في نحو العام ١٩٨٧ أو الذي يليه حاصرت جماهير غاضبة دار الجبهة الإسلامية بالخرطوم (٢) ذات عشاء..وصل الحصار مرحلة الاقتحام..في ذاك المناخ المشحون انطلقت أعيرة نارية في الهواء..كانت تلك النيران كافية لإزعاج وزير الداخلية الأستاذ الراحل سيدأحمد الحسين..عندها تدخلت الشرطة بعنف لتفريق جمهرة الحشود الغاضبة..باتت الحكومة وأنصارها في وضع دفاعي ..المفاجأة أن الرصاصات التي انطلقت لم تكن سوى نيران صديقة من داخل معسكر الجبهة الإسلامية..من المهم الإشارة إلى أن الأمين السياسي للجبهة الإسلامية (وقتها) لم يكن سوى دكتور علي الحاج محمد. أول البارحة فوجئ الصحافيون بأن قائمة حزب المؤتمر الشعبي لم تشمل الشيخ إبراهيم السنوسي في منصب مساعد رئيس الجمهورية ..ليس صحيحاً أن الصحافة اقترعت الخبر كما أوحى الأمين العام للشعبي الدكتور علي الحاج ..هنالك شواهد ومعلومات على أن السنوسي كان قاب قوسين أو أدنى من القصر الجمهوري..رئيس الوزراء بذل جهداً كبيراً في إخلاء المقعد للضيف الجديد..تمثلت المعالجة في منح أحد الشركاء الأساسيين منصب نائب رئيس وزراء مقابل انسحاب حزبه من مقاعد مساعدي الرئيس. لكن سحب الشيخ السنوسي يجب أن يُقرأ مقروناً بقائمة المشاركة التي دفع بها الشعبي..الوزراء الثلاثة ليسوا من الفريق الأول..بل أن اثنين من الثلاثة لم يكن انتماؤهما صارخاً للحزب الشعبي، وأعني الدكتور موسى كرامة، والسفير إدريس سليمان..حتى وزير الدولة سعد الدين البشرى غير معروف بشكل كبير خارج أوساط الشعبي..في المقابل اهتم الشعبي بتوظيف الكوادر الأساسية في المجالس التشريعية، حيث ابتعث إلى منطقة صناعة اللعب كل من: الدكتور محمد الأمين خليفة، وكمال عمر المحامي، والدكتور بشير آدم رحمة، بجانب المعتق الدكتور شرف الدين بانقا، والشاب النشط تاج الدين بانقا. حتى اختيار الوزارات كان فيه بعد نظر.. أغلب هذه الوزارات لا تقع تحت مرمى الغضب الشعبي ..وفي ذات الوقت تقترب ذات الوزارات إلى القطاع الاقتصادي ..هنا تكتسب الرمزية التي أشار إليها الدكتور علي الحاج غير مرة أهميتها..ولهذا السبب تم إبعاد الشيخ السنوسي من الملعب حتى لا يبدو الشعبي مشاركاً في السلطة من القمة إلى ما دونها دون قدرة على إحداث التغيير. في تقديري.. إن الدكتور علي الحاج كسب معركته الأولى في ما بعد الحوار الوطني.. حيث وجد عشر مقاعد في أماكن متفرقة، وحساسة، وبعيداً عن أعين الجمهور..هذه المشاركة ستمكن الحزب من التحرك بحرية وفاعلية وعينه على انتخابات العام ٢٠٢٠..سيجني الشعبي مكاسب المشاركة دون أن تتسخ ملابسه من آثار اللعب الساخن. بصراحة..أثبت علي الحاج في أول جولة أن الحديث عن أزمة البديل، ومأزق الخليفة، ليس بذاك التصور الدرامي.. كثير من الناس ظن أن سفينة الشعبي ستغرق بعد وفاة الشيخ الترابي..ولكن ظهرت مهارة أولاد الجبهة . assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة