|
الدّلنج في مذكرات ومدونات الأب جوزيف أوهروالدر في كتابه ( أسر عشر سنين في معسكر المهدي 1882-1892 )
|
[No Subject]
Me To Sudan NileSudan Nile Today at 1:25 PM الدّلنج في مذكرات ومدونات الأب جوزيف أوهروالدر في كتابه ( أسر عشر سنين في معسكر المهدي 1882-1892 ). TEN YEARS CAPTIVITY IN THE MAHDI'S CAMP,1882-1892
إبراهيم كرتكيلا
لم أحضر وجيلي نشأة مدينة الدُّلنج (بضم الدّال المشددة ) وتعني بلغة الأجانق السويبة ، والسويبة عند النوبا تعني مخزن للمحاصيل للمدي الطويل والقصير ، هذا ما تصولنا إليه مع شباب المدينة المستنيرين من خلال موقع تواصلنا الإجتماعي على ( الفيسبوك ، دلنج سودان) عندما أثرنا معني اسم المدينة . نشأت المدينة نشأة تقليدية ، من قطاطي متناثرة هنا وهناك ، كما رسمها لنا الدكتور نيدل عند دراسته لقبيلة ( الواركو- الدّلنج) ومن ثم تطورت عندما جعل منها الأتراك مركزاً لمنع تجارة الرقيق ؟ ، ومن ثم يطورها الأنجليز بعد سقوط المهدية لتصبح مركزاُ لشمال الجبال، وبالتالي يمكن وصف مدينتنا بالمدينة الإدارية . فكيف وصف الأب جوزيف أوهروالدر مدينتنا ؟
يقول الأب جوزيف أوهروالدر ، غادرت مدينة الأبيض في 28 نوفمبر 1881 ، وصلت الدّلنج - حيث مركز الإرسالية النمساوية - في الخامس من ديسمبرمن نفس العام ، حيث أُعجبت بالمدينة وجمال الطبيعية الفاتنة فيها ، حيث يتخللها مجموعة من مجاري المياه وأشجار ضخمة وكثيفة ومتشابكة الأغصان ، حيث يصعب معها وصول أشعة الشمس على الأرض ، حيث تهطل الأمطار مدراراً لمدة نصف عام ، والأرض بكرة تنبت كل ما يزرع فيها من خضر وفاكهة. والمنطقة أيضاً غنية بكل أنواع الحيوانات البرية ، من غزلان وزراف وبقر الوحش ، وقرود ، وكثير من الطيور المتنوعة الألوان والأشكال .
الوصف أعلاه من حيث الطبيعة ، فكيف وصف إنسان الدّلنج ؟
يقول ، إنه النوبا ودودين وغير عدوانيين، وسمعتهم طيبة من بين السودانيين ، وأنهم من أفضل أجناس الزنج . يعتمدون في رزقهم على الزراعة وتربية الحيوان ومستخرجاتها، ووأنهم مدمنون على شرب المريسة المصنوعة من الذرة ، ويشربونة بكثرة في إحتفالات السبر (إحتفال بداية الحصاد ، ومناسبات أخرى ).ورغم تناولهم لكميات كبيرة من المريسة ، إلا أنني لم أر أية إنتهاكات نتيجة شربهم . وإنهم يلجاؤون لحل مشاكلهم بأنفسهم ، وأحيانا يلجاؤون للخبير الروحي ( الكجور) بقصد نيل البركة . يواصل ضيفنا الأب ولدار ، ويقول لقد كنت سعيداُجداُ بمدينة الدلنج ، حيث بدأت أمارس مجموعة من الهوايات ، منها جمع بعض أنواع الحشرات والطيور وجلود الزواحف ، وتحنيط بعضها. ولقد جعل مني أصدقائي النوبا مضحكة لهوياتي الغربية عليهم.
لماذا الأب أوهرولدر بمدينتا ومن كان معة من المبشرين والمبشرات ؟ ومع من تعامل من أهل المدينة؟ ولماذا أُخرج من المدينة ومن معه ؟ ما دامنا قد ذكرنا مركز الإرسالية النمساوية بالدّلنج ، فالأب جوزيف أوهر ولدر ، قدم خصيصاً للعمل بالتبشير ، وذكر من كان معه المبشرين والمبشرات بالدّلنج ( الأب بنومي ، وجبريال مرياني " نجار البعثة " والأب باولو روزينقولي ) ولكل من هؤلاء قصة يحكيها الأب أوهر ، ومن الأخوات ( السيسترات) فذكر منهن الأخت كاترينا شينكريني والأخت اليزابيتا فينتوريني .أما من تعامل مع رجال البعثة من أهل المدينة الذين أفرد لهم الأب جوزيف أوهر مساحة في كتابه ، هم الكجور كاكوم ، والكابتن محمد سليمان قائد حامية الدّلنج ومساعده التركي ريفورسي ، وعدو البعثة اللدود المك عمر التكروري . سنفرد لهم أيضاُ مساحة في مقالنا هذا. يقولي محدثي الأب عبدالله أنجلو رئيس البعثة حالياُ ، بأن الكنيسة تأسس عام 1878، ولي وقفة مع هذا التاريخ ، يبدو لي بأن البعثة كانت لها وجود قبل هذا التاريخ ، حيث يقول سلاطين باشا في كتابه ( السيف والنار في السودان ) بأنه قام بزيارة مركز الإرسالية النمساوية بالدلنج في عام 1874، ومنها قام يزيارة لمناطق ( الأنشو - الخلفان و الأما -النمانج ) ويقول كنت أود أن أطيل بقائي في تلك الأصقاع ، ولكن حال دون ذلك قيام عرب الحوازمة بثورتهم ضد الضرائب الباهظة التى فرضتها الحكومة عليهم ، وباتالي طلبت مني الحكومة العودة إلى الأبيض . يقول الأب جوزيف بأن الكجور كاكوم قد منحهم قطعة أرض بالقرب من جبل قعر الحجر الصغير -إذا كنت من أبناء مدينة الدلنج ، المنطقة التى تحدث عنها الأب جوزيف هو منطقة المقابر القديمة للمسيحيين التي تقع في شرق الجبل الصغير وأنت في طريقك لحي الطرق ( الجلوجيا) - وأنهم في سبيل بناء هذا الموقع لقد صنع لهم نجار البعثة "جبريال مرياني "عربة تقودها بغلان قويان ، وبدأوا في ضرب الطوب الذي أحضروا له ترابا جيريا من منطقة "صبوري" ربما قصد " الصبي ".ويقول بأنهم أثناء حفرهم بئرأ للبعثة عثروا على كمية من معدن الفضة .* أما أهم أعيان مدينة الدلنج في ذلك الزمن ، فكان الكجور كاكوم ، يقول عنه الأب جوزيف ، بأنه كان رجلا في الخمسينيات من عمرة ، وأنه مستنير ومحبوب من أهل الدّلنج ، لقد قضى شبابه جندياُ بقوات الخديوي ، وعاش بمدينة الأسكندرية المصرية ، وعاد عند تقاعدة لمنطقته ، وأنه - كاكوم - هو الذي إقترح على الأب دانيال كمبوني أن يفتح بعثة للكنيسة بالدلنج ، لتطور أهلها . ويذكر كيف أن الكجور كاكوم تعاطف معهم عندما شاع في المدينة بأن الملأ يأتمرون لقتل أعضاء البعثة بالدّلنج ، ويذكر بأن الكجور كاكوم رفض الدعوة المهدية ، وبالتالي وضعة الأمير المهدوي محمود عبدالقادر في الأصفاد وقادة أسيرا إلى الأبيض ، حيث تعرض لمحنة الأسر ، حيث تم وضعه معنا في نفس الزريبة التي كنا فيها وتوفي بالأبيض في يوليو عام1885. أما عن بقية الشخصيات ، فمحمد سليمان قائد الحامية كان مؤكلا بحامية البعثة ومحاربة تجار الرقيق ،بالمنطقة وأنه - محمد سليمان - خذلهم عندما بدأ رجال البعثة في التفكير بالهروب جنوباُ ,انه قام بتسليم الحامية لرسول المهدي المك عمر التكروري الذي قام بمداهمة لمباني البعثة ، ولقد كافأ المهدي محمد سليمان وعينه كاتباُ لقاضي المديرية بالأبيض. أما التركي ريفيرسي فقد كانت متعاوناُ مع البعثة ، وقد قام بعدة طلعات لمناطق الأنشو والأما لمنع تجارة الرقيق ، وبعد تسليم الحامية أكرمه المهدي بالأبيض وجعله طليقاُ ، ولكنه توفي لاحقاُ تحت ظروف غامضة . أما الشخصية التي وصفها الأب بالعدو اللدود هو ، المك عمر التكروري ، وهو من الذين التحقوا وأيدوا الثورة المهدية منذ إنتصارات المهدية في كردفان ، وكلفه المهدي بمضايقة حامية الدّلنج حتى تم التسليم في 14 ديسمبر 1882 وأنه كان يتوعد أعضاء البعثة التبشيرية بالقتل والسحل .وحدث له ما يكن في الحسبان ، حيث وجدنا معنا فجأة بالزريبة بالأبيض وهو في الأصفاد ، وكان سبب وضعه في الأصفاد هو تهمة الغلو في غنائم بعثة الدلنج ، واتصل بنا والأب بنومي لكي نترحم له عند المهدي ، فقام الأب بنومي بالترحم له عند المهدي ، حيث ذكر للمهدي بأن الذين قاموا بنهب بعثة الدلنج هم أبناء النوبا ، وبالتالي أخلى المهدي سبيلة. هذا كل ما كان من أمر الدّلنج وأهلها في مذكرات الأب جوزيف أوهر ولدر ، والكتاب شيق وممتع ، وبه معلومات كثيرة ومفيدة لدارسي فترة المهدية ، وتكاد معلوماته متطابقة مع ما كتابة اسرى الدولة المهدية من أمثال سلاطين باشا " السيف والنار في السودان " ، والأب باولو ورزينقولي الذي كتب عن الأستاذ الهاشمي"أم درمان أيام المهدية" ، وكتاب نيوفيلد شارلس "سجين الخليفة عبدالله ". لكتب هؤلاء الأسرى لطائف كثيرة ، وكل لطيفة تستحق الكتابة عنها ، أما أهم لطيفة قابلتبي كتاب الأب جوزيف هو : إنذار الخليفة عبدالله لنساء أم درمان يقول الأب جوزيف في الفصل التاسع عشر ، الذي تحدث فيه الأمن والنظام القضائي في أم درمان، تحت عنوان الأخلاق ، كيف أن الحروب المتواصلة لدولة الخليفة خلق إختلالاُ في سكان المدينة ، حيث إزداد عدد النساء عن الرجال ، فعرف الفساد طريقه لنساء الممدينة ، حيث كثر أبناء الزنا في المدينة وامتلأت المحاكم بالمخالفات المتعلقة بالزنا ، فوصل أمر هذه الفوضى النسائية بالمدينة لآذان الخليفة عبدالله ، فما كان منه إلا أن أصدر أنذاراُ أعطى فيه نساء أمدرمان العازابات مهلة لمدة ثلاثة أيام ، لكي تجد كل أنثى لها زوجاُ ، وإلا فأنه سيقوم بتوزيعن للأنصار كمحظيات ، وبدون مقابل ، وبالتالي انشغل كل المدينة بالزواج ، وكان فرصة لمن كان لا يستطيع الزواج بسبب الكفاءة والمهر وجد له زوجة تليق به ، ولكن بعد حيث وقع الطلاقات وعاد الأمر كما كان . ونتيجة لهذا الأمر - أمر الخليفة - فقد أمير بربر عبدالمجيد زوجته بنت عبدالرحمن بانقا الذي دفع مهرها بمقدار مائتين جرام من الذهب ، الذي استمر أفراح العرس لمدة شهر ، حيث إنتهي به المطاف إلى السجن ، وأرسل العروس إلى أبيها ، وأمر أباها بأن لا يردها إلى زوجها مرة ثانية . * يبدو أن الدلنج يقف على بركة من المعادن ، بذكر خبر الفضة ، لقد حكى لنا استاذنا ابن بارا البار الأستاذ محمد حنين الذي تتلمذنا علي يديه في كادقلي في منتصف السبعينات ، ذكر لنا بأنه عندما كان طالباُ بمعهد إعداد المعلمين بالدلنج ، أن المعهد قام بحفر بئراُ إرتوازيا وجد زئبقا ، وقاموا بردم البئر .
|
|
|
|
|
|