|
الا أساتذة الجامعات يا أستاذ عثمان ميرغني !!!!!!/فتح الرحمن عبدالباقي
|
قرات مقالكم المنشور بصحيفة الراكوبة ، بتاريخ 18/12/2013م ، والذي يدعو أساتذة الجامعات للهجرة خارج السودان ، ويا ليتني لم ادخل الى هذا الموقع ذاك اليوم ، ويا ليتني لم اطلع عليه او اقراه ، ولأول مرة ــ وانا من يظن نفسه بانه قادر على تطويع الكلمات في اصعب اللحظات ـــ اشعر بانني فاقد القدرة على عكس إحساس انتابني ، فقد ارتعشت اصابعي ، وانسكبت دموعي ، لوعة والما ، وانني كنت في الدوام واسترق لحظة ، او اقتطع من وقتي ، والذي في الحقيقة ليس ملكي انما ملك من اعمل معه ، واستلم منه راتبا آخر الشهر ، ورغم المشغوليات الكثيرة الا انني تسمرت ، وقمت باغلاق كل الملفات المفتوحة وقتها ، واتجهت صوب الكيبورد لأعبر عن هذه المشاعر ، ولكني لم استطع وصفها فاكتفيت بوصف الحالة التي انتابتني ، دون وصف مشاعري ليعيش غيري شعوري والمي . نعم لقد أصاب انسان السودان ما أصابه جراء ، حكم حكومة المؤتمر الوطني للسودان ، لربع قرن كامل ، ولقد تأثرت كل قطاعات المجتمع ، وكل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وأصاب الحياة ما أصابها نتيجة احداث داخلية وخارجية ، وكانت وللأسف الشديد فئة المعلمين والأساتذة الأكثر تأثراً ، ولقد تأثر التعليم تأثيرا كبيرا في هذا الزمن العجيب ، وكان نتيجة ذلك التأثير المباشر على مستويات الطلاب ، والتي لا يسال عنها المعلم اطلاقا . استاذي عثمان ميرغني ان فئة المعلمين في المدارس الابتدائية او المتوسطة او الثانوية ، وهذا على الزمن القديم ، ومن ثم أساتذة الجامعات وقمة الهرم المثقف والعالم ببواطن مصالح السودان واهل السودان ، لا يحتاجون الى نصح من أي شخص كان ، فأستاذ الجامعة عزيزي الكريم ، قد نال من الشهادات ما نال في مجال تخصصه ، ولكي يصل الى هذه الشهادات ، عرك الحياة وعركته ، وعاشر صنوفا من البشر والثقافات سواء بالإحتكاك المباشر عبر الهجرة المباشرة ، الى الدول التي نال منها هذه الشهادات ، او عبر ما تعلم من علم ، وما تلقى من معلومات . عبر سطور الشعوب وحروفها . ان الأستاذ الجامعي استاذي عثمان ميرغني ، يعرف اين مصلحته ، ان كانت في الهجرة الداخلية او الخارجية ، او البقاء قابضا على جمر قضيته ، متمسكا بوطنه ووطنيته ، عارفا بواطن اموره وخوارجها ، يعرف متى يتكلم ومتى لا يتكلم ، وهو الذي يرى انتاجه ، وما فعل في تقدم أبنائه ، رغم الإمكانات الشحيحة ، ورغم المعاناة ورغم كل الهموم التي وضعت على عاتقه ، وهو الذي لا ينظر الى المردود ولا ينظر الى المعامل ، ولا يهمه حتى ولو كان الدرس المعملي نظريا الا انه قادرا على توصيل فكرته وهدفه ، وانه يجد المتعة والراحة النفسية في الابداع الذي يبدعه حينما يكون الدرس المعملي نظريا ، لأنه يبذل اقصى جهده لايصال الفكرة ، ويكون اكثر سعادة عندما تصل الفكرة الى المتلقي عبر هذه الإمكانات الضئيلة المتاحة . ان هذا الأستاذ الجامعي لو كان يفكر بنفس عقليتي وعقليتك لما وصل الى ما وصل اليه ، فمعظم أساتذة الجامعات الموجودون الان ، قد نالوا درجات الماجستير والدكتوراة في عهد حكومة الإنقاذ ، وعاشوا هذه المعاناة منذ البداية ، وتعرف صعوبة حتى التفكير في الدرجات العليا في عهد الإنقاذ ، فجل الخريجين كان همهم كيف يستطيع مساعدة اسرته ، وكيف يستطيع مساعدة نفسه ، وتحقيق طموحاته ، فاغترب من اغترب لتحقيق أهدافه ، وباع من باع لفعل ذلك ، فكان تفكير أساتذة الجامعات ومنذ اليوم الأول استاذي عثمان ميرغني مختلفا عني وعنك ، جل من نال هذه الدرجات اتجه ، الى قاعة الدرس ، ليتحصن بالعلم ، مع حاجته الماسة للوظيفة او الهجرة فمنهم من اتجه الى قاعة الدرس مباشرة ، دون ان يعمل ، وكثيرون من التحق بقاعات الدرس وهو يعمل . اذن أستاذ عثمان ميرغني هؤلاء تفكيرهم ليس كتفكيرك وتفكيري ، هؤلاء قوم حظاهم الله بالعقل الراجح ، والنظرة الثاقبة وطول النظر . استاذي عثمان ميرغني ، الا يكفي هؤلاء البلاء الذي اصابهم ، من حكومة المؤتمر الوطني ، والذي انت بصدده ، ونتيجة لانفعالك وتفاعلك معهم ، طلبت منهم وللأسف الهجرة والان وقبل أي وقت مضى ، وبلا تردد ولا نكوص ، وهم من يتلذذ بهذه المتاعب التي على ظهورهم ، وهم من يتلذذ بان بصعوبة وصوله الى جامعته ومقابلة طلابه بصدر رحب وقلب مفتوح وابتسامة تدل على ان صاحبها ملك الدنيا ، ونعم فقد ملك الدنيا بقناعته وبحبه لتراب وطنه ، ولنظرته التي اهلته لنيل درجة الدكتوراة . عذرا أستاذ عثمان ميرغني ، فهم ليسوا في حاجة الى نصح لكي يهاجروا ، وكانوا سيقبلونها ، لو تحدثت عن معاناتهم ، وانا متأكد بأنك تتحدث من منطلق الغيرة وليس المكيدة ، وكانوا سيقبلونها لو تحدث غيرك ، وانت الأستاذ عثمان ميرغني ، صاحب القلم المعروف ، وعلم من اعلام الصحافة السودانية ، فهم بشر ويعانون كما نعاني ، ولكنهم ليسوا مثلنا شفافون مختلفون عنا في كثير ، ولو لم يكونوا كذلك ، لما نالوا هذه الدرجات ، فهم يعانون جور الحكومات ، ويعانون نظرة عامة الناس ، واستفزاز مجريات الحياة لهم ، من مسكنهم وملبسهم وسياراتهم ، وان من يعمل بالأعمال الهامشية ولا يستطيع فك حرف واحد ، الا ان العائد المادي لديهم اكبر من ذلك ، فهم مهمومون ، فاتركهم لظلم الدولة وعامة الناس ، ولكن ان تأتي هذه الدعوة ومن الصحافة فالأمر قاسي وقاس جدا ، وأتمنى ان تقول بانه مقال غير موفق ، مثله مثل دعوتك في مقال سابق بمنع الناس من ممارسة سنة فضل الظهر عندما تمت سرقة اللابتوب . فتح الرحمن عبد الباقي مكة المكرمة 19/12/2013م [email protected]
|
|
|
|
|
|