ابادماك هو إله الحرب في الحضارة السودانية القديمة (حضارة مروي). يتواجد المعبد الرئيس لعبادة ابادماك في منطقة النقعة، وهي منطقة قريبة من مدينة شندي، شمال ود بانقا، وتبعد حوالي 160 كيلومتر من الخرطوم في الاتجاه الشمال الشرقي. كما وجدت منحوتات له في كل من المصورات والبجراوية، حيث توجد اثار المملكة المروية.
هو الاله الذي كان يسير بجانب الجيش المروي في معاركه ضد الأعداء، حيث يهب للمحاربين الشجاعة والاقدام في القتال، ويحفزهم على النصر. وكان يتبدى للمحاربين السودانيين القدامى، معلقا ما بين السماء والأرض، ساطعاً في غبار المعركة الحربية بخيوط من نور، مجسدا الاله الأسد المحارب، الذين يساند على الدوام اتباعه. كانت صيحات المحاربين القوية عند ملاقاة الأعداء، تنتقل عبر الفضاء الى الأعداء كصوت مجلجل ومرعب لزئير أسد غاضب.
تجسد الاله ابادماك في صورة جسم بشري وراس أسد. وبعض المنحوتات له على جدران المعابد كانت تظهره بثلاث رؤوس وأربعة أذرع، بينما نجده في بعضها برأس واحد وزراعين. ثلاث رؤوس حتى يبصر في كل الاتجاهات، وهي رمزية لقدرة الاله على الإحاطة بكل ما يدور حوله. ولطالما اعتبرت اليد رمزاً للقوة وللبطش والمقدرة، في الاساطير القديمة. يد الانسان هي تمسك وتقبض الأشياء وهي التي تضرب وتبطش، وهي رمز العمل والرزق. رمزية الأذرع المتعددة للإله ابادماك تشير الى قوته وبطشه وتحكمه في حركة الأشياء من حوله.
في الاعلام التي يلوح بها معتنقي عقيدة الراستا "Rastafarian Faith"، تتواجد على الدوام صورة الأسد. من أين جاءت صورة "الملك الأسد" في هذه العقيدة! وهي عقيدة نشأت في جامايكا، وتعتقد في الوهية الامبراطور الحبشي هيلاسلاسي. ويؤمن اتباع عقيدة الراستا بأن هيلاسلاسي لم يمت، وانما ارتفع الى السماء.
كان هيلاسلاسي من المسيحين المنتمين الى الأرثوذكسية الأثيوبية المتشددة، التي تعتبر انها المذهب المسيحي الوحيد الذي حافظ على نقاء العقيدة. زار هيلاسلاسي جامايكا عام 1966، واسس هناك كنيسة لاتباع عقيدة الراستا. يدعي هيلاسلاسي انه من نسل النبي سليمان، وانه من احفاد عائلة مقدسة انحدرت من الملك مينليلك، الذي يذكر في التاريخ الحبشي القديم على انه ابن ماكيبا والملك سليمان. وماكيبا هي الاسم الأمهري لملكة سبأ المذكورة في القران الكريم. من أشهر معتنقي عقيدة الراستا الفنان بوب مارلي، مغنى الريغي الشهير. أيضا هيلاسلاسي ينحدر من سلالة الملك عيزانا ملك المملكة الحبشية اكسوم )230-260 م). ويعتقد ان عبادة ابادماك قد انتقلت الى الحبشة بعد غزو الملك عيزانا لمملكة مروي وتدمير اثارها وتشريد أهلها. ومنذ تلك الفترة تَمثل الراس الأسدي لابادماك في الكثير من الرموز الدينية والقومية للممالك الحبشية المتعاقبة. اسد يهوذا (Lion of Judah) رمز مقدس يمثل صورة راس الأسد او الأسد بكامله اتخذه هيلاسلاسي رمزا لمملكته، كما تم اتخاذه كشعار وطني ورسم في العلم الاثيوبي من 1879 الى 1974. لمعتنقي عقيدة الراستا، علم به ثلاثة مستطيلات على طوله ملونة بالاخضر والبرتقالي والاصفر الذي يتوسط العلم. في وسط هذا العلم – في المنطقة الصفراء منه-شعار لأسد يحمل الصولجان الملكي، ويزين راسه تاج. هل من الممكن ان تكون كل هذه الرموز تمثل راس إله الحضارة السودانية القديمة ابادماك!
شيفا (Shiva)هو اسم اهم الالهة الهندوسية. يعبد بعض الهندوس الاله شيفا كاله رئيس، والبعض الآخر يعبده من ضمن الهة أخرى من أهمها فيشنو وشاكتي. ولطالما اعتبر شيفا إله الدمار والحرب في الديانة الهندوسية، وتقدم له الهدايا والنذور من أجل اتقاء شره، وكسب رضاه. رسومات وتماثيل الاله شيفا في مئات المعابد بالهند تظهره بثلاث رؤوس وعدة أذرع. ماذا تذكرنا هذه النماذج لهذه الالهة. ابادماك كان إله الحرب في الحضارة السودانية القديمة، وكان له ثلاث رؤوس وعدة أذرع! في احدث بحوث اثرية تمت بمنطقة البجراوية، قدر ان زمن الحضارة المروية كانت 800 قبل الميلاد وليس 300 قبل الميلاد (Krzysztof Grzymski, 2011 .) مما يشير الى اسبقية الديانة المروية على الهندوسية.
هيكيت Hecate)) هي إله انثى في الديانة والاساطير اليونانية. وكانت تعتبر إله الأرض والسماء، والاله حارس العبور من الأرض الى السماء. كما ارتبطت أيضا بانها مسببة للبؤس والدمار عندما تزور أي من اتباعها. الموسوعة البريطانية اعتبرتها من اهم الالهة في اليونان القديمة. كانت تقدم لهيكيت على الدوام القرابين والصلوات لإرضائها. ما يهمنا في هذا السياق، هو انها الهة ذات ثلاث رؤوس، كما هو الحال نفسه مع ابادماك! المؤرخ البريطاني مارتن برنال (1937 -2013) وعبر مؤلفه الضخم أثينا السوداء- 1987 (Black Athena)، أوضح ان جذور الحضارة والثقافة والاساطير اليونانية جاءت من حضارات افريقيا والشرق الأوسط. اهم الحضارات الافريقية والتي كانت تسبق الحضارة اليونانية هي الحضارة السودانية القديمة ممثلة في ممالك كوش ونبتة ومروي. كما أشار المؤرخ اليوناني القديم ديودروس (Diodorus) ان ارض السودان القديم، هي ارض الديانات وارض اول الهة ظهرت في الوجود. ويشير ضمنيا الى الهة اليونان انتقلت من هذه المنطقة. يقول ديودروس "يكتبون أيضا أنهم كانوا من بين اوائل الناس-يقصد الحضارة السودانية القديمة-الذين تعلموا تكريم الآلهة وتقديم التضحيات لها وترتيب التجمعات والاحتفالات [الدينية] وأداء أشياء أخرى تكرم فيها الإلهة. لهذا السبب فان تقواهم الدينية كانت مشهورة بين جميع الناس [في العالم القديم]، ويعتقد أن تضحيات الاثيوبيين كانت ترضي بصفة خاصة الالهة ".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة