|
أيها السودانيون: حَضِّرُوا أكفناكم مقدماً!! (1-2)/أبوبكر يوسف إبراهيم
|
أقسم بالله أنني ما كنت أصدق حال ما وصل إليه حال المستشفيات الرسمية والخاصة في بلادنا الحبيبة ولم أكن أتصور أننا وصلنا لهذا الدرك ، حيث زرت كثير من بلاد العالم حتى أفقرها، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بما آل إليه حال الطبابة لدينا، وتحديداً أقسام الطواريء!! .. أنا لا أتحدث عن قصة وصلتني بالعنعنة أو النقل، ولكنها تجربة شخصية عشتها شخصياً ، وأقسم بالله أنني بكيت بالدموع بحرقة وحرارة على ما وصلت إليه المنظومة القيمية الطبية العلاجية في وطننا، ليست حزناً على حالة زوج إبنة أخي، ولكن على حال الكل الذي أتى وهو يئن ويعاني خاصة صراخ الأطفال الذين لا حولة ولا قوة لهم في التعبير في مواجهة الألم والمرض، وكذلك حال عجزة نساء ورجال، بكيت لكوننا جزيناهم نكراناً وجحوداً لأدوراهم وعطائهم لهذا الوطن!! ، وإليكم أحداث هذه التراجيديا التي برأيي تحتاج إلى التدخل من قمة الهرم وإلى تدخل لدراسة ومعرفة أسبابها ، لأننا نحتاج (لمعالجة) منظومة (العلاج)، لأن منظومة العلاج الطبي في بلادنا تحتاج هي نفسها (لعلاج) ومداواة عاجلة بحسب أنها تعيش حالة رمق أخير وموت سريري وإدخالها (للعناية المكثقة) ، وأرجو أن لا تأتي الردود على ما سأذكره كالعادة بدفاع عبر الاعلام، بينما الحال لا يحتاج إلى (دفاع) بقدرما هو محتاج مواجهة حقيقية ( للعلاج)!! الخامسة والنصف مساء أمس الأربعاء 26/3 إذ كنت في زيارة لإبنة أخي وأسرتها وزوجها القاضي السابق والمحامي الحالي، وفور وصولي علمت أنه نقل إلى طواريء مستشفى النو التعليمي ، لصعوبة في التنفس والآم حادة في أعلى الصدر وتعرق شديد وهو يصرخ من الألم ، وصلت طواريء مستشفى النو وأول ما لفت النظر أن جميع الطاقم الطبي يتعامل مع الحالات وكأنها حالات عادية لا تستدعي أي اسعافاتوباسلوب " حمل المهلة يربط ويفضل "!!، هذا أولاً ، أما ثانياً، فليس هناك أطباء طب طواريء، إنما كل من قابلناهم طبيبتا إمتياز تتعاملان مع الحالات، ليس كل حسب وضعها ودرجة الحرج ، وإنما التعامل بالدور كما العيادات الخارجية للحالات العادية .. كانت الطبيبتان تتجاذبان أطراف الحديث " الونسة " مع زميل ثالث ، حسبته طبيب أعلى درجة ، فتحدثت إليه عن حرج حالة المريض وبمنتهى البرود رد علي :" دا شغل البنات ديل"!!، ما كان من مريضنا - إلا وهو يئن من الألم ويتعرق- إلا أن صرخ: ( طلعوني من هنا ودوني حتة تانية .. يا أخوانا أنا بموت)!!.. هذه تجربتنا في مستشفى حكومي تعليمي، ويشهد الله أنني رويت ما حدث بالضبط، وأن ما حدث بالنسبة لي أشبه بمسرحية تراجيدية لا تسمع على خشبتها إلا البكاء والأنين والالآم ، فبكيت على وصل إليه حالنا في المجال الطبي الذي كان مصدر فخر لكل سوداني في يومٍ من الأيام!! وبينما نحن في هذه الحال من الاضطراب والقلق ، وصل بحمد الله شقيق إبنة أخي ، ولما شاهد ما شاهد ، قررنا أن نجري بمريضنا إلى مستشفى- ..... - خاص في الشهداء، على أعتبار أن الاسعافات الأولية للحالة يمكن أن تكون فورية طالما كانت مقابل المال، والصادم أن الفرق بين المستشفى التعليمي الحكومي والمستشفى الخاص ليس في الممارسة المهنية الطبية، وإنما الفرق كان في جملة ما يتم تحصيله من مال ، وإليكم تسلسل الأحداث: بالله يا أخي أمشي ورد خمسين جنيه عشان الدكتورة تقدر تشوف مريضكم ، دفعنا ، ثم دار الحوار التالي: أها يا عم بتشتكي من شنو؟َ! .. ضيق حاد في النفس وتعرق وآلام في الصدر ، تم قياس الضغط و السكر كان 137 ، وقالت: والله السكر كويس والضغط والنبض ممتاز ، وعشان نشخص حالتك لآزم تعمل لينا أشعة ألترا ساوند ، وتعمل لينا أشعة للصدر ، ورسم قلب، وفحص كامل للدم، ونحتاج نركب ليك درب لحدي ما النتائج تطلع، وبالله أمشوا اشتروا لينا المحاليل والابر دي من صيدلية المستشفى وقمنا بشراء ما طُلب منه (250جنيه) ، مشينا المعمل وطلب توريد القيمة وفوجئنا إنها (500) جنيه ، أُخذت العينات بعد توريد المعلوم، ثم وردنا مبلغ (110جنيه) للأشعة وعملنا الأشعة للصدر وطلعت , ومشينا للألترا ساوند وإذا بالاستقبال يوجهنا باجلاس المريض في الكرسي وتسديد قيمة الألتراساوند ليتم التنفيذ (200جنيه ) وسددنا ، وفي هذا الأثناء ساءت حالة مريضنا وتحدثنا للطبيبة التي رأت أنه لا بد من استدعاء الأخصائي ، وكلنا بصوت واحد قلنا ليها " طيب ما تناديهو" ، قالت : حنستدعيهو بس سددوا (200) جنيه تكاليف الاستدعاء، ومشينا وسددنا وتم استدعاء الاخصائي .. أما مفاجأة المفاجآت في الغد إنشاء الله .. وأسأل الله أن لا تمرضوا وإن مرضتم أن يجعل مرضكم في مكانٍ آخر غير سوداننا الحبيب.. مرة أخرى ربنا لا يبتليكم بمصيبة المرض في بلادنا.. سلامتكم!!!!!! [email protected] نقلاً عن جريدة الصحافة
|
|
|
|
|
|