في إطار إسترخاص قيمة الإنسان السوداني التي أصبحت مبدءاً نظرياً عاماً ومُعتمداً ، طالما كان ماثلاً في ما تعتبرهُ الحكومة أولويات في مخططاتها ، وهو أيضاً لا يخفى على عين حصيف على المستوى الميداني إذا ما نظرنا إلى هزالة بنية التدابير المتَّبعة في تقديم الخدمات الإستراتيجية والضرورية ، ولما كانت حكومة الوطني على مر الدوام غارقة في عوالم لا تمُت بصلة للحالة العامة للبلاد وما وصل إليه مستوى سوء إدارة الموارد المتاحة وإتساع رقعة فساد القائمين على أمرها ، وعدم أهليتهم المهنية في تولي مسئولياتها ، كان من الطبيعي أن تتبرَّج سوءات الواقع الحياتي الذي يعيشه المواطن عبر ما يتعرَّض له يومياً من إنهيار نفسي ومادي ، أسبابه معلومة و في مقدمتها غياب (تنازلات) و(تبرعات) الحكومة من التسهيلات التي تمكِّنه من التغلُب على غول الغلاء ، أما التسهيلات التي نقصدها فمن أمثالها إعادة الدعم إلى ما هو حيوي وهام من ضرورات ، أو على الأقل رفع اليد عن الجبايات والرسوم والتراخيص التي تتعرَّض لها المواد الغذائية والإستهلاكية أثناء ترحيلها ، وليعلم الذين لا يعلمون أن ما تدفعة شاحنات الخضر والمواد الغذائية الأساسية التي يتم توريدها في الأسواق المركزية ، تحمل في طيات تكلفتها ما يزيد عن الـ 35% من الجبايات والرسوم وتصاريح المرور ، فتقع تكلفة ذلك عبئاً إضافياً على كاهل المواطن ، بإعتبار أن هامش الربح الذي يستهدفه التاجر سيظل ثابتاً لن يتزحزح ، مجرَّد تسهيلات وكبح جماح شهوة تكديس الإيرادات لصالح خزائن الدولة غير المحروسة وغير المؤمنة ضد الفساد وسرقة مال التنمية المنشودة ذلك الوهم الذي سئمنا ترديده في المحافل والمهرجانات مدفوعة الثمن ، وفي ذات الوقت الذي تشكو منه جهات نظامية وإدارية كثيرة من حالة الترهل الوظيفي والتسيُّب المهني الذي في إعتقادي ليس من صنع الموظف أو العامل بقدر ما هو تقصير على مستوى قيادة الوحدة الإدارية وقدرتها على الرقابة وتزويد الكوادر بمهام وبرامج وخطط يُكلَّفون بتنفيذها ، ينبري بعضها ليشكو من قلة الكادر الكافي لتحقيق واجباتها ثم أيضاً وكالعادة يتم تعليق الفشل على شماعة الإمكانيات ، أي نوع من الإمكانيات يمكن أن يتطلبها أمر تحقيق إحترام إنسانية المواطن في مجال التنظيم والرقابة على الأسواق فيما يتعلَّق بصحة المواطن والحفاظ على حياته من الأوبئة والأمراض الفتَّاكة ، أنظروا كيف يفترش الباعة وبضاعتهم من الخُضر والفواكة أرض السوق المركزي وهي مُشبَّعة بالمياة النابعة من إنفجارات الصرف الصحي ، ثم أنظروا إلى سوء مستوى النظافة ومستوى أخلاقيات إحترام إنسانية المواطن في شكل ومضمون ما تقدمه المطاعم والكافتريات الشعبية في أسواق العاصمة المختلفة ، ماذا تنتظر المحليات ووحدات صحة البيئة والمجتمع بأرتال كوادرها المترهلة لفعل شيئ لا يحتاج إلى إمكانيات بقدر ما يحتاج إلى إيمان بإحترام إنسانية المواطن البسيط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة