|
اعتراف الدكتور غازى صلاح الدين العتبانى هل تعتذر الإنقاذ للشعب السوداني
|
هلال زاهر الساداتى - مصر
اعتراف الدكتور غازى صلاح الدين العتبانى
هل تعتذر الإنقاذ للشعب السوداني
اجرت صحيفة الزمان اللندنية حديثا مع الدكتور غازى صلاح الدين العتبانى و نقلته عنها صحيفة سودانايل الإلكترونية بتاريخ 19 يونيو 04 , و كان الحديث بمثابة الاعتراف أو إن شئت التقويم لاداء الحركة الإسلامية أو من يسمون أنفسهم الإسلاميين في السودان , و الدكتور غازي من القادة التاريخيين لجماعة الإخوان المسلمين السودانية بمسمياتها و تلونها و تشققها من إخوان مسلمين إلى جبهة ميثاق و إلى جبهة قومية إسلامية و إلى مؤتمر وطني و مؤتمر شعبي و البقية تأتي حسب الظروف و المصلحة كالحرباء تتلون تبعا للمحيط الذي توجد فيه , و هم في كل الأحوال نفس الأشخاص و يحملون نفس الأفكار و المنهجية و الأيدلوجية النفعية الانتهازية التي تبيح كل طريقة مهما كانت في سبيل الوصول للغاية و هي هنا إرضاء حب السلطة و إشباع شهوة المال لهم فحسب دون الآخرين الممثلين في الشعب السوداني بل في بقية المسلمين !
و الدكتور غازي انفق شبابه و حارب بالسلاح في سبيل معتقده و تسنم وظائف رفيعة منها أمانة المؤتمر الوطني ثم اختلفت به السبيل مع زملائه فاستقال , ولكن ما يهم حقا هو صحوته و رجوعه إلى الحق و هذه فضيلة تسجل له فقد ذكر في إفادته لصحيفة الزمان أن ( الحركة الإسلامية دمرت السودان و لم تكسب شيئا و حكومة الإنقاذ ليست و حدها أمام المسئولية ) .
يأتي هذا القول أو الاعتراف بعد خمسة عشر عاما حسوما صال و جال فيها الدكتور في حمي الإنقاذ و شارك في جميع أعمالها بل خطاياها في حق السودان و شعب السودان !! و أنا أتحدث هنا من موقع انتمائي لفئة المواطنين الذين كافحوا ضد الاستعمار حتى جاء النصر و ارتفع علم الاستقلال خفاقا و الحمد لله الذي جعلني أسرع عند المغرم و اعف عند المغنم , و استشرفنا المستقبل باشواق مشرئبة إلى العيش الكريم و العدل و الكرامة , وان ينهض وطننا الحبيب من وهدة التخلف و مرارة الحرمان , وان يكون لنا شأن بين أمم الأرض , وذكر حميد بين شعوب الدنيا , ولكن , وآسفاه !!
تبخر الحلم في الفضاء , و تناثر هباء في الهواء , فان من تولوا أمورنا من حكام مدنيين و عسكريين منذ الاستقلال شغلتهم أمور أخرى من أهمها حرصهم علي البقاء علي كراسي الحكم , خلاف توفير كريم المعيشة و بسط العدل و الارتقاء بالوطن و مواطنيهم , .. ثم جاءت كارثة الجبهة بانقلابهم المشؤوم في 30 يونيو 1989 , هذه الآفة التي أحالت نهارنا ليلا , و أمننا خوفا , و ما تبقى لنا من كفاية العيش إلى جوع و متربة , و ما تبقى من فضلة في العافية إلى أسقام مهلكة و موت موعود ! بدعوى الجهاد زجوا بالشباب الأيفاع من كراسي الدرس في المدارس و حصولهم للشهادة الثانوية إلى ميدان القتال , و آخرين من الشبان امسكوا بهم قسرا من الشوارع و قذفوا بهم إلى محرقة الحرب , فقضوا نحبهم عند أول اشتباك لهم , و حرقت الإنقاذ حشا كل أم , ورملت كل زوجة , و يتمت كل طفل , و الذين دفعوا بهم إلى هذا المصير القابعين في الخرطوم كبرت كروشهم و اكتنزت أجسامهم بالشحم و جيوبهم بالمال , و يلوحون بعصيهم عاليا في الهواء شاقين حناجرهم بالتهليل في احتفالات زائفة !
أقول بضمير مستريح أن حقبة الاستعمار التي عايشناها و المستعمرين الذين يسمونهم الكفار , كانت حقبة فيها من العدل و من الرخاء و من حقوق الإنسان ما افتقدناه في عهد الجبهة , فلم تكن هناك مجاعات و عوز و كان الفقير يجد كفايته من الطعام , و كان التداوي متاحا مجانا لكل المواطنين , و كان التعليم الجيد موفورا لأبناء الشعب دون تمييز , وكان التوظيف و الترقية في وظائف الحكومة بمعيار الكفاءة و الجدارة و تكافؤ الفرص للجميع , وكان القضاء مستقلا ولا يعتقل أو يسجن المواطن إلا بحكم قضائي أمام محكمة مدنية ليست استثنائية أو عسكرية و كانت حرية الصحافة و التعبير مكفولة إلى حد بعيد فالصحف تكتب ناقدة , و حرية التنظيم في أحزاب مكفولة , و الليالي السياسية تقام , و المظاهرات تنظم , و إن كانت هناك اعتقالات أو محاكمات فإنها كانت تتم في حدود القانون, و لم نسمع بالتعذيب أو بيوت الأشباح الذي ابتكرته حكومة الإنقاذ في ابشع صورة لانتهاك حق الإنسان و إذلاله , و مارست الجبهة هذه الأساليب الوحشية غير الإنسانية مع معارضيها و مع الكثيرين من الأبرياء , وكثير منهم قضوا نحبهم تحت وطأة التعذيب !! انه عار الدهر لهذه الحكومة الظالمة , وهنا يحضرني قول الإمام بن تيميه و هو ( إن الله قد ينصر الدولة الكافرة – بعدلها – علي الدولة المسلمة بما يقع فيها من مظالم .) و أيضا المقولة التي صارت دستورا للحكم الرشيد و هي ( العدل أساس الملك ) , و احسب أن الدكتور غازي و من معه من كهول الإنقاذ قد عاشوا هذه الفترة تحت حكم الاستعمار التي أتحدث عنها , و ذكر الدكتور غازي إن حكومة الإنقاذ ليست وحدها أمام المسؤولية , و أنا أوافقه في هذا فان الذين يتحملون الأوزار و الخطايا مع الإنقاذ الذين تحالفوا معهم من الإخوان المسلمين و شق من أنصار السنة و بعض الطرق الصوفية و المنشقين من الأحزاب الكبيرة , ناهيك عن الإساءة للحكم الإسلامي و تشويه حكم الدين و تضييع الفرصة الشاردة لتبيان حكم شريعة الإسلام الراشد و الذي أظهروه للعالم قسوة و ظلما و استغلالا , و عدآء غير مبرر مع جيراننا من الدول , و تعاملهم بغل مع مواطني بلدهم من المسلمين و غير المسلمين و كأنهم أعداء الداء !! في حين جعلوا السودان ملجأ و ملاذا للإرهابيين في العالم و منحوا الجنسية السودانية لشذاذ الآفاق و المجرمين المطلوبين من حكوماتهم !!! و من أسف و أسى لم يكن الشعب السوداني الطيب ليستحق كل هذا القدر من الإذلال و الهوان ! فهل يعتذر أهل الإنقاذ عن الأذى الشديد الذي سببوه للسودان و أهل السودان ؟!
و هل يشفع الدكتور غازي اعترافه بالاعتذار و الندم عن التدمير الذي تسببوا فيه ؟!
هلال زاهر الساداتي – القاهرة
[email protected]
|
|
|
|
|
|