الثابت والمتغير في منهج الإمام البنا رحمه الله تعالى بقلم محمد الحبر يوسف

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 10:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-06-2014, 04:41 PM

محمد الحبر يوسف
<aمحمد الحبر يوسف
تاريخ التسجيل: 12-06-2014
مجموع المشاركات: 1

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الثابت والمتغير في منهج الإمام البنا رحمه الله تعالى بقلم محمد الحبر يوسف

    بسم الله الرحمن الرحيم

    1. معنى الثابت والمتغير
    الثابت في اللغة اسم فاعل من ثبت الشئ ، بمعنى رسخ ودام بقاؤه، ومنه قول الله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) والمتغير اسم فاعل من تغيّر بمعنى تحول وتبدّل ومنه قول الله تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ: معناه حتى يبدِّلوا ما أَمرهم به الله، وينتقلوا من الصلاح إلى الفساد.
    2. الثابت والمتغير في الاصطلاح :
    الثابت والمتغيّر مصطلحان حادثان، شاع استعمالهما في الكتابات المعاصرة ، حيث يطلق علماء الشريعة الثابت على (أمور الدين القطعية المعلومة بالضرورة كالعقائد وأصول العبادات والأخلاق والمحرمات والمقاصد الكلية) ويطلقون وصف المتغيرات على (المسائل الفرعية الخارجة عن الإجماع ، والتي هي محل نظر واجتهاد، وعادة ما تتغير فيها الفتوى زمانا ومكانا وحالا وعرفا).
    وجريا على هذا الاصطلاح فإنَّ المقصود بالثوابت في هذه الورقة: (مجموع القضايا الأصلية التي عبّر عنها الإمام البنا وسار عليها في بناء مشروعه الإصلاحي ، ويؤدي انخرامها إلى ، الانحراف عن منهج الجماعة أو الإخلال بنظامها العام).
    والمتغيرات بضدها وهي القضايا التي لا تحمل صفة الإلزام ولا يؤدي تعديلها أو الخروج عنها إلى انحراف أو اخلال متى ما روعيت في ذلك الضوابط والآليات المطلوبة.
    وهذه محاولة اجتهادية لاستنباط الثوابت والمتغيرات التي تضمنها منهج الإمام المجدد حسن البنا ، رحمه الله ونضَّر وجهه ، بناءً على ما فهمناه من أصول دعوته وقواعد فكرته ، ولا ندعي فيها الحصر ولا الاستقصاء وإنما هي إشارات تدل على غيرها.
    أولا : الثوابت في منهج الإمام البنا :
    1-الكليات التي تمثل الإطار المرجعي والأساس الفلسفي الذي بنيت عليه الفكرة.
    ومن أوضح أمثلة هذه الكليات الأصول العشرين لركن الفهم ، وهي أصول مقننة ومصاغة في عبارات محكمة عبّر من خلالها الإمام البنا عن جملة من الثوابت الكلية التي لا يجوز أن تكون محلّ خلاف ولا تجاذب، ويمكننا أن نقسمها إلى:-
    كليات عقدية : منها قوله :
    والعقيدة أساس العمل، وعمل القلب أهم من عمل الجارحة، وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعًا، وإن اختلفت مرتبتا الطلب.
    والتمائم والرقى والودع والرمل والمعرفة والكهانة وادعاء معرفة الغيب، وكل ما كان من هذا الباب منكر تجب محاربته، إلا ما كان آية من قرآن أو رقية مأثورة.
    معرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يلحق بذلك من التشابه، نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه and#64831;وَالرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَاand#64830;
    وزيارة القبور أيًّا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة، ولكن الاستعانة بالمقبورين أيًّا كانوا، ونداءهم لذلك، وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد، والنذر لهم، وتشييد القبور، وسترها، وإضاءتها والتمسح بها، والحلف بغير الله، وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها، ولا نتأول لهذه الأعمال سدًّا للذريعة.




    كليات فقهية : أدلة الأحكام/الفروع والأصول
    والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام، ويفهم القرآن طبقًا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف، ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات.
    وللإيمان الصادق، والعبادة الصحيحة، والمجاهدة نور وحلاوة يقذفها الله في قلب من يشاء من عباده، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه
    والعرف الخاطئ لا يغير حقائق الألفاظ الشرعية، بل يجب التأكد من حدود المعاني المقصودة بها، والوقوف عندها، كما يجب الاحتراز من الخداع اللفظي في كل نواحي الدنيا والدين، فالعبرة بالمسميات لا بالأسماء.
    كليات في السياسة الشرعية :
    ورأي الإمام ونائبه فيما لا نص فيه، وفيما يحتمل وجوهًا عدة، وفي المصالح المرسلة، معمول به ما لم يصطدم بقاعدة شرعية، وقد يتغير بحسب الظروف والعرف والعادات، والأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني، وفي العاديات الالتفات إلى الأسرار والحكم والمقاصد
    كليات في أدب الاختلاف والتمذهب والاجتهاد :
    وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم ×، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقًا للكتاب والسنة قبلناه، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالاتباع، ولكنا لا نعرض للأشخاص -فيما اختلف فيه- بطعن أو تجريح، ونكلهم إلى نياتهم، وقد أفضوا إلى ما قدموا.
    ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إمامًا من أئمة الدين، ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلة إمامه، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صدق من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر.
    والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببًا للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء، ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب وكل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعًا، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع، والخوض في معاني الآيات القرآنية الكريمة التي لم يصل إليها العلم بعد، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم وما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته وجزاء نيته، وفي التأول مندوحة.
    وكليات في المفاهيم:
    شمولية الإسلام : الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا؛ فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء.
    البدعة : وكل بدعة في دين الله لا أصل لها استحسنها الناس بأهوائهم -سواء بالزيادة فيه أو بالنقص منه- ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلى ما هو شر منها ، البدعة الإضافية والتَّركِية، والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي، لكل فيه رأيه، ولا بأس بتمحيص الحقيقة بالدليل والبرهان.
    العقل والنقل : وقد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر، ولكنهما لن يختلفا في القطعي، فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة، ويؤول الظني منهما ليتفق مع القطعي، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعي أولى بالاتباع حتى يثبت العقلي أو ينهار.
    التكفير : لا نكفر مسلمًا أقر بالشهادتين، وعمل بمقتضاهما، وأدى الفرائض، برأي أو معصية، إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر.

    فالأصول العشرين تمثل خلاصة الإطار المرجعي لمنهج الإمام البنا رحمه الله ، غير أننا نودُّ أن نشير هنا إلى ثلاثة ملاحظ :
    الملحظ الأول : منهما هو أن هذه الأصول أصول قابلة للقياس والتكاثر والنسج على منوالها والتفريع عليها واستكمال نقصها ، لتكون كما أرادها واضعها الإمام المؤسس إطارا جامعا للفهم ودستورا شاملا للوحدة.
    الملحظ الثاني : وهو أن الأصول العشرين للفهم ليست على درجة واحدة ، لا من حيث شمولها ولا من حيث رتبتها ، فبعضها أشمل من بعض ، وبعضها أولى وأعلى من بعض، وهذه الطبيعة تلحظها في كليات الشريعة ومقاصدها أيضا فهي متفاوتة كذلك ، وقد جرت عادة المتقدمين -كالإمام الطحاوي وغيره- أن يذكروا في كتب العقيدة مسائل من فروع الفقه ، لاعتبارات كثيرة منها أنها تمثل في زمانهم علامة فارقة بين أهل السنة وغيرهم ،ومنها أنها قضايا فرضت نفسها على حياة الأمة مما يلزم بيانها ، ومن هنا فقد ارتفع الإمام البنا ببعض الجزئيات وذكرها في أصول الفهم لأنها في زمانه كانت محل تنازع وتخاصم بين الطوائف الإسلامية.
    (والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة).
    الملحظ الثالث : أن الأصول العشرين وإن امتازت بصياغتها المقننة إلا أن الإمام البنا قد أشار في مواضع أخرى إلى قضايا كبرى تمثل أصولا في فهم الإسلام منها :
    (1)تفعيل قواعد الشريعة العامة ومقاصدها في شؤن الحياة الاجتماعية والسياسية ، ومن تطبيقات ذلك في فقه الإمام البنا وفكره الثاقب استنجاده بقواعد الشريعة في :
    • بيان سعة الشريعة ومرونتهاوقدرتها على مسايرة العصور والأمم.
    • ضرورة الانفتاح على النظم الصالحة للانتفاع بها ، ومنها قواعد النظام النيابي التي لا تتنافى مع الإسلام.
    • ضوابط استخدام القوة ، فقد وضع الإمام البنا رحمه الله ضوابط لاستخدام القوة فقال
    (إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء، وسينذرون أولاً، وينتظرون بعد ذلك، ثم يقدمون في كرامة وعزة، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وارتياح ) وتحدث في مقالات له عن معركة المصحف لكنه أرجأ الحديث عن المعركة الجهادية الفاصلة إلى وقت أنسب. وكان يرى أن استخدام القوة ليست أول العلاج، ولكنها آخر الدواء ، وأن من الواجب أن يوازن الإنسان بين نتائج استخدام القوة النافعة ونتائجها الضارة وما يحيط بهذا الاستخدام من ظروف
    (2)سيادة الأمة واحترام إرادتها ، وجعل هذا المبدأ من أصول الحكم في الإسلام.
    (3)الشورى أصل يرجع إليه ويلتزم به وهي قرينة الحرية ، ومارس الإمام هذه الشورى داخل الصف وتراجع عن بعض رأيه نزولا عندها ، وقال للإخوان بعد إعلان تشكيلات الجماعة الإدارية إنه سيَبذل لهم خالص رأيه (على ألا تقيدكم هذه المشورة بشىء فلكم الحرية وعليكم التبعة والمسئولية، ولن يغضبنى أن تهملوا هذا الرأى وألا تأخذوا به، ولكن عليكم أن تطيلوا التفكير والموازنة وتحرى ما هو الخير والله يهديكم سواء السبيل.)
    (3)الأصول الحاكمة لعلاقة المسلم بغير المسلم ولوضع غير المسلمين في المجتمع المسلم قال رحمه الله( إن الإسلام عُني أدق العناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بني الإنسان كما أنه جاء لخير الناس جميعًا ورحمة من الله للعالمين، وحرَّم الاعتداء حتى في حالات الغضب والخصومة، وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدُهم وأديانهم، وإنصاف الذميين وحسن معاملتهم، فلهم ما لنا وعليهم ما علينا.. نعلم كل هذا فلا ندعو إلى تفرقة عنصرية ولا إلى عصبية طائفية)
    وقال( إن غير المسلمين إن عوملوا بتعاليم الإسلام لم يكن في ذلك اصطدامٌ بحرية الدين، لأن الحرية المكفولة هي حرية العقيدة وحرية العبادة والشعائر والأحوال الشخصية، أما الشئون الاجتماعية فهي حق الأمة ومظهر سيادتها، فهم فيها تبع للأكثرية فإذا ارتضت أكثرية الأمة قانونًا في هذه الشئون الاجتماعية يصرف النظر عن مصدره، فهو قانونٌ للجميع)
    2- الثابت الثاني : المطالب التي ركّز عليها الإمام البنا وأبدأ وأعاد في تقريرها
    ومن أعظم هذه المطالب في ظني:-
    -الوحدة الجامعة : كل خطوة تجمع الصف وتوحد الأمة عمل لها الإمام البنا وسعى لها وإن كانت جزئية فقد رحب الإمام البنا -قدس الله سره- بوحدة الجماعات والأحزاب والطوائف وتقاربها ، ومن أمثلة ذلك موقفه من انضام جمعية الحضارة بدعاتها ورجالها لجماعة الإخوان المسلمين ، ودعا إلى وحدة الوطن الواحد والحرص على قوميته ، وحدة وادي النيل وحينما قامت الجامعة العربية هش لذلك وعقد على قيامها آمالا فقال "وهكذا كان تحقق هذا الأمل رسميا بتكوين الجامعة العربية من جماع ما نهدف إليه ونعده لمواجهة المستقبل القريب والبعيد، فالجامعة العربية الآن هى عدة الحاضر وأمل المستقبل"
    -الحريات : المطالبة بها والدفاع عنها ، وتحرير الأمة من كل سلطان يغتصب حقها في العزة والكرامة. بل إن الإمام البنا ذهب إلى أن المبادئ العظيمة لن تتحق على (وجهها الكامل إلا فى جو من الحرية والعزة، فلن يقتل فى نفس الإنسان فضائلَها العليا، ولن يمسخ خلقة البشر ويردَها إلى القردة والخنازير، وما هو شر منها شكلاً وموضوعًا كالذل والاستعباد والقهر والاستبداد and#64831;إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَand#64830;[النمل: 34]. وقال رحمه الله (ومن هنا كان من صميم الدعوة العمل الدائب بكل الوسائل للتحرر من قيود الاستعباد، والوصول إلى حكم حر قوى نزيه)
    -إقامة الدولة والكيان الإسلامي للأمة : وفق منهج متدرج ، ومن كلماته في ذلك(ولن تقوم دعوة إلا بدولة، فالدعوة بغير سلطان لا تعدو نظريات فلسفية تظل قائمة فى بطون الكتب، ميتة فى قبور من المجلدات، فالدولة بغير دعوة هيئة إدارية وقتية جافة جامدة لا تنبض بمعانى الحياة الإنسانية الصحيحة، ولا تطلع على الناس بخطة أو منهاج، ولا تسير على هداية أو نور، فالدعوة أساس الدولة، والدولة حارس الدعوة، وهما معا قوام الحياة الإنسانية الصحيحة المستقيمة).
    وكان يرى (أن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف)
    -محاربة الفكر الغربي وتجلياته في حياة المسلمين : والبداية في ذلك بالأفكار وامتلاك القدرة الاستقلالية على التفكير الصحيح المرتبط بثوابت الدين فقال رحمه الله (نحن نريد أن نفكر تفكيرا استقلاليا يعتمد على أساس الإسلام الحنيف لا على أساس الفكرة التقلدية التي جعلتنا نتقيد بنظرات الغرب واتجاهاته في كل شئ) ودعا إلى محاربة المفاسد الأخلاقية لحضارة الغرب (فإن أوروبا لم تضحك علينا إلا بأدوات الزينة والتخنث وآلات اللهو ووسائل الشهوات، وشغلتنا بذلك عن مهام الأمور وجلائل الأعمال. فها نحن لم نبرع فى المخترعات كما برعنا فى الرقص والتمثيل، ولم ننبغ فى العلوم والمعارف نبوغنا فى التهتك والخلاعة. فإذا أقنعنا أنفسنا بخطأ هذه الأفكار وأمكننا أن نتحرر من رق الشهوة تبع ذلك تحررنا من رق المصالح الأوروبية ومن رق أوروبا تبعًا لذلك
    كما دعا إلى العودة للعادات الصالحة ومخالفة العادات الضارة التي ورثنا لها الرجل الغربي (أليس من التناقض العجيب أن نرفع عقائرنا بالمطالبة بالخلاص من أوروبا ونحتج أشد الاحتجاج على أعمالها ومنكراتها، ثم نحن من ناحية أخرى نقدس تقاليدها ونتعود عاداتها ونفضل بضائعها ، كنا ننصرف إلى النوم عقيب العشاء فنصيب الراحة الكاملة, ونماشى ناموس الكون كله, ونستيقظ لصلاة الفجر على أتم ما نكون من الراحة, فإذا بنا نسهر إلى ما بعد نصف الليل, وينام المسلم حتى تضرب الشمس رأسه ولما يؤد فريضة الله... كنا نتحدث باللسان العربى المبين فيشعر أحدنا بعزة لغته وقومه, فأصبح المهذبون منّا يلوكون ألسنتهم برطانة أعجمية تشعر بالرضا بالذلة, والإعجاب بالاستعباد).
    ومن حنكة الإمام البنا السياسية في محاربة تجليات الفكر الغربي في واقع المسلمين توظيف التباينات الثقافية وتقاطع المصالح الأوربية لمصلحة الأمة فإنه حينما أراد أن يحرج الإنجليز ويضيق عليهم فرص التوسع ، طالب وزير المعارف المصرية أن يؤدى خدمة وطنية للوطن بإصدر قرار يبطل تعليم اللغة الإنجليزية فى جميع مدارسنا وإبدالها باللغة الفرنسية !، حتى نؤدى واجبا وطنيًّا ولا يتهمنا أحد بمقاطعة الثقافة الغربية!!
    -المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وهذا المطلب عند الإمام البنا(أمنية عزيزة كريمة يراها المصريون جميعا أسمى أمانيهم وواجب حتم مفروض إن لم يقم الناس به فقد أثموا إثما عظيما، وعرضوا أنفسهم فى الدنيا لعذاب الجريمة، واضطراب الأمن وفساد الخلق، ولعذاب الله فى الآخرة والله تبارك).
    الثابت الثالث : ما جرى عليه العمل والعرف الإخواني.
    تتابع الإخوان في الأقطار المختلفة على أسلوب في العمل والبناء يمثل بما له من توارد عملي وتوافق وقبول عام ثابتا من ثوابت المنهج يجب مراعاته ، ومن أمثلة ذلك :
    1. إلزامية الشورى ، وهذا خيار التزمته الجماعة في كل الأقطار ، فلا يجوز العدول عنه لقول فقهي يرى أن الشورى معلمة وليست بملزمة.
    2. مبدأ إنتخاب المراقبين.
    3. اعتماد التصعيد والتدرج وسلية في البناء التربوي والقيام على المسؤليات.
    4. الأسر والبرامج التربوية المعتمدة

    هذا والعرف التنظيمي يكون معتبرا وجزءا من المنهج بشروط أهمها في نظري ثلاثة :
    (1)أن يكون محققا للمصلحة.
    (2)أن يستند على اعتبار فقهي أو مقاصدي راجح.
    (3)أن يتوطأ على الرضى به الإخوان.
    ومن هنا فإنّه لا يدخل في هذا العرف المعتبر بعض ما لتزمته الجماعة وجرى عليه حالها في الآتي :-
    -أن يكون منصب المرشد العام في الجماعة وقفا على مصر، لإخلاله بالشرط الثاني
    -ما جرى عليه عرف الإخوان في السودان أن لا يكون للأخوات حق في اكتساب عضوية مجالس الشورى أو بعض المواقع القيادية،وهذا العرف ليس معتبرا في المنهج لإخلاله بالشرط الثالث يقينا ، والشرط الأول والثاني على الراجح.
    الثابت الرابع : الوفاء بمطلوبات المرحلة وعدم اعتساف الخطوات ، وقد تجلى هذا واضحا في فكر الإمام الذي حذر من آفة الاستعجال (فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها، أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات. ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتثبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين: إما النصر والسيادة، وإما الشهادة والسعادة.)
    كما حذر من تولي السلطة قبل استكمال مطلوباتها (فالإخوان أعقل وأحزم من أن يتقدموا لمهمة الحكم ونفوس الأمة على هذا الحال، فلابد من فترة تنشر فيها مبادئ الإخوان وتسود، ويتعلم فيها الشعب كيف يؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة).

    ثانيا : المتغيرات في منهج الإمام البنا :
    أرى أن أهم المتغيرات في منهج الإمام البنا القضايا التالية :
    1-الوسائل والمسميات
    2- ما بني على مراعاة الظروف الوقتية والمصلحة
    3-الاختيارات الفقهية الخاصة بالإمام البنا

    أولا : الوسائل والمسميات
    الوسائل لها حكم المقاصد فهي تدور معها ،والجماعة تأخذ في كل قطر من الأقطار ما يتناسب مع أوضاعها، من الوسائل والمسميات لأن العبرة بالمضامين ، ويدخل في هذا :-
    -الهياكل الإدارية والنُّظم الداخلية.
    -العمل باسم الجماعة أو باسم آخر لظروف معتبرة.

    ثانيا : ما بني على مراعاة الظروف الوقتية والمصلحة :
    في حياة الإمام البنا رحمه الله تعالى مواقف وآراء بناها على فقه الضرورة والموازنة بين المصالح والمفاسد ، ومن أمثلة ذلك :
    (1) الموقف من الأحزاب والتعددية السياسية
    (ب)الموقف من الثورات الشعبية
    (ج) خوض الانتخابات ودخول البرلمانات
    (د) الموقف من حق المرأة في الانتخاب
    (هـ) الموقف من التعامل مع الهيئات الدولية والتحاكم إليها

    (أ): الموقف من الأحزاب والتعددية السياسية :
    نادى الإمام البنا فى وضوح وفى صراحة بوجوب إلغاء وحل الأحزاب السياسية في مصر ، وكتب لرئيس الحكومة يدعوه أن يبدأ بحل حزبه فيكون سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها، ومن الحجج التي ساقها الإمام في ذلك أن الأحزاب السياسية المصرية:
    -مزقت أوصال الأمة وحولت نشاط الشعب كلَّه إلى التهاتر والخصومة والمكايد والحزازات. (وهي أساس الفساد الاجتماعي الذي يصطلي بناره الشعب)
    -عرقلت الأعمال والمشروعات الكبرى
    -وأنها ليست أحزابًا سياسية حقيقية بالمعنى الذي تعرف به الأحزاب في أي بلد من بلاد الدنيا لأنها أحزاب لا برامج لها ولا مناهج ووسائل. وكل ما هنالك خلافات شخصية بين نفر من الأعيان الذين يتداولون كراسى الحكم. وأنها أحزاب تدور حول مسالك الأشخاص ومصالح الأتباع)
    -وأنها(تكونت فى ظل حوادث قد انتهى أمرها، وصارت الآن هيئات أثرية لا هى جددت نفسها كما يقتضيه العصر ويتطلبه الوضع الجديد للبلاد، ولا هى سلمت الأمر لغيرها؛ ليقوم بحق هذا البلد وقيادته إلى الرقى والكمال، فكانت هذه الأحزاب علة هذا الشعب، وأكبر عائق له على النهوض)
    -أنها قد تعاقبت على حكم البلاد ولم تأت بجديد ولم يجد الناس في حكمها ما كانوا يأملون.
    -وأن قيادات هذه الأحزاب لا تزال تفهم الإسلام فهما ناقصا لا صلة له بالحياة
    ودعا إلى بديل آخر بعد حل هذه الأحزاب وهو تأليف هيئة قومية واحدة من جميع الأحزاب، ومعهم كل أهل الكفايات، والمواهب تضع برنامج الإصلاح والنهضة فى كل النّواحى على أساس من الإسلام مع تنازل كل حزب عن اسمه الخاص واندماج الجميع فى تلك الهيئة الواحدة).

    ثم عدل عن هذا الرأي الإندماجي وقال في عبارة صريحة
    ( إن فكرة الاندماج فكرة غير عملية؛ إذ يقف أمامها كثير من الظروف والعقبات الكثيرة، ولكن الذى يمكن أن يقال ونتمناه أن توجد هيئة اتصال للاتفاق على وسائل عامة تنفذها كل هيئة بأسلوبها ).
    هذا النقد الصريح الذي وجهه الإمام البنا للممارسة الحزبية ، انعكس على رؤيته للانتخابات التي أراد لها أن تتجاوز هذه المعضلة الحزبية ، حتى تحقق المقصود منها ، يقول الإمام البنا عن الانتخابات(الحقيقة التى يشعر بها كل مواطن الآن أن الانتخابات لم تعد توصل إلى معرفة إرادة الأمة معرفة حقيقية، وأن الخلاف بين الزعماء لم يعد على المناهج والآراء، ولكن على الأشخاص والأهواء، ولم تعد الأمة تحتمل الدوران فى هذه الحلقة المفرغة من الأوضاع السياسية الفاسدة التى لا تنتهى إلى شىء)
    ولتجاوز هذه المشكلات دعا الإمام المسدد حسن البنا إلى الآتي :
    ا-تحديد شروط للمرشحين :
    يقول الإمام البنا رحمه الله (ولقد رتب النظام النيابي الحديث طريق الوصول إلى اختيار «أهل الحل والعقد» بما وضع الفقهاء الدستوريون من نظم الانتخاب وطرائقه المختلفة، والإسلام لا يأبى هذا التنظيم ما دام يؤدي إلى اختيار أهل الحل والعقد، وذلك ميسور إذا لوحظ في أي نظام من نظم الانتخاب تحديد صفات أهل الحل والعقد، وعدم السماح لغيرهم بالتقدم للنيابة عن الأمة)
    ومن هنا دعا الإمام البنا إلى (وضع صفات خاصة للمرشحين أنفسهم، فإذا كانوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهذه الهيئات برامج واضحة وأغراض مفصلة يتقدم على أساسها هذا المرشح، وإذا لم يكونوا [ممثلين لهيئات] فلا بد أن يكون لهم من الصفات والمناهج الإصلاحية ما يؤهلهم للتقدم للنيابة عن الأمة، وهذا المعنى مرتبط إلى حد كبير بإصلاح الأحزاب في مصر، وما يجب أن يكون عليه أمر الهيئات السياسية فيها)

    2-مقاومة الحزبية المسرفة :
    من الملاحظات الذكية التي أبداها الإمام البنا أن الحزبية ليست شرطا في قيام النظام النيابي فيمكن أن يقوم هذا النظام بلا حزبية ممزقة للكلمة والجهد قال رحمه الله (يقول علماء الفقه الدستوري: إن النظام النيابي يقوم على مسئولية الحاكم وسلطة الأمة واحترام إرادتها، وإنه لا مانع فيه يمنع من وحدة الأمة واجتماع كلمتها، وليست التفرقة والخلاف شرطًا فيه، وإن كان بعضهم يقول: إن من دعائم النظام النيابي البرلماني «الحزبية». ولكن هذا إذا كان عرفا فليس أصلا في قيام هذا النظام لأنه يمكن تطبيقه بدون هذه الحزبية وبدون إخلال بقواعده الأصلية)
    ومما ساقه الإمام البنا شاهد على صحة رؤيته الممارسة النيابية في بعض البلدان الأوربية وكيف أنها ساعدت على استقرار الأوضاع فيها باجتماع الأحزاب على ثوابت لا يجوز أن تنتهك يقول الإمام حسن البنا(ومع هذا فإن الحكم النيابي في أعرق مواطنه لم يقم على هذه الحزبية المسرفة، فليس في إنجلترا إلا حزبان هما اللذان يتداولان فيها الأمر، وتكاد تكون حزبيتهما داخلية بحتة، وتجمعهما دائما المسائل القومية المهمة، فلا تجد لهذه الحزبية أثرا البتة.)
    3-وضع قيود أخلاقية للدعاية الانتخابية
    الدعايات الانتخابية تتجلى في كثير من جوانبها الفوضى التي تخرج المجتمع عن حد التوازن واحترام الخصوصيات ، وتشيع فيها أنواع من الممارسات الخاطئة من أجل كسب أصوات الناخبين وتفويت الفرصة على المنافسين ، ولذلك دعا الإمام البنا إلى وضع حدود مرعية للدعاية الانتخابية وإيقاع عقوبات على من يخالف هذه الحدود، بحيث (لا تتناول الأسر ولا البيوت ولا المعاني الشخصية البحتة التي لا دخل لها في أهلية المرشح وإنما تدور حول المناهج والخطط الإصلاحية).
    4-تفضيل انتخابات القوائم :
    رجح الإمام البنا رعاية للمصلحة العامة أن الانتخابات عن طريق القوائم أفضل من الانتخاب الفردي حتى يتحرر النواب من ضغط ناخبيهم، وتحل المصالح العامة محل المصالح الشخصية في تقدير النواب.
    وهكذا ترى أن الإمام البنا حينما قال إن النظام النيابي الدستوري وهو أقرب النظم للإسلام لم يقبل هذا النظام على كل ما فيه من عيوب وممارسات ، وإنما دعا إلى إجراء تعديلات وإصلاحات عليه حتى يكون محققا للمصلحة مفضيا إلى الوحدة لا ضدها.

    (ب): الموقف من الثورات الشعبية
    يقول رحمه الله( أمّا الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها، ولا يعتمدون عليها، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها، وإن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذه المشاكل، فسيؤدي ذلك حتمًا إلى ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين، ولا من دعوتهم، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال، وإهمال مرافق الإصلاح، وليست هذه المشاكل التي تتعقد بمرور الزمن، ويستفحل أمرها بمضي الأيام إلا نذيرًا من هذه النذر، فليسرع المنقذون بالأعمال)

    (ج): خوض الانتخابات ودخول البرلمانات :
    وهذه من مباحث السياسة الشرعية التي تقررها الجماعة المسلمة وتفصل في شأنها مراعية في ذلك جملة من الأمور وهذا ما حدا بالإمام البنا أن يقول عنها(وسيرسم الإخوان طريق اشتراكهم فى هذه الانتخابات على ضوء ما يسرى من ظروف وملابسات، وسيكون رائدهم فى ذلك الحكمة التامّة ، ومراعاة الظروف العامة والخاصة، وأن تكتسب الدعوة أعظم الفوائد بأقل التضحيات).

    (د): الموقف من حق المرأة في الانتخاب :
    حينما تبنت هيئة الأمم المتحدة الدعوة إلى إعطاء المرأة المصرية حق الانتخاب تناول الإمام البنا هذه القضية ، وعارض منح المرأة هذا الحق ودعا هيئة الأمم المتحدة أن تنصرف إلى مهمتها الحقيقية، وهى (العمل على إقرار السلام فى الأرض، وأن تتدارك ما لحقها فى هذا الميدان من فشل تام، وأن تدع للفلاسفة والمربين من علماء الاجتماع مثل هذه البحوث).
    ولكن رفضه هذا كان مؤسسا على رأي اجتهادي ظرفي وليس على موقف شرعي ولذلك قال في وضوح وجلاء (لا يستطيع أحد أن يقول: إن الإسلام يمنع منه، ولكن الظروف الاجتماعية تحتم إرجاء استخدامه، وإذا كنا لا زلنا نشكو إلى الآن من سوء استخدام الرجال لهذا الحق، فكيف نحسن الظن بإباحة ذلك للنساء أيضا؟! فالمسألة عندنا نحن المسلمين ليست مسألة مبدأ، ولكنها مسألة تطبيق، وذلك مرهون بالظروف والأحوال) وقريب من هذا موقف الإخوان في الكويت في مرحلة من المراحل حينما عارضوا حق الانتخاب للمرأة.
    (ه): الموقف من التعامل مع الهيئات الدولية :
    فرضت الظروف السياسية نفسها على واقع النّاس وأصبحت الهيئات العالمية المتحيزة بكلياتها للمنظومة الغربية هي المتسيدة في ظل هذه الظروف ، هذا الواقع أوجب على الجماعة أن تبحث عن صيغة مناسبة لتحدد موقفها من التعامل مع هذه الهيئات ، وقد كان الإمام البنا رحمه الله له أكثر من موقف في التعامل معها ، فقد ظن في زمانه الباكر أن هذه الهيئات (محكمة العدل الدولية، مجلس الأمن، هيئة الأمم المتحدة )يمكن أن تنصف المسلمين وأن تناصر قضاياهم في نيل الحقوق والحريات ، وأن يجري الله على يدها خيرا لهذه الأمة ، ولذلك أيد بقوة التحاكم إليها في قضايا الدفاع عن حق مصر لتنال حقوقها.
    (وإن مصر لترجو وتنتظر أن ينصفها مجلس الأمن، وأن تنال حقها على يديه فيعود إلى الناس إيمانهم بالحق والعدالة الدولية)
    قال في معرض رده على من قال له إن أوربا وأمريكا لن تسمح لكم بنظام إسلامي في مصر (وأما أنّ دول أوربا وأمريكا لا يرضيها أن نعود إلى الإسلام ولا أن نتقيد بنظمه وتعاليمه، وأن المعاهدات التى بيننا وبينهما تحول دون ذلك المقصد وتقف عقبة فى طريق تحقيقه فأعتقد أن ذلك غير صحيح أيضا، فإن هذه الدول وقد صرحت فى مواثيقها بأنها إنما تقاتل من أجل حرية الأمم والشعوب، ثم أعلنت أنها تدع لكل شعب حرية النظر فى تقرير نظامه الداخلى ومصيره الخارجى، لا نظنها بعد ذلك تقف عقبة فى طريق أمة تريد أن تحيا مسلمة شعارها الإسلام وغايتها السلام، ولا أظن شيئا من هذه المعاهدات يحول بيننا وبين ما نريد من محاربة للمنكرات وضرب على أيدى المجرمين وقضاء على الفساد فى الأرض، وليس فى الدنيا أمة تقبل على نفسها أن تتصف بأنها تحمى الحرية وتدافع عن المجرمين الأشرار)
    ومع مرور الأيام وصل الإمام البنا إلى الحقيقة التي عبّر عنها بقوله (أما هيئة الأمم المتحدة ومعها مجلس الأمن فقد أثبتت الحوادث فشلهما الذريع، وتحيزهما الواضح، ووقوعهما الكامل تحت تأثير المصالح الدولية الاستعمارية، وأنهما ليستا أكثر من أداة لتنفيذ مآرب الدول الطامعة، وسترها بستار من الجدل والنقاش تخديرًا للشعور، وكسبًا للوقت، وأنهما ليستا أحسن حالاً من عصبة الأمم البائدة، ولهذا فقد فقدتا تمام الفقدان ثقة الأمم والشعوب، وانصرفت عنهما النفوس والآمال)
    (وقد كنا نظن أن تطور الظروف العالمية سيغير من طبيعة هذه السياسة الاستغلالية التجارية، ولكن يظهر أننا كنا مسرفين فى التفاؤل بهذا الظن، وأن الإنجليز اليوم هم الإنجليز بالأمس، مع أن مصلحتهم ومصلحتنا تقتضى الإسراع فى تصفية هذه المواقف، ومن المستحيل أن نقبل تصفية أساسها أن نعطى كل شىء ولا ننال بعد ذلك أى شىء، وكل تأخر فى إدراك هذه الحقائق ضار بهم وبنا أشد الضرر، والتبعة عليهم؛ لأن طرف الحبل فى يدهم، وهم الذين يستطيعون أن يقدموا من الدلائل العملية لا القولية ما يكسبون به الثقة التى فقدوها تمامًا من جديد).
    ثالثا ومن المتغيرات في منهج الإخوان : الاختيارات الفقهية الخاصة بالإمام البنا :
    كان الإمام البنا رحمه الله عالما له مشاركاته العظيمة في كل ضروب العلم حيث كتب في التفسير والفقه والحديث والأصول والعقيدة ، وكان رحمه الله مصدر فتوى ومرجعا علميا يستفتيه الناس في كثير من الشؤون العامة والخاصة ويجيب على أسئلتهم في دروسه ومن خلال مجلة المنار التي تولى رئاستها وغيرها من الصحف والمجلات التي كتب فيها ، ولا شك أن هذه الفتاوى التي صدرت من الإمام البنا لم يرد لها رحمه الله أن تكون أمرا ملزما يتقيد به الإخوان ويلتزمون به ، وإن كنّا نعتقد أن منهجه في الفتوى من أدق المناهج وأحكمها ومع ذلك فإن بعض ما أفتى به يمثل قناعة شخصية ترجحت عنده ولا بأس أن يخالفه فيها غيره من الإخوان أو من غير الإخوان ، ومن أمثلة ما أفتى به الإمام البنا وعدل عنه الإخوان اليوم فتواه بعدم جواز التجنس بجنسية الدولة الكافرة وأنّه كبيرة توجب سخط الله ومقته ، ومن أمثلة ما أفتى به الإمام البنا وخالفه فيه أجلة العلماء من الإخوان وكثير من المجامع الفقهية المعاصرة أيضا فتواه بعدم جواز ترجمة آيات القرءان إلى لغة أخرى ، مستكفيا بترجمة مقاصد القرءان خشية أن يلتبس ذلك على الأعاجم ، ومن اختياراته التي يمكن أن يُخالف فيها بلا حرج أنّه كان يرى جواز التوسل بالصالحين من عباد الله بشرط الاعتقاد أنّ الفاعل هو الله سبحانه ، وهذا مذهب فقهي معتبر.
    هذا وللإمام البنا رحمه الله مناقشات علمية ومراجعات فقهية مع عدد من العلماء والمشايخ، فيها من الفوائد العلمية والمتعة الروحية وطول النَّفَس في البحث والاستدلال ما يدل على رسوخه في العلم وسبقه في مضمار الفتوى ، وهذا جانب في حياة الإمام البنا –قدس الله سره ونور ضريحه - لم يأخذ حقه من الرواج والاهتمام بعد.
    وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،























                  

12-09-2014, 07:48 AM

عوض سيد أحمد
<aعوض سيد أحمد
تاريخ التسجيل: 11-28-2014
مجموع المشاركات: 252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثابت والمتغير في منهج الإمام البنا رحمه الله تعالى بقلم محمد الحبر يوسف (Re: محمد الحبر يوسف)

    (فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها، أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات. ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتثبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين: إما النصر والسيادة، وإما الشهادة والسعادة )

    الأخ محمد , بارك الله فيك وجزيت خيرا كثيرا , فقد أديت , ووفيت فى تعريف القارىء الحصيف بمنهج الشهيد حسن البنا , أن مثل هذا التوضيح هام وضرورى للتفريق وعدم الربط بين المنهج الأصلى , وحالت الانحرافات الكبيرة , والضارة التى حدثت فى التطبيق العملى سواء هنا فى وطننا الحبيب السودان , أو هناك فى المركز الأم ( اخوان مصر ) خلال فترة حكمهم التى لم تتجاوز عاما واحدا , وان الحكم عليهم بالانحراف سابق لذلك وله شواهد متعددة , وأبلغها , وأكثرها وضوحا , سكوتهم , وصمتهم عن ما يجرى ويطبق هنا باسم الاسلام , باسم الرسالة الخاتمة , سكوتهم , وصمتهم المريب هذا , كان وحده كافيا للوقوف على انحرافهم , ولكنهم عضدوه من خلال استلامهم السلطة التى آلت اليهم عن طريق ( آلية التداول السلمى للسلطة ) فلم يعطوها حقها من الاحترام , فولوا وجوههم شطر ( الأجندة المطبقة هنا ) ولم يدروا أن مثل هذه الأجندة السرية يستحيل تطبيقها فى (النور ) الأمر الذى فطن اليه الأب الروحى للانقاذ سابقا فحوله أولا الى (ظلام دامس ) ومن ثم نجح هو وحقق أغراضه فينا , أما هولاء فقد فضحهم (النور ) شر فضيحة .
                  

12-09-2014, 10:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثابت والمتغير في منهج الإمام البنا رحمه الله تعالى بقلم محمد الحبر يوسف (Re: عوض سيد أحمد)

    الفكر الاخوانى فكر سياسى فى المقام الاول ولم يكن حسن البنا الا رجل سياسة استخدم الدين من اجل تكوين حزب وظهر ذلك فى اخر ايامه فى الحياة بعد ان مارست جماعته العنف مع الاخرين وقتلت النفس التى حرم الله الا بالحق بعد خلاف سياسى وتطور هذا الخلاف الى عنف مضاد راح ضحيته حسن البنا ..
    اما محاولة الاخوان تصوير حسن البنا بما يشبه شخصية الانبياء والرسل والصحابة وهوما يختلف معهم عامة المسلمين حسن البنا رجل سياسة استخدم الدين للوصول الى ا يريد بدعم من جهات تعلم تماما النتئج التى ال اليها هذا التنظيم فى اواخر القرن العشرين واوئل القرن الحالى ..
                  

01-03-2015, 06:29 AM

حماة الاسلام


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الثابت والمتغير في منهج الإمام البنا رحمه الله تعالى بقلم محمد الحبر يوسف (Re: محمد الحبر يوسف)

    ثوابت الدعوة العشر
    ثوابت الدعوة العشر هي:
    أولاً: اسم الجماعة فكرة وتاريخاً ووفاء.
    ثانياً: العمل الجماعي وسيلتنا.
    ثالثاً: التربية ونبذ العنف سبيلنا.
    رابعاً: الأسرة محضن التربية عندنا.
    خامساً: رسالة التعاليم والأركان العشرة خاصة الأصول العشرين، ورسالة العقائد أساس لنا ومصدر تعلمنا.
    سادساً: الشمول والعموم أساس نظرتنا الكلية وفهمنا الشامل.
    سابعاً: الشورى الملزمة تحسم الخلاف بيننا.
    ثامناً: احترام النظم واللوائح من أخلاق بيعتنا.
    تاسعاً: الاختيارات الفقهية للجماعة لا خيرة للأفراد فيها.
    عاشراً: الله الغاية في كل ثوابتنا ومتغيراتنا، وكل ما نقول ونعمل.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de