الراحلون في مسامات الليل

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 03:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-22-2003, 04:27 PM

راشد أوشي-كوستي


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الراحلون في مسامات الليل

    قصة قصيرة
    الثالثة صباحا
    أو
    ( الراحلون في مسامات الليل )
    راشد أوشي
    الثالثة صباحا . . . . . .
    لبعا (عزرائيل ) يق دفاتره وينتقي ميقاته المفجع ، بينما كنت داسقط في جب الأحلام المتضاربة ، قلب (عزرائيل ) الصفحة وتسلل العم (بشير )إلى قاع الليل وصار ينادي الموتى : - يا (عوض) !

    يا (صالح)!
    يا (محمد) أنى آتى !
    (محمد) كان هناك ، ينتظر قدوم روح تسكن بجواره ، في مساء اليوم الثالث لاندماج العم (بشير) في عالمة الفسيح قال أحد أبنائه :
    عند الواحدة والنصف صباحا أيقظني صوته الضعيف المضطرب ، طلب مني اجلس بجواره وابحث عن الروح في جسده ، كان يريد كعادته دائما ، أن يعرف كل شيء ، تحسست رجله اليسرى فوجدتها كالصقيع في ليل الشتاء المظلم ، أدركت انه سيذهب ويتركنا نتخبط في دموعنا ، لن يعلو له صوت غدا ، لن يخرج كرسيه ويجلس تحت الشجرة ، سيسقطه الشارع من ذاكرته ، لن يساوم المرض أو الموت بعد الآن قال وهو يبتسم الشيء الذي فعلته تلك الليلة أنى توضأت وصليت وتوسلت لعزرائيل أن لا ياخذه ) .
    الثالثة صباحا . . . . . .
    كالأصوات التي تندلق من مغارات سحيقة ، كنقر الخوف علي حلمي ، كالانزلاق في بؤرة تسبح في الظلام ، أصوات/ ريح / وشوشة / هدير / همس / لغط / بكاء / عويل / دفوف / كل هذا انحدر نحوي وارتطم بحلمي الأخير وتناثر / وجوه / شفاه / عيون / دموع / شخوص / جنازة / ، عندما فتحت مسام الرؤية فاجئني الضوء الساطع ، في الشارع ،كانت هناك أقدام وأصوات تهرول وأشياء تتساقط ، عندما رحل العم (بشير) صرخت بناته ونتفن شعورهن وركضن خلف جثمانه وتساقطن .
    في الثالثة صباحا . . . . .
    كان ( أمشير) يجرح دموعنا ويجمد أطرافنا ، كنا نركض ذاك يأتي بطورية ، وذاك يرمي مجراف علي كتفه ، ثم تجمعنا أمام البيت الذي شهد وجود الراحل وغيابه ، كانت النسوة يثكلبنا، ، بعد قليل أتت العربة وقفزنا علي ظهرها وانطلقنا نسلك الطرقات الخاملة ، خلف ظهورنا رمينا نباح الكلاب و خشخشة أوراق الشجر الميتة وأعمدة الكهرباء المنتصبة في ضجر ، كانت العربة تهتز و تترنح بعنف ، كنت أفكر في الذي رآه الميت قبيل مغادرته عالمه الصغير ودخوله الملكوت الأعظم !
    الثالثة صباحا . . . . .
    . . . . . ويذوبون في المدى المجرح بالسؤال، يتجاوزون بقايا ذكرياتهم ويقبرون أحلامهم ويتفاعلون ويولدون في كفن ، يرون النعوش تتأرجح أمامهم ، لمن تلك الغيوم الغابرة ؟! ، سيكون الأمر كالمرور بأمكنة وأزمنة في لحظة تاريخية ينهزم فيها الوزن وكيمياء الزمن ، لم يحدث أحد الموتى حتى الآن بآخر ما روي ، كان الجسد يتهيأ لرحمه القديم، الأرض رحمهم ومبعثهم الجديد ، في اليوم الثالث لرحيل العم ((بشير)) حكي أحد أبنائه :
    (( كان الأمر في غاية السرية ، كل الروي كانت تخصه وحده كان يبتسم ، وأحيانا يعبس وجهه ، كان يمد يده وكان سيقبض روحه ، كان يهمهم ))!!
    الثالثة صباحا . . . . .
    بينا العربة تلهث وأمشير يرمينا بحبه القاسي ، حاولت أن أعيش اللحظة التي نبدأ فيها بفقدان كل شيء ، رسمت صورة لنعشي وتخيلت الملائكة تخرج من كتفي وتعرج صوب الغيوم الداكنة ، بيد أن فشلت في الخروج برؤية واضحة للحظة التي أغادر فيها أمي وأخواتي وأصدقائي والجيران ، اللحظة التي تبدو كخفقات وومضات بعيدة ، كحيوات خاصة كتب علي كل واحد منا أن يعيشها منفرد ومتوحد اكثر مع نفسه كصفاء الموت كسكوت الريح وزمجرة (أمشير) .!!
    الثالثة صباحا . . . . .
    زمان الموت / في صحوته المنتفضة / لم يقدم رجلا أو يؤخر أخرى ، كنا قد انطلقنا وعقارب الساعة ترتعش وتزحف نحو الثالثة ، كان يفترض أن نكون عند مشارف المقابر عند الثالثة والنصف صباحا ، بيد أن شيء من هذه الافتراضات لم يصدق ، عندما نظرت الساعة وجدت العقارب جميعها متجمدة ، إحداها كان عند منتصف الليل ، إحداها عند الثالثة تماما ، وإحداها زحف قليلا ثم تجمد في منتصف المسافة ، كنا قد قطعنا شوط لا بأس به ، كانت النجوم الآفلة تحدد اتجاهها ، كانت الطرقات تتدفأ بذكريات وتخاصم نباح الكلاب وصرير الصراصير و فظاظة الليل الجارح ، كان ((أمشير )) يصفعنا وجوهنا بقوة ويفصد دموعنا بلذة ، كنت أفكر :
    الليلة طوي العم ((بشير)) آخر ذكرياته وانسرب في الليل الغشيم ، لم يفعل سوء ، لم يزجر زوجته ، ولم يسب أحد ، لم يكذب ، بل صلي العشاء واغمض غمضته الأخيرة أنت لم تفعل شيء من هذا ، لا أحد يعرف متي يأتي الموت ، غدا أو ربما الآن ، السيارة تسير بسرعة كبيرة ، يمكن لأحد إطاراتها أن ينفجر ، يمكن أن يلوح شبح في الطريق ، يمكن للعربة أن تدلقك في جوف العالم الثاني ، ماذا فعلت لهذه اللحظة ؟! ، لم تصل العشاء ليلة البارحة ومارست العادة وصحوت علي أصوات أقدام تهرول ، تري كيف ستلاقي وجهه الأكرم وأنت نجس ؟! كم مرة خرجت في جنازة ، في كل مرة كنت تري الموت أمامك وتفكر في أنثى ، هذه المرة قد لا تجد الوقت الكافي لتفكر ، قد تشيح الدنيا بما فيها بوجوهها وتنكفي العربة ، لماذا ينحدر بنا الموت إلى الأسفل. . ؟!
    الثالثة صباحا . . . . .
    وصلنا . . . . . هبطنا . . . . . ضربنا الأرض حتى قالت كفي . . .
    ضربت بقوة ، حتى اقهر أصوات الدفوف داخلي ، حتى أنجو من خبلي ، حتى ينتهي العمل ونرتمي علي ظهر العربة ونغفل عائدون .
    ضربت . . . . .
    - يا (عوض) !
    ضربت . . . . .

    يا(صالح)!

    ضربت . . . . .
    - يا (محمد) أني عائد !!
    ضربت ،حتى يموت خوفي وترحل أصوات الدفوف عني ، حتى يخرج الصباح أنفاسه الأولى ، في غمرة إحساسي بالخوف لم الحظ أن الرفاق قد توقفوا عن العمل وراحوا يبحلقون في وطيف ابتسامة يلوح في شفاههم فجأة ، انفجرنا ضاحكين ، هع ، ضحكنا ، هع ، ضحكنا . . . . .!!
    الثالثة صباحا . . . . .
    استوي القبر علي عرشه وتساقطنا أرضا ، ومن بعيد بدأت الأضواء تلوح وتنحسر . . . . .
    الثالثة صباحا . . . . .!!
    يونيو/2002 كوستي























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de