للقانون العام الإنجليزى مبادئ وحِكم إرشادية عظيمة لا يمكن التعامل مع مسألتى الحق والعدل بدون الإيمان بها وتقمّصها والإستدلال بمضامِينِها، ويحضرنى منها الحِكمة الشهيرة(Maxim) "He who comes to equity, should come with clean hands" ويمكن ترجمتها إلى العربية "مع الكرَاهَة" إلى "يجب على الذى يأتى إلى الإنصاف، أن يأتى بأيادى نظيفة." ووجه الإستدلال بها هنا أن الذى يريد بناء تحالف تأريخى بمهام عظيمة مثل تحالف الجبهة الثورية السودانية أن يتخيّر أسلحة وأدوات ناضجة وسليمة تمكنها من اداءِ مهامها، وليس هناك سلاح أو أداة أهم للجبهة الثورية السودانية من آلية مناسبة وفعّالة لاتخاذِ القرار داخل أجهزتها. وأن آلية توافق الآراء، الآلية اليتيمة، الواردة فى نظامها الأساسى لسنة 2012م فى الفصلِ الرابع، المادة (13) هى آلية مُكبِّلة لإتخاذِ أى قرار داخل تحالف الجبهة الثورية السودانية، وهى بالتالى قاتِلة وغير ملائمة ودونكم الأدلة على ذلك: • المرة الأولى التى أستُخدِم فيها توافق الآراء كآلية لاتخاذ القرار، فى المنظورِ القريب، كان داخل مجلس الأمن للأعضاء الخمسة دائمى العضوية. والسبب لا يخرج من إحتمالين: الأول، أن دول الحلفاء الخمسة الكبرى التى انتصرت فى الحرب العالمية الثانية ثم فرضت نفسها راعية للسلم والأمن الدوليين، ودخلت مجلس الأمن بعضوية دائمة، كانت متّفِقة على أنها متساوية فى الحقوق والواجبات، وبالتالى فلا يجوز أن تتفق مجموعة منها على صيغةِ تدبير أو قرار أو أمرٍ ما داخل مجلس الأمن ليصير ملزماً للدول الأخرى التى لم توافق على النشاطِ المعنى، وبالتالى لم "تتوافق"، مع الأغلبية فى ذلك التدبير أو القرار أو الأمر. فأمَّا ان تتوافق الدول الخمسة دائمة العضوية فى مجلس الأمن أو لا قرار يصدر بإرادة الأغلبية دون الآخرين، وهى غاية ومعنى آلية توافق الآراء. والثانى: أن مفهوم الديمقراطية التى أفرزت آلية إصدار القرارات داخل أى مجموعة بالأغلبية ليس مفهوماً مُعترَفاً به لدى جميع دول الحلفاء الذين صاروا أعضاء دائمين فى مجلس الأمن بالأمم المتحدة.. فالذى جمع بينهم هى شراكة الغنِيمة بعد الانتصار فى الحرب وما يليه من شراكةٍ على "الشيوع" لحُكمِ العالم، وإقتسام ثرواته والإنفراد بتقرير مصيره إلى حين إشعارٍ آخر. أمَّا من حيث الفكر والعقيدة والرؤية إلى الأشياء، فينقسم الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن إلى مجموعتين: مجموعة تؤمن بالرأسمالية والسوق الحُرّ، وتتبنّى الديمقراطية كنظام حُكم، وتؤمن بحقوق الإنسان وتتيحها وتعزِّزها وتصونها، وتلتزم بالتداولِ السلمى للسلطة، وهى مجموعة مكونة من بريطانيا وفرنسا وأمريكا. والمجموعة الأخرى هى الدول الإشتراكية والشيوعية ولها تعريف آخر للديمقراطية، تُعرِّفها بأنَّها "دكتاتورية البروليتاريا" أى الطبقة العامِلة الكادِحة، وهى ضد الرأسمالية، وتؤمن بإحتكار الدولة لوسائل الانتاج، وتُكبِّل الحريات ما لم تتّسِق مع مفاهيم الإشتراكية، ومُكتسبات الشيوعية التى يقولُون أنَّها ستتحقّق عند إفناءِ الرأسمالية، ولكن هيهات!. ومن أوَّلِ ما أختلف فيه المجموعتين داخل مجلس الأمن، ثمًّ إنتقلوا به إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى بداية العمل التشريعى الجاد للمنظومة الدولية كان عند تفصيل الإعلان العالمى لحُقوقِ الإنسان 1948م الذى صدر مُعَمَّمَاً. ولمّا جاء وقت تفصيله داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنَّت المجموعة الرأسمالية بقيادة (برطانيا، امريكا، فرنسا) العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية (International Covenant on Civil and Political Rights 1966) بينما تبنًّتِ الدول الإشتراكية والشيوعية عهداً آخر، هو العهد الدولى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية (International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights 1966)، والعهدان صدَرَا بمُوجِبِ قرارٍ وآحد صدَرَ من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16 ديسمبر 1966م. وهذا يكشف بجلاء جدوى وصلاح ومجال تطبيق توافق الآراء كآلية (مستحيلة) لإتخاذِ القرار. أمّا الأفارقة فلم يعجبهم هذا ولا ذاك، فأنتصروا لخصُوصِيَّاتِ إفريقيا فطوَّرُوا مفاهيم وقِيم مدرسة "الأفريقانية" فى أمرين: 1. طوَّرُوا ميثاق أفريقى للحقوق بخصوصِيَّاتٍ ونكْهَاتٍ إفريقية ولمْ يحذُوا حذو الغرب أو الشرق، لكنَّهم أكدّوا على خصوصيةِ إفريقيا وذلك بإدرَاجِ "حقوق الشعوب" فى الميثاقِ الإفريقى فضلاً عن حقوق الإنسان فجاء، الميثاق الإفريقى للحقوق بعنوان: الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب 1986م. ملحوظة مُهِمَّة:(صدر الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب فى بانجُول-غامبيا، بتاريخ 27 يونيو 1981م، ودخل الميثاق حيِّز التنفيذ بتاريخ 21 أكتوبر 1986م.) • متى وكيف دخلت آلية توافق الآراء فى الفقهِ الدستورى السودانى: جاءت هذه الآلية فى اتفاق السلام الشامل يناير 2005م وفى اضيقِ نِطاق، وتمّ تضمينه فى دستور السودان الانتقالى 2005م لإعْمَالِه عند مقتضى الحال، ولكنها لم تكن الآلية الوحيدة لاتخاذِ القرار فى دستور 2005م ولا فى الأجهزة التشريعية والتنفيذية التى نشأت بموجبه، ودُونكم نماذج من آليات اتخاذ القرار فى دستور 2005م: فى الباب الثالث، الفصل الثانى، المادة(51)(2):(تُتخذ القرارات فى رئاسة الجمهورية بروحِ المشاركة والزمالة للحفاظ على استقرار البلاد وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل.) وفى الفصل الثالث، المادة (66) فى أحكام خلو منصب رئيس الجمهورية يتولى مهامه مجلس رئاسى مكوَّن من رئيسِ البرلمان القومى ونائبىّ الرئيس. وردَت آلية إتخاذ القرار داخل هذا المجلس الرئاسى فى الفقرة (ج: يتَّخِذ المجلس الرئاسى قراراته بتوافقِ الآراء.) ويرجع هذا إلى أنَّ رئاسةِ الجمهورية تتكوَّن من طرفىِ اتفاق السلام الشامل، حزب المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية لتحرير السودان.. ويُلاحظ أنَّ هذه الآلية نادرةَ الوُرُودِ فى دستور 2005م وهذه إحدى الحالات التى وردَت فيها. فى الفصل الرابع من الدستور الذى يتناول أحكام مجلس الوزراء القومى إختلف آلية اتخاذ القرار تماماً، حيث جاءت الآلية فى المادةِ 70(4):(يكُونُ مجلس الوزراء القومى السلطة التنفيذية القومية فى الدولة وفقاً لنصوص هذا الدستور والقانون ويجيز قراراته بتوافُقِ الآراءِ أو بالأغلبية البسيطة.) وهنا جاءت الآلية بخيارين لأنَّ مجلس الوزراء القومى يتكون من مكونات أخرى خلاف طرفى اتفاق السلام الشامل 2005م. ووفقاً للمادة (80) من الدستور حول تخصيص مقاعد حكومة الوُحدةِ الوطنية (سبعين فى المائة للشمال وثلاثين فى المائة للجنوب).. وضمن هذه النِسِب يدخل حزب المؤتمر الوطنى بنسبة كبيرة وكذلك الحركة الشعبية، وتُمثّل القوى السياسية الشمالية الأخرى بأربعةِ عشر بالمائة، كما تُمثّل القوى الجنوبية الأخرى بستَّةِ بالمائة، وبالتالى فآلية توافق الآراء الخاصة بالأجهزة التى يتشاركها طرفى الاتفاق لا تصلُح فى مجلسِ الوزراء القومى المُتعدِّدِ المكونات كما جاء فى المادةِ (80) أعلاه. و"توافق الآراء أو بالأغلبية" هى ذات الآلية التى إقترحتها اللجنة القانونية للجبهة الثورية السودانية فى مُسوَّدةِ النظام الأساسى ولكِنَّ المجلس القيادِى للجبهة الثورية قام بحذفِ آلية (الأغلبية) وأبْقَت على آليةِ (توافُقِ الآراء) كآلية وَحِيِّدَة. وفى البابِ الرابع، الهيئة التشريعية القومية وردَت آلية جديدة لاتخاذِ القرار فى الفصل الأول حول سقوطِ العضوية، وذلك فى المادةِ 87(1)(و):(الإعفاء بموجب قرار يصدره المجلس التشريعى الولائى المعنى بأغلبية ثلثى أعضائه فى حالة الممثلين فى مجلس الولايات.) وفى المادة 91 (4) حول فى اختصاص مجلس الولايات وردَت أغلبية مُهِمَّة هى (ثلثى الأعضاء) فى ابتدار التشريعات ثُمَّ المصادقة على تعيينِ قضاة المحكمة العليا فى الفقرات (أ) و(ج) على التوالِى: (أ. ابتدار التشريعات حول نظام الحكم اللامركزى أو أى مسائل أخرى ذات مصلحة للولايات، على أن يتطلب إقرار هذه التشريعات أغلبية ثلثى جميع الممثلين). وتُسَمَّى فى الفقهِ الدستور بالأغلبية العُظمَى. (ج. المصادقة بأغلبية ثلثى جميع الممثلين على تعيينِ قُضاةِ المحكمة الدستورية.) وفى مصادقة رئيس الجمهورية على القوانين وردَت آليتها فى المادة 108 (3: يصبح المشروع قانوناً مُبرماً إذا أجازته الهيئة التشريعية القومية مرَّة أخرى بأغلبية ثلثى جميع الأعضاء والممثلين فى المجلسين، وفى هذه الحالة لا تكون موافقة رئيس الجمهورية لآزِمة لنفَاذِ القانون.) كما وردت آلية أخرى فى تعيين رئيس المحكمة الدستورية وخلو منصبه فى المادة 120 (3: لا يُعزل رئيس المحكمة الدستورية من منصبه إلا للعجز أو السلوك الذى لا يتناسب وموقعة، ولا يتم هذا هذا إلَا بقرار من رئيس الجمهورية يصادق عليه ثلثا الممثلين فى مجلسِ الولايات.) وهكذا وضحَ كيف أنَّ آليةَ اتخاذِ القرار داخل اجهزة أى تنظيم تتدَرَّج وتختلف وِفقَ مُقتَضَى الحال، من أغلبيةِ بسيطة (50%+1)، إلى أغلبية أكبر "عُظمَى" (الثلثين)، ثم يتدرج إلى أغلبيةِ أعلى وأكبر تُسَمَّى( الأغلبية المطلقة) وهى ثلاثةِ أرباع وأربعةِ أخماس. ويستمر أمر آلية اتخاذِ القرار هكذا إلى أنْ يبلغَ قِمَّتِه بأعادةِ الأمر إلى الشعب الذى انتخب هيئات التنظيم أو التحالف أو الدولة ليقرر فيه مباشرةً بنفسِهِ!، لأنّ حق اتخاذ القرار هو حق اصيل للشعب يفوضه لمناديِبِه (الُنوَّاب). ولذلك، فى القضايا الكبيرة والحسَّاسة التى تمُسّ سِيادة الدولة، ومصالِحها العُليا يُعَادُ الحقّ فى اتخاذِ القرار إلى الشعب ليمارسه أصالةً عبر إستفتاء شعبى عام. وهى بمثابة الديمقراطية المباشرة التى تُمارس فى بعضِ دُوَلِ العالم مثل سويسرا، وتِتَّسِمُ بقِمَّةِ الشرّعِية والمباشرَةَ حيثُ يُمارِسُ الشعب حقَّه بنفسِهِ مُباشرَةً، وليس عبر نواب أو منادِيب. • وهكذا تجِدُونَ انَّ الجبهةَ الثورية السودانية قد حصرت نفسها فى إطارٍ ضيِّق جدَّاً، وغير عملى وغير ديمقراطى بإتخاذها لآلية توافق الآراء مع العلم التام بأنها آلية لا تُنَاسبها ولا كانت مضطرّة إلى اتباعها. ولكنَّهم كانوا يدّعُونَ أنّهم يتّبِعُونَ اتفاق السلام الشامِل 2005م ولو قادَهم إلى جُحْرِ ضَبِّ أجْرَب. هذا وقد أوضحنا أصلَها ومصدرها فهى آلية تصلُح لمُكوِّناتٍ مُختلِفة ومُتبايِنة فِكرَاً ورُؤيَة وعقِيدَة وأهدَافاً. بينما مكونات الجبهة الثورية الأساسية هى حركات كفاح مسلح قامت فى هوامش السودان وتؤمِنُ بفِكرٍ وآحِد ورؤية وبرنامج مُوَحَّد قائِم على الحُرِّية والديمقراطية والعدالة، والتبادل السِلمى للسلطة، والحُكم الرشيد. فما كانَ حاجتها لتبنِّى آلية نشأت لتَحكُم بين مكوناتٍ مُتنَافِرة فِكرَاً، ومتشَاكِسَة عقِيدَةً وبرنَامَجَاً ؟. • إنَّ الإختلافَ والتشَاكُسَ الذى إتَّسَمَت به مكونات الجبهة الثورية كان صُورِياً ومُفتَعَلاً، منْبَعهُ الأنانية وتفْخِيم الذات وتَضَخُمِ الأنَا لدى قادة مُكوِّنَاته، وليس إختلافاً حقيقياً ذو جُذور. وأنَّ بعضَ مكوِّنَاتها إسْتَمْرأوُا الخِلافَ والتشاكُس إستغْلَالاً لهذه الآليِّةِ الوحِيِّدَة التى لا تستطيع أنَّ تتجاوَزَ أىِّ مُكَوِّن من مكوناتِها مهْمَا ضعفَ حُجَّتهُ وبَهُتَ دليله، فلا مناصَّ من إستصحَابهِ وإنتظار رضاه كأمِّ العروس حتّى يرضى ليحدث التوافق، ولكنهم أنّى يرضون.. فتوَلَّدَ مناخ وَخِيم وطارِد على ما سبقَ تِبيَانَه، وتوَلَّدت التحالُفات، مع وضِد فِلان وعَلَّان، وشَيْطًان. • وأعتقِدُ أنَّ الذى دفع قادة الحركات المسلحة المكونة للجبهة الثورية إلى هذا التمتْرُسِ وعدم الوِئَام والتجانس هو شعور داخلى لمُعظمِهم إنْ لمْ يكُن جُلّهم، انَّ الحكومة فى الخرطوم ساقِطَة لامَحَالة، وأنَّ الجبهةَ الثورية هى أقوى"مَطِيَّة"تحمِلُ رُكّابِها إلى صدارةِ كراسى الحُكم، وأنَّ الذى يشغِل منصِب رئيس الجبهة الثورية السودانية هو المُرَشَّح الأول المُحتَمَل لرئاسة السودان فى الفترةِ الانتقالية. صوَّرت لهم عُقولهم هذه الأحلام المُستحَقّة، وعزَّز لهم المُوالُون الطبّالون تلك التهَكُنات والفرضِيَّات، فطَفقَ كلّ منهم يحْلَمُ بالظفَرِ بدورةِ الرئاسة التى تحمِلُه إلى القصرِ الجمهورى رئيساً!، فتأجّجَ النُفور والتشاكس والتنافس الأعْمَى، بدلاً من التكاتُفِ والتعاضُدِ والتآلُفِ، وأنْ ينهضَ بذمّتِهِم أدْنَاهُم. وهكذا تكرَّستِ المواقف السالِبة إزاء تداوُل كُرسىِّ رئاسة الجبهة الثورية، خاصَّة من رُؤساءِ حركاتِ دارفور الذين ظلُّوا فى تلكِ الحال حتَّى كسَرُوا الإناءَ ودَلَقُوا ما بدَآخِلِه من شهدِ الأحلام الوَرْدِيِّة المُوْغِلةِ فى النرّجِسِيَّة. ثُمَّ أصبحَ الصُبحُ، فإذا بالجبهةِ الثورية القوِيَّةِ التى إلتَفَّ حوْلَها الشعب السودانى قد عَطّلُوها وأعْطَبُوها بأنَانِيِّتهِم. ولمَّا قفَلُوا عائدِينَ القهْقَرِى يلتمِسُونَ الرَوْحَ والريْحَان عند الحركات المسلحة التى يرأسُونَها وأوصَلتهم إلى نعيمِ الجبهة الثورة وَجَدُوهَا قد تَبرّكَنت تغلِى، ثُمّ ما فتِئَت أنْ قذفَتْهُم بحِمْمِ إحتجاجاتها على الإهمالِ، ومطَالِبِها بالإصلاحِ والترمِيم، وباقى القِصّة معلومة ونترك للقارئ إتمامِها حتى نلتقِى فى الجُزءِ القادم والأخير. وبالنتيجةِ فقَدَ قادة الحركات المكونة للجبهةِ الثورية كلَّ شىء، ضيعوا دآبتَهم التى ستَقِلّهم إلى كُرسِّى الحُكمِ بأنانيتهم، وسوء نواياهم وشتاتِ قُلوبِهم. ثُمَّ خسِرُوا الحركات المسلحة التى حملتهم إلى الجبهةِ الثورية، وهو المركِب الذى لو احْسَنُوا قيادته ورعايته وصونه لحَمَلَهُم مثل سفينة سيدِنا نوحٍ ورَسَتْ بهم على "جُوْدِى" الحُكمِ قُبَالةِ القصرِ الجمهورى على شاطئ النيلِ الأزرق العاتى. ولتمكّنوا، رِمَاحاً مُجتَمِعين، من طردِ النظام وطُغمتِه الظالمِة الفاسِدة، ولجَلسُوا مع كلِّ عُشَّاقِ الحُريّةِ مكانَهُ. ولكن أنظر ما آل إليه حالهم صاروا كالبَرامِكة يشكون لطوبِ الأرضِ حالهم ومآلِهم، فمنهم من يطرق أبواب "الدوحة" للإلتحاقِ بوثيقَتِها الدائمة التى لا تنقضى! والتى رفضُوها بشِدَّة أيام عنفوانِ الجبهة الثورية، ومِنْهُم من لا يَلْوِى على شىءِ. فى جزء رابع وأخير نتناول (أعظم انجازات الجبهة الثورية وآثار انهيارها على الحركاتِ المسلحة.)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة