عندما كنت علي علي جهاز الكمبيوتر إستوقفني موضوع الحوار الذي أداره الأخ الطاهر التوم بين الدكتور يوسف الكودة والدكتور محمد علي الجزولي عن موضوع التطبيع مع إسرائيل وعلي سبيل الصدفة علي نفس الصفحة كانت هنالك خطبة الجمعة التي ألقاها الدكتور الجزولي عن نفس الموضوع ، لقد كانت رؤية الدكتور الكودة منذ بداية حديثه تتسم بالواقعية والتعقل والفهم الواضح للفرق بين السياسة والدين بين الحقوق والواجبات للأمم من دون تشنج أو تعصب أو رياء كان الرجل يتحاور بلغة مؤدبة لم يشير من قريب أو بعيد بغمز أو بلمز لشخصية المتحاور معه بل كان جل تركيزه علي إيتاء الحجج والمنطق لما يرى ، فأوضح أن الدين في عهد الرسول الكريم لم يظلم أو يضطهد أو يقصى يهودياً بسبب الدين وأورد الكثير من الأدلة المعروفة من تعامل المسلمين مع اليهود ومجاورتهم ومعاشرتهم وتبادل المنافع معهم والمثول ضدهم أمام المحاكم وعن رهن درع الرسول الكريم لدي أحدهم وكلها حججاً وبراهين علي أن مقاطعة اليهود لم تكن في صدر الإسلام بسبب الدين ولهذا لا يصح إعتبارها اليوم جزءاً من عقيدة المسلمين بالتأكيد هذا القول لا يجرأ أحداً علي إنكاره أو الطعن فيه فكل هذه معلومات معروفة موثقة ومتفق عليها وتبقي بذلك مشكلة فلسطين مشكلة سياسية بحتة لا تنطبق عليها الفروض ولا السنن الدينية فهي أمر دنيوي يجوز فيه الإجتهاد وإختلاف الرؤى ، ويمكن التعاطي معه حسب المقدرة وحسب الظروف المحيطة والعجيب في الامر أن الدكتور الجزولي يتفق مع ما جاء في حجج الدكتور الكودة في الحوار بينهما وكذا في خطبة الجامع بل وكرر في حديثه أن كل هذه أمور معروفة لديه ثم يتركها ويعرج الي الإساءات والتجني بألفاظ تنم عن أن الرجل مازال في مراحل المراهقة الفكرية التي تلازم طلاب المدارس الثانوية عندما يعجز المنطق فينعطف الكلام الي التجريح والإساءة في محاولة للفت النظر وتشتيت الرؤيا فتارة يتحدث عن الحول السياسي لمخالفيه ومرة عن إستنكار الرأي علي مكانة المتحث وكلها أمور أوضحت ضحالة منطق الدكتور الجزولي والإنعطاف عن القضية الاساسية. لقد حاول الدكتور الجزولي أن يقنع المستمعين بلطف الكلمة وعزوبة الإلقاء ، يتأوه وهو يتراقص علي المنبر كأنه يقوم بفاصل غنائي فجاء منطقه معوجاً يخفيه خلف ستار الحركات فكان مخجلاً وضعيفاً. لا أري كيف يستقيم منطق الدكتور الجزولي وهو يتحدث عن إقتصاب الأرض والإعتداء علي الأخوة الفلسطينيين سبباً وجيهاً لمقاطعة إسرائيل ولم يخطر بباله أن مصر إقتصبت أرض السودان وأعتدت علي أهله وما زالت تفعل ولم يفتح الله عليه بكلمة ولم يحمل السلاح ليدافع عن أرضنا وعن إخوتنا في الدين والوطن ؟ فأنت يادكتور الجزولي لست عربياً أكثر من الأردنيين ولا المغاربة ولا الأماراتيين ولا الكثير من الدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل ولست أكثر إسلاماً من أوردوغان ولا الكثير من الدول الإسلامية التي تقيم علاقاتاً مع إسرائيل ولا حتي أولي من مصر التي تجاور الفلسطينيين حتي تتبني هذا الخط المتشدد أكثر من غيرك من دون حول ولا قوة وليس لديك أكثر من كلمات تلقيها علي المنبر تكسب بها الوجاهة وينام أطفال السودان يدفعون ثمن هذا التزمت الجاهل الأعمي وربما المغروض منك ، فإذا كنت أنت ممن يحبون فلسطين إذهب وكافح معهم في غزة لا تتخفي هنا وتتمايل في منابر المساجد إن السودان دفع الكثير لكل الدول العربية والأفريقية ووقفت جميعها تتفرج عليه في جميع المحن التي مرت عليه بل وكانت جميع مصائب السودان إما من الدول العربية أو الأفريقية المجاورة ومازالت كذلك ، أمدو الجنوب بالسلاح والمتمردين بالسلاح في دارفور وأمدوهم بالمعلومات اللوجستيه وكل هذا بسبب أمثالك ممن يلهثون خلف الشهرة والظهور علي أكتاف أهل السودان في جهل وغباء وصحيح إن القلم لا يزيل بلماً ، فأنت تحفظ التاريخ والآيات القرآنية ولكنك لا تعرف كيف وأين تستخدمها تلهث خلف الظهور وتبيع مقدرات هذه البلد فيجب عليك أن تخاف الله في هذه الأمة وترعوي فإن أهل السودان قد تأذوا كثيراً من أمثالك الذين حفظوا العلم ببغاوياً وعجزوا عن فهمه فكانوا وبالاً هذه الأمة فبما أنك لا تعرف أترك الأمر لمن يعرف يا هداك الله إن إسرائيل لم نري منها شراً ولا كيداً خاصمناها تعاطفاً مع الآخرين الذين تركونا وركضوا يتحالفون معها سراً وعلانية والآن يستخدمون أمثالك لنبقي في دائرة العداء الدولي تحت مسميات لم يعرف بها السودان إلا عندما رفعتم أنتم راياتها بإسم البلد واستخدموكم ليشار الي السودان بالإرهاب ويحاصر من دون ذنب إلا لأن السودان وقف في الحياد عندما ضرب العراق أتدري من أوشي بالسودان؟ أتدري من تآمر عليه إذا لم تعرف فإقراء ماكتب فإن عدو الداخل يؤذينا أكثر من عدو الخارج فعليك أن تخاف الله في أهلك ووطنك فلن ينفعك الآخرين وهذا البلد هو لك ولأبنائك فلا تدخل أصبعك في عينك ، إن التطبيع يا سيدي لا يعني تطابق الرؤى ولكنه وجود ممثلين بذلك البلد يمكنهم الإختلاف والإتفاق حول القضايا ليس كما تظن أنت بأنه التسليم لهم بكل شيء فلا تحشر الدين حشراً لتضليل العامة بأنك خليفة الله في أرضه والسودان يمكنه أن يلعب دوراً أكبر إذا طبع علاقاته مع إسرائيل لمصلحة الفلسطينيين ليس هذا كفراً ولا شركاً بالله. وإذا أنت كنت مؤمناً بأن عليك مقاطعة كل كافر بالدين الإسلامي فلماذا لا تنادي بمقاطعة أميركا وجميع الدول الأروبية ، أم أن إسرائيل بقيت عندك منذ عهد الطفولة ومازرعه المصريين في عقول أطفالنا "فلسطين الجريحة" فكان السودان أكثر جرحاً؟ أفيق يا دكتور من هذا البنج الذي لازمكم من زمن الطفولة ودع مجالاً لعقلك أن يحكم ولا تأخذك العزة بالإثم يوسف علي النور حسن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة