* في ذلك الوقت كانت كل الدنيا تعتقد أن الصدام بات وشيكاً بين جيوش صدام حسين وقوات التحالف العالمي التي تنادت لتحرير الكويت..ولكن كان هنالك جنرالان لا يشاركان العالم رؤيته.. أما أحدهما فهو المهيب صدام حسين رئيس العراق .. والجنرال الثاني كان أحد عسكر الإنقاذ الذين اشتغلوا بالسياسة.. في ذلك المساء كان تلفزيون السودان يسيطر على الساحة المحلية قبل أن تغزوها الجزيرة وإخواتها .. المهم وضع خبيرنا الوطني (الكاب) على المنضدة وأقسم لنا أن أمريكا لن تجروء على غزو العراق، لأن الحرب البرية صعبة، وإن خاضتها الجيوش العالمية فستمنى بهزيمة تاريخية.. صدقنا الرجل لأن رؤوسنا كانت مغلقة وقلوبنا غلفاء..ولكن حدث ما حدث. * قبل أيام كان الشيخ إبراهيم السنوسي أمين عام المؤتمر الشعبي يتحدث لوكالة (قدس برس).. تحدث الشيخ عن قناعة حزبه بالحوار الوطني الذي سيحقق التحول الديمقراطي المأمول ..لكن الذي شد انتباهي أن شيخ السنوسي أكد عدم وجود مقدمات لثورة شعبية تقود لإسقاط النظام، وقال: “نحن موجودون في الداخل، ونقرأ الاتجاهات العامة، ومع أننا لا نعلم الغيب، إلا أن القراءة الموضوعية تشير إلى عدم وجود مقدمات ثورة شعبية حقيقية “..وأضاف الشيخ السنوسي أنه لا يعلم على وجه اليقين انتهاء مداولات الحوار الوطني .. بل إنه حمل الحركات المسلحة مسؤولية إبطاء الحوار الجاري في قاعة الصداقة. * في البداية يتحمل الشيخ السنوسي وحزبه مسؤولية الاندفاع في الحوار الوطني المنقوص .. أغلب المراقبين نصحوا الحكومة وقتها أن تتمهل في استهلال الحوار حتى يكتمل النصاب الوطني بمشاركة الأحزاب المؤثرة والقوى الحاملة للسلاح، ولكن الحكومة ومن أمامها المؤتمر الشعبي كانت تصر على الحوار بمن حضر.. بعد أشهر يعود الرجل الأول في الشعبي ليحمل الحركات الغائبة مسؤولية تعثر حوار قاعة الصداقة. * لست معنيا بتقديرات المؤتمر الشعبي وتفاؤله بنجاح الحوار الوطني .. إلا أنني استغربت مِن استبعاد شيخ السنوسي لامكانية اندلاع ثورة شعبية، قال إن مقدماتها غير متوافرة .. الكل يعلم بما فيهم قادة الانقاذ أن بلدنا في منعطف خطير.. الرئيس البشير شخصياً أكد غير مرة أن الشعب السوداني صبر على حكم الانقاذ .. العين الفاحصة تستبصر أن بلدنا يعيش في ظروف استثنائية .. أزمات تحيط بخاصرة الوطن .. كهرباء تتعثر في الشتاء والصيف ..دولار جامح يرفض الترويض وميزان تجاري مختل لصالح الواردات .. جيوش البطالة تزداد يوما بعد يوم .. معظم الجامعات الكبيرة أغلقت أبوابها بسبب الاحتجاجات ..الذي يؤخر التغيير فقط الخوف من المجهول ..ولكن اليأس أحيانا يجعل المجهول أفضل السيناريوهات. * في تقديري.. إن الشيخ السنوسي ما كان له أن يراهن على استسلام الشعب السوداني .. بل كان عليه أن ينصح إخوته أن صبر الشعب كاد أن ينفد .. وأن وقت التنازلات إن لم يكن قد حان البارحة، فإنه مطلوب اللحظة والتو .. ماذا سيقول السنوسي للشعب اذا حدث السيناريو الذي استبعده تماماً.. مهمة القائد أن ينظر إلى الغد قبل عوام الناس. * بصراحة.. معظم قادة الأحزاب في بلادنا يتمتعون بقصر النظر ..هذه الميزة السالبة تشمل حتى الذين هم على هرم المعارضة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة