|
الجانب المظلم في تاريخ السياسة السودانية بقلم موسي أحمد محمد طمبل ( مورني)
|
المتتبع لسير الحكومات المتعاقبه في الدولة السودانية منذ خروج المستعمر في ينايرعام 1956 , يجد بـأن الذين يتداولون السلطة وإدارة شؤنها هم الذين كانوا يعملون تحت إمرة المستعمر .وقبل خروج المستعمر قام بتجهيزهم لتسليمهم امور البلاد بعد خروجه , والدليل علي ذالك خطاب مؤتمر الخريجين الذي كان يخاطب المستعمر الذي ورد فيها عبارة (خادمكم المطيع) . وهذا هي سلوك المستعمر الانجليزي وديدنه عند خروجه من أي بلد من بلدان العالم عند نيل أستقلالة نادرا ما يسلم مقاليد وإدارة شؤن البلاد لسكانة الأصليين بل يقوم بتدريب من سيحققون مصالحها في المستقبل , كما هو ماثل أمامنا. وقصدت بإستخدام عبارة ليسو بسكان البلد الأصلين لشواهد كثيرة في كل دول إفريقيا بصفه عامة وفي السودان بصفه خاصه,قاصدا به المجموعات التي تدعي العروبه ويقطنون في أفريقيا وينكرون إنتماءهم الأفريقي.
ونجد فكرة هؤلاء تتمركز فقط في كيفية نهب ثروات الوطن لملئ جيوبهم وبناء القصور, وأورثوا هذه الفكرة من المستعمر الذين كانوا يعملون تحت إدارتة وهم كانوا أوفياء ومخلصين ومطعين للمستعمر. ولذلك كان من البديهي جدا أن تسلم إدارة شؤن دولة السودان لهؤلاء بمعزل عن سكان السودان الأصلين, وهكذا تم إقصاء كل أبناء المناطق التي ينحدر من الجزور الأفريقية وتم تسليم إدارة شؤن الدولة السودانية للذين يقولون إنهم عرب أشراف, وفي نفس الوقت هم يحققون مصالح ومطامح القوة الأجنبية بعد خروجه من البلاد حتي يومنا هذا .
وأكبر كارثة تاريخية أحلت بالبلاد إي في الدولة السودانية كان بتاريخ 19 يناير1956 عندما فكر أبناء الوسط النيلي بضم السودان للمنظومة العربية إي ضمنا الي جامعة الدول العربية بقصد إبعاد السودان من إطار أفريقيا , ولكي يثبتوا عروبتهم . و بذاك التاريخ سالف الذكر قام مجلس الخماسي الأعلي حينها لإدارة شؤن البلاد وهم عبدالفتاح محمد المغربي , محمد احمد ياسين , احمد محمد صالح , محمد عثمان الدرديري وسرسيو إرو واني بإدراج إسم السودان في قائمة جامعة الدول العربية بعد تسعة أيام من الاستقلال وهذا كان عن قصد ونوايا سيئة , قصد منها عربنة الشعب كلها . وكان أنضمام السودان لجامعة الدول العربية إستثنائي وعند دخول السودان تلك المنظومة . وكان رئيس مصر السابق جمال عبدالناصر الذي ألح إلحاحا شديدا اذا لم تدرج السودان في منظومة جامعة الدول العربية مصر ستخرج منها , فرد علية ملك حسين ملك أردن أنذاك قائلا لة ما هم أحق بالعروبة فراعنة مصر أم زنوج السودان. وهذا يؤكد لنا شيئا واحدا إن الذين يدعون أنهم عرب هم ليسو عرب معترفون لدي العرب أنفسهم , لان أخوانهم العرب قالوا لهم زنوج فهذا فخر وإعتزاز لنا ونعتز بزنجيتنا وإفريقيتنا , وما العيب في ذلك!
إن ابناء الوسط النيلي عملوا بصورة متعمدا علي طمس الحقائق التاريخية وهم كانوا علي علم تام بأن أنسان السوداني الافريقي صاحب التاريخ و الحضارة ضاربة جزورها العالم , وكان من الأجدر لهؤلاء قبل ضم السودان للمنظومة العربية أن ينظرو ويبحثوا مكامن وجودنا ومدنا الطبيعي وهذا العزلة كان سببة عربنة العنصر الأفريفي وأسلامتة وطمس ومحو كل الحقائق التاريخية والتي تتمثل في ممالك وحضارة النوبية والاثيوبية القديمة والتي تمتد حسب البحث العلمي للأثارحديثا الي خمسة وعشرون ألف سنة في كل من شمال السودان النوبي وتورا بدارفور النوبي التي تثبت أن السودان أم الحضارة العالمية والأفريقية. وذكر لكلمة النوبي وهي يعني كلمة السودان معربا إي أصحاب البشرة السوداء وأثيوبيا أيضا يعني أصحاب البشرة المحروقة.
وفي فترة حكم نميري في السبعينيات والثمانينات الذي كان يطارد (كشه) أبناء دارفور ,جبال النوبة ,النيل الأزرق وجنوب السودان بالتحديد بسبب عدم حيازتهم البطاقات الشخصية والجنسية وهذا كان من باب التعالي العرقي والثقافي,ويزجهم في أستاد الخرطوم كالقطيع ومن تلك الممارسة والمعاملة الشنيعة مات العشرات منهم بالجوع والعطش والذين سلموا من الموت تم ترحيلهم الي أقاليمهم وخير مثال حي كنت مع الأستاذ الصحفي عزالدين عبدالرسول في النقاش في الكشات التي قام بة نظام نميري لأبناء الأقاليم المذكورة, فقال لي: إن هذا السلوك حدث لة عندما زار عاصمة بلادة الخرطوم وهو كان يعمل في أعمال البناء لكي يوفر مصاريفة الدراسية وعندما خرج من العمل متوجها الي منزلهم في بحري الشعبية وبرفقتة إثنين من أبناء الشمالية وعند وصولهم المحطة الوسطي ببحري أوقفهم أحد الضباط الذي كان يعمل في مجال (الكشات )وسألة الضابط :أنت من أبناء أي منطقة فأجابة: من عيال دارفور, رد لة الضابط مرة أخري : وين بطاقتك؟ وإستخرج عزالدين بطاقتة المدرسية المستخرجة من مدرسة زالنجي المتوسطة, ردد الضابط بسؤال أخروهي ما إسم مدرستك باللغة الأنجليزية فأجاب لة عزالدين: وإندهش عزالدين من أسئلة الضابط: فسأل عزالدين الضابط المسؤل لماذا لم تسألوا الأخرين الذين كانوا معي وجئنا سويا وهم كانا يدعان أسامة وأسامة من أبناء الشمال النيلي , فرد الضابط علي عزالدين واضعا يدة علي كتفه, فقال لة :أمشي الأمر أكبر من عقلك و الأمثلة من هذا القبيل كثيرة , وكانت هذا هراء بإبعاد أبناء الأقاليم من عاصمة بلادهم التي تم بناءه بسواعد اجدادهم . وعلمت متأخرا بأن الشيخ عبدالله حسن الترابي نصح الرئيس السابق جعفر نميري بأن أبناء تلك المناطق كانوا خطرا علي سلطته.
وفي الديمقراطية الثالثة عام 1986 رغم علاتة والقصور التي صاحبة, قدم احدي نواب دارفوربمقترح بضرورة ربط مدن دارفور الثلاثة بطرق معبدة وبعد سرد طويل موضحا معاناة أهل دارفور, وعندما أنتهي من حديثه داخل قاعة البرامان سرعان ما رد علية عمرنورالدائم من نواب حزب الأمة من دوائرالنيل الأبيض حيث قال: (هو بطالب بالزلط عشان شنو حيمشو فوقو غنم ولا حمير). ومن الواضح جليا أن نفوس هؤلاء مريضة ومسرطنة وهم لا يفكرون الا لانفسهم لا لغير ويجيدون فنون الإقصاء للأخرين, وهم حتي في بيوتهم يعلمون أبناءهم ألفاظ مسيئه وجارحة وأساءة العنصر الأفريقي, حتي أشكال النكات التي تقال عبر التلفزيون تصف أبناء الأصول الأفريقية بالغباء و أبناء الوسط النيلي بالدهاء والأمثلة كثيرة . وحال التميز مستمرة حتي اذا حدث أنقلاب عسكري وكان من يقود تلك الانقلاب من ابناء الاقاليم المزكورة وصفوة بالانقلاب العنصري وأذا كان من يقود تلك الأنقلاب من أبناء النيل أوصفوة بالانقلاب العسكري أو سياسي .
وعندما بلغ السيل الظبا كان لابد لابناء الأقاليم المنبوزون والذين يهمهم أمر وطنهم ,أرتفعت أصواتهم منادين بالأصلاحات العامة والحقيقية في كيفية أدارة شؤن الدولة السودانية لتمثل فية كل من محمد صالح وشمت وأدروب ونيون وكوكو وهرون وهري وادم , وسرعان ما تم وصفهم بالمتمردين أما الأخرين فهم معارضين .
وإن الحل الحقيقي الذي نعنية نحن تتمثل في علاج النفوس المريضة وأزالة كافة أشكال والرواسب السياسية السالبة التي أتلفتها الأنظمة الشمولية والعقائدية العشائرية الذين يتفقون وينطلقون علي أرضية واحدة علي وهي الفكر العروبي الأسلاموي التي عمل علي تشتيت الدولة السودانية وكرس في شعبه الجهوية والعنصرية القبلية , التي أكملها وأتمها نظام الأنقاذ وهو الأخر الذي عمل عليها بصورة ممنهج بفكرها الاسلامي العروبي العنصري والجهوي والذي أزاق الشعب السوداني أبشع أشكال العزاب , التي تتمثل في الابادة الجماعية والقتل والتشريد وأغتصاب والفصل التعسفي وتصفية السياسين في المعتقلات وبيوت الأشباح . ونموزج حكم نظام الانقاذ هو أسوة أنموزج أنتجتة السياسة السودانية في تاريخها .
فان الحل الذي نريده ونطالبه كشعب السوداني البسيطين هو الحل الذي يجعلنا جميعنا سودانين ولايحس فية الأخر أنه مواطن من الدرجة الثالثة ,بل نتساوي فيها جميعا دون تميز وأيقاف نظرة الآنا في حل قضايا الشعب السوداني وترك الممارسات السالبة والجوانب المظلمة , ونتفق في كيفية حكم الدولة السودانية وليس من يحكم السودان وتمثل فيها كل أبناء الوطن في أدارته , وبناء مؤسسات وطنية تستوعب كل أنسان السودان علي حسب الكفاءات العلمية, ويعكس التنوع العرقي والثقافي والديني الحقيقي . وطن تكون فصل الدين عن مؤسساتة واضحة وصريحة تحترم الأنسان ويحترم حقوق الأنسان التي نصت عليها كل الديانات السماوية والقوانين الدولية , ودولة نتساوي فيها الجميع في نيل الحقوق والواجبات .
وما سردته من احداث سالفة الذكر والسلوكيات السالبه التي مورست ضد الشعب السوداني ما هي الا سجلات تاريخية حدثت في تاريخ الدولة السودانية ولا بد من زكرها للأجيال القادمه لكي يتفادوا حدوثها في المستقبل وليضمنوا السلام والاستقرار لأنفسهم .
ونواصل
|
|
|
|
|
|