|
التكامل السوداني المصري... تكامل سلطات ام شعوب؟
|
التكامل السوداني المصري... تكامل سلطات ام شعوب؟ [email protected] عزالدين الشريف
بدأت في الآونة الأخيرة إجازة وتطبيق بعض الاتفاقيات الجديدة الخاصة بالتكامل السوداني المصري بواسطة برلماني البلدين في خطوات اقل ما يمكن ان توصف به السرعة لكأنما أضحى "الوقت" مشكلة النظامين في الخرطوم والقاهرة مع ان للقيامة علامات، حتى لو كانت نهاية للعالم!! وكما هو معروف فإن الدول ومنذ فجر التاريخ وتكونها كدول تتجه نحو التحالفات والشراكات بحسابات تدركها كل دولة ويدركها كل نظام. وهذه التحالفات، التي تتطور، بحسب حاجة الحاضر، تشكل في محصلتها النهائية شكلا من اشكال القوة/الهيمنة الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية تضع المتحالفين في وضع إقليمي أو قاري أو دولي أفضل من سابقه.
ولابد ان نؤكد في البدء على حقيقة أساسية ان الدعوة إلى وحدة المجتمع البشري بكل دوله ومجتمعاته كانت وما زالت هدف للكثير من الأيدلوجيات والأحزاب التي ضمنتها في برامجها وما العولمة، في تقديري، إلا واحدة من هذه الدعوات إلا أن الأخيرة تتم وفق رؤى أصحاب الثروات في العالم على حساب الأغلبية المغلوب على أمرها حتى في الغرب اقلها نسب البطالة وتردي أوضاع العاملين والتوزيع غير العادل للثروة. وعلى ذلك، فان الدعوة لإحداث تقارب وتكامل ووحدة فيما بين الدول ومن ثم القارات أمر لا نختلف عليه ان تم على أساس ديموقراطي وبرضاء واتفاق الشعوب وبشكل تسود فيه العدالة الاجتماعية في مسماها الأكثر وضوحا: الاشتراكية بقدر ما تسود فيه العدالة السياسية إذ ان انفكاك الأولى عن الأخيرة يجعل الحال مقلوبا ويجعل السلطة بيد مالكي الثروة والمالكين أقلة.
ولكن ما بال التكامل السوداني المصري لا يتم إلا في منعطفات بعينها؟ جرى التكامل الأول بين نظام الرئيس نميري والنظام المصري في وجود الرئيس المصري الحالي أيضا قبل أكثر من عشرين سنة كان النظام السوداني وقتها يتميز بصفتين أساسيتين: كون النظام نفسه نظاما عسكريا لم يصل للسلطة بالشكل الديموقراطي المتعارف عليه، وتردي الأوضاع الداخلية للنظام الذي قارب الانهيار حينها ولم يمضي وقت طويل حتى أصبح نظام النميري في ذمة التاريخ. نقول ذلك ولا نرمي إلى الإشارة للتطابق أبدا لكنه التشابه الأوضح لان الحدث لا يتكرر مرتين وإلا أصبح التاريخ قوالب وتكرار. وما نود الإشارة إليه هو افتقار النظامين الحاكمين في الخرطوم والقاهرة إلى الديموقراطية سواء في الوصول للسلطة أو تحقيقها في المجتمعين. ورب قائل ان بمصر ديموقراطية! وفي تقديري فإن الذي يحدث في مصر هو إصلاح فقير يفتقر الإصلاح وما زالت دعوات النظام المصري لأحزابه ودعوات الأحزاب للنظام للتفاوض حول طريقة وكيفية الإصلاح موضع اخذ ورد فكيف هي الديموقراطية إذن؟ ولماذا الإصلاح إذا كانت هنالك ديموقراطية أصلا؟ وفي أي بلد توجد به ديموقراطية حقيقية نسمع بالتفاوض بين السلطة والأحزاب حول الإصلاح؟ ومصر بلد لا يسمح بانتخاب عمداء الكليات في جامعاته بل يجري تعيينهم وقبل ذلك لا يسمح للطلاب بممارسة السياسة في جامعاته. نظام يحرم الممارسة الديموقراطية في مجتمع صغير كالمجتمع الجامعي كيف حاله والمجتمع الكبير؟ ولنا ان نسأل أقطاب المعارضة في مصر حول حقيقة "ديموقراطية" النظام من عدمها فلديهم الكثير. أما بالنسبة لنظام الخرطوم فانقلابه على الديموقراطية في يونيو 1989م وتنكيله بالأحزاب والنقابات والاتحادات المعارضة والانتهاكات التي قام بها ما أودع النظام في أعلى قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان والمفتقرة للديموقراطية لعدة سنوات الشيء الذي لاقى ادانات متواصلة من المجتمع الدولي ومنظماته فلا تحتاج لكثير أدلة.
بقى ان نشير إلى ان هنالك مسألتين في غاية الأهمية بالنسبة لعلاقة البلدين تتمثلان في منطقة حلايب والأراضي الزراعية التي تبلغ مساحتها مليون فدان في منطقة وادي حلفا "المسماة بترعة توكشي لدي المصريين" -بررت الحكومة السودانية استغلال هذه الأراضي من قبل الجانب المصري بأنه استثمار طويل الأمد- حيث استولت مصر على الأولى واستغلت الثانية بشكل لم تعلن عنه الخرطوم. ونذكر أيضا ان التكامل السابق لم يعمر طويلا بعد قيام انتفاضة ابريل 1985م كذلك اتفاقية الدفاع المشترك، وعلى ذلك فان التكامل الحالي الذي تجري وقائعه تكامل بين سلطتين ولا نحسبه بين شعبين ولا يمكن ان يعبر عن حقيقة رأي الشعبين خاصة بالنسبة للجانب السوداني بحسب ما سقناه من مبررات وهنالك فرق كبير بين الفعل كونه حقيقة والافتعال كونه معكوس الأولى، هنالك أشياء أولى بكثير في هذين البلدين تتوجب الحل والمعالجة أولها قضية الديموقراطية ومن ثم فإن التكامل موضوع آخر ينظر إليه في حينه لا من جانب الأطماع لكن من جانب النفع المشترك في الأساس.
|
|
|
|
|
|