|
أين تكمن المشكلة في السودان؟ جعفر حسن حمودة
|
السودان هذا الوطن الجريح الذي ينزف دماً منذ استقلاله إلى الآن، ولم ينعم بحياة مستقرة في سياساته وتطلعاته إلى الأمام، هناك دول استقلت بعد السودان بكثير، ولكنها سبقته في كل المجالات وأصبحت رقماً بين الدول الأخرى، في حين إن السودان ما زال في المربع الأول الذي بدأ منه ولم يتقدم قيد أنملة في كل المجالات، بالنسبة إلى تلك الدول التي استقلت من بعده، وما زال يعاني الضائقة المعيشية والغلاء الطاحن والضائقة المالية والتضخم المتصاعد في كل المجالات، ومن تلك الأزمات المتلاحقة التي تأخذ بعضها بتلابيب الأخرى، الجوع والفقر والأمراض، والحرب التي تستنزف 4 ملايين من الدولارات كل صباح، وتقارير المراجع العام التي تحكي بشكل صارخ النهب في المال العام، والحوار الذي يمضي خطوة للإمام ويتراجع عشرات الخطى للخلف، أو كما قيل: «إن الحوار انهار أمام أول اختبار لحرية الرأي»، وهشاشة المبادرة الموءودة تكشفت عندما ضاق النظام ذرعاً بالنصيحة، ووصفها أحد الساسة المعارضين بـ«الفجر الكاذب». إنسان السودان يعاني الأمرين، وكل هذه المكابدة صباحاً ومساء. ومن المفترض أن يكون «السودان» رقماً لا يستهان به وسط الدول العربية والأفريقية منذ أن نال استقلاله، لأن بنيه من أوائل الذين تعلموا ونجحوا في مجالات عدة، وأصبحوا يشار إليهم بـ«البنان» في تلك الدول التي يعملون بها، ودورهم كبير في عجلة النمو والتنمية والازدهار وفي تقدم تلك البلدان. والسودان يمتاز كثيراً عن تلك الدول التي أتت من بعدنا وسبقتنا في التقدم وأصبحت رقماً قياسياً، بمساحاتنا الزراعية الواسعة وبمخزوننا من المعادن والنفط داخل الأرض، وأنهارنا العذبة الوافرة، التي تجعلنا فعلاً «سلة» غذاء العالم إذا استغللنا تلك المساحات الزراعية واتجهنا نحو الزراعة والثروة الحيوانية، وما بداخل تلك الأراضي من معادن ونفط، لأن السودان تحته بحيرة من النفط، لذا من الممكن أن نصبح رقماً قياسياً، ونصبح في مقدمة تلك الدول التي أتت بعدنا وسبقتنا في جميع المجالات، والسؤال الذي يطرح نفسه ما الفرق بيننا وبين تلك الدول؟ سواء أكان ذلك في التنمية أم في الصناعة، لماذا سبقتنا تلك الدول وظل السودان قابعاً في مكانه لا يتقدم إلى الأمام مثلها، على رغم أنه يمتاز على تلك الدول بأشياء كثيرة، ولديه عقول بشرية نيرة وخبرات أكثر بكثير في جميع المجالات التي تقدمت بها تلك الدول؟ فهل لأننا لا نريد أن نعمل أو نتقدم مثل تلك الدول؟ أم لأننا لا نحب التقدم والازدهار ولا نريد لوطننا أن يصبح دولة تنافس بقية الدول؟ وما الذي ينقصنا لمواكبة تلك الدول التي تتقدم يوماً بعد يوم؟ وهل فعلاً نحن نتحدث أكثر مما نعمل كما يقال عنا؟ أو مثل ما يقال في بعض دول الخليج بأننا شعب نحب «الترخيم» و«الكسل» ولا نحب أن نبذل أو نقوم بأي مجهود في أداء العمل؟ إن الشعوب من حولنا تتقدم إلى الأمام دائماً، وتصل إلى ما تصبو إليه في جميع المجالات التنموية، وهدفنا جميعاً هو كيف نتقدم؟ أو لماذا نحنُ لا نتقدم؟ أسئلة تدور في الخاطر من حين لآخر، وتشغل العقل والفكر. ويجب أن تكون لدينا عزيمة قوية مبنية على أداء الواجب الوطني تجاه وطننا، وليست على مصلحة شخصية أو مادية فقط، أو على أي نوع من تلك المصالح. لذا نقول: كيف تبنى حضارة الشعوب؟ هل بكثرة «الحديث» والجدل «البيزنطي» أم ماذا؟ وإلى متى سنظل نتناحر ونختلف في كل الأمور هكذا؟ وأين تكمن المشكلة في السودان؟ [email protected]
|
|
|
|
|
|