|
الحصــار والضغط الخارجي في ريدسون بقلم : عمــــر قسم السيد
|
ملل شديد وإحباط – لا مثيل له - اصاب المواطن السودان وهو يتابع المفاوضات عبر الوسائط المختلفة من مقرها في فندق " ريدسون " بأديس ابابا .. بعد تسريبات بفشل الجلسة الأولى للمفاوضات . المشهد يبدو - متعقد – بعض الشئ ويحتاج لخبرة وممارسة سياسية كبيرة ، اطراف التفاوض زجّت بسقوف مستحيلة وغير واقعية ، خاصة قطاع الشمال ، الذي يستخدم في هذه الجولة تكتيكا غميساً ، لكنه سيبدأ في الهبوط التدريجي كما يفعل دائما !! عندما تصل المفاوضات حافة الانهيار ، تعود الاطراف لرشدها وتكشف مواقفها واجندتها الحقيقية ، تاركة خلفها – المناورات التفاوضية – التي تصيب الانسان باليأس والإحباط ، خاصة بعد ان تسّرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي ان هناك توافقات بين الطرفين لكنها لم تصل لمرحلة الاتفاق ! وتعتبر جولة المفاوضات التي تحمل الرقم " 7 " بين الحكومة وقطاع الشمال من الجولات المهمة من الناحية السياسية والامنية بالنسبة للحكومة السودانية ، كما تعني الكثير بالنسبة لقطاع الشمال من حيث طبيعة المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد ، خاصة أن الحكومة قد فرضت مايشبه الامر الواقع على الحركات المسلحة ومن بينها قطاع الشمال من خلال الحسم الميداني القوى في كل المواقع التي تتمركز بها قواتها في جنوب كردفان ودارفور ! تعرضت هذه الحركات لعمليات لحصار وضغط عملياتي هائل أجبر قادتها علي الفرار الي خارج الإقليم نفسه ، ويتم النظر الي هذه الجولة من الزاوية التي تكشف مدى ضعف وتفتت هذه الحركات (قطاع الشمال ) وإستمرار قادتها اللعب علي (الششات الأجنبية ) تحت الطاولة فقط بدلاً عن المواجهة العسكرية والسياسية المباشرة للحكومة السودانية ! فقد ظلت الحركة الشعبية " قطاع الشمال " طوال الاعوام الماضية يستعيض عن فارق توازن القوى بينه والقوات الحكومية بالدعاية الاعلامية – كما ذكرنا – في اكثر من منبر ، وذلك من خلال توظيف القوة العسكرية الوهمية بإنتصارات غير حقيقية لصب – الزيت على النار – لدفع ألاف السكان والمواطنين في قراهم الآمنة لتركها والنزوح شمالاً ، ليتشردو ا في المدن الكبرى ، واحيانا تحتجزهم قوات قطاع الشمال في معسكرات لتوظيف اوضاعهم الانسانية من خلال التصوير التلفزيوني الدعائي وإظهار بانها تسيطر على ارض الواقع على زمام الامور ، وعادة يستخدم قطاع الشمال النزعة القبلية في خطابه بالتنسيق مع دوائر سياسية وإعلامية مناوئة للحكومة السودانية ، كما ظهر جلياً في معسكر ( إيدا ) الواقع بعد العمليات العسكرية الكبيرة التي خاضتها قوات الدعم السريع في منتصف ابريل الماضي بجنوب كردفان يؤكد ان هناك فراغاً كبيراً على مستوى الجغرافيا كان تغطيه وتتحايل عليه الدعاية الاعلامية الكاذبة لقطاع الشمال ، وظفتها عبر الاعلام المضاد للحكومة ! إنكشف الدعاية الاعلامية الكاذبة لقطاع الشمال في ولاية جنوب كردفان بنموزج " القدس 2 " التي ترابط هناك وهي تعبر عن إجماع وإتفاق ضمني على معالجة آثار الحرب طوال العشرين عاماً ونيف الماضية بأن يقاتل أبناء الجبال بأنفسهم ضد التمرد في المنطقة والزود عنها ، وهم يدركون تماماً ( فشل وكذب خطابه الاعلامي ) فكان التعبير عن ذلك جماعيا ، مما جعل سكان الولاية في حالة يقظة وإنتباه لقواتهم وقدرتهم الذاتية في رد إعتبارهم لقيمة السلام الاجتماعي الذي بددته الحركة الشعبية التي إتضح جليا ان قطاعها لا يمثل أبناء الولاية ! وبالعودة الى سيناريو " ريدسون " فتظل الاخبار تتساقط هناك وهناك ، لا نعلم إن كانت ستستأنف المفاوضات بالفعل ام تتجدد الحرب ويفني ألاف الاشخاص . لكن !! التسريبات تقول ان هناك ثلاثة اسباب أجلت التوقيع على الاتفاق ، الاول يتعلق برفض الحكومة الاعتراف بكل من الجبهة الثورية ومجموعة باريس ، ولان الاتفاق اذا لم يتضمنهما فإن موقف الحركة سيصبح – جباناً – امام حلفائها الذين يحاصرونهم من كل اتجاه بموقع المفاوضات ، اما إذا – تعنت – على وجودهما ( الجبهة الثورية ومجموعة باريس ) فإن الاتفاق سيكون على كف عفريت او ينسف تماماً ، لان الحكومة السودانية لن توافق عليهما ، وبذلك نعتقد ان المفاوضات في ورطة كبيرة . اما العقبة الثانية فتتعلق بالتوترات داخل الجبهة الثورية ، فقطاع دارفور لا يرغب في التوقيع لانه يعتبره إضعاف للموقف التفاوضي التي ستنعقد يوم 22 من هذا الشهر بأديس ابابا ، فهذا الامر يدخل الحركة الشعبية في – خرم إبرة – فإذا وقعت فانها سوف تخاطر بتشتيت الثورية ، وإذا لم توقع فإن الحكومة والوسطاء لن ينتظرونها ، لذلك تحاول الحركة بقدر المستطاع ان تجد حلاً مناسبا يحفظ ماء وجهها حتى ولو كلفها الدفع بمزيد من التنازلات .
|
|
|
|
|
|