|
الجيش السوداني ونكاح الحمير.. في عهد المشير البشير../خليل محمد سليمان
|
(ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء) بدأت بالحديث الشريف لأني اريد ان اعرض ما تعرض له الجيش السوداني من تدمير ممنهج وإساءة متعمدة لكسر إرادته، وبذلك تنكسر إرادة الأمة بكاملها، لأن الجيش هو مصدر الحماية وإلإلهام للأمم في معاني السيادة والعزة والشموخ، فما اسرده حقاً ما لم استطيع كتمه وفي الصدر غصة وألم وليس فحشاً او بذاءة. في منتصف تسعينيات القرن الماضي، شهدت بأم عيني كيف يتم ترقية الضباط في متحرك بالنيل الأزرق بقيادة العميد ابوفاطمة، رئيس قسم العمليات بجهاز الأمن، والمتوفي في حادث طائرة ابراهيم شمس الدين، وكنت مع عدد ثلاث ضباط، كنا في قيادة وحدة من الجيش تابعة للفرقة الرابعة مشاه، بالمشاركة مع وحدتين من المجاهدين (السائحون، يتبعون لجهاز الامن والمستبشرون يتبعون للمجاهدين الدبابين) وجميع ضباط الوحدتين يتم ترشيحهم من قبل قادتهم الامراء، ثم يقوم العميد ابوفاطمة تسليمهم العلامات حسب إحتياجهم للرتب من رتبة الرائد فما دون، وعرضنا في مقال سابق لهذا المتحرك الذي لم تكن له اي مهمة سوى سياحة جهادية لشيوخ الفجر والضلال المهندس الصافي جعفر والاستاذ احمد ابراهيم الطاهر. تم نقلي لوحدة اخري تتبع للجيش السوداني بنسبة مائة بالمائة، وهي منفتحة علي منطقة حدودية، ويوجد تقرير طبي من اعلى هيئة طبية في الجيش (المجلس الطبي) بعدم بقاء الافراد في هذه المنطقة اكثر من ثمانية عشر شهراً، بحد اقصي لتفشي امراض الصدر والعيون وفوق ذلك لا يوجد اي مواطن بهذه المنطقة وقساوتها علي الافراد. تجاوزنا الحد المسموح حسب التقرير الطبي بستة اشهر وبعدها بدأنا في مخاطبة القيادة بضرورة تغيير الوحدة ونقلها من هذه المنطقة، وأخيراً جاء السيد مدير فرع العمليات بالقيادة العامة، في زيارة وشرحنا لة حال الافراد ووقف بنفسه علي حالتهم فوعدنا بأنه سيحل هذه المشكلة في غضون سبعة ايام. ماذا فعل السيد مدير فرع العمليات..؟ بعد إسبوع هبطت طائرة الهيركليس الوحيدة التي تبقت في الخدمة حتي تاريخ وصولها لنا من اسطول مكون من خمسة طائرات امريكية الصنع، والسودان اول دولة في المنطقة تمتلك هذا النوع من الطائرات،في الثمانينيات من القرن الماضي، ووقفنا نترقب الطائرة التي تحمل الأمل لعشرات الافراد الذين ساءت حالتهم الصحية والنفسية لدرجة ان اكثر من نصفهم ليست لديه الكفاءة لأداء ابسط الخدمات، وبعد ان طفيت محركات الهيركليس العملاقة الجاثمة علي ارض المطار الترابي الذي يبسط مدرجه الافراد بأيديهم وارجلهم، ليحمل لهم الخير والأمل ما داموا يرابطون ويدفعون الغالي والنفيس من اجل وطنهم وامتهم في حماية حدوده وامنه وسيادته، فإذا بنا نري فوج من الحمير ينزل من علي الطائرة وكان عدده ثلاثون (حمارة)...!!! نعم وبعد ان فقنا من هول الصدمة لم نجد من بين الحمير حماراً واحد (ضكر)، ومضمون المنفستو الخاص بالشحنة والخطاب المرقف يفيد بأنها لتعين الافراد في نقل الماء والإحتياجات في النقل، ومن دهشتنا اننا لم نطلب ذلك ولم تكن لدينا اي حوجة لحمار واحد، لأننا لا نملك حتي تعينات، وتسائلنا عن مقصد القيادة، ولكن بمرور الايام وجدنا الإجابة بيان بالعمل....!!! ولم نمكث كثيراً وبعد جوع استمر لأكثر من ثلاثة اشهر وحصار لم يكن للفرد حصة من طعام سوى كوب واحد في اليوم من (مديدة الفتريتة)، حتي انسحبت القوة بكاملها ومات اكثر من نصفها في الغابات والخيران الجارفة. إذا كان البشير دليل جيش فهم ماتوا بعد ان وصل الحمير... خليل محمد سليمان
|
|
|
|
|
|