دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الاخوان وصناعة الفشل الاقتصادي في السودان معتصم الاقرع
|
اختلفت القراءات و التحليلات حول قرار بنك السودان المركزي بحظر تمويل العقارات ونوع معين من السيارات الخاصة مستثنيةً سيارات النقل العام التي حددها في منشوره رقم 3/2014م الصادر بتاريخ 13/05. الشيء الملفت للنظر أن القرار حظي بقبول وتأييد من بعض دوائر المعارضة واليسار. بداية نُؤكد أن قطاع العقارات يستحوذ علي نصيب مرتفع من التمويل المصرفي كما لاحظ بنك السودان. وهذا أمر غير صحي. لأن قطاع العقارات لا ينتج فرص عمل ونمو متواصل مثل قطاعات الصناعة والزراعة وبالتالي فإن أثره على تسريع عملية النمو والتنمية محدود . ولكن حظر تمويل العقارات للأسف لن يحل المشكلة بما أن قرار الحظر يهاجم اعراض المشكلة ولا يطال جذورها من قريب أو بعيد . فشح الاستثمار في الزراعة والصناعة أسبابه عميقة تتعدى مشاكل التمويل بل هي لا علاقة لها بضعف التمويل أصلا .فهناك الاف المستثمرين السودانيين والاجانب مستعدون للإستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة اعتمادا علي أموالهم الخاصة الموجودة داخل وخارج السودان من غير حوجة للحصول علي قروض مصرفية ولكنهم انصرفوا عن هذه القطاعات نتيجة لأسباب اخري تتعلق بسوء ادارة الاقتصاد من قبل الحكومة وتخبطها وفسادها وتناقض الجوانب المختلفة من السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الحكومة بما يهزم كل الأغراض المرجوة من الجوانب المختلفة لهذه السياسات. ففي قطاع الزراعة مثلا أهملت الحكومة الاستثمار في البنية التحتية من ري وطاقة ومواصلات وامكانيات التخزين وتوفير التقاوي والاسمدة في الوقت المناسب. كما ان الحكومة لم تفعل شيئا لتخفيف تأثير المخاطر العالية علي الاستثمار الزراعي فمن المعروف ان الاستثمار الزراعي اكثر تعرضا لتقلبات الجو والاسعار مما يقود ألي تثبيط الأستثمار في هذا القطاع .فمن واجب الحكومة ابتداع صيغ لإمتصاص المخاطر الزائدة وهذا بالتأكيد لا يحتاج لعبقرية بما أن هذه الصيغ معروفة ومفصّلة في أدبيات التنمية الاقتصادية. وكل ما تحتاجه الحكومة هو تطبيق فعّال والتزام جاد من جانبها تجاه الانتاج الزراعي وقضايا المنتج الزراعي . ولكن بدلا من التصدي لتحديات التنمية الزراعية لجأت الحكومة الِي خصخصة عشوائية قضت علي ركائز القطاع الزراعي في السودان كمشروع الجزيرة وغيره . ثم لجأت الِي بيع وتأجير و وهب ملايين الأفدنة لجهات أجنبية لم تقم حتى الان بنهضة زراعية تذكر. وحتى لو زرع هؤلاء الاجانب تلك الأراضي فإن العائد الاقتصادي سيؤول لجهات خارجية وسوف يكون نصيب التنمية السودانية منه ضئيل لا يذكر .
وربما كان أحد دوافع الحظر المصرفي الاخيرة له علاقة أعمق بـأكبر مشكلة اقتصادية تواجه الحكومة حاليا وتهدد وجودها وهي شح الدولار وانفلات سعره . بالدولار اعني كل العملات الاجنبية . فلا فرق بين الدولار والريال أو الين بما ان كل منهم يمكن استبداله بالآخر في أي مكان في العالم دون تعقيدات . البنوك التجارية تملك سيولة زائدة نتيجة لأن الحكومة تطبع عملة بافراط لتمويل حكمها غير الرشيد وحروبها الشعواء وفسادها الطافح. هذه العملة المطبوعة ينتهي بها الأمر في خزائن البنوك التجارية، ومن الطبيعي أن تحاول البنوك الاستفادة من هذه السيولة حتى تحقق عائد مجزي أو علي الاقل كافي لتعويض خسائرها الناتجة عن تضخم الاسعار المستمر والذي يؤدي إلي انخفاض القيمة الحقيقية لما تملكه هذه البنوك من سيولة في شكل عملة محلية. ونتيجة لطباعة العملة بإفراط من قبل الحكومة تنامت السيولة عند البنوك التجارية لدرجة أن هذه البنوك صارت تبادر بعرض قروض للمواطنين ، خاصة في مجال العقارات والسيارات لأنها تعتبر من مجالات التسليف الآمن فالعقار نفسه أو السيارة هي ضمان للقرض. ففي حالة عدم دفع القرض يستطيع البنك ان يبيع الضمان ويسترد القرض. أما التسليف الزراعي فان حجم الطلب اقل والمخاطر اعلي والعائد أقل وغير مضمون مقارنة بـقطاع العقارات . القروض الكبيرة في مجالي العقارات والسيارات تخلق طلبا عاليا على الدولار لإعتماد هذه الأنشطة على واردات مكلفة من عربات واسبيرات وبنزين وحديد وأسمنت واثاث وغيره مما يزيد الطلب علي الدولار .وهذا الطلب العالي على الدولار يزيد ندرته النسبية ويرفع سعره ويقلل من نصيب الحكومة من الدولارات الموجودة في السوق، وارتفاع سعر الدولار يرفع وتائر التضخم وبالتالي يزيد من حدة الاحتقان السياسي ويشعل غضب الشعب وتظاهراته ضد الحكومة . أحد أهم الاهداف غير المعلنة لهذه القرارات الحكومية بمنع البنوك من الإقراض في مجال العقار واستيراد المركبات هو تخفيف ازمة الحكومة الوجودية في شح العملة الأجنبية بتحجيم الطلب وليست حل مشاكل الاقتصاد وتحسين الحالة المعيشية للشعب . فالحكومة تهتم بالمشاكل التي تهدد وجودها ولا تأبه بالمشاكل التي تهدد حياة وصحة ورفاهية الشعب . ولو كانت الحكومة تهدف لحل مشاكل الشعب فهناك اجراءات اخرى أهم لم تفكر بـها اصلا . لذلك فان رأي بعض المعارضين بأن هذه الإجراءات صحيحة وتستحق التأييد حتى لو جاءت من حكومة هم مناوئون لها هو كلام غير سليم و لا يجوز لانه لا يرى دوافع الحكومة الحقيقية ولا يرى أن أي سياسة اقتصادية لا يتم تقييمها بمعزل عن الإطار الكامل للسياسات التي تتبعها الحكومة والتي في كليّتها، وليس في فرديتها ، تحدّد وقع هذه السياسات على الاقتصاد وعلي الشعب. إن قبول وتأييد اجراءات بنك السودان الاخيرة يعطي الحكومة تقديرا لا تستحقه بناءا على قرارات صادفت اهواء المؤيدين الايدلوجية والاقتصادية وهذا التأييد يعطي الانطباع الخاطئ ان هذه الحكومة تفكر في مصالح الشعب ولو احيانا . أما أزمة العملات الأجنبية والتي سوف يكون لها القدح المعلّى في إحكام أسباب انهيار هذه الحكومة فسببها هو شح المعروض والمتوفر من الدولار نتيجة لتحطيم قطاع الصادرات بانهيار المشاريع الزراعية والصناعية في ظل حكم الانقاذ .علاوة على الانفلات الأمني في غرب السودان وجنوب النيل الازرق وما يترتب عليه من ضعف صادرات هذه الاقاليم الزراعية والحيوانية والصمغ. أما الذهب فإن حجم صادراته أقل من حجم صادرات البترول الذي ذهب مع ريح انفصال الجنوب، والذهب يختلف نوعيا عن البترول لأن الحكومة تقوم بشرائه من المواطنين والشركات، وهي لا تحصل عليه مجانا لتقوم بتصديره .ولتمويل هذا الشراء تقوم الحكومة بطبع العملة سودانية بافراط ،وبذلك تفاقم الضغوط على الأسعار بما فيها سعر الدولار، وتخلق سيولة إضافية لتٌستخدم هذه السيولة في تمويل طلب جديد ينافس الحكومة نفسها على شراء الدولار في السوق الأسود . ثم إن كميّات كبيرة من الذهب يتم تهريبها خارج البلاد لأن الحكومة تشتريه بناءا علي تقييم مبني علي سعر للدولار رسمي ومتدني مقارنة بسعر السوق الأسود مما يخلق حافزا للمنقبين لتهريب الذهب وتصديره من الدول المجاورة والحصول على عائد أعلى . وعموما في حالة وجود فرق معتبر بين السعر الرسمي للدولار والسعر المبني على العرض والطلب ينشأ سوق اسود لا تستطيع الحكومة القضاء عليه بـالحملات الأمنية واعتقالات تجار العملة والتهديد والترهيب . فحالة وجود فرق بين السعر الرسمي وسعر السوق تخلق فرصة لتحقيق فوائد لتاجر العملة أو بائع الدولار سواء ا كان منتجا ، أو مصدرا أو من المغتربين العاملين بالخارج . واذا تم القضاء علي تجار السوق الأسود فسوف يحل محلهم في تجارة العملة كبار رجال الحكومة وتجار الاخوان المسلمين وشركاتهم لحصد أرباح تجارة العملة وسوف يظل السوق الأسود نشيطا وكبيرا كعادته حتى لو تغيّر التجار. وبذلك تكون تصريحات وزير المالية بأن ممارسة المضاربين تهدم الاقتصاد، ودعوته لمراجعة التشريعات لتتضمن عقوبات صارمة رادعة للمضاربين محض هراء بما ان حكومته لها القدح المعلى في هدم الإقتصاد. أما المضاربة كنشاط اقتصادي ضار فهي ليست سبب وانما أحد الاعراض لمشكلة أعمق ترتبط بتخبّط سياسات الحكومة وفسادها وعدم اتساقها . ومن أسباب تدنى الكم المعروض من الدولار وجود الاستثمارات الأجنبية التي تفاقمت في عهد الانقاذ . فالمستثمر الأجنبي هدفه في النهاية تحويل أرباحه إلى بلده ألام أو الي الخارج عموما . وبما ان الحكومة لا تملك عملة أجنبية لتمويل تحويلات المستثمرين الأجانب الِي الخارج فإنهم يلجأون أحيانا الِي تصدير سلع سودانية والاحتفاظ بالعائد من العملات الاجنبية بالخارج وبذلك يفقد السودان مردود هذه الصادرات التي كان من الممكن ان تخفف من أزمة الندرة النسبية للعملة الاجنبية. فالاستثمارات الأجنبية ليست بالضرورة كلها خير وفير ولا كلها شر مستطير ولذلك فإن من واجبات الحكومة وضع سياسات مدروسة تشجع الإستثمار الأجنبي المفيد والذي يخلق فرص عمل لائقة ويعمل على نقل وتوطين الخبرة والمعرفة والتكنولوجيا . ولكن سياسات الحكومة في الواقع جذبت استثمارات أجنبية في قطاعات لا تخدم أيا من هذه الأغراض، فقد تركزت هذه الإستثمارات في أنشطة لا تخدم التنمية في شيء كالمطاعم والمقاهي وغيرها من الأنشطة الخدمية البسيطة التي لا تحتاج لرأس مال كبير ولا خبرة تكنولوجية أو هندسية ولا معرفة اقتصادية أو تسويقية . وكان من الممكن ان يملأ المستثمر السوداني هذا الفراغ الذي لا يحتاج لإمكانيات أجنبية ،ولكن الحكومة السودانية اختارت ان تحارب وتهزم المنتج السوداني بالجبايات التعسفية والإبتزاز والفساد الذي يرفع التكلفة لدي المستثمر مما كان له اثر قاتل علي الجميع بدءا من أكبر رجال الصناعة السودانية ورموزها التاريخيون إلى ابسط بائعات الشاي والطعام والمشروبات.
أما جانب العرض من ازمة الدولار فتفاقمه أزمة الطلب الكبير والتي استفحلت نتيجة لإنهيار البنية الإنتاجية فاصبح السودان يستورد كثير من السلع التي كان ينتجها من قبل مثل الملبوسات والأطعمة والمنتجات الغذائية وغيره . ثم زاد الطلب علي الواردات التي يتم تمويلها عن طريق الدولار نتيجة لاعادة توزيع الدخل لصالح الفئات ذات الدخل العالي وذات الاستهلاك الاعلى نسبيا للسلع المستوردة مقارنة بـفئات الدخل الأدني والتي تستهلك نسبة اقل من الواردات ومن ناحيه اخرى فإن الفئات ذات الدخل العالي تٌكثر من السفر للسياحة والعلاج وغيره وبالتالي يزيد الطلب على الدولار كلما ازدادت ثروات هذه الفئة على حساب ذوي الدخل المتدني . وفي ظل انهيار قطاع الصادرات ظلت تحويلات المغتربين هي أكبر مورد قومي للعملات الاجنبية. وتختلف تقديرات حجم هذا المورد وتتراوح بين 3 الِي 6 بليون دولار . ورغم الحجم الكبير لهذه التحويلات إلا أنها اقل من احتياجات البلد الكلية ولا سيما ان جزء كبير جدا منها يستعمل في تمويل تهريب الأموال إلى الخارج، فَتحْت شبح الانهيار الاقتصادي والسياسي والأمني يلجأ الكثير من الأغنياء إلى تهريب أموالهم إلى الخارج. ولذلك فإن الطلب العالي على الدولار من أجل تهريب رأس المال إلى الخارج هو من الأسباب الرئيسية لشح الدولار وانفلات سعره . كما ان العديد من الشركات تلجأ الِي شراء عملات المغتربين الأجنبية في السوق الأسود لتمويل وارداتها من المدخلات ودفع وسداد ديونها لجهات أجنبية ولتحويل أرباحها الِي الخارج ولا سيما لو كانت شركات اجنبية . والحكومة لا تستطيع السيطرة علي أنشطة تحويلات المغتربين نسبة لان هذه الأنشطة تتم خارج السودان في بـلدان المهجر حيث يتم بيع وشراء العملات الاجنبية بعيدا عن سيطرة الحكومة السودانية . خلاصة القول ان الدولار مثله مثل أي سلعة يتحدد سعره بناءا علي العرض والطلب ، ففي ظل ركود وتراجع العرض وتفاقم الطلب فإن النتيجة الحتمية هي شح الدولار وارتفاع سعره . أما الإجراءات البائسة التي اتخذها بنك السودان اخيرا سواء ان كانت مصرفية ام امنية فهي لا تعدو ان تكون مجرد مسكنات مُؤَقته ،أما تأثيرها علي أزمة العملة الأجنبية فهو أضأل من أن يُرى بالعين المجردة. النظام لا يملك حلولا هيكلية لأزمة العملة من جانبي العرض والطلب . أصل الفشل في السودان يكمن في سوء ادارة الاقتصاد وتطويعه لخدمة أغراض حزبية حتى لو تناقضت هذه الأغراض مع المصلحة الوطنية ونسفتها ، علاوة علي ذلك فان الحكومة تموّل صرفها الأمني والعسكري والبذخي والفسادي بطباعة العملة. وهذا يُعد من أسوأ انواع الوسائل التي يمكن ان تلجأ لها الحكومة لأن التضخم الناتج من طباعة العملة وتوقعات استمراره يدمّر المنتجين الحقيقيين ويُفقر المواطن ذو الدخل المحدود الذي لا يستطيع دخله مجاراة الارتفاع المستمر في الاسعار .فقد قضى التضخم علي الطبقة الوسطي السودانية وهي طبقة مهمة لبقاء الوطن- أي وطن، فرغم كل ما يمكن ان نكيله من سباب ونقد لهذه الطبقة إلا انه من الصعب وجود وطن ودولة في غياب طبقة وسطى .فاذا ما تحول الوطن الِي مجموعة من الاثرياء وجيوش من الفقراء فإنه يصبح برميل بارود في انتظار ان ينفجر في وجه الجميع، وهذه هي المحطة التي أوصل حكم الانقاذ السوداني إليها. الحد من طباعة العملة المدمر يتطلب حلا سياسيا للحروبات الأهلية حتى يتوقف الصرف على الآلة العسكرية والأمنية للنظام ، ويتطلب ترميم البني الإنتاجية في مناطق الحروب، ليعود على أثرها الشباب المعطل من ميادين الحروب إلى ميادين انتاج السلع والخدمات و احياء حضارات تلك المناطق. وهذا يستوجب من الحكومة ان تكف عن الصرف البذخي وان تعيد النظر في التمدد البيروقراطي الاسترضائي الذي يخلق اعدادا مهولة من الوزراء وكبار الموظفين الفدراليين والاقليميين الذين لا يفعلون شيئا سوى ارهاق ميزانية الدولة التي تطبع العملة للوفاء بامتيازاتهم ليدفع المواطن البسيط الثمن في نهاية الامر في شكل تضخم أسعار يقضي علي القوة الشرائية لدخله المحدود .
فمن المهم أن تدرك الحكومة أن أحد اهم اسباب انهيار المجتمعات وفنائها هو تحول الحكومة او الطبقة أو المجموعة المسيطرة عليها إلى طفيل يمتص ثروات المنتجين بلا هوادة لانها بذلك تقتل الحوافز التي تشجع الشعب علي الانتاج والابداع لان مجهودات المجتهدين تذهب هباء بـسطو الحكومة وسدنتها علي ثمارهـا كما بين دارون اسيموقلو وجيمس روبنسون في كتابهم المهم " لماذا تفشل الامم “. وبالعكس فان المجتمعات تتقدم حينما يكون بإمكان المنتج والمبدع الحصول على ثمرات مجهوده وحينما تساعده الحكومة ببناء البنية التحتية والحماية وتوفير الخدمات الأساسية . وبذلك فان السياسية الاقتصادية الرشيدة هي التي تشجع وتدعم المنتج ولكن حكومة الانقاذ اختارت ان تتفنن وتبدع في هزيمة المنتج السوداني والسطو علي ثمرات عمله بالضرائب والجبايات الباهظة والعشوائية تحت مختلف الاسامي والتي تستخدم لتمويل حروبها وأجهزتها القمعية الاخطبوطية وميليشياتها التي تجاوزت مناطق الحروب الاقليمية لتدخل الخرطوم.
ومن اهم وسائل سلب المواطنين التي تمارسها الحكومة هو طبع العملة بافراط كما ذكرنا من قبل وهذا هو نوع من انواع الضرائب . فبما ان نتيجة طبع العملة هو تضخم الاسعار فكل مواطن يدفع ضريبة تترتب علي طباعة العملة تساوي قيمة انخفاض القدرة الشرائية لدخله , ولذلك فإن ما يحدث نتيجة لطباعة العملة هو تحويل القوة الشرائية من المواطن لصالح الحكومة التي تقوم بصرفها على أنشطة لا علاقة لها بالتنمية ولا بالمصلحة الوطنية . وبالتالي فان تضخم الكتلة النقدية المتداولة في في السوق هو من اهم اليات افشال الأمة السودانية في عهد حكومة الاخوان المعروفة بـالانقاذ بما انه يسلب المواطن المنتج قوته الشرائية لتتصرف فيها الحكومة لصالح طبقتها الطفيليةالتقليدية ولصالح الطفيليين الجدد من رجال المليشيات المسلحة . التي كونتها لحماية نفسها من شعبها الاعزل والمسلح , لا فرق . وفي مشهد تراجيكوميدي في شهر مايو السابق أشار السيد وزير المالية إلى أن الكتلة النقدية المتداولة أفضل مما كانت عليه العام الماضي ورفض الإفصاح عن حجمها وقال: (المرة ما بتوري عمرها أي ان المرأة لا تسأل عن عمرها). وبغض النظر عن حصافة ودبلوماسية رد السيد الوزير وحساسيته الجندرية فإن رده يؤكد على أن الحكومة تتستر على حجم الكتلة النقدية التي تطبعها لادراكها ان التعامل غير المسؤل مع طباعة العملة قد يكون من اكثر جرائم النظام تخريبيا للاقتصاد وافقارا للشعب . وهذا يقودنا ايضا الى التحفظ على أرقام الحكومة الإحصائية إن وجدت عن حجم الكتلة النقدية اذ أنه من المؤكد أن الحكومة تقوم بنشر أرقام غير صحيحة عن مؤشرات اقتصادية مهمة سواء ان كانت الكتلة النقدية أو غيرها . ففي أيام الانقاذ الاولى كثيرا ما تفاجأ مفتشون زراعيون بتقارير حكومية عن حجم انتاج زراعي وانتاجية لا علاقة لهما بالواقع الذي يعرفونه جيدا بما أنهم هم من يرصد ويصنع هذه الارقام ويتعامل معها بصورة يومية لصيقة . فالانقاذ ليست غريبة علي تزوير الارقام الاقتصادية لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بمصلحة الوطن واقتصاده.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الاخوان وصناعة الفشل الاقتصادي في السودان معتصم الاقرع (Re: مقالات سودانيزاونلاين)
|
التحيات الطيبات د. معتصم الأقرع،
أود أن أعبر عن مبلغ سعادتي بوجودك في محيط الكتابة الذي عودتنا دائماً برفده بالمفيد المحفز للعقل والمثير للتفاكر. كما زادت سعادتي عند مطالعة هذه المقالة في عمق تناولها لقضايا الاقتصاد السياسي السوداني و في تلمسها أهم الخطوط العريضة لجذور مشاكله ومقترحات العلاج. مقال يشكل إضافة حقيقية لمشروع البديل "الآني" بسبب واقعية وإمكانية تنفيذ المقترحات الواردة فيه. أتمنى أن يحفزنا هذا المقال على إكمال جهد كاتبه بتدعيمه بالجداول والاحصائيات رغم عدم الثقة في الاحصائيات المقدمة من حكومة الانقاذ، ولكن هناك جهات دولية، مثل البنك الدولي، لها دراساتها المدعمة بالأرقام تساعد في المقارنة أو المقاربة وصولاً لإستنتاجات معقولة. ولتقديري لأهمية المقال، أعتقد أنه نجح في مهمته الأساسية في طرح مشاكل الاقتصاد السوداني في محتواها الاجتماعي السياسي، ليس كحدث معزول، كما أنه ليس معالجة تكنقراطية، بل اضافة معتبرة لبرنامج سياسي اقتصادي اجتماعي.
عدلان.
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|