|
الجسور تبكي بدموع السراب! هاشم كرار
|
الجسور تبكي بدموع السراب! هاشم كرار
صالات المغادرة.. صالات الاستقبال.. مجطات القطارات، دنيا من المشاعر المتباينة. أحيانا، أذهب إلى هذه الامكنة، لا مستقبلا، ولا مودعا. التلصص إلى مشاعر البشر، ليس جريمة يعاقبُ عليها القانون. أتلصصُ.. لكن بشرف.. وفي مثل هذا التلصص، مشايلة إنسانية: إنني أشيل مع الباكي، في لحظة وداع، شيئا من دموعه، ونهنهات قلبه.. وأشيل مع الذي يكاد يطير فرحا، بلقاء حبيب، شيئا من فرحه، وأطير. للحزن، فيروس.. والفرح- كما التثاؤب- يُعدي، والإنسان- هذا الكائن الذي تتوزّعه جملة مشاعر- محتاج في كثير من الاحايين، للعدوتين معا، ليختبر مشاعره إزاء مشاعر الآخرين! 2 المحطة- أى محطة- مكانك سر، والقطار من محطة إلى محطة. قالت له: خذني معك.. يتعبني انتظارك، في ذات المكان.. في ذات الزمان.. أريدُ أن أرى العالم- مثلك- في محطات أخرى، وأزمنة أخرى! قال مستحيل.. إنني أكره أن أقتطع من مشاويري،، مشوارا! قالت له حانقة: إذهب، عليك لعنة السكة الواحدة، إلى يوم أن يبح صوتك، ويفارقك الأزيز! صفّر، ولم يلوح لها ( باى.. باى) ولم تسقط منها دمعة! 3 للمكان روح، لكن الروح- أي روح- تهفو باستمرار، إلى الإنطلاق. روح الزمان، ليست كروح المكان. إنها في انطلاقتها، في كل وحدة زمنية، من حال إلى حال! روح المكان، رتيبة.. وروح الزمان، وثابة.. متجددة، من مفاجأة إلى مفاجأة.. وما طعم الدنيا ياصاح، لولا هذه المفاجآت، التي تفاجئك.. لولا هذا الزمن الذي تحتشد فيه كل ثانية، وثالثة بما يجعل القلب يدق بعنف.. أو يدخل في نوبة، او يخرس نهائيا! 4 إعطني الناى، وغني! لا، بل غني أنت، واترك الناى- كما هو- لي! إعطني... قلت لك ،أنت غني إعطني.. قلتُ... وهكذا ياصحاب، بمثل هذه ( المجابدة) الكلامية، تضيعُ الأغنية- بين أي إثنين- ويضربُ الناى كفا بكف، ويروح يختزن في جوفه الحنين من جديد، لأغنية! 5 كل موجة، عابرة، تقولُ –للمرة الاولى والأخيرة- للجسر، وداعا. الجسر، كائن، لا يملك إلا أن يستقبل المودعين.. الجسور، من فرط إدمانها للوداع، لم يعد في عيونها نقطة ما. الجسور تبكي بدموع السراب! 6 " فإنك كالليل الذي هو مدركي، وإن خلتُ أن المنتأى عنك واسعُ" هكذا أشعر، أحد الشعراء الجاهليين. لو كان، في خطابه، يعني الحبيب، فما أبشع التشبيه.. وما أكثر ظلمه، وظلامه! 7 غنى المغني السوداني: إنت الصباح الضاحك، وإنت الغروب الباهي.. إنت المياه العذبة، وإنت النسيم الصافي!" دا الشُغل،ياصحاب.. دا الشغل.. ولا أسكت الله لمغنينا، حنجرة!
|
|
|
|
|
|