|
افريقيا الوسطى تغرق في الحرب الاهلية..والجيش التشادي يشتبك مع مليشيا - الانتي- بلاكا .. وباريس تطلب
|
افريقيا الوسطى تغرق في الحرب الاهلية..والجيش التشادي يشتبك مع مليشيا - الانتي- بلاكا .. وباريس تطلب من الاروبيين قوات اضافية..
محمد علي كلياني/ باريس
وجدت باريس نفسها فجأة وسط مجموعة من التناقضات الامنية من خلال تدخلها العسكري لفض الاقتتال الاهلي في بانغي، رغم ان الاسباب المعلنة للتدخل- دوافع انسانية وفقاً للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة-، وقد دخلت باريس فعلاً في مستنقع حرب اكثر خطورة، ووجد جنودها انفسهم امام وضع لايحسدون عليه- القتال وسط المدنيين، ومقتل اثنين منهم في ظروف غامضة، حيث لاعدو واضح يمكن التعامل معه ولامعلومات مؤكدة يمكن الاعتماد عليها، ومع انتشار كثيف للسلاح الناري والابيض في كل مكان- وتدور الاشتباكات في الاحياء والازقة-، ويتنقل ذاك السلاح بحرية تامة من منزل الى اخر، وويمتد القتال من حي الى اخر، واستباحت بانغي عن بكرة ابيها امام مسمع ومرآى من العالم- وانقلب كل شيء رأساً علىى عقب-، وهذا ما تصدر وجهات وسائل الاعلام العالمية، وبجانب الاشتباك الاهلي هناك، فقد نشطت شبكات اجرامية اخرى اكثر خطورة هدفها النهب والسلب والعبث بالامن والاستقرار وتوريط قوات فرنسا في هذه الفوضى، وتلك هي جهات اقليمية قريبة من تلك الدولة الصغيرة،- وهي اطراف معلومة لدى باريس ايضاً-، ورغم ان باريس لاتريد الخوض في تفاصيل الامر حاليا، ولم تكشف عن تلك الجهات-، ولكن قد تضطر الى كشف المستور طالما الامر يتعلق بظروف امنية تهدد مصالحها في قلب افريقيا، ومن هنا نرى ان هناك تكتم شديد لف نتائج زيارة الرئيس فرنسوا هولاند الى بانغي واجراءه الكثير من اللقاءات مع عدد من القيادات،- الدينية والقبلية-، وبعد سماع هولاند الي وجهات نظر كل الاطراف وتسلحه بقدر كبير من المعلومات المؤكدة لديه حول الوضع، فقد اخذت المهمة العسكرية الفرنسية مجرى اخرا ومحورياً، وهي ملاحقة قواته مليشيات مسلحة تدعى -انتي بلاكا- تابعة في الاصل للرئيس السابق بوزيزيه، اوانها تدين له بالولاء، وقد عرضت التلفزة الفرنسية حديثاً لرئيس هذه المليشيات واكد بالقسم المغلظ بانه سيقدم روحه ثمناً من اجل تحقيق اهداف المليشيات الداعية الى طرد المرتزقة من بلاده، وقال:(ساقدم روحي فداءاً من اجل طرد المرتزقة من بلادنا)، ونظمت مظاهرات شعبية للمطالبة برحيل الجيش التشادي ويزعمون انه غير محايد في الازمة- حيث دخل في اشتباك معها-.. ومن هناك فقد فوض الرئيس الفرنسي وزير دفاعه - جان إيف لي دريان- متابعة الملف الامني عن قرب لمعرفة اخر التطورات،!.. وفي ظروف امنية تزادا تعقيداً مع مرور كل يوم، فانه في الوقت الراهن لايهم باريس من هوالجاني في مشكلة افريقيا الوسطى- وما اكثر الجناة هناك-، ولكن لابد من تحدد الاطراف اللاعبة وتهدئة الاوضاع اولاً، ومن ثم سياتي دور المحاسبة فيما بعد..! - وما اكثر الاطراف اللاعبة هناك ايضاً-..!.
يبدو ظاهرياً، ان تشاد اضحت الواجهة هدفاً رئيسياً من قبل المواطنين الاصليين هناك، وكونه طرف متورط في الاحداث، وباريس تعرف ذلك جيداً، ومنذ2003م حينما اتى بوزيزيه للحكم محمولاً على سيارات التايوتات العسكرية التشادية نهاراً جهاراً انطلاقاً من انجمينا لاستلام السلطة في بلاده، ويعلم العالم كله ايضاً، ان تدخل تشاد في ازمة بانغي كانت مبرراتها واضحة- تأمين السلطة الحالية في انجمينا من الناحية الجنوبية وعدم تسلل جهات تشادية معارضة ومناوئة للنظام-، بحيث تعمل انجمينا الى اشعال النار وتخلق اوضاع تشغل اهلها والاقليم، وفي النهاية تلعب دورالوسيط الخير- كما حدث الامر في إقليم دارفور مع دولة السودان ماضياً-، وتلك اللعبة اعتادت انجمينا على اجادتها في المنطقة وفي كل حالة اقليمية معقدة امنياً، ولكن من الواضح انه، وفي ظل هذه الاوضاع ان لاعبون كبار اعتلوا منصة اللعبة - باريس/ اروبا، حيث مركز اتخاذ القرار الدولي، وما ادراكم بمراكز اتخاذ القرارات الدولية..- فقد نظمت باريس قمة اروبية مخصصة لشأن افريقيا الوسطى بعيداً عن الاطراف اللاعبة هناك، وطلب الرئيس الفرنسي هولاند قادة اروبا مساعدة لوجستية في بانغي، وابدت اروبا مساعدتها له قلباً وقالباً، ولذا فاصبحت الاطراف الافريقية الاخرى غائبة عن المشهد وسط زحام القضايا الدولية الشائكة.
ان الحرب الاهلية الدائرة هناك هي تعتبر نوعاً من - اللعب بالنار بالمكشوف- بين الخصم، وتعتبر جزءا اصيلاً من تصفية الحسابات السياسية المعقدة بين ادريس دبي وبوزيزيه على الارض، ويبدو ان الاخير قد نجح بدعم من مليشيات السكان الاصليين واشعال الحرب وبمستوى حرب دينية-، وهذه التسمية تذكرننا باحداث تشاد عام1979م في مناطق الجنوب القريب من افريقيا الوسطى، وقد تنذر احداث بانغي بامكانية امتداد هذه العدوى الى التراب التشادي في الجنوب- رد العملة ذاتها من حيث اتت-، اذا اصرت انجمينا لعب الدور ذاته في تاجيج النزاع هناك، وبالرجوع الى قسم قائد مليشيات- انتي بلاكا- ضد من سماهم بالمرتزقة وطردهم من بلاده، ويمكننا ربط الاحداث بمظاهرات نظمتها جالية افريقيا الوسطى بفرنسا امام السفارة التشادية بباريس، ثم تلتها تصريحات نارية لبوزيزيه خلال زيارته لفرنسا مؤخراً، حيث قال ان تشاد هي التي اقتلعت نظامه بالقوة وانه سيعود الى السلطة، وان حشده لمليشيات الانتي- بلاكا دليل على ان الرجل قد يكون جزءا مهماً في النزاع الدائر، وهذه الاحداث وترابطها تسلط الضوء لقراءة التطورات بصورة اوضح حول ملابسات الوضع هنا وهناك.. ومنذ عشر سنوات خلت، فقد كانت انجمينا تعلب بالنار في منطقة خارج الاراضي التشادية وتساهم في قلب الانظمة السياسية في تلك البلاد، وهذا بالطبع يقودنا لقضية الامتعاض الشعبي العام في افريقيا الوسطى تجاه الرعايا التشاديين المتواجدين هناك وتعرضهم للقتل ونهب ممتلكاتهم،.. وهذه ليست المرة الاولى التي تبرز فيها تشاد كواجهة للاحداث وكطرف اصيل في المشكلة هناك، ففي عام2003م، حيث قتل ما لايقل عن(150)مواطناً تشادياً في بانغي على يد الحرس الجمهوري للرئيس الراحل-آنج فليكس باتاسي-، بسبب ترسبات سياسة التدخل التشادي في شئون بلاده، اضافة الى مناوشات شبه يومية تنشب من حين لاخر بين مواطني افريقيا الوسطى وتشاديين مقيمين هناك، هذه الخلفية مهمة لمعرفة ما يجري هناك من احداث-، ان نظام المخلوع بوزيزيه وبخلفية تصفية حسباته مع دبي وانصاره من المليشيات يمكنهم نقل ازمة افريقيا الوسطى بوجهها الحالي الى جنوب تشاد لرد السوء بالسوء، وهو يستطيع فعلا وعملا، ويُذكى بذلك روح النعرات الدينية القديمة في عام 1979م في جنوب تشاد، وهذا السيناريو وارد وفق المعطيات الحالية في ازمة افريقيا الوسطى والتورط التشادي فيها، ولوحدث ذلك، واطلقت انجمينا رصاصة واحدة في جنوب تشاد، فقد تكون رصاصة الرحمة على وفاة الوطن التشادي كله،!، ولايمكن النسيان ايضاً ان اخواننا في جنوب قد ينتظرون الى غصة سبتمبر الاسود-، وتلك قصة لن ينساها اهل جنوب تشاد- وهي قضية لم تحسم بعد، ولاننسى قصة ثورات الجنوبيين التشاديين ومطالبتهم بحقوقهم، ولازال آثار ثورة كتي نوجي مويس ولوكن باردي في الجنوب تتفاعل كلما يحدث حدث ما هناك، وتلك سنوريهات محتملة الحدوث اذا لم نقرء حقيقة الاوضاع المحيطة بنا بشكل جيدا وصحيح، لان الرؤية السياسية الحالية في تشاد في هذه الازمة لاتتعدى المفهوم التقليدي- زرق اليوم باليوم-، وبالرجوع الى الموضوع الاساسي- قضية افريقيا الوسطى والتدخل العسكري الفرنسي- وما يدورهناك من تطورات، ان هناك خلاليا تنشط عبر شبكات اقليمية ودولية مستفيدة من تلك الوضعية، والتي نعتبرها تغذي حروباً خطيرة في المنطقة- حروب الذهب والالماس-، (la guerre du diamantes)، هذا الفهم على الاقل كان مترسخاَ في اذهان الفرنسيين الذين دفعوا بقواتهم الى هناك لفض النزاع والاشتباك المسلح بين انصار الرئيس السابق بوزيزيه والرئيس الحالي ميشيل، وفي ظل ظروف معقدة جدا- الاقتتال وسط الاهالي-، وهذا الامر دعى باريس الى عقد قمة الاروبية في بروكسل من اجل ايجاد الدعم الاروبي لمواجهة ما يجري، وفي فترات سابقة كانت فرنسا تراقب الاوضاع عن بعد عن طريق قمة انجمينا قبل شهور حول ازمة بانغي، وجاءت قراراتها- قمة انجمينا- نزع سلاح مجموعات السليكا بالقوة-!، ولكن الواقع اليوم امام الفرنسيين هي مهمة اخرى، وان كان نزع السلاح جزء منها، وبعد مقتل الجنديين الفرنسيين في بانغي تاكد لباريس ان مقررات قمة انجمينا بشان بانغي هي إلا نوعاً من اضغاث احلام سياسية ولا تلامس واقع الامر بشيء، وبالنظر الى الوضع، ومن الزاوية المنطقية ان تجريد اي ملشيات مسلحة وفض اي نزاع لايتم بالرؤية التي تم طرحها في قمة انجمينا الاخيرة بشان افريقيا الوسطى،..لانه من الناحية العملية لايمكن نزع سلاح من اناس يعتقدون انهم يحاربون بسبب من اجل هدف معين وفي بلادهم، وان قواعد نزع السلاح في العالم معروفة وفقاَ لبرنامج الامم المتحدة(DDR)، ويبدو ان قمة انجمينا قدمت للفرنسيين معلومات مغلوطة حول مجريات الصراع المسلح الدائر في افريقيا الوسطى، وهذا الامر دفع بالرئيس الفرنسي هولاند ووزير دفاعه زيارة بانغي والوقوف على حقيقة الامر واجراء اتصالات ولقاءات مكثفة مع القيادات الدينية والتقليدية..
وعوداً الى قمة انجمينا الاخيرة المخصصة لافريقيا الوسطى ومقرراتها، والتي وصفتها وسائل الاعلام الفرنسية بـ(قمة انجمينا الفاشلة)، ولابد من الاشارة الى ان الاعلام الفرنسي يعتبر مرآة للسياسية الفرنسية في كثير من الاحيان،.. فمقررات قمة انجمينا تدعوا الى تجريد السلاح من قوات السيليكا بالقوة، وهذا أمرا ينافي مناهج واساليب الامم المتحدة في فض النزاعات المسلحة في المنطقة- رغم ان مصدر السلاح معروف- ، ونسيت القمة شيئاً مهماً من الناحية العملية والمهنية في النزاعات المسلحة بافريقيا، وباعتبارالعديد من رؤساء افريقيا الحاضرون في القمة كانوا جزءا اصيلاً من المشكلة والاضطراب الامني في افريقيا الوسطى- يقدمون السلاح ولا تمهمهم النتائج-، اذن، فهم ليسوا اطرافاً في الحل في افريقيا الوسطى كي قدمون المقترحات والحلول، والدليل ان قواتهم التي ارسلوها باسم(fomac)عجزت في فض الاشتباكات الدموية داخل العاصمة بانغي رغم انتشارها منذ عدة سنوات لحفظ الامن والسلام، بل بعضاً منها ساهم في تاجيج النزاع ببانغي وادت الى هذا التدهور المريع، وما المظاهرات التي نظمها النازحون حول مطار بانغي وامام القوات الفرنسية والتي تطالب بخروج الجنود التشاديين إلا تعبيراً شعبياً صادقاً لهذا الفشل الذريع لمهمة القوات الافريقية وعلى رأسها قوات تشاد، والتي طالبها المتظاهرون بالعودة الى بلادهم، او انهم سيقتلون كل مسلم هناك.
ومجمل القول، نحدده في النقاط التالية:-
1: لقد سبقت ازمة افريقيا الوسطى الراهنة عدة تحضيرات وسيناريوهات سياسية، واولها، خطاب ادريس دبي في قمة الامم المتحدة، ومقررات قمة انجمينا الاخيرة حول مناقشة الوضع السياسي والامني فيها، في قمة الامم المتحدة، قال دبي في خطاب له امام المنبر الاممي:(ان المسالة في افريقيا الوسطى هو تهديد ارهابي في المنطقة، ويجب العالم ان يتنبه اليها)، والحق ذلك بعد رجوعه بقمة استثنائية خصصها للازمة بانجمينا جمعت عدد من الرؤساء الافارقة!!، بينما دعم وزير خارجية تشاد موقف خطاب رئيسه في حوار ادلى به لوسائل الاعلام الفرنسية قائلاً:(ان ازمة افريقيا الوسطى هي تشكل تهديد مباشر لامن واستقرار تشاد)!!. ومن الغرابة هنا!، متى كانت افريقيا الوسطى في يوم من الايام مهدد يعصف بامن تشاد؟.. واذا كان العالم يتذكر جيدا، انه لم يكن قط في تلك البلد الصغيرة ان حدث فيه اضطرابات امنية خطيرة وانعكست آثارها على تشاد وهددت امنها، إلاعندما فكرت تشاد سياسياً في التدخل المفرط في شئون هذه البلاد(2003م-2013م)، اذن ان خطاب دبي ووزير خارجيته هو نوعاً من الهروب من الواقع عندما اصبح الامر متازماً، وخلال الفترة اعلاه ان انجمينا هي التي كانت مهدد رئيسي لافريقيا الوسطى وقلب انظمتها السياسية والآن جاء الدور كي تدفع انجمينا الثمن السياسي جراء افعالها، لان الامر اضحى فيه تدخل عسكري دولي وبحجم باريس ومن خلفها حلفائها الاروبيين، وهنا تكمن مفارقات اغرب، ان السكان الاصليين اتهموا القوات التشادية بدعم المسلمين ضد المسيحيين، وان صح هذا فان هذه الاوضاع قد تحدث خللاً كبيراً في علاقة تشاد مع الغرب - باريس وانجمينا- بعيداَعن التعاون والتحالف في ملف الارهاب بدولة مالي، والذي سعت فيه تشاد جاهدة لتسويقه للغرب في افريقيا- رغم ان الغرب يعرف الارهاب بالتحديد بعد تجارب خاضها معه في الشرق الاوسط عبر صولات وجولات-، ولايمكن لتشاد ان تعلم الغرب دروساً جديداً ومفيداً حول امر مكافحة الارهاب من خلال ارسال الجيش التشادي الي دولة مالي، او افريقيا الوسطى.
2. ان ازمة افريقيا الوسطى دخلت مرحلة خطيرة، ونرى ان صراعا غريبا من نوعه قد ينشأ هناك، وان باريس ارسلت القوات لفك الاشتباك ولكن يبدو ان الامر خرج عن السيطرة، - الاقتتال مستمر-.
3. الي يومنا هذا كانت ولاتزال باريس متواضعة في قضية بانغي ومتوازنة ولحد ما، من خلال تعاطيها مع تطورات الاحداث في التحكيم بين امراء الحرب المسيحيين والمسلمين هناك، وابعاد شبع الحرب الدينية في افريقيا الوسطى،
4. قمة القادة الافارقة الاخيرة بباريس حول الامن والسلام في افريقيا يبدو انها فشلت بسبب عدم تحمس الافارقة لمقرراتها- اقصد البيان الختامي-، ولذا احدث الامر ارتباك شديد في اوساط اغلب القيادات الافريقية المشاركة، والامر الاكثر خشية لهؤلاء القادة هو عودة فرنسا الى افريقيا بقوة ومن ورائها حلفائها كي لايترك مجالاً لبعض القيادات ممارسة هواياتهم المفضلة- خلق الازمات وتدفق لاجئيهم الى التراب الاروبي-،.
5. ان مؤتمر(فرانس/افريك)الاخير بباريس، كان نوعا من الغربلة السياسية لعدد من قادة الدول الافريقية - ان قررنا سلما-، وفي نفس الوقت جس نبض لهم حول اساليب الحكم في بلادهم- ، ثم ماذا قد يحدث في القارة الافريقية من تطورات لاحقة، وهنا ان باريس عملت غربلة سياسية ممتازة لقادة مستعمراتها واضحت كل البدائل مطروحة لمن يصلح اولايصلح-.
8. جاء هذا الفهم الفرنسي لاعتقاد باريس انها لازالت اللاعب الاساسي في افريقيا بكل ما تعنيه الكلمة من مضمون، وهي صاحبة اليد الطولى في الشئون الافريقية سلماً وحرباً..والقادة الافارقة ما هم إلا كيانات سياسية هشة وضعيفة في اخر سلم السياسات الدولية- ان صح التعبير-، وما على باريس إلا ان تقوم بالعمل والفعل الذي تريده في افريقيا- ارسال القوات مع وجود قوات افريقية عاجزة عن اداء مهامها-، ولذا لدينا انطباع بان القادة الافارقة الذين حضروا قمة الامن والسلام في باريس لايمثلون الامن ولا الاستقرار في بلدانهم بقدرما هم اساس لعدم الامن والاستقرار في المنطقة وسبب رئيسي في اغلب الاضدرابات الاقليمية بالمنطقة، وان المشكلة في افريقيا الوسطى كشفت هذه الحقائق المرة، وهذا يترجمه دخول بعض القوات الافريقية في اشتباكات مع المليشيات المسلحة بدلاً من ان تكون طرفاً محايداً للفصل بين المتحاربين، ولازالت هناك مفاجآت يخفيها القدر في ازمة افريقيا الوسطى وستكشف عنها الايام القادمة، هذا اذا ما استثنينا السيناريو الاسود حول انتقال العدوة الدينية الي جنوب تشاد.. وفي الختام، يقودنا كل هذا التفكير الى الفهم السائد في افريقيا بان عودة باريس بقوة الى مستعمراها هي قد تجسد الانطباع العام لدى الافارقة بان سياسة- العبد والسيد- مازالت تعمل رغم اعتقاد الكثير ان مفهوم- السلاسل المربوطة على عنق الرجل الافريقي- قد انتهى عهدها، ولكن اليوم يتجسد الامر في قمة- فرانس/افريك- الاخير وبطريقة اكثر احترافية، وباساليب جديدة اكثر دهاءاً وذكاءاً..
|
|
|
|
|
|