*وليس حديثنا اليوم عن أفلام (الزومبي).. *تلك التي تدور أحداثها حول قصص الذين ما هم بأموات ولا أحياء.. *أو الذين نسميهم في أساطيرنا المحلية (البعاعيت).. *وفي بلدة الخندق أصر يوماً قريبنا علي صديق على مواجهة البعاتي.. *قال إنه يريد أن يواجه مخاوفه ، ومخاوف سكان البلدة.. *كان البعاتي- كما يسمونه- يأتي عند منتصف الليل من جهة مقابر (فوق).. *ويسلك طريقاً واحداً هو الذي يمر بجوار الاستراحة العتيقة.. *فإذا ما بلغها سمع صوته المرعب كل أبناء البلدة.. *سمعوه بوضوح رغم نباح الكلاب التي تزفه، وتتبعه، وتحيط به.. *فأراد إبطال معتقد الناس في وجود ذلكم البعاتي.. *فما أن اقترب منتصف الليل- واقترب الصوت- حتى خرج يقترب من الاستراحة.. *وتلمس سكته في الظلام نحو تلتها الحجرية المرتفعة.. *وفور أن بلغ سورها الجنوبي الشرقي أطلق ساقيه للريح تجاه منزله.. *فقد عجزت شجاعته عن تحمل عواء الصوت المخيف.. *ولم يواجه مخاوفه؛ ولم يثبت شيئاً.. *ولكنه اختلق تفسيراً (تعويضياً) رأى أنه يُريحه، والآخرين.. *قال إن مصدر الصوت العجيب هو (حيوان متوحش).. *وفي عالمنا الشمولي من يعجزون عن مواجهة مخاوفهم رغم صنعهم لوحوشهم.. *فهم الذين أكسبوا و(حوشهم)- الخيالية- قوة جراء (توحشهم).. *فهم متوحشون في اجتراح خطايا السلطة، وحرمة مالها، وآثام نعيمها.. *وما ذاك إلا لأنهم لم يسلكوا صحيح سكتها بدءاً.. *وإنما أرادوها عبر سكة محفوفة بمثل مخاطر سكة (الاستراحة) ليلاً.. *ثم تلبستهم روح البعاتي ليصيروا هم أنفسهم أمواتاً أحياء.. *فلا (روح) في أفراحهم ، ولا (حياة) في أتراحهم، ولا (نفس) في ملاحهم.. *لا يفرحون بصدق، ولا يحزنون بصدق، ولا يحبون بصدق.. *العاطفة الوحيد (الحية) عندهم هي الخاصة بضرورة الحفاظ على (خطيئتهم).. *فزوالها قد يعني ارتداد (القوة) التي أخذوها بها تجاه صدورهم.. *هم ليسوا كرصفائهم في العالم المتحضر يعيشون حيواتهم كبقية (الأحياء).. *لا يستمتعون بالقطار- دون حراسة - مثل ديفيد كاميرون.. *ولا يتجولون بسياراتهم (البسيطة) مثل موسيه موخيكا صاحب (الفولكس فاجن).. *ولا يتنزهون بدراجاتهم الهوائية مثل نيكولا ساركوزي.. *هم أموات أحياء بين أناس يخشونهم كخشيتهم هم أنفسهم من (بعاعيت مجهولة).. *والصحَّاف كان يظن نفسه أشرس (بعاتي) في حكومة صدام.. *فلما سقط النظام البعثي اختفى عن الأنظار مع بقية الذين اختفوا.. *ثم فوجئ بأنه ليس مطلوباً أصلاً للعدالة.. *فهو لم يكن فيه شيء (حي)- ليؤذي- سوى (صوته).. *لقد كان مثل صوت (بعاتي الخندق !!!). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة