|
التواضع هو الشفاء لنفوسنا العليلة بقلم الريح عبد القادر محمد عثمان
|
04:24 PM Sep, 01 2015 سودانيز اون لاين الريح عبد القادر محمد عثمان-لاهاي مكتبتى فى سودانيزاونلاين
كلنا جميعاً نفتقر، بقدرٍ ما، إلى التواضع. نحن فقراء إلى التواضع ونحن لا ندري. أشد الفقر فينا فقرُنا إلى التواضع، ونحن لا ندري. نعم نفتقر إليه لأننا نجهل حتى معناه، أو لا نعرف من معناه ألا ما لا يغني شيئاً. نعتقد أن الشخص البشوش (أخو الأخوان) هو المتواضع. وغير ذلك من الصور النمطية التي لا تعكس بالضرورة حقيقة التواضع. التواضع في القلب أولاً.
لقد أنسانا الشيطان معنى التواضع الحقيقي لأن الشيطان أكثر من يدرك مغبة التكبر. أعظم ذنب عاقب الله عليه أحداً من عباده هو التكبر. وألعن المعاقبين هو الشيطان الرجيم. فالله عز وجل لم يعاقب إبليس ذلك العقاب الشديد لأنه عبد الأوثان. بل عاقبه على تكبره. استكبر أبليس ولم يسجد لله لخلقه آدم،عليه السلام. عبادة الأوثان هي الشرك الأصغر (لوضوحها وسهولة التحرز منها مقارنة بالشرك الأكبر). وإنما التكبر (عبادة الذات) هو الشرك الأكبر. نعم التكبر هو الشرك الأكبر، الذي استحق به الشيطان أقصى العقوبة، ألا وهي الطرد من رحمة الله، بلا رجعة. التكبر هو الشرك الأكبر لأنه يحتاج إلى الجهاد الأكبر لمقارعته، جهاد النفس. عندما يقلع عبدة الأوثان عن عبادتها ويحطمونها تنتفي خشية الرجوع عليها بسهولة. لكن التكبر داء عضال لا شفاء نهائياً منه، ولا بد من العمل على التخلص منه صباح مساء. معنى التواضع هو أن تضع نفسك على الأرض (التي خلقت منها وإليها تعود) ولا ترفعها عن الأرض بمثقال ذرة. إن رفعتها بمثقال ذرة فقد تكبرت، ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. معنى التواضع ألا ترى نفسك أفضل من أي شخص: لا أخاك، لا أختك، لا زوجتك، لا ولدك، لا صديقك، لا زميلك، لا جارك، ولا الغريب، ولا حتى عدوك. التواضع ألا تغتر ولا تفتخر بجنس ولا نوع ولا لون ولا قبيلة ولا بلد، ولا أي شيء. تريد أن تفتخر بدينك؟ هل تضمن أن تموت عليه؟ إذن لا تفتخر بشيء لا تضمنه. إن كنت تحب دينك فاشكر الله عليه وأسأله أن يرزقك حسن الخاتمة. اشكرْ ودع الفخر، فإن الله لا يحب كل مختال فخور. كل فخور لا يحبه الله، بلا استثناء. التواضع أن تخشى لو قيل أن شخصاً واحدا لن يدخل الجنة أن تكون أنت ذلك الشخص. ولو قيل أن شخصاً واحدا سيدخل النار أن تكون ذلك الشخص. التواضع أن تعتقد حين ترى البلاء النازل على بلدك أنه ينزل بسبب ذنوبك أنت، قبل ذنوب غيرك، فتخر مستغفراً. التواضع ألا تعتقد أن الآخرين هم سبب البلاء النازل وتنزه نفسك. التواضع ألا تزكي نفسك أبداً، ولا تبرئها، ولا تبغي لها السمعة، ولا تطلب لها الجاه. التواضع ألا ترى لنفسك فضلاً، ولا قدراً، ولا قوةً ولا حولا. التواضع هو شفاء نفوسنا العليلة في هذا العصر المأزوم، المحروم من نعمة التواضع. بعض الناس يذهب إلى الطبيب النفسي مستشفياً من عقده، وبعضهم تتلاشى عقده بنور التواضع حين يغمر قلبه. أليس التواضع هو الإسلام نفسه (الذلة لله والتواضع لخلق الله)؟ أليس التواضع هو تحقيق الإقرار لله بالألوهية وللنفس بالعبودية؟ أليس التواضع هو جماع الأخلاق الحميدة كلها: الصدق، الأمانة، الإخلاص، الوفاء، الكرم، الحياء...الخ؟ ألا يغدو كل ذلك رياءً حين ينعدم التواضع؟ أليس التواضع هو الصفة الوحيدة التي تقاس بميزان الذهب، بالذرة؟ أي صفة أخرى غير التواضع تقاس بالذرة؟ ألا يصبح التواضع بذلك هو الشفاء لنفوسنا العليلة في هذا العصر المأزوم، المحروم من التواضع؟ ألا يكتفي المتواضع بأقل القليل؟ ألا يستحي المتواضع؟ ألا يؤثر المتواضع غيره على نفسه ولو كان به خصاصة؟ هل يكذب المتواضع؟ هل يغضب المتواضع لنفسه ويصب جام غضبه على الناس؟ هل يسرق المتواضع أموال الناس ليتطاول بها في البنيان ويقتني بها أفخم السيارات؟ هل يمتشق المتواضع بندقيته مطالباً بالسلطة والثروة؟ هل يخرج المتواضع بليل ليستولي على السلطة؟ هل يتكالب المتواضع على الحكم؟ هل يرهن المتواضع كل عمره للوصول إلى الحكم؟ هل يبقى المتواضع في الحكم والناس له كارهون؟ هل يجرؤ المتواضع على قتل الناس بحزامه الناسف؟ هل يكون المتواضع مستعداً لإزهاق أرواح الناس وإلحاق الأذى بهم استخفافاً بهم؟ هل يستنكف المتواضع من أن يعمل عملاً متواضعاً شريفاً يعيل به نفسه وأهله؟ هل يرفض المتواضع أن يتزوج ذات دين؟ هل تفضل المتواضعة العنوسة على الزواج من الفقير؟ هل يقطع المتواضع رحمه ويهجر أهله؟ هل يشتم المتواضع الناس ويسبهم؟ هل يأكل المتواضع وجاره جائع؟
أليس هذه وغيرها هي العلل التي نفتقر إلى التواضع لعلاجها في عصرنا هذا المأزوم، المحروم من نعمة التواضع؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لقد أوحى إليه ربي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد" وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "من تواضع لله رفعه"
أحدث المقالات
- الإتحاد البرلماني الدولي.. أين الديمقراطية؟ بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 09-01-15, 03:07 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- خذوا الحكمة من الجنرال سلفاكير..!! بقلم عبدالباقي الظافر 09-01-15, 03:04 PM, عبدالباقي الظافر
- (راميها) جمل !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-01-15, 03:02 PM, صلاح الدين عووضة
- المعتمدون.. كيف يحكمون الخرطوم؟! بقلم الطيب مصطفى 09-01-15, 03:01 PM, الطيب مصطفى
- إنها الإدارة ..!! بقلم الطاهر ساتي 09-01-15, 02:59 PM, الطاهر ساتي
- ما وراء الدعوة إلى الحوار النوبي النوبي!!.. بقلم عبدالغني بريش فيوف 09-01-15, 04:54 AM, عبدالغني بريش فيوف
- مستنقع الموت وسط جوبا بقلم ميارديت شيرديت دينق 09-01-15, 04:02 AM, ميارديت شيرديت دينق
- مزامير البؤس شعر نعيم حافظ 09-01-15, 03:59 AM, نعيم حافظ
- بيع الترام في السويد بقلم شوقي بدرى 09-01-15, 03:25 AM, شوقي بدرى
- قانون الفاتكا و الخاص بالإيفاء الضريبى لمن لديهم حسابات مالية خارج الولايات المتحدة الأمريكية 09-01-15, 03:22 AM, ماهر هارون
- بين زنقة زنقة القذافي.. و كركور البشير! بقلم عثمان محمد حسن 09-01-15, 01:49 AM, عثمان محمد حسن
- سلام الجنوب .. سلام السودان بقلم نورالدين مدني 08-31-15, 10:24 PM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|