|
الرأسمالية المتوحشة... و البنوك الاسلامية الأكثر توحشاً! بقلم عثمان محمد حسن
|
01:41 PM Oct, 23 2015 سودانيز اون لاين عثمان محمد حسن-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
يفرح المسلمون، في حسن نية، حين يسمعون أن بنوك الرأسمالية المتوحشة ترحب بوجود البنوك الاسلامية بين ظهرانيها. و هم لا يعلمون أن المقصد هو الربح المعظَّم، و الكامن في ( معاملات) البنوك المسماة اسلامية..
فالبنوك المسماة اسلامية لم تصبها جائحة الأزمة المالية التي اجتاحت المؤسسات المالية في العالم الغربي قبل فترة.. بل- عكس الواقع- نجحت في التمدد أكثر.. و تقدر موجوداتها بحوالي تريليون دولار أمريكي.. و نجاحها المثير للدهشة أجبر ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، على تشجيع إنشاء مثيلات لها في بريطانيا.. كما دعم رئيس وزراء كندا ( من غلاة المحافظين) تواجدها في كندا.. و سارت في طريق دعم تواجدها المؤسسات المالية من بنوك و اتحادات مؤسسات الرهن و التسليف الرئسية في كندا..
يقول وليد حجازي الأستاذ المشارك بجامعة تورونتو( مدرسة روتمان للإدارة) أن بإمكان من يريد شراء منزل قيمته 300 ألف دولار كندي أن يطلب من البنك شراءه له، فيقوم البنك بشرائه و من ثم بيعه لطالب القرض بمبلغ 523,443 ألف دولار كندي! قال ذلك ليدلل على أن البنوك الاسلامية لا تتعاطى الربا، و مع ذلك لا تخسر.. !
و من الملاحظ أن الربح المذكور يبلغ أكثر من 57% من قيمة القرض.. و هي نسبة لم و لن يبلغها أي بنك ربوي مهما بلغت سطوته..
يخشى المسلمون الملتزمون الوقوع في الربا المحظور دينياً، فيسعون للبحث عن حلول لإيداع أموالهم الشخصية أو الحصول على قروض من مصادر تتفق معاملاتها مع الشريعة الاسلامية التي تحظر الحلول الربوية.. لكنهم، دون أن يدروا، يقعون في المحظور الذي شاع في أوساط المسلمين..
و لكي يتم خداع غير المسلمين المرعوبين من كلمة ( إسلام) في الغرب، تسعى بعض البنوك الكبيرة و المسماة إسلامية إلى إجراء بعض التغييرات بما يظهرها أقل انغماساً في الدين ما يتيح لها جذب مزيد من المستثمرين إليها هناك..
و نجد- من ناحية أخرى- معارضين للبنوك المسماة إسلامية مثل فاتح طارق أمين عام إحدى مؤسسات التطوعية liberal-minded Canadian Muslim ) ( Congress و الذي يقول بأن شعار تلك البنوك يستغل المسلمين ذوي القابلية للاستغلال.. و أن البنوك تسيئ إلى اسم الاسلام لبيع منتوجات مالية خادعة و غالباً ما تكون أسعار قروضها أغلى بكثير من قروض البنوك الغربية التقليدية..
و نجد من يقول بأن معظم تلك البنوك تستغل اسم الاسلام بأسلوب غير عادل في المجتمعات المسلمة، أو كما يقول طراد محمد، المدير التنفيذي لبنك أبو ظبي.. و يزيد قائلاً بأن تلك الشعارات شعارات عاطفية قوية جداً في تلك المجتمعات..
و في منتدى، أقامته فضائية ( النيل الأزرق)، قال رجل الأعمال و الاعلام السعودي الشيخ صالح كامل أن البنوك الاسلامية صارت تجارة و ليست رسالة! و وصف إضفاء صفة الاسلامية على تلك البنوك بأنها تغيير في الألفاظ و ليس تغييراً في المعاني.. و أكد أن 80 % من البنوك الاسلامية بنوك ربوية.. و أن معنى كلمة إسلام قد ضاع و بقي اللفظ يمشي بين الناس بلا ساق شرعية إسلامية..
صارت جُّل منتجات تلك البنوك أرباحاً على الورق.. إستثمارات ورقية.. و ( مضاربات) بلا إنتاج حقيقي ( ينفع الناس).. و تغيرت الربا لفظاً بينما البنوك تتعامل معها في عالم المال و الأعمال تحت غطاء الشريعة الاسلامية..
المسلمون الملتزمون يقعون ضحاياً لها دون إعمال العقل، " أفلا تفكرون"؟!
لا فرق بين البنوك، المسماة إسلامية، و بين المرابي اليهودي ( شايلوك) الذي رسم شكسبير صورته في رواية ( تاجر البندقية) كمثال لجشع المرابين عديمي الرحمة.. فتلك البنوك و شايلوك يمارسان الجشع، كل حسب مقتضيات عصره من قوانين و أعراف اجتماعية ( موضوعة).. إلا أن شايلوك لم يصبغ جشعه بأي لون ديني أو أخلاقي.. بل كان ( ينتقم) من الدائن الذي يفشل في سداد ما عليه من دين باقتطاع ( رطلَ لحم) من جسده.. و لكن البنوك المسماة إسلامية في السودان ( تنتقم) من الدائن بإرساله إلى السجن ل( حين السداد) إذا لم يسدد ما عليه من دين لم تكفِ عائدات بيع عقاره، أو أيٍّ من ممتلكاته، في السداد.. و يتم البيع بطريقة مجحفة في مزاد علني تدخل فيه عمليات الفساد المتحرك تحت طاولات منتسبي المؤتمر الوطني.. أثرياء زماننا الذين يستطيعون شراء أي شيئ.. في بلد تدنت فيه قيمة ( الذمة) بعد أن تكدس كل المال في جيوب من يُسمون بالاسلاميين.. و هم الخوارج الجدد المنتمون إلى نبي الشيطان ( مسيلمة الكذاب) !
نصوص القرآن الكريم دائمة التأكيد أن الإنسان هو محور الكون.. و الأحاديث النبوية الشريفة تحض على الاهتمام بمصالح ( الأمة) جمعاء متمثلة في مراعاة مصلحة الانسان الفرد:- " ... أما الزبد فيذهب جفاءً و يبقى ما ينفع الناس..".. و مقاصد الدين الحنيف تلك تتأتى بالأخلاق و المعاملة الحسنة بين الناس ( عند البيع و عند الشراء...).. ففي الدين تكمن المعاملة الحسنة في المعاملات و العادات..! و حيث تكون مصلحة المجتمع يكون الدين..
غياب تلك المصلحة عن فكر (الخوارج الجدد) مرجعها مصالح ( الجماعة) لا مصلحة ( الأمة).. و مصالح الجماعة تصب في جيوبهم حين يتخذون من الدين منصة ينطلقون منها إلى فضاءات الثروة الفحشاء.. مخلفين وراءهم الشريعة و مقاصدها، في القرآن و الحديث، يتناول تفسيرهما علماء السلطان، متأبطين نظرية ( التقَية) و متلازمات ( فقه الضرورة)..
و تمضي حياة معشر المسلمين بحثاً عن ما يحول دونهم و تنكُّب طريق المعاصي، و كثيراً ما يقعون ضحايا في شباك المسلميين الجدد!
يزرعون.. و يحصدون.. و جل ما يزرعون و يحصدون يذهب ل( العاملين عليها) من موظفي ( التمكين) في ديوان الزكاة و في مصلحة الضرائب.. بينما تلتهم مصفوفات الجبايات ما تبقى من حشف تُرك لهم.. و يأتي السوق هو الآخر ليأتي على ما تبقى.. و يبقى باب سجن ( الهدى) فاغراً فاه في انتظار المزيد من المحكوم عليهم بالسجن ( لحين السداد) !؟ و يظل الرِبا يضاعف ريع البنوك الآسلامية مع كل موسم حصاد.. هذا، أو السجن.. و لا ( مشاركة) في السجون مع البنوك الاسلامية ( الدائنة) بال( مرابحة).. لأن أولويات تلك البنوك تنحصر في تعظيم ( المرابحة) فقط، و ليس لغير المرابحة غيرٌ.. لا كثير ريب في أن البنوك ، المسماة إسلامية، تتعامل مع زبائنها غير المساهمين، واضعة نصب أعينها مسئولياتها تجاه مصالح المساهمين فقط.. معتبرة الرفاه المجتمعي ليس ضمن مسئولياتها إنما هي مسئولية الحكومة.. و ترجع تلك الفكرة إلى نظرية ملتون فريدمان القائلة بأن هدف المؤسسات التجارية هو تعظيم الربحية دون أي شيئ آخر.. و تلك نظرية تقف في تضاد مع مقاصد الاسلام.. حيث أن:- 1. تعظيم الربح هو مركز هواجسهم الأول حتى و إن كان في غير مصلحة الأمة.. كما كان يحدث إبان أواخر سنوات مايو حيث كان بنك فيصل يُخَزِّن الذرة ( العيش) تجفيفاً للسوق منه.. لتعظيم سعره.. ما استحق عليه لقب ( بنك العيش)
2. توزيع غير عادل للثروة، و نحن نرى ( الناس العملوا قروش) " يتطاولون في البنيان" في العاصمة و الأقاليم..
3. لا مسئولية مجتمعية عندهم..
4. يفقِرون من يلجأ إليهم مقترضاً.. و لا يكترثون بمسألة تخفيف الفقر في المجتمع
5. يمارسون بعض الأنشطة المشبوهة الضارة بالمجتمع.. و (عيش) بنك العيش ليس إلا ما ظهر من جبل الجليد..
و جاء في صحيفة الانتباهة بتاريخ 10-18-2015 أن نيابة مكافحة الثراء الحرام والمال المشبوه تنظر في الاستئناف المقدم من أحد البنوك الكبرى لرفضه قرار التحلل الذي سبق وأن أمرت به النيابة.وأفاد مصدر ، أن البنك تورط في معاملات ربوية متمثلة في تمويل عدد من المواطنين مقابل أرباح عالية، اكتشف أنها غير مشروعة، وبموجبها أمرت النيابة البنك بالتحلل من المبالغ الربوية. لا تتعجب!
أحدث المقالات
- مقتطفات من مذكرات راحلنا رئيس البوسنة .. (3) بقلم رندا عطية
- هكذا (الجن) !! بقلم صلاح الدين عووضة
- ماذا لو هبط الهلال..! بقلم عبد الباقى الظافر
- الربط بين التطرف والإسلام والإرهاب بقلم الطيب مصطفى
- والله الكيزان ديل محظوظين حظ !! بقلم حيدر احمد خيرالله
- الحوار التونسي الغلب الفكي السوداني! بقلم فيصل الدابي/المحامي
- مكي سيد أحمد وعبد الله عبيد: يا موز الجنينة، يا حسن بقلم عبد الله علي إبراهيم
- آخر نكتة (رومانسية زوجة سودانية)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي
- ثورة أكتوبر في مذكرات جمال عبد الملك (ابن خلدون): المتاريس، الأحد الدامي، وحزب اشتراكي (2-2)
- واحد من قضاة الجنة اعداد هلال زاهر الساداتي
- منصور خالد يتصدر أولويات السودان الملكوم بقلم محمد عثمان الحسن
- ما اشبه الليلة بالبارحة بقلم شوقي بدرى
|
|
|
|
|
|