|
الحزبوسلامي بين الحرص على استغلال المناخ الديمقراطي، والانشداد إلى تأبيد الاستبداد.3 بقلم محمد الحن
|
محمد الحنفي
mailto:[email protected]@gmail.com
إلى
كل من تحرر من أدلجة الدين.
كل من ضحى من أجل أن تصير أدلجة الدين في ذمة التاريخ.
الشهيد عمر بنجلون الذي قاوم أدلجة الدين حتى الاستشهاد.
العاملين على مقاومة أدلجة الدين على نهج الشهيد عمر بنجلون.
من أجل مجتمع متحرر من أدلجة الدين.
من أجل أن يكون الدين لله والوطن للجميع.
محمد الحنفي
مفهوم الحزب ومفهوم الحزبوسلامي:.....2
وهذا المفهوم المركز في الفقرة السابقة، يقتضي منا أن نميز بين ثلاث مستويات:
المستوى الأول: مساندة السلطة على تحقيق اهدافها المرسومة، وخاصة منها دعم، وحماية المصالح الطبقية المتعلقة بالطبقة، أو بالتحالف الطبقي، الذي تمثله تلك الأحزاب.
المستوى الثاني: مستوى المساندة النقدية الهادفة إلى اصلاح السلطة القائمة، من قبل الاحزاب الممثلة للطبقة التي تقوم تلك السلطة بخدمة بعض مصالحها، ولكنها لا ترقى إلى حماية كل المصالح، ولا تسعى إلى تحقيق كل الأهداف المرسومة على جميع المستويات.
المستوى الثالث: هو مستوى العمل من أجل التغيير الجذري للسلطة القائمة، وإقامة سلطة بديلة مكانها، تخدم المصالح الطبقية للطبقة، أو للتحالف الطبقي الذي تمثله الأحزاب الساعية إلى التغيير الجذري للسلطة القائمة، كمدخل للتغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، لصالح الطبقة، أو التحالف الطبقي المحروم من التمتع بالخيرات المادية، والمعنوية للمجتمع.
وهذه المستويات الثلاثة، تعتبر عوامل مساعدة لإدراك مفهوم الحزب، الذي لا يوجد إلا في علاقته بالإيديولوجية، وبالطبقة التي تعبر عن مصالحها.
وهذا المفهوم يكون واضحا أكثر في المجتمعات التي يكون الفرز الطبقي واضحا فيها، حيث تتوفر إمكانية الوقوف على الطبقات الاجتماعية المختلفة، فتتبلور بسبب ذلك:
1) الأحزاب الإقطاعية، أو شبه الإقطاعية، أو الموظفة للدين الإسلامي، لخدمة مصلحة طبقية معينة باسم الدين الإسلامي.
2) الأحزاب البورجوازية التابعة، التي لا تقيم قطيعة مع إيديولوجية الإقطاع، وتقتنع بدون شروط بالإيديولوجية البورجوازية الغربية، كما هي، دون العمل على ملاءمتها مع الواقع الذي توجد فيه البورجوازية التابعة.
3) أحزاب البورجوازية، إن وجدت هذه البورجوازية، التي تحسم مع الإقطاع، ومع التبعية للغرب، وجعل مصالحها متحررة من مختلف الارتباطات المشبوهة.
4) الأحزاب البورجوازية الصغرى، بأيديولوجيتها التلفيقية / التوفيقية، المعبر عن وسطيتها؛ لأنه لا إيديولوجية لها.
5) أحزاب الطبقة العاملة المستندة إيديولوجيتها إلى الاقتناع بالاشتراكية العلمية، المعبرة عن مصلحة الطبقة العاملة بصفة خاصة، ومصلحة باقي المأجورين، ومجموع أفراد الشعب الكادح، في امتلاك الوعي الطبقي الحقيقي بصفة عامة.
أما عندما يكون هذا الفرز غير واضح، فإنه يصعب أن تعبر الأحزاب عن الطبقات الاجتماعية القائمة. وهو ما يمكن أن نفسر به:
لماذا تلك الهجرة، والهجرة المضادة بين الأحزاب؟
ولماذا نجد مثلا انتماء الكادحين إلى حزب إقطاعي أو بورجوازي، وليس العكس؟
ولماذا قبول التزوير في الانتخابات المختلفة؟
لأن غياب الفرز الطبقي يترتب عنه غياب الوضوح الإيديولوجي، الذي يحل محله التضليل الذي اعتبره الشهيد عمر بنجلون أشد أنواع القمع.
ومما يساعد على توفير شروط الفرز الطبقي الطبيعي المصحوب بالوضوح الإيديولوجي، قيام النظام الديمقراطي الحقيقي الذي تتاح فيه الفرصة للنمو السليم للاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، ويتوفر فيه التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وهو ما يساعد على التفاعل بين التوجهات الاقتصادية الكبرى، وبين الأفكار، والإيديولوجيات المختلفة، ليكون بذلك التمييز بين الطبقات، والإيديولوجيات واضحا، وتكون الأحزاب معبرة فعلا عن الطبقات الاجتماعية، وحاملة لأيديولوجيتها، ومجسدة لمواقفها السياسية.
وعلى خلاف النظام الديمقراطي، فإن النظام الاستبدادي يوجه كل شيء لمصلحة الطبقة، أو الجهة المستبدة، فيختلط الأمر على الطبقات الاجتماعية، التي تفتقد الوضوح الإيديولوجي، ويصبح كل شيء بالنسبة إليها موجها، ومسخرا في نفس الوقت، لخدمة المستبد الذي يؤمم المجتمع. وبالتالي فإن السماح بقيام الأحزاب يسير في هذا الاتجاه، ولا يسمح إلا بقيام الأحزاب التي تسخر المجتمع لصالح الجهة الممارسة للاستبداد. ولذلك فالوضوح الطبقي يكون غير وارد، والإيديولوجيات تختفي أمام إيديولوجية المستبد، والأحزاب لا تعبر أبدا عن الطبقات الاجتماعية، ولا تحمل إيديولوجيتها، ولا تجسد مواقفها السياسية.
وفيما يخص النظام التابع الذي يكون ظاهره الديمقراطية، وباطنه الاستبداد الموجه لكل شيء في المجتمع، فإن الطبقات الاجتماعية تتأرجح بين الوضوح، وعدمه، والإيديولوجيات تحاول أن تكون واضحة حسب رغبة المسؤولين، الذين يتصرفون وفق تعليمات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ويبنون إستراتيجيتهم على تلك التعليمات، ويتحولون من جهتهم إلى مصدر للتعليمات التي تحل، في معظم الأحيان، محل القوانين التي تصاغ بدورها، انطلاقا من حاجة المجتمع، حتى تتلاءم القوانين مع التحولات التي يعرفها في جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
وفي ظل النظام الرأسمالي التابع، تكون التعليمات وراء تأسيس مجموعة من الأحزاب التي يمكن تسميتها بالأحزاب الإدارية، وتدخل الدولة مباشرة في مواجهة الأحزاب المعبرة، فعلا، عن الفرز الطبقي، والوضوح الإيديولوجي.
أما النظام الإقطاعي، وشبه الإقطاعي، فلا يمكن الحديث فيه عن وجود فرز طبقي، أو وضوح إيديولوجي؛ لأن الطبيعة الإقطاعية، أو شبه الإقطاعية، تعتبر نفسها هي مصدر كل شيء، ومالكة للأرض، ومن عليها. وبالتالي فإن إمكانية بروز أحزاب بناء على الفرز الطبقي، والوضوح الإيديولوجي، تكون غير واردة.
وعلى النقيض منه، فإن النظام الرأسمالي / الليبرالي يكون نتيجة للفرز الطبقي، ويسمح بالوضوح الإيديولوجي. وتكون فيه الأحزاب القائمة معبرة، فعلا، عن الطبقات الاجتماعية. إلا أن الإمكانيات الضخمة التي تتوفر عليها، تعمل على جعل إيديولوجيتها هي السائدة، مما يحول دون سيادة باقي الإيديولوجيات التي تتراجع إلى الوراء.
وبالنسبة للنظام الاشتراكي، فإن المفروض فيه، وانطلاقا من حقيقته، فإنه يكون أكثر ديمقراطية من غيره من النظم القائمة، والتي تدعي أنها ديمقراطية. والوضوح الطبقي يكون أكثر بروزا فيه، والإيديولوجيات المختلة، والمعبرة عن الطبقات الاجتماعية تكون واضحة. وبالتالي، فإن الحزبية الحقيقية التي يضمنها النظام الاشتراكي، تضمن سيادة الإيديولوجيات المعبرة عن مصالح غالبية الكادحين، بينما تنحسر الإيديولوجيات الإقطاعية، والبورجوازية الصغرى، نظرا للحوار الذي يكون مضمونا في أنسجة المجتمع، لضمان استمرار النظام الاشتراكي، وحمايته من الانهيار. تلك الحماية التي لا تكون إلا بالحرص على سيادة الممارسة الديمقراطية بمضمونها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.
وبذلك نكون قد تناولنا مختلف الجوانب المساهمة في توضيح مفهوم الحزب، والأسس التي يقوم عليها، وعلاقة هذا المفهوم بالتشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، وبالوضوح الطبقي، والإيديولوجي، وبالأنظمة السياسية القائمة.
|
|
|
|
|
|