|
التورط الوالغ في المال الأمريكي الملوث من فرنسيس دنج عبر عبدالله النعيم إلى حيدر إبراهيم
|
زبد بحر(9) د. أحمد محمد البدوي
أما فرنسيس دنج فالمال أمريكيا والصلة الوطيدة بالأجهزة الأمريكية السفلى فهما موضع زهو وترحيب ولا حرج عنده ولا عند إخواننا في الجنوب المنفصل يوم كان متصلا جغرافيا في تناول المال والحق لاحرج في نيل المال الأمريكي في مجال الثقافة لمن يعترف بذلك ولا يخفيه ولا يماري فيه ولا يزايد بالعنتريات اليسارية وحذلاقات الإسلام السياسي! ومن ثم ترسخت لفرنسيس مكانة وأي مكانة لدى المؤسسة الأمريكية، والحق أنه منذ بداية الدرب كان ناشزا! فقد اختار أن يكون مسيحيا في عائلة الناظر دنج مجوك وهي عائلة جدها الأكبر مسلم هو : عبد الرؤوف ولد بيونق بل أمير في المهدية بايع المهدي في الرهد قبل سقوط الخرطوم وهو في كتاباته المجودة يتحدث عن ثقافة الدنكا ولغتهم ولكنه تزوج من أمريكية بيضاء ولم ير أولاده أبيي موطن أبيهم ولا يعرفون لغة الدنكا فضلا عن الانتماء إلى ثقافتهم وفي أمريكا ربط فرنسيس نفسه اجتماعيا بالأمركان البيض وصار بالتالي موضع احتقار الأمريكان السود مليا،وفي النهاية انفصل الجنوب ولم يكن انفصال الجنوب إلا مشروع فرنسيس الشخصي حذوك النعل بالنعل وضعه وصممه وعمل بدأب على وضعه موضع التنفيذ حتى تحقق ولكنه بدلا من أن ينال نصيبه في الحكومة في أعلى المناصب بجوبا آثر أن يكون ممثل الجنوب في الأمم المتحدة في أمريكا، مستمتعا بالراحات بعيدا عن جوبا ومائها الملوث وإن كان أمثاله يستورد لهم الماء من كينيا! وبعيدا عن السلاح الملعلع! فالأمر مصالح شخصية بحتة وأنانية وراء التشدق بقضية عادلة! الآن ننتقل إلى الجمهوري عبد الله النعيم ففي مطلع التسعينات خرج علينا بترجمة عربية لرواية كتبها بالإنجليزية فرنسيس: طائر الشؤم،وفي طبعة أنيقة مجلدة الغلاف وعجبنا أن رواية فرنسيس لا قيمة فنية لها وكان من الممكن أن يتولى المترجم ترجمة رواية أمريكية متميزة فنيا أو يترجم ما كتب كتابة إيجابية الدلالة عن الفكر الجمهوري أو يترجم بعض أعمال الأستاذ محمود وقد سبق أن ترجم كتاب الرسالة الثانية أو لايترجم رواية فرنسيس! خاصة أن مؤداها النهائي معاد للجوهر القومي الذي كون السودان المجتمع وليس الدولة! يصراحة ترجم رواية فرنسيس من أجل عيون فرنسيس تقربا وتهافتا لأن فرنسيس واصل إلى أبراج المؤسسة الأمريكية وسراديبها السفلى وكلمته واصلة ورضاءه يستجلب النعم مدرارة! ثم بعد حين صار عبد الله النعيم مسؤولا عن التمويل المالي لمؤسسة فورد في القاهرة مقيما فيها وهي المؤسسة التي مولت مجلة حوار وحامت حولها الشبهات إلى أن كشفت جريدة نيويورك تايمز 1966علاقة تمويل مؤسسة فورد بالمخابرات الأمريكية وتوقفت مجلة حوار ومات محررها أو تم اغتياله وذلك كله مفصل في كتاب حديث عنوانه: من دفع للزمار وظهرت مؤخرا ترجمته العربية في كتاب! وكان اليسار في مصر والسودان في حالة حرب مع المجلة بل إن صلاح أحمد إبراهيم ناله الأذى من عمر مصطفى المكي 1968 لأنه ترجم كتاب : النقد الأدبي الأمريكي وطبعته مؤسسة فرانكلين وهو كتاب جيد وترجمته بديعة ونفعه عميم! لأن تلك المؤسسة موبوءة وأن ... في تلك الأيام احتشدت في القاهرة أرتال السودانيين الأكاديميين والصحفيين والإداريين الخ المفصولين وخريجي السجون وبيوت الأشباحولم يكن مسموحا لهم يومها بأي منحة من المنح التي ينالها اللاجئون في مصر! وهنا ينال حيدر إبراهيم باسم مركزه أو بالأحرى باسمه مبلغ 50 ألف دولار لمؤتمر عن الديمقراطية في السودان ظهرت أعماله في كتاب وأشك أن يكون الكتاب كلف أكثر من ألف جنيه لاغير! نال حيدر ما نال على ايام وجود عبد الله النعيم في مركز فورد في القاهرة! بيد أن ألخ حيدر أقام مركزه في القتهرة على أساس أنه حرم يساري وحظي بدعم كريم من اليسار المصري ورأيته يكتب أكثر من مرة : نحن يسار يسار! وأصدر حيدر باسم مركزه كتابا عن الأستاذ محمود محمد طه (!) وشرع في الترويج لبعض كتب فرنسيس دنج ولا ندري هل يوقف التعامل معها بعد انفصال الجنوب وانكشاف حرمة قيام دولة الجنوب على أساس أنه خيانة قومية واقتطاع جزء من أرض السودان يقع وزره على الحكومة والترابي وعلى فرنسيس وأصدقائه ومن لاذوا به وروجوا لأفكاره التي حققت أهدافها العليا وهي فصل الجنوب وابتزار حرمة المسلمين في السودان وتشويه سمعتهم! بل أسبغوا عليه من التدليل ما يخجل: فقد حضر فرنسيس عام1999 مؤتمرا عقده حيدر في القاهرة ولكن نزل في فندق الهلتون في حين أن الأكاديميين القادمين من الخرطوم أنزلوا في فندق متواضع جدا وعلى رأسهم الرجل الفاضل الإنسان : عدلان الحردلو ولو قال لنا حيدر إنه راعى حقيقة أن فرنسيس ولد الناظر دين مجوك فلن نقول له هذامن ناس الناظر أب سن!! وعندئذ تتضح ملامح الدائرة وهي للأسف تجنح إلى استمالة الجمهوريين واليساريين السودانيين. اما الحركة الجمهورية فهي منذ نشأتها حركة معادية للاستعمار ومعادية للراسمالية ضربة لازب تدعو إلى الديمقراطية والاشتراكية بمعنى عدالة التوزيع وزيادة الانتاج وكان رعيلها الأول بقيادة الاستاذ جيلا ناصع الجيب شريف المنزع واجه الاستعمار بشجاعة وتحد منهم: سعيد ومحمود النور ومحمد المهدي مجذوب ومنير صالح وذا النون وصديق والمرضي ومنصور عبد الحميد وعرفوا بالاستقامة والزهد في الدنيا والبساطة بالجلابية والثوب الأبيض لدى الجمهوريات وكذلك من جاء بعدهم مثل عبد اللطيف ومحيسي الخ وأي محاولة للخروج باسم الفكر الجمهوري من هذا المقام العالي يعني الاعتداء على مقدسات سودانية ومفاخر وطنية مضيئة في كتاب التاريخ وكذلك اليسار الذي نازل الاستعمار وحقق باسم الوعي مكاسب تاريخية للعمال والمزارعين وللعمل الوطني والديمقراطية وقدم نماذج للمكافح الذي يرتضي كل العنت من أجل قضاياه الوطنية ويستطيع من يريد أن يستقصي أن يحصي أسماء من فصلوا من الدراسة والعمل ودخوا السجون بل ماتوا فضلا عن الجرحى ومن عانوا لسبب أو آخر من العنت! وذلك منذ سنة 1945 وقد سعت جهات في مصر لجر اليسار إلى الحظيرة الأمريكية باسم المراكز والمؤسسات التطوعية الي كثرت بفحش وضراوة وباسماء شتى (جي ان أو) وذلك ما فصلته الكاتبة المصرية سناء المصري في كتاب منشور بينت فيه كيف ولغ أفراد من اليسار المصري في المال المبذول أمريكيا وأوربيا! قلت كل ذلك لأن حيدر إبراهيم نقل مركزه من القاهرة إلى الخرطوم ثم عن للحكومة السودانية العسكرية الدكتاتورية أن توصد أبواب المركز وأن توقف نشاطه في ما تبقى من السودان لأنه يستلم المال من جهة أمريكية مستندة إلى مقال نشره كاتب أمريكي وإلى ما نشرته تلك المؤسسة الأمريكية في تقريرها السنوي وما هالني فعلا وأصابني بالاسمئزاز هو ما كتبه حيدر إبراهيم في السودان يدافع فيه عن مشروعية استلام مال من تلك المؤسسة الأمريكية وغيرها، وبصرف النظر عن الفتاوى التاريخية لليسار السوداني في هذا الشأن فإن الإدانة جاءت من الترابيين من الإخوان المسلمين السودانيين ونحن نعرف -ومن نافلة القول- أن الإخوان في مصر والسودان ولغوا في المال الأمريكي منذ عشرات السنوات مباشرة وعن طريق أطراف أخرى ولكن حيدر مضى للازراء بالترابيين السودانيين أنهم حصلوا على المال مثل عبدالله علي يعقوب ودوره المشهود في بنك فيصل الإسلامي بل نقول له إنهم تلقوا الدعم من أمثال الإخوان الكويتيين ومؤسستهم جمعية الإصلاح ومجلتهم المجتمع ومن شخصيات ومؤسسات خليجية باسم محاربة الشيوعية والناصرية والدعوة والتبشير مثل مؤسسة : منظمة الدعوة. كل هذا حصل من الإخوان السودانيين في السلطة وقبلها والآن ظهت كتب في الغرب تكشف ذلك ولكن تلك الممارسة لاتبرر له ما مارسه هو لأن الممارستين من قبل الطرفين مدموغتان بالعيب خاطئتان! ثم عاد حيدر إلى القاهرة وأصدر باسم مركزه كتابا عن ثورة أكتوبر في ذكراها الخمسين، شارك في كتابته كتاب من اليسار ومن الجمهوريين وذلك ليس مصادفة بل استمرار لمخطط ولكن العجيب في الأمر أن حيدر إبراهيم قال في تقديم الكتاب إنه يشكر "أصدقاءنا" الذين ساعدونا على طبع هذا الكتاب! وهنا يأتي المربط: من هم هؤلاء الأصدقاء! لماذا لم يذكرهم ! هل هم سودانيون أم عرب! وإذا كان ليس من العيب أن يذكرهم فلماذا أورد هذه العبارة المعتمة المشبوهة! ونحن الآن في اليوم الأول من العام الجديد فبعد أيام ستنشر المؤسسات الأمريكية تقاريرها عن أنشطتها وأسماء من مولتهم وكم دفعت لهم ومن أجل أي مشروع! ومن بينها مؤسسة أو مؤسسات سبق أن مد لها يده ونشرت هي عطيتها التي تصدقت بها عليه! تلك المؤسسات في بلدان ديمقراطية ومسؤولة عن أي مليم دفعتها: لمن ولم! التمويل الأجنبي الذي كان يدافع عن مشروعية استلامه صار يحجم عن ذكره!هنالك من تاجروا ويتاجرون بالعمل السياسي المحض ولكن هناك من يتاجر بالثقافة ويفتح باسمها دكاكين هدفها تحقيق ربح مادي له هو شخصيا! ضعف الطالب والمطلوب! لا فرق في ذلك بين اليمين الترابي واليسار بخشوم بيوته الموصدة على نفسها مثل القبور التي لا تفتح من الداخل!
|
|
|
|
|
|