الحرامي يدخل البيت ويكون عاوز قروش أو دهب، وإن لم يجد ما يتمناه، يشيل الحاجة اللي قدامو ــ الساهلة يعني ـــ لكن الضيف قد يتشهى، ويدخِّلك في أظافرك. ممكن يكون عِندك شاي سادة، يقوم يقول ليك عاوِز شاي لبن، فتضطر تمرُق تجيب لبن من الدُّكان، أو تقول ليهو أصبر دقايق، لحدي ما يجي لبن الكوراك. ممكن يكون عندك جَبنة ــ قهوة يعني ــ فيقول ليك، والله أنا عِندي ضغط.. وفي الحال الواقِف دا، حيث أن كيس العدس بلغ العشرة جنيهات، فان الضيف، العندو حرقان، سيضطرك تشوف ليهو بديل لِفتّة العدس. حرامي الحيطة، لا يكلفك كثير عناء.. هو زائر خفيف الظل، سريع النهمة، يشيل الحاجة القِدامو، أو (يرنِّق) على حاجة أصلاً موجودة، وفي دا، ما اختلفنا، طالما الشي موجود، واتلفح، وانتهينا.الحرامي يسرق جيبك، حقيبتك، ساعتك، هاتفك.. أما اللص السياسي فيسرق مستقبلك، أحلامك، عملك، تعليمك، صحتك، قوتك، بسمتك.أخطر من كل ذلك أنه يسرق السنوات، سنوات العمر الهِزار. الحرامي المحتاج، يتحين الفرص ويرضى بالقليل المُطرِّف. الحرامي العادي إيدو خفيفة وقلبو أخف، عندما يستشعر الخطر يكف عن ذلك.الحرامي يختارك، أما اللص السياسي فأنت من يعيش في كنفه.. الحرامي العادي تلاحقه الشرطة واللص السياسي وهنالك من يحرسه. اللِّص السياسي، عينو قوية، نهمٌ لا يشبع، يسرق الكافة، جلدو تخين، وربما يجد فيما يقوم به حماية للدين.. (يجب أن يكون لدى السياسي قدرة على التنبؤ بما سيحدث غداً أو الأسبوع المقبل، الشهر المقبل، والعام القادم.. يجب أن تكون لديه القدرة بعد ذلك، ليشرح للناس لماذا لم يحدث ذلك.. السياسيون هم الأشخاص الذين عندما يرون الضوء في نهاية النفق، يقومون بشراء المزيد من الانفاق).هؤلاء هم السياسيون، فأين اللصوص؟جماعة من الحرامية، بعد ما سرقوا العزّابة، وهم طالعين من الغرفة لقوا واحد منهم عامِل نايم في الصالون.. طوالي مشوا عليهو وجضّموهو. قالوا ليهو: شوف يا ابن العم، نحن صحّيناك مخصوص، عشان بكرة ما تعمل لي ضُبّان ضكر وتقول، لو كنت صاحِي كان كسرت الحرامي حتة حتة.. صحّيناك عشان ما تقول إنّنا غفّلناكم وسرقناكم.ويحكى أن لصاً تسوّر بيت العزّابة – وهذه قصة مشهورة في الخرطوم – فوجد العزّابة بسلامتهم منجبدين في السراير، ضاربين النوم في قلب الحوش. راح داخِل جوّا البيت وقام بتعفيش وتستيف ممتلكاتهم ومدّخراتهم، وعندما خرج من الدار شايِل البُقجة، نظر وبسر، ثم أدبر يسعى، عندما وجد السراير خاوية من سكّانها.. عندئذٍ لم يجد بُداً من الكواريك: عووك يا ناس البوليس ألحقوني!خلاصة النظرية: هناك أفضلية لحرامي القلوب، على حرامي التحلُّل، ولعلكم توافقونني الرأي، أن زيارة الحرامي لبيوتكم العامِرة، أفضل ستين مرّة، من زيارة ضيف مًباغِت، في هذا الظرف السوداني الاستثنائي العجيب.!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة