعبه بالخروج الى الشوارع ، دعوة لا تخلو من حقد ونية مبيتة لقتل مواطنيه على غرار ما حدث في سبتمبر 2013 عندما قتلت الأجهزة الأمنية التابعة لنظامه ما لا يقل عن 300 سوداني معظمهم من الشباب والنساء. وهذا النظام إذن نظام دموي لا يعرف سوى الحلول العسكرية والأمنية، وهو غير جاد في أي عملية من شأنها رفع المعاناة عن الشعب السوداني، وغير راض بالالتزام بأي وسيلة إلإ القتل والتهديد والتهجير. اختيار الشعب السوداني للعصيان المدني ليس جُبناً أو خوفاً من نظام عمر البشير وأجهزته الأمنية التي لا تتردد في قتل أي معارض -طفلاً كان أو شيخاً ، نساءاً ورجالاً ، لكن اختيار هذه الوسيلة "العصيان المدني" من خلال البقاء في المنزل يعتبر وسيلة ناجعة من وسائل النضال السلمي ..وهو عمل وفعل وسلوك شعبي علني وشفاف ، وهو ما يميزه عن العصيان الإجرامي حيث يزدهر الأخير في الخفاء. يجب أن يعلم السفاح أن العصيان المدني الذي يسخر منه باسلوب شوارعي رخيص ويصفه بعمل جبان ، ليس شيئاً جديداً في العمل النضالي الشعبي ، بل وسيلة استخدمها في السابق "مهاتما غاندي" لتحدي القوانين الجائرة الظالمة ، متخذًا أسلوب اللاعنف. وجاء من بعده "مارتن لوثر كينج"، في إطار حركته المطالبة بالحقوق المدنية. الديكتاتور السوداني الذي هرب الى دولة الإمارات العربية المتحدة قبل عصيان 27 نوفمبر 2016 بيوم واحد ومكث فيها أسبوعين حتى طُلب منه المغادرة لكي لا يفسد لشعب الإمارات عيدها الوطني، قد استطاع بعد عودته منها حشد رجال الأمن والشرطة ومكافحة الشغب، وعيون الجواسيس والمخبرين لمواجهة الشعب بالذبح والقتل ، وعليه دعاه للخروج الى الشارع ، لكن الشعب كان ذكياً ووعياً بمخططاته الإرهابية الإجرامية وأكد أنه سيلتزم بالعصيان المدني كوسيلة نضالية ويبقى في منزله إبتداءاً من 19 حتى ذهاب نظام القهر والعهر والدمار. تهديدات البشير للشعب تنم عن خوفه الشديد من العصيان المدني كوسيلة مثلى وناجعة لتغيير الأنظمة الشمولية التي تعيش وتتغذى بالعنف والعنف المضاد، واللاعنف المضاد او العصيان المدني يشلها ويجعلها عاجزة ومكشوفة على حقيقتها. إن الأيام الثلاثة التي عاشتها السودان في الفترة من 27 -29 نوفمبر 2016 تحكي لنا قصة جديدة غير مألوفة ولا تتماشى مع النموذج الحديدي الذي وضعه نظام البشير لهذا الشعب. انها قصة شعب كره الظلم والإضطهاد والفقر والإستفزاز ،ولهذه الأسباب يصر على العصيان المدني حتى تنحية النظام قبل عودته الى أعمالهم وأنشطتهم اليومية. البشير يرتعش خوفا من استبدال "نظامه" ذلك أن لا دولة آسيوية أو أفريقية أو غيرها تستطيع استقباله تحت أي ظرف من الظروف وعليه يحاول التمسك بالسلطة بكل الطرق والوسائل ، لكن هل يستطيع قتل كل الناس التي بقيت في بيوتها لكي يستمر في الحكم؟.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة