|
أيها السوادنة : هفهفوا المضاجع ، سيطل الفجر الكسول !ّ بقلم على حمد ابراهيم
|
تقول الحكاية الفاجعة أن محمد البوعزيزى شاب من مدينة سيدى بوزيد فى غرب تونس. طارده الفقر بلا هوادة سنينا عددا، حتى ضمر بنيانه الجسمانى . وشحبت قسماته ، واسودت الدنيا فى عينيه، فلم يعد يرى فيها شيئا جميلا. شرطة النظام التونسى الغافل عن هموم شعبه تطارده كما يطارده فقره المقيم . لأنه يعرض بضاعة مزجاة على قارعة الطريق عله يوفر دراهم قليلة يبتاع بها قهوة الصباح لأمه المريضة ، و روشتة الطبيب المداوى . وتصادر الشرطة الصماء بالنتيجة أمل البوعزيرى ، و قدرته على الصمود. يطفح به الكيل . فيقرر ان يريح الشرطة الصماء من رهق مطارداتها له . و يريح نفسه من ذلها وفقرها. وينفجر الغضب الشعبى فى سيدى بوزيد . و تسيخ ارجل النظام المهترئ فى رمال الثورة . وتبلل دماء البوعزيزى الزكية مسام الارض اليباب فى تونس الخضراء ، وتشعل نيران الربيع العربى و تشعلل اوارها. و تتهاوى اصنام المنطقة الديناصورية التى ظلت هناك بلا لزوم واحدا بعد الآخر. مسافة زمنية قصيرة بين احتراق جسم البوعزيزى الناحل وبين احتراق تلك الاصنام الاكذوبة . نعم ، لم يعم الفرح كل الارجاء الحالمة بعد . ولكنه سيطّوف بالارجاء طال الزمن أم قصر. ستفتح له المنافذ المغلقة . و تذبح له بهيمة الانعام فرحة وكرامة. فالغضب يعلو ويسد مسام الصبر. والاسقام تأخذ الجميع رهائن. والمسغبة رهان باق . لا اطعمنا السلطان مما نزرع ، ولا كسانا مما نصنع . بل جرنا تحت العالم أجمع. نصارع طواحين الهواء كاذبين على انفسنا بنصر مستحيل . نبحث عن حياة مزجاة بارجاع عقارب الزمن الى الوراء ، والانهبال فى الكهوف والمتاحف القديمة . الخوف يتمدد فى النفوس. ويتمدد الحزن على المجد الذى كان. و قوى الظلام القديم ما زالت تتمترس و تكذب على نفسها . فهى لن ترى حتى ولو اسديت لها عيون زرقاء اليمامة . لن تستطيع هى الانتقال الى الضفة الاخرى من النهر . تغفو المدينة القديمة عند سفح المحنة . تحلم بانبلاج فجر جديد تكتب فيه ميثاف شرف مع الخلود. قطعا سيطل الفجر الكسول ولو بعد حين . هفهفوا له المضاجع ، سيطل الفجر الكسول. مكتبة د. علي حمد ابراهيم
|
|
|
|
|
|