|
إقبضوا على (زكي جمعة) قاتل الشهيد (علي أبكر) !! عبد المنعم سليمان
|
[email protected]
من لم يشاهد مسرحية (بترا) للفنانة اللبنانية القديرة فيروز عليه البحث عنها على موقع اليوتيوب ، ففي هذه المسرحية الشيّقة يذهب الملك لمحاربة الرومان تاركاً خلفه زوجته الملكة (شكيلا) التي هي (فيروز) ، وابنتها الوحيدة (بترا).
الملك يحقق انتصارات كبيرة على الرومان في ميدان المعركة ، فيهرب قادتهم أمام جيش الملك الضاري ، ولا يجدون طريقة لإيقاف انتصاراته غير الذهاب إلى المدينة حيث ترك فيها زوجته وإبنته (بترا) ذات السبع سنوات ، يقوم الجنود الرومان المهزومين بخطف الصغيرة ، ثم يساومون بها الملكة : اما إن توقف انتصارات زوجها أو يقتلون الطفلة.
تشهد المسرحية بعد ذلك أجمل وأشجع حوار (تفاوضي) رأيته في حياتي ، الملكة (شكيلا) تقول للضابط (باتريكوس) الذي أتي ليقايضها بحياة إبنتها أنها لن تضحي بحرية شعبها وانتصارات زوجها وجنوده التي مهرها بدماء الشهداء الزكية مقابل حياة ابنتها ، فيرد عليها الضابط بعد أن عجز من الحوار معها : إذاً ستموت ابنتك ، فتجيبه بثبات : وأنت أيضاً ستموت . في النهاية تموت الصغيرة (بترا) إبنة الملك على يد الجنود الجبناء ، وينتصر الملك بعد أن قدم تضحيات كبيرة وكثيرة ويموت الضابط باتريكوس .
واهمٌ من ظنّ أن جريمة قتل الطالب الشهيد (علي أبكر) عضو رابطة طلاب دارفور بالجامعات بواسطة أجهزة المؤتمر الوطني الاثنين الماضي ، حدثت بمحض الصدفة ، فنظام (البشير) الذي يفر جيشه ومليشياته و(جنجويده) في الميدان أمام جيش القائد (مناوي وحليفه كاربينو) ، قام بقتل الطالب بعد أن عجز عن المواجهة الحقيقة في ميدان القتال ، حتى أن أحد الثقاة قال لي أن ضباط من القوات الخاصة التي تستأسد على الطلاب العُزّل في الخرطوم فروا حفاة وبملابسهم الداخلية لحظة دخول قوات مناوي مليط ! وهكذا هم دائماً يفرون من ميدان المعركة الحقيقي ، ويتنّمرون في (الميدان الشرقي) .
إن إطلاق النار على طلاب دارفور وقتل الشهيد (علي أبكر) كان عملاً مُنظماً أرادت عبره حكومة (البشير) العاجزة إرسال رسالة إلى قوات (مناوي – كاربينو) مفادها أوقفوا المعارك وإلا سنقتل أبناءكم في الخرطوم ، وما لم ولن يفهمه النظام الحاكم أن مناوي وكل قادة حركات المقاومة في دارفور أصبح ردهم جاهزاً على مثل هذا الإبتزاز الصريح : أقتل ما تشاء فقد قتلت أكثر من 300 ألف قبلهم ، ولكنك ستموت .
إن الحديث الممجوج والفج الذي يدور هذه الأيام عمّن هو المسؤول عن مقتل الشهيد دون التركيز عن السؤال الحقيقي لماذا قتل (علي أبكر) اصلاً ، ولماذا هذا العنف المفرط ضد الدارفوريين ؟ ولماذا يتم طرد طالبات دارفور من الداخليات الطالبات ليلاً ؟.
وهل قرأتم وسمعتم وشاهدتم ، كيف وصل الجبن بجند البشير وكيف وصلت الخِسّة مداها الأقصى ، عندما اعتبرت شرطة (هاشم عثمان) طلاب دارفور هدفاً عسكرياً يجب رميِّه بالذخيرة الحيّة ؟، ثم لماذا تستعجبون وتبحثون عن القاتل ، ولا ذنب بعد الكفر ! ألم يرى عمر البشير في إغتصاب المرأة الدارفورية شرفاً ، إذا كان مغتصبها (جعلي)؟ !
(البشير) المهزوم عسكرياً ونفسياً ، والذي أصبحت حياته لا تنفع أي شخص حتى هو نفسه ، وأصبح موته لا يضر أحداً ، يقايض الآن حركات دارفور بوقف الحرب وإلاّ فسيقتل كل الدارفوريين بالعاصمة . وفي هذا يريد إشراكنا جميعاً في الجريمة ، لذلك فلا تنجروا في حملة البحث عن القاتل الوهمي لأن القاتل الحقيقي معروف وهو البشير نفسه الذي حتماً سوف يُقتل في النهاية ، وهذه حكمة التاريخ وحتميته ، التي لا مناص منها ولا مفر .
ان الحديث الذي تريد السلطات التمويه به على جريمة (البشير) بمقايضة (مناوي – كاربينو) على وقف زحفهم بشمال دارفور ، تذكرني بالمسرحية القديمة الفكهة (مدرسة المشاغبين) ففي مشهد يجسد فيه نجم الكوميديا الكبير عادل إمام حالة التدهورالذي لحق بمصر حينها ، مقارنة بماضيها ، يقول : فين أيام رفاعة الطهطاوي؟، فين أيام قاسم أمين ؟، فين علي مبارك؟، فينك يا زكي جمعة ؟، وفجأة يصمت ثم يقول : مين زكي جمعة ده؟.
مُنذ ذلك المشهد المسرحي أصبح إسم زكي جمعة في مصر يظهر كلما حجبت الحقيقة والمسؤول خلفها .
الجريمة معروفة مقاصدها ، والقاتل هو البشير أما الذين يريدوننا أن نصدق بيان الشرطة بأن القاتل هو (زكي جمعة) فنقول لهم كما قال عادل إمام في مشهد مسرحي آخر: اليوم نصدق ستو ، خوفي بُكره نصدق ال###### نفسه .
|
|
|
|
|
|