كان الشيخ/ علي عثمان ضمن رهط التمكين الذين ظلوا ( في طغيانهم يعمهون).. و كان يخوض مع الخائضين في مستنقع الضلال و التضليل.. و في نفي الثابت من نهب و سلب و سحل و إبادات جماعية، و في تأكيد وجود غير مشهود في أعمالهم و هو مسموع في أقوالهم: " لا لدنياً قد عملنا..)! و هم يركعون و يسجدون للدنيا خانعين للثروة و قانعين بها باسم الدين..
الشعب يزداد فقراً.. و هم يزدادون غنىً فاحشاً مستفزاً.. و في خاطرهم كلمات الشاعر: " حوطوا حصونكم بالرجال و حوطوا رجالكم بالحصون.. فلا تبصرون ضحايا الطوى.. و لا يبصرون الذي تصنعون!".. حتى سياراتهم، مظللة الزجاج، تخفيهم عن أعين ضحاياهم..
و يزداد حجم مأساة الوطن .. و لا يهمهم من المأساة سوى ضياع الوطن إذا ضاعت سلطتهم.. فسلطتهم صارت قريناً للوطن.... فكان لا بد من توجيه كل امكانات و مقدرات البلد للدفاع عن تلك السلطة، حتى و إن مات جميع المواطنين جوعاً.. و مات الجنجويد تخمةً.. و أموال الشعب كفيلة باستيراد المزيد من الجنجويد من قلب الصحراء للذود عن حمى سلطتهم ( الوطن)!
و يقول المثل أن دوام الحال من المحال.. فمؤخراً، بدأ الجماعة يترنحون كمن مستهم الشياطين.. شعروا بأن كراسيهم الوثيرة بدأت تهتز اهتزازاً يشي بمآسٍ أنكى في الطريق قادمة عليهم.. و أن النظام يعاني سكرة الموت و التلاشي.. فبدأوا محاولة التصالح مع الشعب قبل الثورة المحتملة.. و توالت الاعترافات بالظلم و الفساد المشهودين لكل ذي ضمير و عينين..
و ما حديث د. مصطفى عثمان اسماعيل عن فشل الدولة سوى إقرارٍ بحقيقة ظاهرة للعيان منذ زمن.. رجل إفريقيا المريض ظل في غرفة الإنعاش طويلاً دون فائدة.. و جربوا علاجه بشتى الطرق دون جدوى.. و قرروا المشاركة في ( عاصفة الحزم) و مقاطعة إيران دبلوماسياً بلا نتيجة!
و نسمع هترشة السيد/ مهدي ابراهيم " إن الأزمات والضيق الاقتصادي الذي يواجه الناس، جزء من أسبابه الإعراض عن الهدي الرباني، و حينما نعرض عن السماء يقع الضنك والقسوة في معاش الناس".
إنه يعترف بفشل الدولة و يشير، كعادة نظامهم، إلى فشل الشعب، مطالباً الشعب بالسلوك القويم.... و مهدي نفسه نسي أن يتبع الهدي الرباني و أن يتَّبع ما يستقيم من سلوكٍ يومَ انخرط مع المنخرطين في فساد مكتب الوالي/ عبدالرحمن الخضر- الثعلب الذي فات و في ديلو كم مليارات الدولارات.. و ربما يكون مهدي من الذين ( تحللوا)، بعد انكشاف أمرهم، و عفا ( قانونهم) غير الالهي عما سلف.. و لا يتحرج من أن يقول:- (حينما نعرض عن السماء يقع الضنك والقسوة في معاش الناس)..
أنتم وحدكم الذين أعرضتم عن السماء يا مهدي.. و نحن الذين وقع على بيوتنا و رؤوسنا الخراب و الدمار بما جنيتم أنتم.. ".. و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فدمرناها تدميراً"!
مهما يكن الأمر، الحمد لله على سلامة عيون الشيخ/ علي عثمان محمد طه التي شفيت من العمى بعد فراقه للسلطة.. و شيخ علي هذا كان قد ابتعد كثيراً عن الوطن و استوطن السلطة و تدثر بالجاه كثيراً! و حين عاد إليه بصره، رآى ما لم يكن يتوقع من بؤس و فاقة تقِض مضاجع السودانيين.. و تجلت أمامه الحقائق بوجهها الصادم.. و أحس بالضعف و الوهن و الهوان في دينه.. و علم أنه كان يغرد طوال عقود خارج سرب الدين و بعيداً عن سرب الوطن..
يا الله!
لقد صارت المتغيرات عالية السيولة.. فأربكت سيولتها عقول متنفذي نظام الانقاذ بما جعلهم يكشفون ما اكتشفوا... و لا أدري إذا كان في الامكان أن يتقبلوا الواقع، بعد كل هذه الاكتشافات، ويرضون بقيام حكومة انتقالية تنقل السودان إلى مرحلة التعافي، أم أن ذلك مطلب في عداد الأوهام، على رأي المهندس/ ابراهيم محمود!
على أي حال، لقد صُدم شيخ/ علي، بعد خروجه من برجه العاجي المحاط بستارٍ حديدي.. وتلَمَّس معاش الناس من خارج موقع السلطة.. و عرف مدى الحاجة إلى ( إصلاح حقيقي) لا الإصلاح الوهم الذي كان يدافع عنه طوال فترة وجوده مع نظام الانقاذ.. و هو يهدد و يتوعد و يأمر زبانيته أنْ: ( Shoot to kill! ).. و تأكد الآن من فشل سياساتهم و إجراءاتهم التي يتحدث عنها الناس ، في المعاش و الأداء الإداري لدواوين الدولة.. و في كل شيئ..
كل هذه المعرفة الجديدة و ذلك الادراك دليل عافية.. إذا تمت الناقصة و جنحت الزمرة إلى العمل على قيام حكومة انتقالية !
و إذا كنا ندين شيخ/ علي و جميع المتنفذين على ما ظهر من جرائم و ما خُفي منها، فعلى كل المتنفذين أن يدينوا ( عيونهم) و آذانهم التي تتحرك وسطنا في كل مكان.. و تعلم ما نعلم.. و لا تنقل إليهم إلا ما يريدون مشاهدته من صور مذهلة لقطيع من الأغنام ترعى في رياض غناء مترفة الجمال.. و لا تقول لهم سوى ما يريدون أن يسمعوه من ( جمال دنيانا.. و يا جمالها!) و نحن نطالب متنفذي الانقاذ جميعاً أن ( يرفعوا الجلابية)، الآن، كي نصدق أنهم عادوا إلى حضن الوطن عفيفين نظيفين! و إلا فسوف يأتي، عما قريب، يومٌ يجبرهم فيه الشعب على رفعها قهراً.. فابدأ أنت برفع الجلابية يا شيخ/ علي! إرفعها، قبل أن يرفعها الشعب المعلِّم!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة