|
التواطوء والعجز في إنتخابات المهنيين.. محمد على خوجلي
|
mailto:[email protected]@yahoo.com الجماهير هي ميادين النشاط السياسي والإصلاحي للأحزاب والتنظيمات السياسيه مهما كانت طبيعة نظام الحكم القائم (ديمقراطي، ديكتاتوري، شمولي، أو بين ذلك) ومهما كانت أهداف القوى المتنافسه (المحافظه) على النظام القائم أو (تغييره) أو حتى (أقتلاعه من الجذور) فالجماهير هي الجيوش السياسيه. ولذلك تكون علاقات الأحزاب مع الجماهير أهم من علاقات قيادات الأحزاب فيما بينها. ومن دروس ثورة أكتوبر 1964 في السودان تعلمنا – مثلاً- أن وحدة الجماهير المعارضه لا تعني ابداً وحدة قيادات الأحزاب المعارضه... وإنتخابات الإتحادات العامه المهنيه (أغسطس/سبتمبر 2014) على الرغم من أنها أقل درجه وأهميه من إنتخابات نقابات المهنيين، إلا أنها فرصه مواتيه لكافة الأحزاب السياسيه للعمل الدعائى لبرامجها، والنشاط التنظيمي ونقد ممارسات وسياسات القوى الأخرى وعرض بدائلها. والأهم هنا إستعادة نقابات المهنيين وإقتراح مهماتها الجديده ونظمها الأساسيه الجديده وبيان أدوارها المتعاظمه تحت ظل العولمه الرأسماليه ونظام الحكم القائم. وتميزت إنتخابات المهنيين في هذه الدوره بظاهرتين هامتين: الأولى: إمتناع معظم قواعد المهنيين (الذين علموا بها!!) عن المشاركه فيها بما في ذلك أنصار ومؤيدي المؤتمر الوطني الحاكم وشركاه، وهذا الإمتناع الجماعي غير معلن عنه، ولم تنظمه أية جهه كما الإمتناع الجماعي خلال الفتره (1992-2004). الثانيه: إضراب الأحزاب السياسيه عن العمل المنظم بين قواعد المهنيين والخريجين غير المستوعبين. أما حزب (المؤتمر الشعبي) فلم يشارك في الإضراب بل أعلن المقاطعه مع صدور الأعلان بانتهاء الدوره بسبب أن المؤتمر الوطني بواصل ذات الأساليب التى تقوده للهيمنه على الإتحادات العامه المهنيه. وتشير ظاهرة إمتناع القواعد عن المشاركه في الإنتخابات لإرتفاع درجات الوعي السياسي والنقابي بين قواعد المهنيين بدلالة اشتداد النقاشات حول أهمية النقابات وتبعية قيادات الإتحادات للسلطه الحاكمه ودفاعها عن النظام بأكثر من دفاعها عن حقوق أعضائها. وأنه لا أمل في إصلاحها بحكم الواقع والقانون وأن القضيه (اليوم) إستعادة نقابات المهنيين. والإمتناع الجماعي هو تتويج لنضال قواعد المهنيين العفوي والمنظم منذ 2004، حيثُ تمكنت تلك القواعد من الحاق الهزيمه بكافة المناهج الخاطئه ومن ذلك: 1- التصوير الزائف بأن (نقابات المهنيين) هي نقابات (موازيه) أو بديله للإتحادات العامه المهنيه. 2- العمل على المشاركه في الإنتخابات والفوز بالإتحادات ثم تحويلها إلى نقابات أو (مثلاُ يحتذى للإتحادات العامه المهنيه!). 3- جعل الصراع (فنياً) لا (فكرياً) والحديث الذى لا ينتهى عن (الجداول والكشوفات) ..آلخ وهذا التحويل أثر سلباً من حيثُ: - ساهم في طمس جوهر القضيه أو الصراع. - وضع غلاله على عداء الفئات الإجتماعيه الطفيليه للنقابات الديمقراطيه الحره والمستقله وهذه من النقاط التى أبانت بوضوح أن بالساحه السياسيه السودانيه معسكران (معسكر سياسات التحرير) و(معسكر الشعب). 4- أساليب السلطه الحاكمه في المحافظه على هيمنتها على الإتحادات ومنها (القوائم التوافقيه). أما ظاهرة إضراب الأحزاب السياسيه والحزب الذى قاطع فهي تحدث للمره الأولى منذ قيام الجمعيه البيطريه السودانيه 1946 وفي محاولة تفسير الظاهره فأنها تتراوح بين التواطوء ومحافظة الحزب الحاكم على أدوات صراعه وبين عجز العمل القيادي. ومن الوقائع ذات العلاقه: 1- أعتمد المؤتمر الوطني منذ شهور قبل أعلان نهاية دورة الإتحادات على العمل الداخلي (لا الجماهيري) في القطاعات المختلفه بعقد المؤتمرات وترتيب الإستعدادات الإداريه (بطاقات العضويه، الإشتراكات) والقانونيه (الجدول الإنتخابي) وإختيار المرشحين لقوائم الفئات و وضع أسس التعامل مع القوى الأخرى..وبرز تياران داخل المؤتمر الوطني: يدعو الأول لخوض الإنتخابات (ديمقراطياً) وقبول التغيير بما في ذلك الضباط التلاته (المفاتيح) وتمسك التيار الثاني بإستمرار القبضه والإبقاء على الإتحادات (تحت السيطره) بكافة الطرق. والأنفلات الوحيد حدث في الإتحاد العام للصيادله (تضارب المصالح) وظهرت تلات قوائم وكُونت لجنه (حزبيه) لتوحيدها في قائمه واحده. 2- مقاطعة المؤتمر الشعبي (أعلن معها برنامج عملي للتنوير لم ينفذ منه شئ وكانت أفضل خيارات القياده المقاطعه (في حاله مشابهه لايقاف صحيفة الحزب!!) لضمان سلامة العلاقات مع النصف الثاني. وهو أمر مطلوب حتى إنقضاء الشهور الثلاثه!!. ومن جهه أخرى فأن المقاطعه تغطي على فقر القدرات. 3- قيادات حزبيه أخرى وقطاعات حزبيه لم تسمع بإنتخابات المهنيين إلا بعد صدور الأعلان الرسمي ولم تجد الوقت الذي يسعفها لفعل شئ أو حتى قول شئ. 4- قيادات (ثوريه) رأت أن العمل الجماهيري (في هذا المنعطف التاريخي الذي تمر به بلادنا) إنتهت فترته المقرره وأن الاولويه لأمور أخرى (ضحك وتصفيق حاد!!). والإتحادات العامه المهنيه جميعها إشتركت في المنجزات الأتيه: 1- أراضي سكنيه أو منازل لبعض العضويه وهو ما يطلق عليه الإسكان الفئوي. والسكن الملائم هو من الحقوق الأساسيه للإنسان ومن أهداف الألفيه ومن واجبات الدوله والسودان يرفع تقارير بهذا الشأن وغيره للجنه الإقتصاديه والإجتماعيه للأمم المتحده ولا أجد هنا (إنجازاً) ولا (ميزه خاصه). 2- أراضي زراعيه وبيوت محميه وشراكات لتربية الدواجن والأبقار. 3- تمليك العربات. 4- إشتراك عضويه ضئيله في نظام التأمين الصحي (أستفاد منه أربعمائه وخمسين عضواً في الإتحاد العام للصحفيين) وهو أيضاً من الحقوق الأساسيه ويستطيع الخريجون غير المستوعبين الإشتراك في النظام عن طريق (الولايه) أو (صندوق الزكاه). 5- إقامة الأبراج، وقاعات المؤتمرات و ورش العمل. 6- إقامة الفنادق والمراكز الصحيه والطبيه و وكالات السفر والسياحه. 7- مشاركة القيادات (دائماً الضباط الثلاثه) في المؤتمرات والمنظمات والمعارض الأفريقيه والعربيه والدوليه وترتيب تولى منصب هنا أو هناك. أما القضايا الحيويه التي تهم الوطن وفئات المهنيين فلا أثر لها وإذا وجد يكون عابراً وغير منتج ومن ذلك: 1- قضايا التخصصات والتى أصبحت لمن يملكون المال لا العلم أو التميز أو الموهبه. ويمكن أن يكون التخصص من أدوات الأغراء. وهذه قضيه كبرى (ومن النماذج): معلوم أن حقبة الصيدلاني العمومي قد أنتهت ويزداد عالمياً الطلب على التخصصات الصيدلانيه. 2- قضايا التوظيف: شغل الوظائف الشاغره. 3- قضايا الحمايه الإجتماعيه (الضمان الإجتماعي، التأمين الصحي). 4- صناديق الزماله (المساعدات الإجتماعيه) وأهليه وديمقراطية صناديق التكافل والجمعيات التعاونيه الإنتاجيه والإستهلاكيه. 5- تأمين البطاله لفاقدي الوظائف دون إرادتهم وإعانات وصناديق المهنيين غير المستوعبين. 6- الهجره وأثارها والعماله الأجنبيه. 7- قضايا التدريب (الإتحاد العام للبيطريين السودانيين) من الإتحادات العامه القليله التى أقامت لها وحده لتشغيل الخريجين ولا أظن أنها قد قدمت شيئاً مذكوراً و وحدة التنميه البشريه للتدريب والتأهيل وأعلن الإتحاد أنه قدم مساعدات تدريبيه لحوالي سبعمائة طبيب وطبيبه. 8- قضايا المرتبات والأجور والهياكل الخاصه للمهنيين والتدرج. 9- قضايا المهنيين العاملين بالقطاع الخاص ومنها شروط الخدمه العادله (عقود العمل المشتركه/ عقودات عمل طرق الإستخدام الجديده) ونذكر أن عدد الشركات 45311 منها 8566 شركه أجنبيه و260 فرعاً لشركه أجنبيه وهناك 91587 أسم عمل. 10- قضايا البحث العلمي. 11- نقص الادوات والمواد والمعدات والمعامل والأجهزه الحديثه والمراجع..إلى آخر وتوفير بيئة العمل المناسبه. 12- إزالة آثار التمكين وتولى صغار السن وغير المؤهلين قيادة العمل !. ومن المفاهيم الراسخه: أن العمل الجماهيري (وإنتخابات المهنيين من أشكاله) وحده لا سواه هو أداة تعبئة الشعب وتنظيمه ( حتى إذا لم يكن مطلوباً أو مستحيل الفوز في الإنتخابات) والإمتناع هنا هو التخلي الطوعي عن جبهة نضال هي من صميم جبهات العمل.. ولأنه لا يوجد فراغ في السياسه فمن الضروري أن بتصدى الشباب لملء الفراغ. والتطور الباطني لحركة الجماهير ينبئ بأشكال عمل جديده وتنظيمات جديده أنظر نموذج (تحالف إسترداد حقوق التقنيين مارس 2010) وتابع عشرات التنظيمات المستقله حتى أغسطس 2014. تنظيمات غير مسجله ولا مقار لها ونمول نشاطها بنفسها . ليست اداه لاي حزب حاكم أو معارض. وهذه تنظيمات معسكر الشعب، تحيا ونتنفس وتسير في الشوارع وغير معترف بها من كل الجهات الرسميه والإحزاب الرسميه..هي تنظيمات معسكر الشعب. وبذلك يكون هذا المقال خاتمة السلسله التى بدأت بالمقال: الإختبار الأول للحوار المجتمعي: حالة مسجل تنظيمات العمل.
|
|
|
|
|
|