|
الخريف يهزم الحكومة ويكشف عن فشلها/بارود صندل رجب
|
لا يحتاج المرء إلي كثير عناء في اكتشاف عجز الحكومة وفشلها في معالجة المشكلات التي تحيط بالبلاد إحاطة السوار بالمعصم , وأن المسألة ليست في الإمكانيات المادية وحدها كما تذهب الحكومة إلي ذلك كلما واجهتها مشكلة ، بل تكمن المشكلة في عدم كفاءة الحكومة ومنسوبيها وافتقارها الي التخطيط السليم والتنفيذ , بجانب الفساد المستشري في مفاصل الدولة والذي يقعدها عن النهوض بالتنمية ، ولو أخذنا مثالاً واحد لفشل الحكومة في حل المشاكل نجد أن ولاية الخرطوم عاصمة البلاد وحاضرتها مثالاً حياً للفشل التام فهذه الولاية علي ما تذخر بها من إمكانيات مادية وبشرية قد فشلت في إحداث أي تغيير ملموس في بنيتها التحتية فضلاً عن الخدمات ، ففي كل خريف تغرق هذه الولاية في برك المياه الاسنة التي تخلفها الأمطار وهي علي قلتها تداهم الولاية في كل عام بصورة راتبة ، والغريب أن الولاية لا تتحرك لتجنب أثار الخريف مبكراً فهي أن تحركت تتحرك في اللحظات الأخيرة وتقوم ببعض الأعمال في نظافة المصارف وحفر بعضها وحتى هذه الجديدة تفتقر إلي المواصفات اللازمة فسرعان ما تنهار ليعاد ترميها في السنة القادمة وهكذا دواليك وحتى الطرق المسفلتة تفتقر إلي المواصفات وتتسبب في حجز مياه الأمطار وتمنعها من الانسياب الطبيعي نحو المصارف ، نحن لا ندري أين تكمن المشكلة هل افتقرت البلاد إلي المهندسين الأكفاء أصحاب الخبرات ؟ أم أن المحسوبية وتفضيل أصحاب الولاء السياسي علي أصحاب الكفاءة والمهنية ، أم أن الفساد الذي عم البلاد هو السبب في التجاوزات فأغلب الشركات العاملة في هذه الطرق تملكها شخصيات تمت بصلة إلي النظام الحاكم وهي شركات أطلت برأسها فجأة لا تملك شئ لا مال ولا خبرة ولا كفاءات ولكنها تملك الولاء وما أدراك ما الولاء في هذه البلاد، تهدر الأموال هباءاً ولا أحد يحاسب مقصراً أو فاسداً فمن غير المعقول أن يستقيم الأمر والعود الأعوج، نظرة فاحصة لطرق ولاية الخرطوم نجد غالبها دون المستوي المطلوب لذلك تحولت إلي برك للمياه وما ان تجف هذه البرك حتى تتشقق الطرق وتظهر فيها الحفر وحتى هذه الحفر تظل تؤذي الناس والعربات بل تودي إلي أزهاق أرواح الناس ولا يتحرك المسئولون لا وزارة الطرق ولا المحليات لردمها والتي لا تحتاج بطبيعة الحال إلي ميزانيات ضخمة !! الأمر كله بؤس في بؤس والمأساة تتكرر كل عام والحكومة توعد الناس بأنها قد اتخذت التدابير اللازمة لمواجهة الخريف بكل ما يلزم من آليات وقدرات بشرية ولكن سرعان ما يكتشف الناس تلك الأكاذيب , فبدلا من الاعتراف بتقصيرها بل فشلها في إدارة الولاية وافساح المجال لآخرين لتحمل المسئولية فبدلا من ذلك تتمسك بالكرسي وتبحث عن مبررات واهية مثل أن الخريف هذا العام قد فاجأ الحكومة مع أن الخريف يأتي كل عام في مواعيده .... وحجة أخري تتكرر باستمرار كل عام حين يلجأ المسئولون إلي القول بأن كمية الامطار في هذا العام غير مسبوقة وهكذا يمضي الأمور إلي المجهول وسط ضياع لمقدرات البلاد .... حتى المعالجات الآنية التي تقوم بها ولاية الخرطوم تفتقر إلي الأولويات وعدم العدالة ، أنظر إلي الأحياء الطرفية التي تغمرها المياه تماماً وإلي البيوت المنهارة ماذا قدمت ولاية الخرطوم للمنكوبين!!في المنطقة التي أسكن فيها جنوب الخرطوم (عد حسين ) هذه المنطقة تحاصرها المياه كل عام ولفترات طويلة وتتعطل مصالح الناس تماماً ولا نجد عوناً من حكومة الولاية........ فقبل شهرين دعتنا اللجنة الشعبية للاجتماع بالمدير التنفيذي للوحدة الإدارية في المنطقة وبالفعل انعقد الاجتماع وتناول الحاضرون مشاكل المنطقة الاساسية والتي تنحصرفي مشكلة مياه الشرب وتصريف مياه الأمطار والنفايات والتخطيط وقد وعد المدير التنفيذي ببعض المعالجات الخاصة بتصريف مياه الأمطار وأن آلياته حاضرة للقيام بهذه المعالجات ،إزالة الانقاض من الطرق وتسوية بعض الطرق وفتح المجاري... وقد طلب من المواطنين التعاون مع العاملين من السواقيين والمهندسين وتوفير بعض المعينات التي تساعد علي استمرارية العمل ..... ولكن وحتى لحظة كتابة هذا المقال وقد أتي الخريف وهو يحمل المنايا وأصبحت منطقتنا منكوبة ولا حياة لمن تنادي هذا نموذج للعمل الإداري في هذه الولاية !! فمهما توفرت من إمكانيات مادية سيظل الأمر كما هو أن لم يرتد إلي الأسوأ .... فهل تدرك الحكومة التي جثمت علي صدورنا ربع قرن من الزمان أن للصبر حدود ...... اللهم أنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه...... رغم كل هذه المأسى تتحدث الحكومة عن عضوية حزبها والتي بلغت أكثر من عشرة ملايين شخص من البالغين العاقلين وهي تستعد لخوض الانتخابات القادمة وهي ضامنة للنتيجة 99% مما يعني أن تظل البلاد رهينة لدى الحزب الفاشل وهي تنحدر نحو الهاوية. بارود صندل رجب المحامي
|
|
|
|
|
|