|
اكذوبة اطلاق سراح المعتقلين .. تاج الدين عرجة نموذجا/أحمد قارديا خميس
|
يسعي السودانيون في واحدة من حملاتهم لدي منظمات حقوق الانسان من أجل اطلاق سراح سجناء الرأي في سجون نظام المؤتمر اللاوطني, وهو البطل تاج الدين عرجة علي محمود الذي يقف اليوم بوابة العام أربع وعشرون من العمر, وقد قضي أكثر من ستة أشهر من عمره معتقلا في زنازين البشير الذي يرهن وحشية ودموية في تاريخ السودان. تاج الدين عرجة من مواليد كرنوي بولاية شمال دارفور عام 1990, اعتقل في يوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2013م , انه ذهب الي قاعة الصداقة بالخرطوم, حيث تقام مؤتمر الصحفي لقضية دارفور, من قبل الرئيس السوداني عمر البشير وضيفه الرئيس التشادي ادريس دبي اتنو,بعد ان وجه عرجة انتقادات لرئيسين ووصفهم بمجرمي الحرب وحملهم مسئولية تدهور الاوضاع في دارفور. وتم اعتقاله فورا من قبل الجهاز الأمن, وباقتياده الي مكان مجهول, ومثل كل المعتقلين يتم تعذيبه بصورة وحشية, وجري انتزاع أقواله بالاكراه في بيوت الأشباح مملوكة للجهاز الأمني, وبدأت رحلة القسوة الفظيعة التي ما تزال ممتدة حتي اللحظة, حيث ما زال معتقلا محتجز الحرية, ومعزولا لا يسمح بزيارته من أهله وأصدقائه بسبب تعسف الادارة وعدم السماح له بمقابلة الزوار إلا بشروط خاصة يعلمها مليشيات النظام من اعتقال تعسفي, ووسط أسوأ الظروف الأمكنة والظلم والقهر النفسي والأوضاع العاجلة الصعبة, لماذا؟! أنه من الهامش!.. أنه من دارفور!.. أين وثبات وتوجيهات وقرارات البشير الأخيرة في هذا الشأن؟!!..هي أكذوبة اطلاق سراح المعتلقين السياسيين!! حكاية تاج الدين عرجة, مجرد مثال علي ما أصاب ويصيب سجناء الرأي في السودان من ظلم وقهر, وهي مثال لحالات عشرات ومئات اعتقلوا بسبب آرائهم, التي لا تشكل خطرا علي الدولة والمجتمع ولا علي الأمن القومي في السودان, بل مجرد أفكار وآراء, وفي حالات اَخري رغبات ومبادرات هدفها خروج سلمي وهادئ من الحياة النمطية التي فرضها نظام الاستبداد علي السودانيين منذ مجئ السفاح عمر البشير الي السلطة بواسطة الانقلاب المشؤوم في عام 1989, وأصابت مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية وصولا الي الأشخاص بمن فيهم شخصيات النخبة السودانية من رجال السياسة والاقتصاد والثقافة والاطباء والطلبة والنشطاء في المجتمع السوداني, بل ان أشخاصا من رفاق البشير الذين كانوا علي رأس السلطة قبل المفاصلة في ديسمبر 1999م. وسياسة القتل والإخضاع وصولا الي التصفية الجسدية عبر الاعتقال التي كانت وما زالت صفة ملازمة لعهد نظام الابادة الجماعية, جري تعميمها وتوسيعها عندما قامت الثورة السودانية بدارفور2003, خاصة لابناء دارفور, ثم لحقتها اخيرا ابناء جبال النوبة والنيل الازرق, ولعل مجريات الأعوام العشرة الماضية هي التعبير الأقوي عن هذا التحول في مسار القمع والارهاب ضد السودانيين, فقد جري اعتقال آلاف الأشخاص ليس فقط بسبب آرائهم السلمية المناهضة للنظام, وانما بشكل عشوائي وجهوي واثني وعنصري تختلط فيه دواعي العقاب مع التخويف والإذلال والإبتزاز المادي من جانب الأجهزة الأمنية وعناصرها, إضافة الي ما قامت به المليشيات التابعة للنظام وتلك التي تقاتل معه مثل قوات الدعم السريع وحرس الحدود والدفاع الشعبي والرباطة وكلها الاسماء الملطفة للجنجويد. واذا كان من البديهي ترافق الاعتقال مع التعذيب, فقد ترافقت معهما أوضاع معيشية وصحية أسوأ بكثير مما يتوقع او يقدر له أن يحدث, انطلاقا من فكرة أن"المعتقلين أعداء وعملاء للخارج" وغير ذلك من تهم, لا تبرر اضطهادهم بصورة غير انسانية فقط, انما تبرر قتلهم سواء بالاعدام الكيف المباشر او تحت الإهمال المتعمد للمرضي والمصابين بفعل التعذيب الشديد, وطبقا لتقارير مصورة تم توثيق الموت تحت التعذيب في أحد مراكز الأمن التابعة لنظام البشير. حالات الاعتقال في السودان في مجرياتها ونتائجها, واحدة من أكثر الحالات وحشية ربما في التاريخ الانساني, ليس بسبب أرقامها الكبيرة فقط, ولا فيما يعقبها من عمليات تعذيب تخلط ما بين الطرق القديمة شديدة الهمجية وأدوات التعذيب بتقنياتها الأكثر ضررا بالانسان, بل نتائجها وما تتركه علي المعتقلين أولا من آثار قد يكون الموت أرحمها, وبما تتركه من حسرة علي آسر المعتقلين وأهلهم وأصدقائهم وعلي المجتمع بصورة عامة, وكلها تفاصيل تجعل من حالات الاعتقال سببا في ضرورة وضع حد لنظام البشير, واستبدال نظام من طبيعة انسانية مختلفة يوقف هذا الجور الفظيع الواقع علي السودانيين به. ورغم صدور وثبات وتوجيهات وقرارات من مجرم الحرب السفاح عمر البشير, ولكن ما زال تاج الدين عرجة وغيره من سجناء الرأي في بيوت الاشباح .. انها اكذوبة اطلاق سراح المعتقلين!!
احمد قارديا خميس
|
|
|
|
|
|