|
اتحاد العمال يلغي طبيعته وأهدافه ويخالف القوانين 1/2
|
Kh ali 17@yahoo .com. تجميد الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص لثمانية سنوات وفي الحكومة وقطاع الأعمال العام لعشر سنوات (اتحاد العمال يفترض تمثيله لجميع العاملين بالسودان) ليس من المصادفات. فاتحاد نقابات عمال السودان ظل بعيداً عن حماية العمال وحقوقهم المكتسبة وحقوقهم الأساسية. وشهدناه خلال العشرة سنوات الأخيرة وتحت غطاء (الموضوعية) يستبعد المطالبات بزيادة الأجور وحدها الأدنى بأسباب (تقدير الظروف المواجهة لأول ميزانية تستقبل السلام) و(عجز موازنة الدولة). و(عدم مقدرة أصحاب العمل على الدفع) مثلما تبنى في نفس الوقت مقولات قديمة: زيادة الأجور تؤدي إلى زيادة الأسعار.. وغيرها. كما أن تراكم متأخرات العاملين بالولايات وبالمليارات وبسنين عددا ليس مصادفة. وفي29 مارس 2014 شهدت الأستاذة/ اشراقة سيد محمود على الاتفاقية الثنائية بين اتحاد العمال واتحاد أصحاب العمل. والتي اتخذت لها عنواناً زائفاً هو (الاتفاقية الجماعية لمعالجة الأجور في القطاع الخاص) وقررت الاتفاقية 300 جنيه حد أدنى للأجر (في القطاع الخاص) مع استحداث علاوة جديدة قدرها 125 جنيه مكملة للحد الأدنى للأجور ليكون 425 جنيه اقتداءاً وقياساً بالحكومة وقطاع الأعمال العام. ليس ذلك فحسب بل أن الاتفاقية الثنائية حددت مقدماً الحد الأدنى للأجور حتى العام 2017 بالزيادة السنوية عن طريق التذويب التدريجي لعلاوة الـ 125 في الأجر. والحقيقة الأولى: أن الحد الأدنى للأجر يقرره مجلس الوزراء الاتحادي وهو ملزم لكافة المنشآت. والحقيقة الثانية: أن الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص هو الذي يماثل دائماً مخصصات الدرجة (17) في القطاع الحكومي والذي يبلغ 545 جنيه وليس 425جنيه والحد الأدنى للمعاش 525 جنيه. والحقيقة الثالثة: أن الحد الأدنى للأجور قرره مجلس الوزراء اعتباراً من يناير 2013 وليس من مارس 2014م. وتشير الاتفاقية الثنائية أنها استندت على المادة (105) من قانون العمل لسنة 1997 فهي تمثل بذلك أطرافها دون غيرهم (عضوية اتحاد أصحاب العمل) و(عضوية اتحاد العمال). وقانوناً لا يستطيع الاتحادان الإدعاء بأن الاتفاقية تعني كل العاملين بأجر في القطاع الخاص (راجع مسح القوة العاملة 2011 ونسبة العاملين بأجر وعضوية اتحاد العمال) أن أكثر من 80% من العاملين بأجر في القطاع الخاص لانقابات لهم ولا يسري هذا الاتفاق عليهم بالضرورة. والعمال الذين لا نقابات لهم يستطيعون وبذات المادة (105) من قانون العمل عقد أكثر من اتفاقية حول الأجور وحدها الأدنى. فالنزاع العمالي بقانون العمل والمادة (105) يقصد به نزاع بين مخدمين ومستخدمين أو بين عمال وعمال أصحاب عمل وأصحاب عمل يتعلق باستخدام أو ظروف استخدام أي شخص. كما يستطيعون التمسك بحقوقهم الأساسية والدستورية في تحديد الحد الأدنى للأجور، كما يجوز لهم ذلك عن طريق قانون لجان الأجور وشروط الخدمة 1976 (وهو القانون الذي كان يجب أن تستند عليه الاتفاقية الثنائية بين اتحاد العمال واتحاد أصحاب العمل). وقانون العمل بالمادة (105) ينص على أن يوقع الطرفان المتفاوضان على الاتفاق المحرر موقعاً عليه منهما من ثلاثة نسخ وترسل النسخ الثالثة (للسلطة المختصة) والسلطة المختصة يقصد بها وزير العمل أو الوالي بحسب مقتضى الحال. ومن اختصاصات الوالي الدستورية المرتبات والأجور في ولايته وجرى العمل على تفويض الوالي لسلطاته في هذا الشأن إلى الإدارة العامة للعمل ومكاتب العمل بالولاية. إذ لا سلطة لوزير العمل الاتحادي على مكاتب العمل في الولايات المختلفة بحسب الاختصاصات الدستورية للوزارات الاتحادية. فطرفا الاتفاقية الثنائية مدركان تماماً أن هناك قانوناً قائماً هو (قانون الحد الأدنى للأجور 1974) والمعني بتحديد الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص والذي يشمل جميع العاملين من الرجال والنساء الذين لا تقل أعمارهم عن ستة عشر عاماً ويعملون في أي منشأة (م3/1) ويصدر بقرار من مجلس الوزراء الاتحادي أو القومي ويطبق في كل أنحاء السودان. وبتعديل 1992 لقانون الحد الأدنى للأجور 1974 فإن مجلس الوزراء وبأمر منه يعدل جدول الحد الأدنى للأجور المرفق بالقانون حتى يكسب القانون مرونة في تعديل الحد الأدنى للأجر متى ماتطلب الأمر ذلك بآلية المجلس الأعلى للأجور وذلك دون اللجؤ لتعديل القانون مما يأخذ وقتاً طويلاً. ولا يمنع قانون الحد الأدنى للأجور أية منشأة من دفع فوائد أو امتيازات أجور لأي عامل أفضل مما هو مقرر من الحد الأدنى المقرر بموجب القانون (م/6/1) كما لا يوجد بالقانون ما يؤثر على الحقوق المكتسبة للعاملين أو على أي أمتياز بالأجور أو أي فوائد للعمال تزيد عن مستوى الحد الأدنى للأجور المقرر بالقانون (م/6/2). من جهة أخرى فإن قانون الحد الأدنى للأجور الذي أجازته الهيئة التشريعية كفل الحماية الإدارية والقضائية لتطبيق الحد الأدنى للأجور كالآتي: 1- النزاعات بشأن الحد الأدنى للأجور تقدم لمكاتب العمل المنتشرة في الولايات والتي عليها اتخاذ القرار بشأن النزاع خلال أسبوع من تاريخ رفع النزاع إليه (م/7/1). 2- قرار مكتب العمل ينفذ بواسطة المحكمة المختصة وتتبع فيه اجراءات تنفيذ القرارات القضائية (م/7/3). 3- يتم استئناف قرار مكتب العمل أمام المحكمة العامة (محكمة المديرية) والتي تصدر قرارها خلال أسبوعين من تاريخ اعلانها النظر في النزاع ويكون قرارها نهائياُ (م/7/2). إن قيادات من اتحاد نقابات عمال السودان تحاول تصوير الاتفاقية الثنائية وكأنها اتفاقية (ثلاثية) وضعها الشركاء (الحكومة، أصحاب العمل، اتحاد العمال) تكفلت بتحديد الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص. وهذا ليس صحيحاً فبنص الاتفاقية أنها استندت على المادة (105) من قانون العمل 1997 وبذات المادة فإنها تسري على (الاعضاء باتحاد نقابات العمال) وهذا ورد أيضاً في نص الاتفاقية الثنائية (يلزم كل من الطرفين عضويته أفراداً ومؤسسات بعدم اللجؤ لمكاتب العمل أو المحاكم..)!!. وهدف الاتفاقيات والتوصيات الدولية بشأن الحد الأدنى للأجر هو حماية العاملين بأجر من الأجور شديدة الانخفاض (انظر: دستور منظمة العمل الدولية، الاتفاقية رقم 26 والاتفاقية رقم 131 والتوصيات 30 و89 و90 لمنظمة العمل الدولية ومن أهم المعايير الدولية:- 1- يكون للحد الأدنى للأجر قوة القانون، فلا يجوز تخفيضه، ويترتب على عدم تطبيقه تعرض الشخص أو الأشخاص المعنيين للعقوبات الجنائية وغير الجنائية المناسبة. 2- تشمل العناصر التي تؤخذ في الاعتبار لتحديد الحد الأدنى للأجر بقدر الإمكان وبما يتفق مع الممارسات والظروف الوطنية: 1- احتياجات العمال وعائلاتهم مع مراعاة المستوى العام للأجور في البلد وتكاليف المعيشة وإعانات الضمان الاجتماعي. 2- العوامل الاقتصادية.. ومنها متطلبات التنمية الاقتصادية ومستويات الانتاجية. 3- تلتزم كل دولة بإقامة جهاز يمكن من خلاله تحديد الأجور الدنيا لمجموعات العاملين بأجر مع وضع أحكام بشأن التشاور الكامل مع المنظمات الممثلة لأصحاب العمل والعمال. 4- اتخاذ التدابير الملائمة: مثل قيام نظام تفتيش كافي تعززه التدابير اللازمة الأخرى لضمان التطبيق الفعّال. 5- الحد الأدنى للأجور يطبق على جميع العاملين الوطنيين وغير الوطنيين. 6- لا يجوز الاتفاق فردياً أو جماعياً على أجور أقل من المستويات الدنيا المقررة. 7- تحديد المستويات الدنيا للأجور لبعض المهن أو فروع من المهن التي لا توجد أي ترتيبات لتنظيم الأجور فيها تنظيماً فعّالاً عن طريق اتفاق جماعي أو غيره وتكون الأجور فيها مخفضة بصورة غير عادية. ونتابع في الجزء الثاني من المقال (حكومة العمال وأصحاب العمل ومعاداة الحماية الإدارية والقضائية) ونتعرف على الأساس المادي للاتفاقية الثنائية.
|
|
|
|
|
|