*مع خيوط الفجر الأولى كان في الحي البحراوي العتيق.. *وطفق يجوس خلال أشجاره - ومنازله - بحثاً عن بيت الوزير.. *ولم يدر سبب مهاتفة (القيادي) له بنفسه من أجل مرافقته.. *فهو كان متوجهاً إلى عطبرة وأقسم على (الصحفي) أن يقبل دعوته.. *بل وأضاف إلى قسمه المغلظ ذاك (حليفة بالطلاق) .. *وطوال الطريق أخذ الصحفي يتساءل عن دواعي إصرار (النافذ) عليه.. *فهو معروف بمواقفه التي تنطلق من (الضفة الأخرى).. *وفضلاً عن ذلك فليس ثمة رابطة بينه والوزير سوى ضرورات العمل الصحفي.. *وحتى هذه كانت في حدود بما أنه ذو لقب يوحي بالعنف.. *وكان يعد من غلاة الصقور على الصعيد السياسي بيد أنه عكس ذلك (اجتماعياً).. *كان ودوداً بشوشاً عفوياً مشبعاً بطيبة البسطاء وأهل التصوف.. *بل كان متصوفاً كما سيتضح في سياق كلمتنا هذه المنتزعة من براثن الذاكرة.. *أو بالأصح، من بين براثن الذاكرة (الحذرة) لقرب العهد.. *وفي عطبرة كان يرافق الوزير بجسده وعقله في رفقة ذكريات ماضٍ بعيد.. *ذكريات فترة قليلة قضاها هناك برفقة بعض أهله.. *فهنا حي رفيق طفولته أحمد المصري الذي كان (يردفه) معه بدراجته للسوق.. *وهناك نادي البلدية المشهور بسمكه الشهي ليلاً.. *وتلك السينما التي كانت تبث أغنية (على حسب وداد قلبي) قبل عرض الفيلم.. *وحين فرغ الوزير من جولته - عصراً- تحرك الركب.. *فبخلاف فارهة القيادي- ذات الدفع الرباعي- كانت هنالك عربتان أخريان.. *وفي إحداهما نسوة ينتسبن إلى (تنظيم) خاص بالمرأة.. *وبينهن فتاة من أهل (التنظيم) يعرفها الصحفي، وفي سره يردد (ليتني لم أعرفها).. *وما ذاك لعيب فيها وإنما لخصلة تنزع نحو الظفر بما (تريد).. *بينما الذي كان (يريد) هو أن تدعه وشأنه جراء شك في طرائق تقرُّبها إليه.. *وعند المغيب عبر الركب النهر وانطلق صوب الصحراء.. *وفي قلب وادٍ غير ذي زرع- سوى العشر- توقف وسط زرائب لشيخ صوفي.. *وكانت مفردات الترحاب بنا أبطأ من رائحة الشواء نحونا.. *وعقب العشاء- وصلاة العشاء - دعا الوزير الصحفي إليه بجوار الشيخ.. *ثم فاجأه بعبارة (بتنا فلانة دي بتريدك وبندور نعقدلك عليها).. *وقبل أن يفيق الصحفي من الصدمة واصل حديثه عن (مبيت) و(غرفة هناك).. *وبدا كل شيء مرتباً ترتيباً مذهلاً عدا شيئاً واحداً.. *وهو عقل (الضحية) الذي قاوم الكيد الأنثوي، والأمر السلطوي، والسحر الغيبوي.. *وطوى الركب الصحراء ، وطوى الوزير النسيان.. *وطوى الزمان صفحة (فتاة القوم !!!). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة