الاختلاف والهوية ! بقلم عماد البليك

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 09:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-08-2015, 03:30 PM

عماد البليك
<aعماد البليك
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاختلاف والهوية ! بقلم عماد البليك

    03:30 PM Mar, 08 2015
    سودانيز أون لاين
    عماد البليك - مسقط-عمان
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    لا يحكى



    عماد البليك

    "إن هويتي هي التي تعني أنني لا أشبه أي شخص آخر"
    أمين معلوف في "الهويات القاتلة"
    ***
    البحث عن الاختلاف، قيمة إنسانية تقوم على أن الفرد يحاول أن يبرز ما عنده وليس عند الآخرين، وبغض النظر عن الأسباب الدافعة لهذا الرغبة أو النزعة الإنسانية، فإن هذا الاختلاف قد يكون في أشياء كثيرة لا حصر لها، في الخبرات والمواهب وفهم الأشياء، بل في حل أبسط الأمور وإدارة شؤون الحياة العامة، والبراعة أحيانا في مسائل يومية وعادية كأن تعرف كيف تفتح حنفية قديمة استعصت على الجيران.
    يبحث الإنسان عن الاختلاف كفطرة، وهذا الشيء جميل طالما أنه متعلق بالتميز الإيجابي والدافعية الخلاقة التي تقود إلى تطور الإنسانية ورفعتها والتحرك بها نحو فضاءات أرحب في النماء الذهني والعملي، لكن إن تعلق الاختلاف بالعكس بأن كان وسيلة للشر والنزعات الفاسدة فهنا يتحول الأمر إلى طاقة سلبية ومدمرة وبدلا من يكون نعمة يصبح نقمة.
    والذي يريد أن يكون مختلفا سواء كان فردا أو أمة أو دولة أو حضارة أو شركة، الخ.. عليه طبعا أن يبحث عن عناصر القوة فيه والنقاط التي تميزه لتجعله مميزا ومختلفا، ليعطي ذلك الفعل جاذبيته وبعده الموجب. وهذا يعني ألا يبحث عن المختلف من خلال تدمير الآخر. كما ينعكس في المثال البسيط أن تدمر البيت الأعلى منك ليصبح بيتك الصغير هو الأعلى. بل أن تفعل العكس بأن تبني أعلى من البيت الموجود.
    لكن بانتباهة بسيطة يجب أن ندرك أن الاختلاف الفاعل لا يقوم على مقارنات أو مقاربات كلاسيكية مثل أعلى وأكبر وأطول. فهذه الصفات لا تقود لغير مكان مثل موسوعة جينيس حيث التميز بهذه الطريقة التي صفتها الأرقام القياسية.. القياس كقيمة تفضل شيء عن آخر. في حين أن التفضيل هذا يمكن أن يقوم على ما هو أعمق من ذلك في المداليل الثقافية والقيم المعرفية وهذا هو المطلوب والذي يوجد التأثيرات العميقة في الإنسان ويحوله إلى فاعل في محيط المكان والزمان.
    ***
    ربط أمين معلوف في "الهويات القاتلة" بين الهوية والاختلاف. فالهوية.. هي كينونة الذات تنطلق أو تأتي من خلال غياب التشابه، التفكيك الذي يقود إلى أن يراني الآخر مؤثرا وإيجابيا من خلال قيمتي ككائن له بعده الثاني، وليس مجرد تكرار أو نموذج مقولب. وهذه النظرية أو النظرة في فكر الهوية أو الاختلاف الذي يقود إليها، هي قيمة ثابتة ومفهوم شبه مؤصل له في مسارات التحديث أو البحث عن الحداثة في الشعوب، في أي موقع كان. فالفكر الإنساني الحديث يتمسك بأن الاختلاف المستقبلي الذي يقود لتأصيل هوية متفردة بحق، يقوم على كسر القوالب والأنماط والقيم المتوارثة، بشرط أن يتم ذلك بناء على وعي صحيح وليس مجرد رغبات جارفة.
    إن تكسير الأصنام أو تهشيم القيمة القبلِية.. أي الورائية.. لا يُوجد قيمة جديدة ولا يصنع اختلافا ما لم يكن ثمة تأسيس مسبق للاختلاف، فالمختلف لا يأتي فقط من خلال العنف أو الحروب أو الضجيج. وفي الحكومات الشمولية والمجتمعات البدائية هناك ظنون بأن الانتصار الذي يحققه طرف على آخر باسم السيف سيقود في النهاية للسيادة، لكن سرعان ما سوف يكشف التاريخ خطل ذلك الظن، وأن الحقيقة الأبدية والماثلة هي الاندغام في جوهر الاختلاف ومعناه. بأن يكون حتى فعل العنف مؤسس له من خلال المعرفة لا الرغبات الباطلة التي ليس لها من هدف ولا بناء تحتي واضح.
    ***
    إن الاختلاف القائم على النفي.. تجلى في الميثولوجيا الدينية كما في نموذج قصة قابيل وهابيل، حيث يقوم الأخ بقتل أخيه لكي تكون له السيطرة والقوة على المرعى والثروة الحيوانية والأنثى، وهذه الصيغة هي أول المجازات البشرية التي تكشف لنا أن التأسيس الأولي لفكر الاختلاف والهوية قام منذ بواكيره على إنجاز القوة وليس المعرفة والتعلم والتدبر. فما قام به قابيل في شأن أخيه، كان مثالا واضحا ما زال يستنسخ إلى اليوم ويعزز بدرجة واضحة بعدا من أبعاد الكائن البشري، ذلك البعد الميثولوجي "الأسطوري" الذي يعاد إنتاجه إلى الآن، لكن المعادل الثاني هو قيمة العدل والبحث عن المختلف من خلال العقل والذكاء والإيجابية.. كما فعل النبي يوسف بأن تحقق له العلو والتوزير من خلال المضي في تأكيد الذات إيجابيا. بأن حقق هويته في مقابل كيد الأخوة أو الغريم التقليدي الممثل في الأخ، كما تبرزه بعض القصص الدينية.
    مورس الاختلاف أو البحث عن الهوية.. باسم النفي كثيرا في التاريخ الإنساني وصار قالبا للتحرك نحو اكتشاف الذات وتأكيدها بهذه الصورة البائسة التي قد تجد الحفاوة في وقتها أو زمانها، بأن يكون لتلك الذات التفرد والاختلاف الذي تبحث عنه، لكن ما أن يمضي الزمن وتتم المراجعات وتذهب القوة يكون للناس أن تتأمل التجربة بوجهة نظر أخرى ليتم تدمير الأمس. غير أن التجربة لا تتوقف ويتم تدوير التاريخ مرات أخرى وبطريقة مأساوية.
    ***
    الهويات القاتلة.. هي مجاز تقريبي يرمز إلى الهزيمة والانكسار والإهانات التي تقع أمامها النفس البشرية، الأمة أو الشعب، أو المجموعة المعينة وهي تفشل أمام ذاتها، بحيث تكون عاجزة عن الاكتشاف والتموضع الصحيح لما ترغب فيه، وبحيث تصبح في النهاية مجروحة ومهددة في بقائها، وهي أحيانا بسبب الإهمال والجهل أو التجاهل لا ترى أن ثمة خطر أمامها بل تمارس الاستمرار في العماء والتلهي بالحياة بظن أنها إيجابية وخلاقة في حين أن العكس هو الصحيح.
    وبالتالي فإن تمظهرات التحديث وصوره لا تعني أن حداثة قائمة. كما أن تمظهرات الليبرالية في المجتمعات قد لا تعني الحقيقة أبدا، كما أن صورة الحاكم العادل قد لا تعني أيضا العدل، حتى لو شهدت بذلك الملايين. فالحقيقة قد تجلس في ركن قصي وبعيد وغير مرئي إلى أن تتلمسها ذات صغيرة وتنفذ بها إلى المستقبل، حيث تدرك من خلال نافذة بسيطة للاختلاف أن الأمل قائم ولم يمت. وشهدنا ذلك في مسار التاريخ، كيف أن أفكارا بدت ساذجة في البداية وحوربت، قادت أمما للتحرر والانطلاق إلى الإشراق وبناء الكينونات والذوات الجديدة.
    ***
    أخيرا.. أن تكون مختلفا.. وصاحب هوية.. يعني ألا تخضع لقانون الآخر.. وأن لا تشعر بالغربة مع ذاتك، بل تفهمها وتوظف الإيجابي فيها.. لقد قيل كثيرا أن من صفات الذات المبدعة والمبتكرة أنها تعيش فعل الاغتراب، وهذا صحيح في حدود أنها تعاني "ألم الاختلاف والتباعد في الهوية مع المحيط الخارجي، أي أن يتم النظر إلى الاغتراب بصفته الموجبة لا السالبة، بقدرته على التحريك لا كونه مدعاة للجمود والخسران.
    mailto:[email protected]@gmail.com

    مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب

  • الـديستوبيا ! بقلم عماد البليك 03-07-15, 02:15 PM, عماد البليك
  • حقيقتي.. إرهابي ؟! بقلم عماد البليك 03-05-15, 12:37 PM, عماد البليك
  • الساحر ينتظر المطر ! بقلم عماد البليك 03-04-15, 02:01 PM, عماد البليك
  • سعة الأحلام وعبادة الصبر ! بقلم عماد البليك 03-03-15, 03:47 PM, عماد البليك
  • عن سليم بركات والكرمل وعوالم أخرى! بقلم عماد البليك 03-02-15, 10:39 PM, عماد البليك
  • وزارة الفلسفة! بقلم عماد البليك 03-02-15, 05:32 PM, عماد البليك
  • صناعة الوهم ! بقلم عماد البليك 02-26-15, 03:02 PM, عماد البليك
  • سينما.. سينما !! بقلم عماد البليك 02-25-15, 01:40 PM, عماد البليك
  • واسيني والمريود بقلم عماد البليك 02-24-15, 02:57 PM, عماد البليك
  • المدن الملعونة ! بقلم عماد البليك 02-22-15, 01:26 PM, عماد البليك
  • نهاية عصر البطل ! بقلم عماد البليك 02-19-15, 01:24 PM, عماد البليك
  • ما وراء الـتويوتا ! بقلم عماد البليك 02-18-15, 01:24 PM, عماد البليك
  • حوار مع صديقي مُوسى ! بقلم عماد البليك 02-17-15, 04:44 AM, عماد البليك
  • شياطين الحب وأشياء أخرى ! بقلم عماد البليك 02-15-15, 02:12 PM, عماد البليك
  • الحداثة المزيفة وما بعدها المتوحش بقلم عماد البليك 02-14-15, 03:32 PM, عماد البليك
  • ما بين السردية السياسية والمدونة الأدبية بقلم عماد البليك 02-13-15, 01:31 PM, عماد البليك
  • قوالب الثقافة وهاجس التحرير بقلم عماد البليك 02-11-15, 01:50 PM, عماد البليك
  • لا يُحكى..أزمة السودان الثقافية بقلم عماد البليك 02-10-15, 05:15 AM, عماد البليك
  • لا يُحكى فقر "سيتوبلازمات" الفكر السياسي السوداني بقلم عماد البليك 02-09-15, 05:13 AM, عماد البليك
  • عندما يُبعث عبد الرحيم أبوذكرى في "مسمار تشيخوف" بقلم – عماد البليك 07-26-14, 08:31 AM, عماد البليك
  • إلى أي حد يمكن لفكرة الوطن أن تنتمي للماضي؟ بقلم – عماد البليك 07-06-14, 00:32 AM, عماد البليك
  • المثقف السوداني.. الإنهزامية .. التنميط والدوغماتية 07-02-14, 09:33 AM, عماد البليك
  • بهنس.. إرادة المسيح ضد تغييب المعنى ! عماد البليك 12-20-13, 03:08 PM, عماد البليك
  • ما بين نُظم الشيخ ومؤسسية طه .. يكون التباكي ونسج الأشواق !! عماد البليك 12-16-13, 05:11 AM, عماد البليك
  • مستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (2- 20) عماد البليك 12-05-13, 06:01 AM, عماد البليك
  • مستقبل العقل السوداني بين إشكال التخييل ومجاز التأويل (1- 20) عماد البليك 12-02-13, 04:48 AM, عماد البليك























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de