|
التضـــاد في لغة الضـــاد
|
التضـــاد في لغة الضـــاد
دعونا نستريح من هوس الإنتخابات الخاصة بالإتحاد العام ومن وزحمة الكلام الفاضي والمليان وبعبارة أخرى (( الكلام الساكت )) !!!! فقد درجنا نحن السودانيين من خلال دارجيتنا المتميزة .. ان نطلق بعض العبارات على علاتها نفهم معانيها بالحرفنة احيانا ومرات أخرى بالإختزال .. بمعنى أننا نفه! مها طائرة .
لقد تمنيت وأنا في أثناء إجازتي هذه أنا أرى كمساريا في أي حافلة وهو يتحدث لغة رطبة راقية مهذبة فيها شيء من الذوق واللطافة كأن يقول للركاب (( لو سمحت - من فضلك - شكرا - آسف - إتفضل - أو نحو ذلك )) وبدلا من ذلك نسمع فرقعة بالأصابع هي أقرب للصفقة منها الى الفرقعة حيث يستعمل فيها الكمساري أ_ d5بعه الأوسط إنزلاقا الى جذع الإبهام فيحدث صوتا .. ولهم في ذلك مقدرة عالية على الفرقعة المتميزة ... حتى خيل لي أن أول إختبارات المهنة عندهم أن يكون الكمسارا قادرا على هذه الطقطقة وبقوة ..
بيما كنت ذات على متن إحدى الحافلات شاهدت حالة فريدة لم أعهدها فقد وجدت ( كمساريا ) خيب ظني .. وعلى عكس ما وقر في خاطري .. لا يحدث فرقعة حديثة مليء بالعبارات المهذبة واللطيفة .. يعفو عن المعسرين في عباراته لون من السماحة والأدب .
تعجبت مما أرى !! وأحسست بأنني ظلمت هذه الفئة بحكمي عليها .. وهممت أن أسأل هذا الكمساري عن سر هذا التميز .. لكنه عاجلني بسؤال لم أتوقعه قائلا :- طبعا مستغرب تشوف ليك كمساري بالطريقة دي ؟؟ ... دهشت لأن الكمساري قرأ أفكاري وأصاب (( كبد الحقيقة )) حتى إهتزت أوصال أخينا ( مزمل أبو القاسم ) .
قلت له :- نعم أنا في غاية الإستغراب مما أنت فيه .. قال لي أنا ساكن في حلتكم وأمبارح ونحن في الحافلة دي كنا نحن والركاب بنسمع كلامك في الإذاعة وسمعنا كل حوارك حول سلوك الكماسرة .. ولأنناعرفناك وانت جاي تركب معانا انا قلت للسواق دا العارض بتاع أمبارح .. قام السواق قال لي نشيل القنب! لة الموقوتة دي بهداوة ونكون مؤدبين لغاية ما ينزل وبعد ما ينزل ندور في اللداحة مع العالم الوهم ديل .
بالفعل فقد كان لي حوار عبر إحد البرامج الإذاعية التي تتلمس المشاكل الإجتماعية لكن المشكلة الآن هي أن الكمساري يعتقد أن لغة التعامل يجب أن تكون باللداحة والشدة بينما يرى الناس جميعا أن الكمساري شاب قليل الأدب بالفطرة مما يجعل الساحة حبلى بعدم المحبة والإلفة بين الراكب والكم 'd3اري ....
بهذه المناسبة ... أحد أصدقائي الخليجيين قال لي يوما :- يا صلاح أنا عايزك تشرح لي عبارة (( بتكلم ساكت )) وكيف لإنسان ساكت أن يتكلم .. وكيف ينسب قول لساكت ؟؟؟ قلت لصاحبي الم يقل شوقي :-
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيناي في لغة الهوى عيناك ؟؟؟
قال نعم .. قلت له ألأم تسمع العبارة التي تقول ( إن في الصمت كلام ) قال بلى .. قلت له نحن قوم نزن الكلام ولا نستمع فقط .. فإن كان قولك فيه فائدة فهو كلام وإن جاء خاليا من الفائدة إحتسبناه نفسا خرج عن طريق الفم ... وكانك لم تقل شيئا .. وهذا هو معيار السكوت والكلام عندنا ... وهنا قال لي صہ fيقي :- خلاص إعتبرني بتكلم ساكت .
هل فكرت أخي وانت تقول لصديق من البلاد العربية ( أنا جيت الليلة الصباح ) وانت في منتصف النهار أي أن الليل لم يأت بعد .. وقد جمعت في جملتك نقيضين لا يجتمعان أبدا هما الليل والنهار ..
هل فكرت وانت تقول لصديق لك من مصر مثلا واصفا لة شخصا أسود اللون وانت تقول (( عثمان دا زول أخضر )) ترى ما الذي يمكن أن يدور في خلد هذا الفرعون الصغير ؟؟ ربما تخيل أنك تتحدث عن حرباء أو نبته .. لكنه لن يتصور إنسانا أخضرا ..
حتى شرابنا السوداني الرمضاني المفضل فقد جمعنا فيه الحلو و المر ليكون لنا ( الحلومر )
أما العبارة التقليدية التي يكتبها كثير من الناس في خطاباتهم والتي تقول :- ...... ولا تنقصنا الا عدم مشاهدتكم الغالية .. بينما الصواب لا تنقصنا الا مشاهدتكم بحذف كلمة ( عدم ) حتي لا ينقلب المعني للضد وكأنك لا تريد مشاهدته ..
. catsأما كلمة كديس ( قط ) فهي من أصل إنجليزي هــو حورتها الدارجية السودانية وصغرتها وأنثتها
من مدينة النيلين تحياتي
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو ) [email protected]
|
|
|
|
|
|