|
الإحـــتراب الريــــاضي
|
الإحـــتراب الريــــاضي
( صلاح شـكوكو )
قديما كانت وسيلة تصفية الخلافات في الرأي وغيرها تتم عبر الاحتكام إلى المصارعة والمبارزة و الاقتتال حيث كانت الغلبة للمنتصر بصرف النظر عن الحجة والبيان والبرهان … وبهذا المنطق قد يفوز في نهاية الأمر ضعيف الحجة على قويها .. أو صاحب الرأي الخطأ على صاحب الرأي السديد .
أما الآن وفي هذا الزمان المتغيير .. ذو الواجهة الحضارية الزجاجية فإن الأمر قد إختلف كلية بحيث ماتت الحمية الشخصية و الإتكاءة على القبيلة وأصبحت الفيصلة بالحجة والرأي بدلاً من الاقتتال والانفعال .. وأصبح النقاش والتعبير مؤطراً بالاحترام وتقدير الطرف الآخر .
ولقد أصبحت الحسنى مادة يتحدث بها العقلاء الذين مهما تمادوا في الغلو فإنهم يتركون كوةً للالتقاء بل يتركون الباب (( موارباً )) يستوعب آراء الطرف الآخر ذلك أن نصف الحقيقة أو الرأي قد يأتيك من أخيك وإن أختلف رأيه معك … مما يعني أن لا أحد ينبغي له أن يحتكر الحقيقة المجردة فالكل يخطئ هنا ويصيب هناك ..
لكن بعض الناس في عالم المشاهدة يحاولون جرجرتنا إلى القرون الوسطى من خلال تنصيبهم لأنفسهم كقداسات لا تعرف الخطأ .. أو لعلها تحاول جاهدة لأن تحجر على الآخرين مجرد إبداء الرأي أو طرح فكرة في الخاطر والوجدان أو انتقاد شخص معين وهم بذلك يحددون المواقف بالأبيض والأسود .. أو لعلهم يصنفون الآخرين من خلال الألوان ويريدونك أن تكتب بلون مدادهم .. وإلا فأنت خارج الملــة .. وشاقق لعصا الجماعة ومطرود من عالم الرحمة .
إذن ما الفرق بيننا وبين تلك العصور ؟؟؟ بهذا المقياس لا أرى فرقا بيّناً إلا انقراض السيوف والحراب .. لكن الإحتراب مازال سائداً في دنيا الناس … بل مازالت العقلية الإحترابية سائدةً بينهم .. ومازالت نعرات التحريض سائدة في عالمهم ..
لكن تغييراً في الهيئة والمظهر قد حلّ بدنيانا .. فالخوذة قد اندثرت أمام المد الحضاري وتحسين الشعر وتزيينه .. والدرع قد فارق الأجساد لتحل الألوان الزاهية والملابس الرقيقة مكانه .. وأصبح إلف الناس عاما بين مختلف الألوان .. وتحولت الريشة إلى قلم ينساب بمداد ذاتي أغنى الكتاب من التحولات المتكررة بين الدواية والقرطاس .. حتى انتهت الرحلة إلى لوحة مفاتيح إلكترونية تستجيب إلى تنقلات الكاتب آلياً .
عندما أتخـــيل مصارعة الثيران في هذا العصر أتعجب كثيراً وأندهش أكثر لوصول هذا الضرب من الرياضة ( ؟؟ ) إلى محطة هذا الزمان .. وتزداد دهشتي للجمهرة التي تلازمها .. والتي تُمارس نوعا من السادية الرياضية بفظاعة وهمجية تعارض تماما اتجاهات هذا الزمان وشعاراته التي أعطت حقــوقاً للحيوان بعد الإنسان …
بذات القدر أستطيع أن أتصور المبارزة والاقتتال الإعلامي .. والذي بدوره قد انعكس على الناس دفعاً لهم للإقتتال والتحزب و المدافعة بالسوء .. حتى تربص الناس ببعضهم البعض وتمترس الناس خلف قلاعهم الحصينة .. بدلاً من تزيينها بالزينة ودعوة الناس بالمودة والسكينة .
أن تنادي بالتآلف والمودة بين الناس في هذا الزمان أشبه بالآذان في شوارع مالطا وتل أبيب وموسكو القيصرية … فكأن دعوة الخير لا آذان لها أو كأن نعرة الإعلام تشد الناس شدا نحو العداء .. وكثرة الطرق تفل الحديد ..
قـــالوا لي أن تعميــماً أوروبياً قد صـــدر من دول الاتحــاد الأوربي يفترض أن من يحمـل جواز سفر يُفتـح من اليمين إلى اليسار فإن صاحبـه ( إرهابي ) حتى يثبت العكـس … بذات هـــذا النهج فإن بعض الناس ينظرون إليك متربصين يحـاولون أن يتبينوا لونك أو طعمك أو حتى رائحتك … فإن كنت بلونهم فأنت حبيبهم الذي لا يخطئ وإن كنت غير ذلك فــأنت عدوهم .. و بذا أصبحت الشغلة (( كيمان وبخـــور تيمان )) .
إنها جاهلية القرن الجديد .. ومن قال أن جاهلية ما قبل الإسلام كانت نوعاً من الأمية ؟؟ وياليتها كانت أمية .. لأن الأميــة تعني عذرية العقول .. والفرق بين الأمي والجــاهل هو فــرق كبير ذلك أن الأمي يكون كما ولدته أمه .. بينمـا الجـاهل هو من فسـد عقلـه بفكــر خــاطئ ..
وهكـــذا نحن في هــــذا الزمان جاهليــون بعقليــة القـــرن الحــادي والعشرون .. ندير العمليــة بعقليــة القبيــلة والانتمــاء .. نحــرك رادارات الترصــد هنــا وهناك .. لذا فإننا لن نرى النقــد بمعيار المصلحة العامة .. لأن عدساتنا ( معيّرةٌ ) بحيث لا تر الزوايا والـــتداخلات .
قصــص قصــيرة :-
· رجل تحريــات سري .. بريطاني .. تتطلب عمله أن يخفي هويته على زوجته .. فوجئ يوماً بزوجته تغسل ملابسه وتذكر أن بطــاقة العمل في جيب قميصه .. فما كان منه إلا أن ذهب في اليوم التالي إلى مقر عمله ليقدم استقالته وليسلم بطاقته العســكرية .. بينما لدينا نتباهى بالبطاقات الســرية والجهـــرية . · معلــق رياضي ( كالثلج ) بالتلفزيون القومي بعث إلىّ برسالة عتــاب حول ما كتبته عنه في مقال سابق .. صححت رسالتــه وكتبت تحتها له ( أعد ) إذ لا يعقل أن يكتب إنسان ( ذلك ) بإضافة ألف لتصبح ( ذالك ) ؟؟؟؟؟؟ وما خفي أعظم . · قدامى اللاعبين بأبوظبي أثبتوا أن دعوة التآلف مخبأة في الأعماق وهم يكرمون لاعب الهلال الرشيد حمزه (( الشهير بإسترليني )) .. التحية لهم وهم يرسمون لوحة رياضية نتمنى أن تسود . · خرجت مصر من المولد بلا حمص .. بعد أن أنفقت 4 ملايين دولار .. قالوا لي أن جنوب أفريقيا فازت لأنها جاءت بمانديلا … قلت لهم لو جاءت مصر بأبو الهول ورمسيس لما فازت لأنهم جاءوا بشعار يقول :- (( أحنا اللي ضربنا الهوا دوكو )) لذا قالت لهم النتيجة ( أركبو الهوا ) .. ولأنهم تعاملوا مع الحدث بعقلية الإستعلاء .. · لو كنت رئيساً لبعثة الهلال لجنوب أفريقيا لحملت معي لافتة أهنئ فيها جنوب أفريقيا ولدخلت بها الملعب مستدراً بها عطف وتعاطف شعب هادر العواطف .. شعب انتصر على الواقع مرتين في عقد واحد .. مرة من أجل الحرية ومرةً أخرى بتنظيم دورة الحرية . · مازالت صحيفة المشاهير تتفوق على نفسها يوماً بعد يوم .. وهاهي تقدم لنا خدمة جديدة بإتاحة القناة الفضائية لنا … التحية لها وللقائمين عليها على هذا الجهد المقدر . · معتز الدقي .. دعونا نرفع الأكف لله القدير بأن يمن بالصحة والعافية عليه .. إنها إحدى محطات الحياة التى نأمل أن يجد فيها اللاعبون قدرا من رد الجميل .
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو ) [email protected]
|
|
|
|
|
|