الحضارة الغربية هي إمتياز عرقي ضيق الحيزْ تستوعب شعوب العرقية الأوروبية البيضاء وترفض قبول ما دون ذلك وبالرغم من أن تلك الحضارة تفاخر ببنيتها الظاهرة والتي تُبيّن معمارية مفاهيم اللبرالية الحميدة ولكنها هكيليتها الخافية مؤسسة على صفة الإمبرياليه الخبيثة. والإمبريالية وهي الصفة التي تحمل إثنين من المعاني، فالأول يصف الفعل وهو الإحتلال الإستعماري والثاني يصف المزاج وهو السلطوي والإنطلاق من المرتكز العنصري التفوقي. فالأمبريالية في معناها الأول وبأفعالها تؤكد المفهوم الأكثر شيوعاً لمنهجيتها وهو الإعتداء والتصارع من أجل بناء الإمبراطورية وذلك يعني التوسع وتمديد السلطة للسيطرة على مناطق وأقاليم ودول وشعوب أخري مستضعفة والتحكم في مقدراتها ويتم ذلك بالغزو العسكري كما حدث في الغزو الأوروبي لقارة أفريقيا بأكملها والكثير من دول العالم الثالث، تحت مسمى الإستعمار وبحجة التوجه لفعل الخير لصالح تلك الشعوب التي صورت على أنها كانت ترزح تحت وطأة التخلف والمعاناة الحياتية، ولكن الغرض الأساسي كان هو السلب والنهب لثروات تلك الشعوب والعمل على إنشاء سلطة كونية قابضة وبنية إقتصادية عظمى ومتينة. لا يوجد أي مجال لتبرير الغزو الإستعماري لدول العالم الثالث الذي بدأ منذ عدة قرون وأستمر حتي منتصف القرن الفائت حيث رحل تحت وطأة الكثير من الظروف والمؤثرات التي يصعب حصرها وسردها ولكنه قرر أن يعود في هيئتة الجديدة النافذة بعنفوان الحروب التدميرية والفوضى الخلّاقة بحجة مكافحة الإرهاب ونشر الديموقراطية وإطلاق الحريات كما حدث في أفغانستان والعراق في العقد الأول من هذا القرن الواحد وعشريني ثم الإنتقال للمرحلة التالية الحالية الأخف مهاماً وتكليفاً ولكنها الأكثر كلفة حيث تقزمت وأنحسرت فيها الحجج، على قول الأكاديمية سلمى العطا المتخصصة في العلوم السياسية، فأندثرت وخفتت دعاوي نشر الديموقراطية لتستقر على مكافحة الأرهاب.أما في معناها الثاني وهو المزاجي فالإمبرياليه تعني ضرورة التمتع بعظمة التفوق وفرض التبعيه والسيطرة على الشعوب الأخري من منطلق عنصري ووضعها في درجات إجتماعية وسياسية أقل وهم في أوطانهم، ويتجسد ذلك في الغزو الأوربي للقارة الأمريكية وإضطهاد الهنود الحمر، وهم سكانها الأصليين، وقد عوملوا على أنهم وحوش وهمج وصنفوا كمخلوقات حقيرة لا تصلح إلا للابادة. فتم الإعتداء على كل مكونات حضاراتهم المتنوعة وزعزع إستقرارهم وفككت أنظمتهم الإجتماعية ثم تلى ذلك نقل أبناء وبنات شعوب القارة الأفريقية إلى هناك كرقيق وعبيد لخدمة البيض للبناء على أنقاض حضارات وبنيات مجتمعات الهنود الحمر. وكان كل ذلك كفيل بإطلاق صفة البربرية على الثقافة الغربية التي حملت الصفات الأخري مثل النازية والفاشيه والعنصريه بجانب الصفات المتناقضة تماماً والتي تعرف على أنها حميدة مثل الشفافية والتعددية السياسية، الديمقراطية والحرية والإحتكام سلطة القانون.فالحضارة الإسلامية تقف علي نقيض بعيد من تلك الحضارة الغربية بإسلامها الذي لا يحمل المتناقضات لا في ظاهره ولا باطنه بل يحض على العدل والمساواة ونبذ الطبيقة العنصرية وتحريم وتجريم الإعتداء وقتل النفس البشرية بغير وجه حق وحفظ الحقوق والدعوة لما فيه خير للبشرية جمعاء {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} الأنبياء:107 فيكون السلام فوق الأرض. وأيضاً تتميز على النمط الثقافي الغربي الذي يؤمن بضرورة فوقية العرق الأبيض مقابل الإسلام الأكثر شمولية وإحتوائية لكل الأعراق البشرية ويكون التفوق بالتقوى مصداقاً لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} الحجرات:13،والمسلم التقّي هو من تكفل بمواصلة حمل الأمانة وترسيخ المنهجية المحمدية الداعية للسلام، وتلك الأريحية على عكس من الديانة اليهودية التي لا تقبل الإنتماء الإيماني الروحي بالإعتقاد لأنها حكر على شعب معين. وأيضاً يتميّز الإسلام عن المسيحية الغربية الإنتقائية التي تجافي المسيحية الشرقية وتتأفف من المسيحية الأفريقية السوداء حيث لكل كنيسته المنفصلة. ولكل هذه الأسباب نجد الإسلام صاحب مقدرة علي إستقطاب القدر الكبير من غير المسلمين، عالمياً، فتجعل منه مهدداً لثقافة الغرب اللبرالية التحررية والتي رأت أن ليس هناك حوجة للربّ ولا للدين بعد النفور الذي أوجدته الكنسية الأوروبية في عصور ما قبل الثورة الفرنسية حيث أجبر الفرد للفرار والإنعتاق من الكنف الرباني، واللجوء لمنهجية الحرية المطلقة، فتمادت أجيال الغرب المتعاقبة في التنصل عن المعتقد المسيحي والإحتفاظ به كهوية فقط فكان لا بد لها من أن تستنكر تمسك المسلمين بعقيدتهم، والحفاظ على ممارسة شعائرها كاملة غير منقوصة، ومعاداتهم معتبرين ذلك تخلفاً ورجعية تعيق العولمة والإنطلاقة إلي عالم جديد تتأصل فيه ريادة الغرب المتحضر المتطور وضمان تبعية الأخرين. فأصبح الإسلام خطراً بسبب تعاظم جاذبيتة وتزايد عصبته كرد فعل للصلف الأمبريالي الصهيوني الغربي، فكم من أفراد من أهل الغرب نفسه قالوا أنهم إعتنقوا الإسلام كرد فعل لهذا الصلف المخجل والإحساس بعدم الأمان المجتمعي والتوازن النفسي المفترض في صاحب الفطرة الإنسانية السويّة ولكن ليس هناك ما يمنع تلك الشعوب البيضاء من الإعتزاز بثقفاتها وخصوصياتها وتميزها وليس هناك ما يفرض عليها الإنفتاح على الآخر وإذابة هويتها وتلوث خلوصها العرقي ولا يجوز لأي إنسان الحق في معاداتها وزعزعة أمنها أو تسليط الكره ضددها تحت ذريعة كفرها أو فجورها، ولكن يتحتم على تلك الشعوب الغربية الإنعتاق من ربقة إعلامهم الكاذب الذي بلغ من البراعة درجة لو نالها أطباء العالم لما بقي فوق الأرض مريض واحد ولو نالها إقتصاديو العالم لما أصبح فوق الأرض جائع واحد ولو نالها الخيرون فلن تحدث فوق الأرض جريمة واحدة ولا يحب أن يكون هناك ما يمنعهم الصحوة من الغفوة والغيبوبة الفكرية المزمنة وضرورة معرفة حقوق الآخر الذي يشاركهم العيش فوق هذا الكون، ومن ثم محاولة معرفة الإسلام فقط من خلال قِيْمه الإنسانية والإخلاقية ليكون بمقدورهم فضح التجني عليه، وأدراك حقيقته كداعية للسلام والإعتراف بكونه وعاء جامع ومنهج أريحي يقبل إنتماء الفرد بعقله وقلبه ولا يعتمد العرق واللون والجغرافيا كشروط وأنه أفضل ما يمكن أن يكون كقاعدة أساس لبسط التعايش الشعوبي السلمي والتصالح الكوني.فقد آن الآوان لأهل الغرب والعالم أجمع أن يعوا أن الحرب على العرب ضرورة استراتيجية حيوية للأمريكان على وجه الخصوص من أجل تأمين الدولة العبرية وضرورة غربية على وجه العموم لأجل تحجيم المدْ الإسلامي وتعطيل صحوة الشعوب المسلمة المتصاعدة والعاملة على نفض غبار الإستعمار والتخلص من كبوات الماضي المهين والتمكن من حفظ وحماية مصالحها، ولذا تجد الأمريكان الذين لا يفترون ولا يقعدون عن مهاجمة السلطات الصينية والكورية الشمالية يوم بعد يوم ويطالبونها بتحرير شعوبها وإطلاق الحريات والسماح بالإنفتاح وممارسة الديمقراطية، تجدهم على النقيض التام في حالة الشعوب العربية المسلمة حيث تجدهم يتسارعون لإخماد جذوة الربيع العربي لأن ليس في أجندتهم مساعدة تلك الشعوب في التحرر من الديكتاتوريات العميلة وإطلاق الحريات وتفعيل الديموقراطية بل أنهم يستميتون لتحرير تلك الشعوب من عقيدتها الإسلامية مع الإبقاء على السلطات العميلة لتشل حراكها. وبمراجعة ما يجري في الساحة السياسية العربية على مدي عقود ما بعد الإستعمار الأوروبي الغربي تجد أن الولايات المتحدة الأمريكية، وتابعاتها، صاحبة تدخلات سافرة ومفضوحة لمناهضة كل حراك شعبي عربي نحو الحرية والحياة الديموقراطية وخير دليل على ذلك ما حدث في الجزائر في 12 يناير من العام 1992 عند ما قام وزير الدفاع خالد نزار بإنقلاب علني على الشرعية، بإيعاز من الغرب، وإلغاء الإنتخابات البرلمانية الجزائرية التي كان العالم أجمع شاهد على نزاهتها، حين فازت جبهة الإنقاذ التي تمثل التيار الإسلامي في تلك البلاد، وكانت فرنسا السند الأكبر والدافع الأشد لهذا الإنقلاب. كانت حجتهم أن فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ هو تهديد للتجربة الديموقراطية وأن الجبهة سبق أن توعدت، في حملاتها الإنتخابية، بضرورة إدخال الكثير من التعديلات على الدستور ليوافق الرؤية الإسلامية للحزب ومتطلبات الشعب الذي فوضها. وتكررت نفس المسرحية يوم أن فازت حماس في العام 2006 بغالبية المقاعد البرلمانية واستحقت تشكيل الحكومة فقاطعت أمريكا القضية برمتها وغادرت مهرجان فعاليات الديمقراطية إلى غير رجعة بالرغم من أنها كانت قد خصصت ربع مليون دولار كنفقات لإجراء تلك الإنتخابات آملة في فوز تجمع الفصائل المضاد لحماس. أما في هذه الأيام المعاصرة فالكل لا يخفى عليه المؤامرة الأمريكية الغربية ضد ثورة الشعب المصري التي قامت في 25 يناير 2011 فسرعان ما شرعت في التخطيط للإنقلاب العسكري وإنفاذه ودعمه.فهاهي الحملات الإمبريالية قادمة لبلاد المسلمين بكل الصلف والغوغائية فعلي كل أهل الغرب النهوض والتصدى لساستهم أنصار الإمبريالية والجشع الماحق والعمل على لجمهم إن إرادوا أن يعيشوا وتعيش بقية البشرية في سلام.mailto:[email protected]@msn.comأحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة