الدرجة العلمية هي محصلة مجهود بحثي لإشخاص حصلوا على مؤهل متميز عند التخرج من الجامعة مما يؤهلهم للتخصص في مجال من المجالات العلمية عن طريق البحث العلمي . كان الإبتعاث للحصول على أحد الدرجات العلمية فوق الجامعية ( دبلوم ، ماجستير ، دكتوراه ) محصوراً على الجامعات وموظفي الدولة ، وحتى الثمانينيات لم يكن التحضير على النفقة الخاصة معروفاً ، وكان محدودا في نطاق ضيق ، معظمهم من الطلبة حديثي التخرج ، ولا يتعدى درجة الماجستير أو الدبلوم ، فلم يكن إذ ذاك إنتشر هوس الألقاب العلمية . وكان التحضير لهذه الدرجات العلمية مقيداً بشروط أكاديمية صارمة ، وكانت جامعة الخرطوم تشترط للتسجيل لدرجة الماجستير الحصول على درجة الشرف الأولى أو الثانية ولا تقبل من كان تقديرهم العام عند التخرج (مقبول) وكانت الجامعات تبعث اعضاء هيئتها التدريسية للخارج في بريطانيا والولايات المتحدة وبعض الدول الاوربية ، وكذلك كان المبعوثون من مؤسسات الدولة ووزاراتها . في الفترة حتى ما قبل بداية الثمانينيات كانت هناك خمس جامعات هي الخرطوم ، القاهرة الفرع ، أم درمان الإسلامية ، ثم لاحقاً جامعة الجزيرة وجامعة جوبا ، في هذه الفترة ومنذ تعريب التعليم العالي الذي تقرر في عهد النظام المايوي ، فرضت الدولة قيوداً على البعثات الخارجية وأصبح التحضير للدراسات العليا خاصة للوزارات يتم داخليا وإقتصر الإبتعاث على أعضاء الهيئات التدريسية بالجامعات والتخصصات النادرة ، ومع ذلك كان القبول للتحضير لنيل الدرجات العلمية ملتزما بالشروط الصارمة في جامعة الخرطوم ، خاصة أن الجامعات الأخرى لم تكن بها كليات للدراسات العليا في ذلك الوقت بعد تأسيسها ، وكان إعتمادها على أساتذة جامعة الخرطوم فانتقل بعضهم إليها ، وإبتعثت من عينتهم هذه الجامعات الجديدة من مساعدي التدريس للخارج ، وتأهيل بعضهم بالداخل حتى إكتملت هيئتها التدريسية . وكانت الألقاب العلمية ( دكتور – بروفسير ) ( هملت الآن ) محصورة في الجامعات والمعاهد التابعة لها ومراكز البحوث العلمية مثل الأبحاث الزراعية بمشروع الجزيرة والمجلس القومي للبحوث وتلك المماثلة لها ، وبعض الوزارات الحكومية . أما لقب ( بروفسير) فيتم الحصول عليه من خلال التدرج الأكاديمي ( الترقي لدرجة الأستاذ المشارك / الأستاذ ) فكان يعتمد على شروط أهمها أن يكون المتقدم للترقية قد نشر ما لا يقل عن عشرة مقالات في مجلات محكمة على الأقل نشر منها جزء بالخارج ، أو أوراق تقدم بها في مؤتمرات علمية ، وهناك إعتبارات قد تقلل من عدد البحوث والمقالات والأوراق العلمية إذ تعتبر مكملة لمجال التدريس الجامعي مثل خدمة المجتمع ، اليوم أصبح لقب ( بروفسير ) ونسبة لعدم الإلتزام بالشروط الخاصة بمنح اللقب " على قفا من يشيل كما يقولون " . ومن قبل كان غير مسموح لمن هم أقل من درجة أستاذ مشارك الإشراف على الرسائل في الدراسات العليا ، ويشترط أن يكون المشرف بدرجة أستاذ ( بروفسير )، والمشرف المشارك بدرجة اٍستاذ مشارك ، ومن الأجراءات المتبعة في جامعة الخرطوم أن يكون هناك ممتحن خارجي أحياناً كثيرة يكون ، من خارج البلاد ، وألا يزيد عدد الرسائل التي يشرف عليها الأستاذ عن عدد محدد في السنة ، الآن نجد بعضهم حصل على الدكتوراة منذ عام يشرف على الرسائل . كل تلك الشروط والإجراءات المشار إليها أصبح لا يلتزم بها في بعض الجامعات ، إذ نجد البعض يسمح لهم بالتحضير لدرجة الماجستير بالتقدير العام ( مقبول ) ومن ثم يصبح الباب مفتوحا للتحضير لدرجة الدكتوارة ، وهكذا فُتح الباب على مصرعية لكل من يريد أن ينال درجة علمية حتى وإن كان لا تنطبق عليه الشروط المهم الرسوم التي يدفعها حيث أصبحت هذه الرسوم مصدر دخل مهم للجامعات ، وخرجت الألقاب العلمية من دور العلم ومراكز البحث إلي الفضاء العام وبعد أن كانت الدرجة العلمية تشير إلي أعضاء مهنة التدريس بالجامعات والمعاهد العليا ، أصبحت اليوم من مسلتزمات المركز الإجتماعي والبرستيج ، ولتسنم المناصب لذلك كُثر طالبوها مهما كان الثمن ، وللأسف بعض ممن حصلوا عليها تنطبق عليه الآية ( كالحمار يحمل أسفارا ) . لكن الظاهرة الأكثر خطورة هي ظهور سماسرة لهذه الدرجات ، وهؤلاء يقومون بإصطياد ضحاياهم من الخارج والداخل من خلال شبكات تخصصت في سرقة المعلومات من الكتب والمراجع لتكوين الرسالة بطريقة ( القص واللزق ) مقابل الحصول على مبالغ مادية ، لذلك نجد بعضا ممن يحملون هذه الدرجات العلمية لا يعرفون شيئاً عن موضوع رسائلهم المضروبة . وهكذا أصبحت درجة الدكتوراة وهي التي كانت محصورة في أساتذة الجامعات ، ومراكز البحوث وبعض أقسام وبعض وحدات الخدمة المدنية ، يحصل عليها البعض للتباهي والمركز الإجتماعي بعد أن كانت تتطلبها حاجة الوظيفة المهنية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة