|
الحوار بمن فتر : لماذا الإصرار على تجريب المُجرّب ! بقلم فيصل الباقر
|
قلنا أكثر من مرّة ، ولن نمل التكرار - حتّى يتعلّم الشُطّار - إنّ التعويل على إنهاء دورة العنف الدموى فى السودان ، عبر تكريس منهج الحل العسكرى والأمنى ، لن يُجدى فتيلا ، وستتّسع دائرة الحروب والنزاعات المُسلّحة ، وستقضى على ما تبقّى من ( شبه أخضر) ، ليصبح ( السودان الفضل ) كُلّه " يابس " عُوده ، سهل الإنكسار والتقسيم !.. وليسأل دُعاة الحسم العسكرى وأباطرة الحرب أنفسهم ، أين مضت بهم المُغامرات والمؤامرات ، فى التعامل مع النزاعات المُسلّحة ، فى دارفور ومنطقتى النيل الأزرق وجنوب كردفان ، وقبلها جنوب السودان ، وغيرها من مناطق النزاعات المنسيّة و المُنتظرة واللاحقة ، وها نحن نُعيد القول - بكل ثقة - أنّ فكرة ( الحوار بمن حضر ) التى يُصر عليها الرئيس البشير ، و " حرسه القديم " ، ليست سوى إصرار مُقيت على ( تجريب المُجرّب ) ، وقد أثبتت حقائق الحياة ، أنّه نوعٌ من الخطأ ، الذى لا يُمكن أن يُغتفر أو يُحتمل تكراره ، وله أثمان باهظة التكاليف ، فلماذا الإصرار على مواصلة السير فى طريق تقسيم الوطن ؟!. الحوار السلمى الداخلى - إلّا حُوار الطرشان – يحتاج إلى تهيئة المناخ ، وقد شرحنا - أكثر من مرّة - مطلوباته ، وهو مثل شقيقه (التفاوض الخارجى ) ، يحتاج إلى صبرٍ وعزيمة ، وإرادة سياسيّة ، ودوماً يمُرّا عبر بوّابات معروفة المداخل والمخارج ، ليس من بينها ، ( إستبطان ) تقليم أظافر المُحاور أو المُفاوض ، عبر مُحاولات إضعافه بوسائل " مُجرّبة " ، من بينها، صناعة و تكريس الإنشقاقات ، وخلق البدائل السهلة ، وتغذية الصراع الداخلى فى الخصم ...إلخ ، وقد فشلت - من قبل ، وستفشل من بعد - كُل هذه التكتيكات و الأشكال والوسائل ، وغيرها ، من الأحابيل الأمنيّة السيركيّة ، كما أكّدت على عدم جدواها وصلاحيتها ، على المستوى الإستراتيجى ، فى التعامل مع الحركة الشعبيّة ( الأُم ) ، على أيّام تلك الحرب الطويلة ، اللعينة ، مع الراحل ( جون قرنق ) والحاضرين فى المشهد السياسى الجنوبى - الآن - ( لام أكول ) و ( رياك مشار ) وغيرهما ، وستفشل بذات الأسباب والنتائج ، مُحاولات اللعب على إيقاع شق ( الحركة الشعبيّة – شمال ) ، وقد بدأ فى الأُفق التآمرى مُسلسل ، " إعادة تجريب المُجرّب " معها ، بذات العقليّة ، ولن يكون الحصاد ، سوى إطالة أمد الحرب ، والدمار ، وإستدامة النزاع المجنون !. المخرج الوحيد ، من دائرة إستدامة الحروب والنزاعات ، هو الحُوار والتفاوض الصادقين والجادّين ، وضربة البداية ، تاتى عبر تهيئة المناخ ، والإستعداد التام لتقديم مطلوبات إنتقال الوطن ، من ضيق الحكم الشمولى الأمنى ، إلى رحاب التعدُّد والديمقراطيّة والسلام ، وإحترام وتعزيز حقوق الإنسان ، بما فى ذلك ، حريّة الصحافة والتعبير والتنظيم ، وإطلاق سراح المُعتقلين السياسيين ، أمّا عدا ذلك ، فهو مُجرّد أضغاث أحلام ، ومضيعة للجهد والوقت ، وإبحار فى السراب !... عموماً ، ( الحوار بمن حضر ) ، لن يكون - فى أحسن حالاته - سوى الحوار ، بمن ( إنشطر) ، أو ( الحوار بمن فتر) وهذا وذاك مُجرّد ( رهانٌ ) خائب ، على النكرة ( المجهول ) ، فى مقام المُعرّف ( المعلوم ) .... وآمل أن لا يستبين عباقرة القوم - أى العصبة المنقذة - النصح ، بعد ضحى الغد !.
|
|
|
|
|
|