(1) إن المسيرة النضالية التى بدأها شعبنا مُنذ عُقود كان وُقُودها وصُناعها رجالُ أشاوش تكبَّدَوا مَشَاقّها وتَحمَّلوا تَبِعَاتِها ووَيْلاَتُها فدخلوا المُعتقلات والسُجون وواجَهوا صُنوفاً من العذاب، لكهنم صمدوا بجَلْد ولم يَثنِيهم كل ذلك عن المُضى قُدماً فى مسيرة النضال بعزم حتى أصبحوا مشاعل من نُور، وفقيد الأمة والوطن الراحل أحمد سويرا كان من جُملة تلك الكوكبة الوطنية التى ضَحت ونسجت خيوط مقاومة الإستعمار منذ عُقود وفى مراحِلها المُختلفة . (2) بتاريخ 19 نوفمبر 2016 إنتقل إلى رحمة مولاه المناضل الكبير أحمد إسماعيل أحمد دين المشهور ب(أحمد سويرا) بالخرطوم بعد رحلةٍ طويلة مع المرض تقبله الله قبولاً حسنا وغفر له وأدخله فسيح جناته وبرحيله المُفجِع فقَدَت أرتريا أحد فُرسانها ورُوادها النُبلاء الذين خدموا القضية الوطنية من بواكِيرها بإخلاص! وعاصروا حِراكها الوطنى خطوة خطوة وطوبةً طوبة حتى إكتمل بناء الوعى الوطنى وتحقق للشعب الإرترى حُلم إستقلاله وحرية تُرابه. (3) الراحل من مواليد منطقة سويرا بإقليم أكلى قوزاى 1936م وأنخرط فى العمل الوطنى مُنذ مطلع الخمسينيات ناشطاً وكادراً وقيادياً كرس عُمره للقضية ! إلتحق بحركة تحرير أرتريا 1959م وصار عضواً قيادياً فيها وتعرض للإعتقال فى السودان فى عهد نظام عبود وتم تسليمه لأثيوبيا عام 1963م لكنه تمكن من الخروج من قبضة السُلطات الأثيوبية وعاد مرةً أخرى للسودان ليُواصل مشواره النضالى فى الخرطوم حاملاً هَمَّ القضية وأنضم فى مطلع السبعينيات إلى جبهة التحرير الأرترية رائدة الكفاح المسلح مُناضلاً فيها ومؤمناً بأهدافها، وفى سنة 1996م شارك الراحل أحمد سويرا فى تأسيس جماعة مبادرة الأرترية والتى أطلق عليها لاحقاً إسم مركز سويرا لحقوق الإنسان . (4) الراحل كان يحمل فى صدره الكثير من الوقائع والأحداث والحقائق والتاريخ ! وكان مُناضلاً صلباً ونقابىُ عنيد ومدافعاً قوياً عن قيم العدالة ، ذاكراً لبطولات رفاقه ناكراً لذاته متواضعاً رغم إسهاماته المشهودة فى ميدان العمل الوطنى ! كان أحد المؤسسين لجمعية أبناء أرتريا بالسودان 1957م والتى تلخصت أهدافها فى رعاية مصالح الأرتريين وصيانة وحدتهم والحفاظ على هويتهم فى خطوة مُناهضة لأثيوبيا التى سيطرت على أرتريا وكانت تعمل على طمس هوية شعبنا وكان لهذه الجمعية دورُ كبير فى زرع الشعور الوطنى بين الأرتريين ودعم حِراك التحرر والإنعتاق. (5) الفقيد سَلِيل مُجتمع قاوم الإستعمار بضرواة وناهض مظاهر الإحتلال بِشراسة فكان لهذا تأثيره الكبير فى شخصيته وأنعكست فى نضالاته ، فكان فارساً شُجاعاً لايعرف الجُبن! واضحاً فى موقفه قوياً فى طرحه ! فسيحاً فى حجته دون إعوجاج ! نظيفاً وعفيفاً مُخلصاً للمبدأ الذى آمَنَ به ! ولهذ كان من أصدق مُناضلى أرتريا الذين وَهَبوا حياتهم من أجلها وفوق كل ذلك كان رفيع الأخلاق طيب القلب مُترفعُ عن الصغائر . (6) مايزيدُنا وجعاً على رحيل رُموزنا أنهم قدموا الكثير ولم يجدوا تقديراً لمجهوداتهم بل والأنكى أنهم لم يجدوا قبراً فى تُراب وطنٍ سخروا كل حياتهم من أجله وما يؤسف له أن قاماتنا الوطنية لم تجد الإحترام والتقدير والرعاية التى تليق بهم وبحجم تضحياتهم من الجميع نظاماً ومُعارضة ، وألاكثر فضاحة أننا لم نُوثق لهم بالصورة المُثلى التى تَليق بمكانتهم والراحل كان يُفترض تكريمه قبل رحيله ولكن كالعادة نَحتفى برُموزنا بعد رحيلهم فنزداد وجعاً وألماً وحُزناً مُضُاعفاً. (7) العم أحمد سويرا هو فَقَيد الأمة الأرترية وأحد صانعى تاريخها المجيد وبوفاته أنتهت قصة كفاحٍ ونضال طويلة وعزاؤنا أنها ستظل قصةً خالدةُ تُنير لأجيالنا دروب النضال وستكون دافعاً للبذل والعطاء! ويوماً ما سنَكِتب تاريخُها وتاريخ رُموزنا الوطنية بِمداد من نُور لوطنٍ خالد وتاريخٍ زاهى تكون سير الأبطال فيه راسخةً كجبال سويرا شامخةً كعُلوه ، فى الختام نُعزى أنفسنا والشعب الإرترى قاطبة وأهله وأصدقائه ورِفاق دربه على الفَقَد الجَلَل ونسأل الله عزو وجل أن يغفر له ويرحمه ويتقبله فى زُمرة الشهداء والصالحين وأن يُسكنه فسيح جناته ويُلهَمَ أهله الصبر وأن يجعلنا بارين بالقضية التى آمن بها الفَقَيد حتى تصل مُنتهاها وإنا لله وإنا إليه لراجعون .. محمد رمضان كاتب أرترى [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة