خالد عطا • نعم هناك تمييز قومي ومنهجي ومقصود في السياسة التي تتخذها دولة إسرائيل على مدى سنوات تجاه فلسطيني 48، من أجل إبقائهم فقراء ومستضعفين • في ظل غياب الزراعة والمناطق الصناعية داخل البلدات الفلسطينية في أراضي الـ 48، ليس أمام الفلسطيني إلا أن يلجأ إلى العمل عبر مراكز التشغيل • تواصل اسرائيل إدارة سياسة ممنهجة وبشكل غير معلن بهدف «تهويد الجليل» من خلال سياسة تخصيص غير متساو للأراضي • نتنياهو: الفلسطينيون في دولة إسرائيل ليسوا إسرائيليين حتى النهاية • تأتي إسرائيل في المرتبة الثانية عالمياً من أصل 65 دولة في عمق فوارق التعليم لديها، وهذا ينعكس لاحقاً في تعميق الفوارق الإقتصادية ـــــ الإجتماعية في بداية الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني/ يناير 2016 عرضت على رئيس الوزراء الإسرائيلي وثيقة في 100 صفحة كتبت في آب/ أغسطس 2015 من دوائر حكومية هي: وزارة المالية الإسرائيلية، ديوان رئيس الوزراء، ووزارة المساواة الإجتماعية [سلطة التنمية الإقتصادية لأوساط الأقليات].وتسمى هذه الخريطة «خطة شاملة لدمج المجتمع العربي إقتصادياً» وهي ما سوف نتناوله في هذه الدراسة.
توزيع الموازنة في توزيع الموازنة على المناطق داخل إسرائيل يلحظ التالي: • إن الموازنة الشاملة للمقيم في سلطة عربية أدنى بـ 10% من الموازنة في السلطات اليهودية الأضعف وأدنى بنسبة 45% من السلطات اليهودية الأقوى (مناطق الوسط). • إن دخل المقيم في المناطق العربية أدنى بنسبة 60% من المناطق اليهودية. • عند فحص حصة المقيمين من رسوم وضرائب فإن الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل يحصلون على سدس ما يحصل عليه الإسرائيلي المقيم في الوسط اليهودي. ويعود هذا الإنخفاض إلى أن معدلات الجباية في الوسط العربي كمتوسط 58% في مقابل 73% في الأوساط اليهودية الفقيرة. ويعود هذا الفرق في أن دخول سكان المناطق العربية منخفضة وأن جباية الضرائب والرسوم تقتصر فقط على قضايا السكن. لكن التقرير يرصد أن معدل جباية الرسوم والضرائب في الوسط العربي والوسط اليهودي المتدين والشرقي ضعيفة. هذا الإنخفاض في معدل جباية الرسوم والضرائب الهائل في الوسط العربي(البلدات العربية) يعود إلى نقص في الأراضي المخصصة للبناء. ويلحظ التقرير أن البلدات العربية بالذات هي الأدنى في نسبة تخصيص الأراضي للبناء، وأن إسرائيل تواصل إدارة سياسة ممنهجة وبشكل غير معلن تتمثل «بتهويد الجليل» من خلال سياسة تخصيص غير متساو للأراضي والبلدات العربية لا تستطيع أن تقوم بمبادرات نتيجة ضعفها، ولهذا تقوم الدولة الإسرائيلية بإقامة مناطق صناعية نيابة عن هذه البلدات ذات السلطات الضعيفة. إن مشكلة المناطق الصناعية في الوسط العربي تعود إلى ضعف الحياة الإقتصادية والتجارية في هذا الوسط حيث تبلغ 10% من الأعمال التجارية في إسرائيل بملكية عربية وهي نصف نسبتهم إلى عدد سكان إسرائيل. وأن 3% من هذه الأعمال التجارية كبيرة والأغلبية الباقية (7%) هي أعمال تجارية في مجالات البناء وشق الطرق أي المجالات التي يتم فيها تشغيل عمال غير متعلمين وتدفع لهم أجور حسب مؤهلاتهم غير ماهرة. وهنا تكمن المشكلة أنه في حالة وجود إستثمارات كبيرة في الوسط العربي فإنها لن تجد الأيدي العاملة الماهرة المدربة التي يمكن الإعتماد عليها.
سياسة الإفقار المجتمع العربي في إسرائيل لا يتلقى أي مساعدات زراعية: في ظل غياب المناطق الصناعية في الوسط العربي، يقول التقرير إنه كان يمكن التعويض عن ذلك من خلال الإستثمار في الزراعة (دعم المزارعين) وخصوصاً أن الوسط العربي كان يعتمد على الزراعة بشكل تقليدي. لا يستطيع الفلسطينيون في الوسط العربي طلب مساعدة زراعية (دعم) في الفروع المخطط لها إنتاج البيض، الحليب ولا الأغنام وتربيتها. لا يوجد أي بند في الموازنة لدعم المزارعين والزراعة في الوسط العربي. محكمة العدل العليا الإسرائيلية أخذت قراراً بإلزام الدولة بالتوقف عن التمييز في حق المزارعين العرب وأن يتم تخصيص موازنة دعم لهم. لم تجدِ هذه القرارات رغم أنها صادرة عن محكمة العدل العليا الإسرائيلية. التمييز غير المباشر، إستخدم من قبل الدولة الإسرائيلية عوضاً عن التمييز المباشر، فمثلاً: الفلسطينيون مطالبون بأن يحصلوا على إذن إستخدام لأصحاب الأراضي المخصصة للزراعة، والدولة الإسرائيلية تعرف أن هناك مشاكل في تسجيل الأراضي في السلطات العربية، وعليه لا يمكن تحقيق هذا الإذن بالإستخدام في الفروع غير المفروزة مثل فرع النباتات، وهنا يكون الإقصاء، فمن أجل الحصول على أرض زراعية ينبغي للفلسطيني أن يكون واحداً من أحد سكان بلدة زراعية مفروزة أراضيها للزراعة. والدولة الإسرائيلية تعرف حق المعرفة أنه لا يوجد بلدات فلسطينية بهذا التوصيف. في غياب الزراعة وفي غياب مناطق صناعية داخل البلدات الفلسطينية في أراضي الـ 48، ليس أمام الفلسطيني إلا أن يلجأ إلى العمل عبر مراكز التشغيل.
فيواجه بذلك عدة صعوبات منها: • تدني البنية التحتية من المواصلات العامة حتى يستطيع أن يلتحق بمراكز التشغيل، لن تتصور أوضاع التمييز التي تواجه الفلسطيني. تقول الوثيقة التي ورد ذكرها في بداية المقال «إن إمكانية التنقل في المواصلات العامة المتدنية تشكل سبباً مركزياً للفوارق الإقتصادية»، هذه الإمكانية المتدنية في الوسط الفلسطيني والتي تجعل الوصول إلى مراكز التشغيل والتعليم العالي قريبة من المستحيل، يؤدي إلى الحد من إمكانيات التنمية الإقتصادية في المناطق الفلسطينية، وإذا أضفنا إلى ذلك إعتراف بل إجماع تام في وزارة المواصلات بأن وضع شيكات المواصلات في السلطات العربية سيء جداً، أي (حالة السوء تعادل 60% بإنخفاض عن حالات مماثلة)، ولنأخذ النموذج التالي الذي جاء في الوثيقة: خدمة المواصلات العامة للمقيم في السلطات الفلسطينية مقارنة ببلدة يهودية بحجم مشابه : • أم الفحم تحصل على 12 خط باص مقابل 22 خط باص في برديس حنا المجاورة والأصغر. • عدد سفريات الباص الأسبوعية في كفرقاسم أدنى بـ 60 % مما هو في أور عكيفا رغم أن كفرقاسم أكبر بـ26%. • الدعم الحكومي من الدولة الإسرائيلية للمواصلات العامة للبلدات الفلسطينية 8% من إجمالي الدعم الحكومي للمواصلات العامة رغم أن في هذه البلدات 14% من سكان إسرائيل.
«الدولة» تعترف أخيراً بالتمييز بدون مواصلات عامة، وبدون زراعة، وبدون مناطق صناعية في البلدات الفلسطينية فإن إتهام المجتمع الفلسطيني بأنه تقليدي على أساس أن 32% فقط من النساء الفلسطينيات يخرجن للعمل هذا يصبح مجرد إدعاء. وكان الفلسطينيين المتعصبين لا يسمحون لنسائهم بالخروج من القرية. (هذا إدعاء لا يمت إلى الحقيقة بصلة). عند فحص هذا الإدعاء أمام الحواجز التي تنتصب في وجه في وجه عمل النساء الفلسطينيات من قبل دولة إسرائيل نأخذ الحضانات النهارية مثالاً تفيد المعطيات بأن 1% فقط من الأطفال الفلسطينيين حتى سن ثلاث سنوات هم في حضانة نهارية، مقابل 7% من الأطفال اليهود. إضافة إلى الحضانات الأسرية فإن 4.5% من تفيد المعطيات بأن 1% فقط من الأطفال الفلسطينيين حتى سن ثلاث سنوات هم في حضانة النهاية، مقابل 7% من الأطفال اليهود إضافة إلى الحضانات الأسرية فإنها تستوعب 4.5% من الأطفال العرب مقابل 9% من الأطفال اليهود. في الموازنة العامة للدولة الإسرائيلية يتم تخصيص 20% من موازنة الحضانات للبلدات الفلسطينية، لكن السلطات في البلدات الفلسطينية لا تستطيع إستغلال هذه النسبة بسبب من مشاكل إدارية صعبة منها مثلاً نقص الأراضي وغياب الأموال اللازمة للتخطيط والبناء. وأخيراً اعترفت الحكومة الإسرائيلية بالتمييز المنهجي الجاري منذ سنوات ضد الفلسطينيين. إذ بعد مداولات استمرت ثلاث جلسات حكومية متتالية اعترفت الحكومة الإسرائيلية بهذا التمييز. لكن الحكومة الإسرائيلية لم تتجرأ على طرح الموضوع على الفلسطينيين لأن بنيامين نتنياهو مازال يقول «إن الفلسطينيين في دولة إسرائيل ليسوا إسرائيليين حتى النهاية». الطفل اليهودي في إسرائيل يساوي تسعة أطفال فلسطينيين يعرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن من يدعم التمييز هم اليهود الإسرائيليون الذين يميزون ضد الفلسطينيين منذ الولادة ويمنعونهم من المساواة في الحقوق. يتحدث التقرير الذي يقع في 100 صفحة عن التمييز في الموازنات بشكل شامل وواسع في كل المجالات وفي كل الوزارات، ويبدأ التمييز في ميزانيات التعليم والذي لا يترك للطفل الفلسطيني أملاً في تقليص الفجوات بينه وبين الطفل اليهودي.
التخلف في جهاز التعليم ليس سراً أن جهاز التعليم الفلسطيني متخلف، فالتلاميذ متخلفون في علامات إختباراتهم في جميع المواضيع وفي كل الصفوف. وعندما تجري مقارنة بين التلاميذ من ذات الخلفية الإقتصادية والإجتماعية يبقى التلاميذ الفلسطينيون متخلفين بمعدلات واضحة أي أن الفقر وحده لا يكفي لشرح التخلف الهائل في جهاز التعليم الفلسطيني في داخل دولة إسرائيل. معدلات التساقط أعلى بمعدل 50% حتى من يتمكن من الحصول على الثانوية العامة فإن الوسط الفلسطيني يحقق نجاح 23% ممن يحملون شهادة بجروت تسمح بقبولهم في الجامعة في مقابل 47% من اليهود. بحث جمعية «سيكوي» للمساواة بين مواطني إسرائيل أظهر وجود نقص خطير في مباني جهاز التعليم في المدارس الابتدائية بمعدل الثلث في الروضة وثلثين أن في الصفوف الأخرى. في التعليم العالي 13% من الشباب الفلسطيني ينجح في الحصول على مقعد في الجامعة رغم نسبتهم إلى السكان 22%. في الماجستير تنخفض النسبة إلى 10% والدكتوراه تتقلص لتصبح 5%. الخلاصة: دولة إسرائيل لا تمنح الشباب الفلسطيني فرصة متساوية في أي مرحلة.
توسيع فوارق التعليم تأتي إسرائيل في المرتبة الثانية عالمياً من أصل 65 دولة في عمق فوارق التعليم لديها ، وهذا ينعكس لاحقاً في تعميق الفوارق الإقتصادية ـــــ الإجتماعية. بدون إلغاء هذه الفوارق في التعليم لن تتمكن إسرائيل من تقليص الفوارق الاجتماعية الهائلة. إسرائيل تدير عملياً سياسة توسيع الفوارق وليس تقليصها هذا ما يتضح من التقرير والدليل أن التلميذ اليهودي يتلقى دوما موازنة أعلى من التلميذ الفلسطيني. بالمتوسط يتلقى تلميذ الإبتدائي اليهودي 30% أكثر من الموازنة التي يتلقاها التلميذ الفلسطيني. وفي المرحلة الإعدادية يتسع الفارق ليصبح50% وفي المرحلة الثانوية يتسع الفارق ليصبح 57% وعليه فإن التلميذ اليهودي يتلقى ميزانية شبه مضاعفة عن التلميذ الفلسطيني والذي يتساقط من التعليم يحقق علامات متدنية في الإختيارات الدولية والمفترض أن يتلقى موازنة مضاعفة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة