الرجل قامةٌ و فكرٌ و عشقٌ دائمٌ لوطنه و أهل وطنه ، كتب في السياسة و التاريخ و الإداره وعن شتى مصائبنا المعاصره و شتّىى صنوف المعرفة و الثقافة ، أبدى رأيَهُ ونصحه و التهبت دواخله تفاعلاً و مشاركةً و انشغالاً بهموم الآخرين ، ألا وهو الأخ و الصديق الباحث الدكتور حيدر إبراهيم .. علمٌ من أعلام رجال السودان و رمزٌ لا تخطئه عين . قبل أيامٍ قليلةٍ مضت أعـتلّ و أصابه رهقُ الزّمانِ فهب كل أصدقائه و معارفه من أهل البرِّ والخير للوقوف بجانبه ، رجالٌ و نساءٌ ، صغار ٌو كبار عملوا بفطرةِ أهل السـودان و خُلُـقَ أهل السـودان و شـهامةَ أهل السـودان لـيقدموا العـون و المؤازره و ليقوموا بالواجب ، ما شاب سلوكهم دفعٌ أو مصلحةٌ أو إملاءٌ ولا أيٍّ من خَبَـثِ الإنقاذ و نفاق الإنقاذِ أو جحود الإنقاذ ، كان على رأس أولئك النفر ممن هيّأ لدكتور حيدر الإجراء و الملازمةَ و الفحص و دخول المستشفي - ببراغ - عقيلته السـيّده حياة عبيد وشقيقته ثريّا وإبنه ، والدكتور مراد و زوجه الناشطه السياسيه المناضله خديجه الرفاعي و حسـن الطيب و الدكتور مصطفي خالد و الدكتور شـرف يس و لـفيفٌ من المخلصين الصادقين وأجد نفسي أذكُرهم إنابةً عن الدكتور حيدر شكراً و تجلَّـةً و عرفاناً ، كما أني انتهزها سانحةً لأدوّنُ بعضاً من خاطرة حيدر و حضوره بعد أيام قليلة من مغادرته المستشفي في حوارٍ مع - أخت مهيره - السيده خديجه الرّفاعي : 1/ ما الذي لفت نظرك أو أثار انتباهك أثناء فترة العلاج ؟ ما أثار انتباهي و حرك مشاعري حقيقةً هو ما وجدته من الأصدقاء و الأهل ، تلك الموده و ذلك الإهتمام و التنافس على راحتي و تنظيم أمر علاجي و الإلتزام بكلفة المصاريف الباهظه و الإصرار على ملازمتي حتى قيَّـض الله ليّ مخرجا بنجاح عملية القلب المفتوح ، فلهم كل الشكر و الإمتنان علي النُّـبل و المودة و الوفاء أحسن الله إليهم جميعاً و جزاهم عنّي خيراً. 2/ ما هي انطباعات دكتور حيدر عن براغ ؟ براغ أعرفها منذ زمن طويل ، مدينة الجمال و الطبيعه الخلابه و النظام و النظافه و المستوى المتحضر و المتقدم بنواحي الصحّةِ و الإستطباب ، يجد المرء فيها ما تصبو إليه نفسه من راحةٍ إن كانت نفسيةً أو بدنيه . 3/ إذاً ما هي مشاريع المستقبل ؟ بعد فترة النقاهة و استعادة صحتي بصوره كامله بإذن الله سأبدأ بالكتابةِ عن تاريخ السودان منذ عصورٍ قديمةٍ خلت ثم إعادة تنظيم المركز و إصدار مجلة كتابات سودانيه ، كما أنني و بعض الأخوه سنعمل على إنشاء متحف للشخصيات الوطنيه البارزه في السودان . 4/ ما هي رؤيتكم للأوضاع في السودان .. و كيف ترى ارتباط ذلـك بالأوضاع في العالم العربي ؟ الأوضاع في السودان مُتأزِّمة وجَـدُّ مُتدنّيه لا تليق و لا تُشبه أهل السودان ، الحال مُهيأ للإنتفاضه و يتوقف ذلك علي وحدة المعارضه و إمكانية تعبئة الناس و النزول للجماهير و قيادة التحرك ، أما العالم العربي فهو يعيش منذ الأربعينات في حالة أزمة حُكم ، و اذدادت هذه الأزمه و تفاقمت بعد حرب حزيران/ يونيو مما أدى لتدخل العسكر و إنتاج انقلابات حاول القائمون بها وعليها الإصلاح و لكنها تحولت إلى دكتاتورياتٍ و حُكم الفرد مما جعل الأمر أكثر سوءاً . أما الحال الراهن فهو أن الظلم و الطغيان و التدهور أكمل نضج الثورات و أشعل فتيلَها و لكنها انفجرت ثورات عفوية و غير منظمه ، إذ أنه لم يسبقها التخطيط و البرامج و حساب البديل لذلك استطاعت الإطاحه بالنظم الديكتاتوريه و لم تحقق التغيير كاملاً ، و مثال ذلك الربيع العربي فقد أزال الغبن و الحكم التعسفي و لم يطرح البدائل الجاهزه ، ورغم ذلك أعتـقد أن السودان سيكون أوفر حظاً لما للشعب من خبرة و تجارب سابقه و قد أحرز تقدماً في البحث عن البديل منذ ميثاق أسمرا . 5/ ماذا ترى في الوضع الأقتصادي و كيف الخروج من الأزمه ؟ الوضع الإقتصادي منهار أو متأزم للغايه ، السـودان أرض تـتوفر بها إمكانات تسمح بوجود إقتصاد عملاق و لكن الأمور ترتبط بعضها بالبعض .. فلا يمكن تحت نظام يرفضه الناس .. يتسلط عليهم و يقيد حرياتهم و تنقصه الشفافية و الإلتزام العلمي بالبرامج الإقتصاديه ، نظام يخطط لحركة في المال هامشـيّه و عقـيده استهلاكيه تَـهرُب من تحقيق البنيه الأساسيه للإنتاج إضافة لسوء إدارة المتوفر ، ثُمّ الفساد الذي سبق الأولين و الآخرين .. تحت مظلة أنظمة كهذي يستحيل التفكير في حلول تُخرِج اقتصاداً متعافياً . 6/ هنالك جمع من الأحباء و الأصدقاء سألوا و أبدوا إهتماماً بصحة و حال الدكتور حيدر حتي وصلهم الخبر السعيد بتماثلك للشفاء .. ماذا تقول لهم . هنالك قصيده للشاعر صلاح عبد الصبور يقول فيها : أنا رجعتُ من بحار الموتِ دون موت .. قابَلَني الفكرُ و لكني رجعتُ دون فكرٍ .. حين أتانيَّ الموتُ لم يجد ما يُميته .. و رغم أني لا أتفق معه في الجزء الأخير إلا أَن ما أحاطني به الأهل و الأصدقاء من ودٍ و حنانٍ و وفاء جعلني قادر على التـشبث بالحياة و جعل الموت يتراجع عنّـي و انتصرت الروح على فناء الجسد و استسلامه .. و كل الشكر و الإمتنان لمن كانو سنداً و ضوءاً في العتمةِ حتى جاوزت كل سقم . عميد/ عبد القادر إسماعيل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة