|
أيها الشيخ الهرم: النوبه! بِأي ذَنْبٍ كفرُوا؟/أحمد شميلا - سدني - أستراليا
|
عندما يقوم أئمة المساجد بتكفير النوبه بسبب المهرجان الثقافي لتراث جبال النوبه من داخل العاصمة القومية الخرطوم أو ضواحها، فإن القتل والإبادة الجماعية التي تمارسها النظام ضد شعب جبال النوبه لها ما يبررها، الآ وهي قول الله تعالى "وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ and#1753; إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ" التوبة. فإن إفترضنا صحة الإدعاء اعلاه، أولاً إقليم جبال النوبه متعدد الأديان فهناك من لم يعتنق الإسلام أصلاً فكيف يكون قد نكث الإيمان والعهد مع الله تعالى؟ فالغير مسلم لم يدخل في أي معاهدة مع الله سبحانه وتعالي، فماذا تقول في الرئيس عمر البشير الذي دخل العهد مع الله عز وجل فنكث الإيمان وخالف العهد وسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل في دارفور، جبال النوبه والنيل الأزرق؟ أم أن فتاويكم الإعتباطية لايجوز إلا في المساكين الذين لايملكون قوت يومهمِ؟ ثم ماذا فعل نظامكم لتحسين مستوى معيشة الشعب السوداني وإطعامكم من القوت الحلال. ألم يكن غالبية الشعب السوداني فقراء يعيشون تحت خط الفقر ومنهم من لم يجد مايسد به رمقه سوى الخمر بينما يستمر النظام في نهب ثرواتهم الى خارج السودان. ثم ما العيب في الخمر؟ الم يكن ركن من أركان الثقافة العربية، فإذا عدنا الى تاريخ العرب سنجد أن الخمر كانت حاضرة بصورة كبيرة في القواميس والقصائد وكتب الأدب والتراث العربي، بداءً من المعلقات السبع التي تعتبر من أجمل ما كتبه العرب في الشعر كلها لا تخلو من ذكر شرب الخمر ووصفه، ويتم تدريس كثير من هذا المعلقات بالمدارس الحكومية الأن بالسودان، أليس ذالك ترويجاً وتسويقاً لهذا الثقافة العربية التي تحاولين إرغامها للعنصر الغير عربي بالسودان؟ أم أنكم بجهادكم ضد النوبه تحاولون إعادة دولة الإسلام والخلافة الأموية في السودان؟ ألم يشتهروا الأمويين بحبهم للنبيذ والخمر؟ حيث أن اليزيد بن الوليد كان يصنع له حمامات سباحة من الخمر ليصبح فيها. ومنهم من شربها حتى الموت أمثال عمر بن كلثوم التغلبي أحد شعراء المعلقات السبع. فالخمر ياشيخ الغفر! كانت شراب أهل الجزيرة العربية قبل الإسلام في الحجاز، يثرب، الطائف ووادي القرى، تلك المناطق التي إنحدرت منها عريب السودان كما يتفاخرون بنسلهم الآن. من اين أتت إسم "ليلى" التي تسمون بها بناتكم؟ أليست هي درجت النشوة التي هي أقل درجة من السكر، التي تجلب السعادة والسرور والإنبساط للشارب دون أن تذهب عقله. فالتعالي والشوفينية على الغير عربي التي يتميز بها الأيدولوجية الإسلاموعربية بالسودان صفة ذميمة مغروسة في العقلبة العربية منذ عصر الجاهلية فعلى سبيل المثال معلقات العصر الجاهلي بها كثير من الدلائل على هذا الصفة التي توارثها ألأجيال العربية إلى أن وصلت السودان ومزقتها إربا إرابا. فالتفاخر بالحروبات والتغزل بصليل السيوف وسيل دماء الأبريا والتعصب والإعتزاز المفرط والنظرة الدوتية والتعالي على الغير عربي كل هذه الأفات تعتبر مرجعيات الثقافة العربية الأصيلة, رغم علمهم التام بأن التعالي هي مقبرة كل أمة, فكم تركوا من جنات وعيون (الأندلس) وذهب ومقام كريم (زنجبار) ولو نظرنا الى قصة إبليس الذي فشل في الإختبار الإلهي ليس لأنه رفض السجود لأدم فحسب بل لأنه تعالى وإستكبر. أليس اليهود هي الأمة المفضلة على العالمين بكتاب موسى عليه السلام، فلما خانوا أمانة الوحي وحولوا الأفضلية الدنية الى افضلية عنصرية عاقبهم الله بتحويل هذا الأفضلية الدينية الى المسلمين العرب "كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس" والأن تعملون على تحويل الأفضلية الدينية الى الأفضلية العنصرية كما فعل السابقون، بعداوتكم المستمرة للعنصر الغير عربي في السودان. الآ تخشون أن تكون مقبرتكم كمقبرة الأولين؟ الخمر والإسلام لا نتفق مع الشيخ الذي كفر النوبه بأن شارب الخمر أو من قام بالترويج لها كافر، إن أخذنا في الإعتبار أن تراث النوبه ترويج للنبيذ أو الخمر. أولاً عندما تم تحريم الخمر تم تحريمه في عدة مراحل ولكن كان في الأصل أنه حلال وذالك لقوله تعالى "وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا and#1751; إِنَّ فِي ذَand#1648;لِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67)" النحل. وبعد أن سأل المسلمون الرسول في المدينة المنورة عن شراب الخمروالميسرة نزلت الأية "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ and#1750; قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ ...." البقرة. فترك من تركه من الصحابة وواصل شربه من واصل، حتى أمّ بعض الصحابة في صلاة الجماعة بعد شربهم عند عبدالرحمن بن عوف فحذف "لا" من "لا أعبد ماتعبدون" فنزلت الأية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىand#1648; حَتَّىand#1648; تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ...(43)" النسآء. ولكن الذي أدي الى تحريم الخمرهي احداث عديدة من ضمنها العراك المتكررة بين الأوس والخزرج بسبب الشراب وأيضاً الخلاف الذي كان بين سعد بن أبي وقاص والأنصار كلها أدت الى نزول أية الإجتناب المعروف "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90)" المائدة. وبعد نزول هذا الأية إستمر في شرب الخمر أعداد غفيرة أيضاً، ولا يوجد مصدر يؤكد ان الرسول (ص) حدّ شارب الخمر. نعم الإجتناب أقوي من التحريم العادي ولكن لا يكفر فاعلها على الإطلاق. والأية التي تلت ايضاً قد خفف على الشاربين وسامحهم وهذان الأيتان "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا and#1751; وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)" المائدة. "قُل لا أجِدُ في ما أُوحِي إلي مُحرماً ..... الخ" ألأنعام. وهذا من أواخر الآيات التي وردت بشأن التحريم. وإذا نظرنا الي وضع المسلمين حينذاك لوجدنا ان ظروفهم الإجتماعية والإقتصادية والسياسية وعلاقاتهم مع اهل الكتاب والمسيحيين تطلب عدم التشدد في إجتناب الخمر وهذا ما أكدته الأيتان الأخرتان أعلاه. أنا لا أحاول إثبات أن الخمر حلال. ولكن شارب الخمر لايعاقب إلا إذا سكر، وذالك لقول الرسول (ص) "كل مسكرٍ حرام" وقد بينه الصحابي بن العباس بقوله "إن شرِب أحدكم تسعة أقداح فلم يسكر فهو حلال وإن شرب العاشر فسكر فهو حرام". ولكن الوضع الإقتصادي الذي يعيشه أهلنا في جبال النوبه حتي في ضواحي العاصمة القومية الخرطوم يحل لهم شربها، ألآ يقول الله تعالى "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ and#1754; إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" البقرة. فلماذا أهلك نفسي مادام هناك شيءٌ أسدث به رمقي. فالحكومة السودانية الأن يستهدف أبناء النوبه وأبناء الهامش على وجه العموم أينما كانوا لدرجة التضييق في سبل كسب العيش الكريم. فالمريسه جزء لايتجزاء من ثقافتنا كسودانيين ومن ثقافة العرب ككل أيضاً وسظل موجود ويلعب دوراً في حياتنا اليومية في جبال النوبة وفي كل مكان في السودان إن رضيتم أم ابيتم. فإذا أراد هذا الشيخ إيجاد مخرج شرعي لحكومة الإبادة الجماعية "المؤتمر الوطني" فعليه اللجؤ الى حيلة أخرى، وليس أعطا المؤتمر الوطني صك بإبادة النوبه بسبب الخمر. وعليك النبي ياعمر البشير خطاباتك اللي بتلقيها ده ما بتلقيها بعد ما بتأخذ ليك شوية كأس؟ أحمد شميلا - سدني - أستراليا
|
|
|
|
|
|